اعتقلت قوات خاصة من الأمن الأذربيجاني على الأقل سبعة أشخاص في مداهمة مقر موقع إخباري موالٍ لإيران في باكو، في وقت طالبت فيه الخارجية الأذربيجانية، مواطنيها بتجنب السفر غير الضروري إلى إيران، بعد أيام من هجوم شنه مسلح، وأسفر عن مقتل دبلوماسي وإصابة شخصين آخرين، ووصفته باكو بأنه «عمل إرهابي».
وأفادت وكالة «ترند» شبه الرسمية الأذربيجانية بأن وزارة الشؤون الداخلية تجري تحقيقاً خاصاً في موقع «سلام نيوز»، وقناة «إنترآز» من وسائل الإعلام الموالية لإيران في أذربيجان. وأشارت إلى اعتقال سبعة أشخاص خلال العملية الخاصة.
وأعلنت الشرطة في طهران تةقيف شخص يُشتبه بأن له صلة بالهجوم الذي وقع يوم الجمعة، وأدانته السلطات الإيرانية، لكنها ذكرت أنه يبدو أن دوافع المسلح كانت شخصية وليست سياسية. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في اتصال مع نظيره الأذربيجاني جيحون بيرموف إن بلاده وجهت إليه تهمة «قتل دبلوماسي وحمل السلاح».
بدورها، ذكرت وكالة «الأناضول» التركية أن «أذربيجان أطلقت حملة واسعة ضد شبكة التجسس الإيرانية»، وقالت الوكالة على موقعها الفارسي إن وزارة الداخلية الأذربيجانية أبلغت أن «العملية الواسعة مستمرة في باكو ومدن عدة».
وفي بداية نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، أعلنت باكو إلقاء القبض على 19 مواطناً اتهمتهم بتلقي التدريب والتمويل من إيران للتجسس لصالح أجهزتها الاستخباراتية. ولاحقاً في 14 نوفمبر، أعلنت أذربيجان توقيف خمسة من مواطنيها بتهمة «التجسس» و«أنشطة تخريبية» لمصلحة أجهزة الاستخبارات الإيرانية.
وتزامناً مع ذلك، أعلنت طهران اعتقال أجانب يقودهم أحد رعايا أذربيجان، واتهمت هؤلاء بالوقوف وراء اعتداء شيراز الذي أوقع 13 قتيلاً في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، وقد أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ذكرت مواقع أذربيجانية أن موسكو سلمت باكو أحد المطلوبين الأمنيين لديها باسم طالح يوسف أف المعروف باسم حاج تقي، أحد قادة ميليشيات «حسينيون» التي تجمع مقاتلين من أذربيجان، ويقاتلون تحت لواء «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، على غرار ميليشيا «زينبيون» الباكستانية، و«فاطميون» الأفغانية، و«حيدريون» العراقية. وسافر يوسف أف إلى طهران في 2016.
*باكو تحذر مواطنيها
وجاء اقتحام القناة التلفزيونية، في وقت حذرت فيه أذربيجان مواطنيها من السفر غير الضروري إلى إيران، غداة إجلاء طاقم سفارتها لدى طهران، بعدما تعرضت لهجوم دامٍ يوم الجمعة الماضي.
وأصدرت الخارجية الأذربيجانية بياناً قالت فيه: «نظراً للوضع غير المستقر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والهجوم الإرهابي على بعثتنا الدبلوماسية، ننصح مواطني جمهورية أذربيجان بعدم زيارة إيران إلا عند الضرورة». ونصح البيان من يزورون إيران «بتوخي الحذر الشديد». كما أوصى مواطني جمهورية أذربيجان الموجودين حالياً في إيران بمراعاة قواعد السلامة والأمن».
وقالت وکالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن «التحذير من السفر استمرار لتخريب العلاقات» بين البلدين، متهمة باكو بأنها «تتذرع بهجوم دافعه شخصي».
وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، إن هجوم الجمعة على السفارة «عمل إرهابي». ودعا في اتصال هاتفي نهاية الأسبوع مع نظيره الإيراني إلى أن «يخضع هذا العمل الإرهابي لتحقيق شامل».
وأقامت أذربيجان أمس جنازة رسمية للدبلوماسي أورخان أسكروف الذي كان مسؤولاً عن أمن السفارة الأذربيجانية في طهران، غداة إجلاء طاقمها الدبلوماسي من العاصمة الإيرانية. وقالت باكو إن الإغلاق «المؤقت» للسفارة لا يعني قطع العلاقات الدبلوماسية، إذ تواصل قنصلية أذربيجان العمل في تبريز عاصمة الأتراك الأذريين في إيران.
