هل تنجح جنوب أفريقيا في حل أزمة الطاقة؟

بعد موافقة الحزب الحاكم على إعلان «حالة الكارثة»

مسيرة احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في جنوب أفريقيا (أ.ف.ب)
مسيرة احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في جنوب أفريقيا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح جنوب أفريقيا في حل أزمة الطاقة؟

مسيرة احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في جنوب أفريقيا (أ.ف.ب)
مسيرة احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في جنوب أفريقيا (أ.ف.ب)

تتنامى التبعات الاقتصادية والمعاناة الشعبية في جنوب أفريقيا تحت وطأة أزمة الطاقة، التي تتسبب في قطع الكهرباء لساعات طويلة يومياً. وتضع الأزمة إدارة الرئيس سيريل رامافوزا تحت ضغوط كبيرة تدفعها إلى محاولة الإسراع في حلها بكل الوسائل.
وخلال الاجتماع الاستراتيجي لحزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم (الاثنين)، قال رامافوزا، إن قادة الحزب أيدوا إعلان «حالة الكارثة الوطنية» لمعالجة الأزمة على وجه السرعة «في فترة أقصر مما أعلنتها الحكومة سابقاً من 18 إلى 24 شهراً».
وقال رامافوزا: «سيكون من الضروري أن تكون لدينا حالة كارثة وطنية؛ لأن ذلك سيمكننا من الحصول على الأدوات اللازمة للتصدي بشكل كامل للتحدي الذي تواجهه أمتنا». في السياق، أعلن رامافوزا أن الدولة وقّعت اتفاقيات مع منتجي طاقة مستقلين لإنشاء 26 مشروعاً للطاقة المتجددة. وحذر الرئيس من أن البلاد، التي تعوّل على الفحم لتأمين 80 في المائة من احتياجاتها الكهربائية «لن تستطيع أن تتخلى فجأة عن محطات الطاقة الملوثة لإجراء تحوّل في مجال الطاقة».
والأحد الماضي توقّع رئيس شركة مرفق الكهرباء «إسكوم» مبهو ماكوانا، أن تستمر أزمة انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا حتى مارس (آذار) من عام 2025.
وتتفاقم أزمة انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا منذ بداية عام 2022، إذ بدأت عمليات فصل الأحمال في مرحلتها السادسة هذا الشهر، بسبب تدهور وضع المحطات. ويرى الخبراء أن المرحلة السادسة من فصل الأحمال قد تؤدي إلى انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا لمدد تتراوح ما بين 6 إلى 8 ساعات يومياً.
وشهدت جنوب أفريقيا انقطاعاً للكهرباء ساعات عدة يومياً على مدار 200 يوم خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يحدث ذلك طوال أيام عام 2023. وتحتاج «إسكوم» إلى قطع الكهرباء لتجنّب انهيار الشبكة.
ورأى الخبير الاقتصادي الجزائري فريد بن يحيى أن بريتوريا «لن تستطيع حل الأزمة في خلال عامين، وأقل تقدير مفترض لحل الأزمة هو أربع سنوات، إلا إذا حدث انهيار في أسعار الطاقة وهذا مستبعد»، ووصف بن يحيى وعود رامافوزا بأنها «محاولة لتهدئة الرأي العام».
وقال بن يحيى لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع أسعار البترول والغاز عالمياً في ظل الحرب الروسية الأوكرانية يُعد سبباً في الأزمة التي تعاني منها بريتوريا، وإن عليها تبني استراتيجية طاقة جديدة، والتخلي عن الاعتماد على الفحم، وتحديث البنى التحتية في مجال توليد الكهرباء على المديين المتوسط والطويل، لكن توجد أسباب أخرى مثل وجود جهات تود خصخصة شركة (إسكوم)، وهناك أطراف وشركات تريد أن تستفيد من توريد الطاقة عبر شركات قطاع خاص، علاوة على مشكلات في التسيير والإدارة في الشركة».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال سعيد عبد الله الصحافي المقيم في جوهانسبرغ، إن هناك حالة من التشكك حول ما طرحه الرئيس من مدى زمني قصير في ظل عدم إفصاحه عن خطط محددة».
وقال: «أثرت الجائحة وتبعاتها الاقتصادية في عمليات الصيانة الدورية للمحطات في ظل ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً، بالإضافة إلى حدوث عمليات سرقة وظهور اتهامات بفساد متفشٍ في الشركة».
ورأى عبد الله أن قرار إعلان الكارثة الوطنية قد يكون الهدف منه السماح بهوامش أكبر من الحرية والسرعة والمرونة في اتخاذ قرارات قد تكون ذات تكلفة مادية، وتتطلب سرعة في التنفيذ.
وذكر عبد الله أنه فيما يتعلق بكيفية حل أزمة إمدادات الطاقة بطريقة منظمة، اقترح وزير الموارد المعدنية والطاقة جودي مانتاشي خطة من أربع نقاط، تشمل «تحسين عامل توافر الطاقة لشركة الطاقة الوطنية في جنوب أفريقيا، وصياغة شراء طارئ للطاقة من منتجي الطاقة المستقلين، وتحسين مهارات العمالة في شركة إسكوم، واستيراد الطاقة الزائدة من الدول المجاورة».
والشهر الجاري، خفض بنك جنوب أفريقيا الاحتياطي (SARB)، توقعاته للنمو لعام 2023 لجنوب أفريقيا إلى 0.3 في المائة، من 1.1 في المائة في وقت الاجتماع السابق (نوفمبر 2022). كما خفّض توقعاته لعامي 2024 و2025 بشكل ملحوظ إلى 0.7 في المائة (من 1.4 في المائة) و1.0 في المائة (من 1.5 في المائة) على التوالي. وقال البنك إن السبب الرئيسي لانخفاض النمو المتوقع هو الحجم والمدة الممتدة لخفض أحمال الكهرباء في البلاد.
واحتشد مئات الأشخاص في شوارع مدينة «جوهانسبرغ» بجنوب أفريقيا الأربعاء الماضي احتجاجاً على الأزمة. وذكرت تقارير إخبارية، أن المتظاهرين احتشدوا في وسط المدينة من أجل التوجه إلى مقر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم.


مقالات ذات صلة

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

العالم جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جنوب أفريقيا: الفساد والاقتصاد المتردّي يهددان شعبية «المؤتمر»

جددت تصريحات مسؤول سابق في شركة «الكهرباء الوطنية» الحديث حول تفشي الفساد في جنوب أفريقيا، وسط «تراجع في شعبية» حزب المؤتمر الحاكم، بحسب مراقبين، ما قد يهدد حظوظه في الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها العام القادم. وفي تقرير قدمه إلى اللجنة الدائمة للحسابات العامة بالبرلمان (SCOPA)، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة الطاقة المملوكة للدولة في جنوب أفريقيا، أندريه دي رويتر، (الأربعاء)، إن مليار راند (55 مليون دولار) تسرق من شركة الكهرباء الحكومية الوطنية «إسكوم» كل شهر.

العالم جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

جنوب أفريقيا لن تنسحب من «الجنائية الدولية» وتتحدث عن «خطأ» في التواصل

أعلنت رئاسة جنوب أفريقيا، أمس (الثلاثاء)، أن البلاد لن تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية، متحدثةً عن «خطأ» في التواصل من جانب الحزب الحاكم بشأن مذكرة توقيف الرئيس فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. وقالت الرئاسة مساء أمس، إنها «تود أن توضح أن جنوب أفريقيا لا تزال موقّعة على نظام روما الأساسي»، مضيفةً أن «هذا التوضيح يأتي بعد تعليقٍ خاطئ حصل خلال مؤتمر صحافي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم. وقبل هذا التوضيح، كان رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا قد أعلن (الثلاثاء)، أن حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» الحاكم الذي يتزعمه، يطالب بانسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية. وقال راما

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

مقتل 10 في إطلاق نار بجنوب أفريقيا

قالت شرطة جنوب أفريقيا اليوم (الجمعة)، إن تقارير أولية تشير إلى مقتل 10 أشخاص من عائلة واحدة في إطلاق نار بمدينة بيترماريتسبرج بإقليم كوازولو ناتال، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقالت وزارة الشرطة في بيان: «وفقاً لتقارير أمنية أولية، اقتحم مسلحون مجهولون منزلاً ومنطقة محيطة به في بيترماريتسبرج ونصبوا كميناً للعائلة. أصيبت 7 نساء و3 رجال بجروح أودت بحياتهم خلال إطلاق النار». وأضاف البيان أن وزير الشرطة بيكي سيلي وكبار قادة جهاز الأمن في البلاد سيتوجهون لموقع الجريمة في وقت لاحق اليوم.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبورغ)
العالم جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

جنوب أفريقيا: السماح للمستقلين بخوض الانتخابات يُربك حسابات السياسيين

فيما تشهد شعبية حزب «المؤتمر» الحاكم في جنوب أفريقيا تدنياً غير مسبوق، أتى قانون يسمح للمستقلين بخوض الانتخابات، ليشكل تحدياً للقوى السياسية التقليدية بشكل عام. ووقَّع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الاثنين، على قانون يسمح للمرشحين المستقلين بخوض انتخابات المقاطعات والانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها العام المقبل.

الخليج محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

محكمة في دبي تقرر عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا

قالت الإمارات، إن عبد الله النعيمي، وزير العدل في البلاد، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رونالد لامولا، وزير العدل والإصلاحيات بجنوب أفريقيا؛ لمناقشة الحكم القضائي بشأن طلب تسليم المتهميْن أتول وراجيش كومار غوبتا، في ضوء قرار محكمة استئناف دبي عدم إمكانية تسليم الأخوين غوبتا إلى جنوب أفريقيا لعدم كفاية الوثائق القانونية فيما يتعلق بقضيّتيْن تتعلقان بغسل الأموال والاحتيال والفساد. وبحسب ما أوردته وكالة أنباء الإمارات (وام)، فإن قرار المحكمة بعدم إمكانية التسليم يأتي بعد عملية مراجعة قانونية شاملة ودقيقة، وجدت أن الطلب المقدّم لا يفي بالشروط والوثائق القانونية على النحو المُبيّن في اتفاقية التسليم الثن

«الشرق الأوسط» (دبي)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.