وبعد الهجوم، قالت وزارة الخارجية الأذربيجانية، في بيان شديد اللهجة، إن «الحملة المعادية لأذربيجان» في إيران أسهمت في الهجوم، واتهمت إيران بتجاهل استمر طويلاً لدعوات باكو.
وكشف مسؤولون أمنيون في حكومة أذربيجان، أن الهجوم الدامي، كان خامس اعتداء على السفارة الأذربيجانية في طهران في غضون عامين حسبما أوردت وكالة «ريبورت».
وأعلنت السلطات الإيرانية عن اعتقال الشرطة، مسلحاً قالت إن له «دوافع شخصية»، وإنه إيراني متزوج من أذربيجانية.
وقال نائب وزير الخارجية الأذري خلف خلفوف، في وقت متأخر الأحد، إن أذربيجان تعد هذا الادعاء أمراً «سخيفاً».
وفي 11 نوفمبر الماضي، استدعت أذربيجان السفير الإيراني للاحتجاج على «خطاب التهديد» الإيراني تجاه باكو. وعشية الاستدعاء، سلمت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الأذربيجاني مذكرة احتجاج على التصريحات «المعادية لإيران» التي أدلى بها مسؤولون أذربيجانيون.
* توترات تاریخیة
تضم إيران الملايين من الأتراك الأذريين في محافظات شمال غربي البلاد. ولطالما اتّهمت إيران باكو بتأجيج النزعات الانفصالية على أراضيها. ويهيمن الفتور تقليدياً على العلاقات بين باكو وطهران؛ إذ إن أذربيجان الناطقة بالتركية تُعد حليفاً مقرّباً لتركيا، الخصم التاريخي لإيران.
والجمعة، شكا علييف من معاملة إيران للأقلية الأذرية، قائلاً على سبيل المثال، إن الأذريين ليست لديهم مدارس يدرسون فيها بلغتهم حسب وكالة «رويترز».
تنظر طهران بكثير من الريبة إلى طموحات باكو لإقامة ممر يصل إلى جيبها ناخيتشيفان ومنه إلى تركيا، ويمتد الممر على طول الحدود الأرمينية - الإيرانية. ومن شأن هذا المشروع أن ينهي اعتماد أذربيجان على إيران في الوصول إلى جيب ناخيتشيفان.
هذه القضية نقطة خلاف رئيسية بين أذربيجان وأرمينيا اللتين خاضتا حربين، عام 2020 وفي التسعينات، من أجل السيطرة على منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها.
كما أن إيران تتوجس خيفة من التعاون العسكري بين أذربيجان وإسرائيل التي تعد مزوّداً مهماً للأسلحة إلى باكو، مشيرة إلى أن تل أبيب قد تستخدم الأراضي الأذربيجانية للتحرّك ضد إيران.
واتهمت بعض الأطراف الإيرانية باكو بمنح إسرائيل المسيرات، وذلك بعدما تعرضت طهران من الطائرات المسيرة.
وعينت أذربيجان أول سفير لها في إسرائيل هذا الشهر، وسط تصاعد التوتر مع جارتها الجنوبية الكبيرة إيران.
وصارت لإسرائيل سفارة في باكو في أوائل التسعينات. وكانت داعماً عسكرياً كبيراً لأذربيجان في السنوات الأخيرة، وهو ما شمل دعماً دبلوماسياً لباكو في مواجهتها مع أرمينيا حول منطقة ناغورنو كاراباخ.
وبعد تفجر الاحتجاجات الإيرانية في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، أجرت قوات «الحرس الثوري»، نهاية أكتوبر الفائت، مناورات عسكرية بمشاركة أكثر من 50 ألفاً على الحدود الأذربيجانية، في خطوة فُسرت على أنها ضمن محاولات السلطات لصرف الأنظار عما يجري في الداخل الإيراني. وجاءت المناورات بعدما هاجم «الحرس الثوري» مواقع للأحزاب الكردية الإيرانية في إقليم كردستان العراق بصواريخ باليستية ومسيّرات.
الأمن الأذربيجاني يداهم قناة موالية لطهران
باكو نصحت مواطنيها بتوخي الحذر في السفر إلى إيران
الأمن الأذربيجاني يداهم قناة موالية لطهران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة