مصرف لبنان يمدّد عرض الدولار عبر منصّة «صيرفة»

توجه لتدابير إضافية تستهدف وقف تدهور الليرة

مكتب صرافة في بيروت (رويترز)
مكتب صرافة في بيروت (رويترز)
TT

مصرف لبنان يمدّد عرض الدولار عبر منصّة «صيرفة»

مكتب صرافة في بيروت (رويترز)
مكتب صرافة في بيروت (رويترز)

بقليل من المفاجأة وكثير من التشكيك المسبق، قرر المجلس المركزي لمصرف لبنان تمديد العمل بالتعميم رقم 161 لغاية نهاية فبراير (شباط) المقبل، والذي يتيح لأصحاب الحسابات المصرفية استبدال السيولة بالليرة من خلال دولارات نقدية (بنكنوت) عبر منصة «صيرفة»، بالسعر المعلن والبالغ حالياً 38 ألف ليرة.
وفيما اقتصر مضمون القرار على التجديد المعتاد منذ صدوره بصيغته الأولى قبل نحو سنتين، ظلت الأسواق على حالة الحذر المشوبة بالتوتر عقب سريان شائعات عن توجه لرفع السعر المرجعي على المنصة إلى 45 ألف ليرة لكل دولار، بينما برزت ردة الفعل الفورية الباردة في أوساط الصرافين وتجار العملات، حيث حافظت المبادلات في الأسواق الموازية على هوامشها السعرية السارية قريبا من عتبة 58 ألف ليرة للدولار.
وبالتوازي، تعذر الحصول على أجوبة محددة من قبل مسؤولين كبار في مصارف تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، بشأن الآليات التنفيذية التي سيجري اعتمادها، لا سيما لجهة الكميات المسموح بتبديلها. إنما اتفقت الآراء على استمرار العمل بالتعليمات «الشفهية» السابقة التي تقضي بحصر المستفيدين بالأفراد من أصحاب الحسابات المصرفية وحجبها تماماً عن الشركات، على ألا يتعدى مبلغ الاستبدال مائة مليون ليرة، أي ما يوازي نحو 2600 دولار نقدا لكل مستفيد.
وعن ترويج معلومات بوجود توجهات محدثة لدى السلطة النقدية تقضي بسحب كميات وافرة من الكتلة النقدية المتداولة بالليرة خارج مصرف لبنان، والبالغة تقديريا نحو 70 إلى 75 تريليون ليرة، أكد مسؤول مصرفي معني أن حاكم البنك المركزي رياض سلامة حصل فعلا على ما يشبه التفويض الرسمي من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبالتعاون مع وزير المال يوسف الخليل، لاتخاذ ما يلزم من تدابير وقائية وإجرائية تضمن الحد من الفوضى النقدية، واستعادة الدور المحوري للمنصة في إدارة السيولة بالليرة وبالدولار.
وريثما تتضح المعطيات ذات الصلة، وبالأخص بينها الاقتراحات العملانية التي عرضها سلامة في اجتماع المجلس المركزي أمس (الاثنين)، يركز المسؤول المصرفي على الربط الموضوعي بين سعر الصرف والمؤثرات الضاغطة سلباً أو إيجاباً التي تنتجها الأوضاع السياسية القائمة، وما تحفل به من انقسامات عمودية حادة في مقاربة الاستحقاقات الداهمة، وفي مقدمتها إعادة انتظام السلطة التنفيذية، بدءاً من إرساء توافق ما يكفل معالجة المشكلة المستعصية والمتمثلة بالشغور الرئاسي، فضلا عن احتواء الإرباكات المستجدة في أروقة السلطة القضائية.
وتردد أن حاكم مصرف لبنان سيعمد، من ضمن حزمة الإجراءات المحدثة، إلى وقف عمليات شراء الدولار من شركات تحويل الأموال وبعض الصرافين لتغطية جزء من تدخله في عرض الدولار النقدي عبر منصة صيرفة، بعدما تيقن من استغلال هذه الثغرة واستخدامها في تأجيج المضاربات من خلال تعظيم حجم الطلب على العملة الخضراء في الأسواق الموازية، وذلك بالاستفادة من معلومات مسبقة تتعلق بحجم المشتريات اليومية المنفذة لصالح البنك المركزي.
وتسود قناعة راسخة لدى مصرفيين ومحللين بأن تحديد السعر الواقعي لصرف الليرة مشروط بتمركز الجزء الأكبر من التداولات عبر المنصة الرسمية الوحيدة التي يديرها البنك المركزي. وهذا المسار يتطلب حكماً التنسيق اليومي مع وزارة المال في إدارة السيولة والتحكم بكتلتها. وما قررته الوزارة من استيفاء نقدي لبعض الرسوم والضرائب سيسهم في خفض منسوب الطلب على الدولار سواء عبر المنصة أو من خلال شركات الصرافة.
ويشير المسؤول المصرفي إلى أن ضرورات «الانضباط» النقدي، عبر التحقق من العمليات اليومية والالتزام الصارم بقواعد «اعرف عميلك»، لا تقتصر فوائدها المتوخاة على تهدئة الأسواق التي شهدت ثورة عارمة خلال الأيام السابقة وأفضت إلى مقارعة سعر الدولار عتبة 70 ألف ليرة. ففي ظل تنامي تداول النقود ارتفع منسوب التوجس لدى بنوك دولية مراسلة من فتح منافذ لمرور عمليات مشبوهة تقع تحت تصنيف الجرائم المالية عبر القنوات المصرفية. وهو ما دفع بإدارات معظم المصارف المحلية إلى وضع مواصفات خاصة لتنفيذ آليات التدخل لعرض الدولار من قبل البنك المركزي، واضطره لاحقا إلى جعلها مقيدة بالأفراد من أصحاب الحسابات وبكميات شهرية محددة.
عموماً، يأمل مصرفيون استعادة الخلفية الحقيقية لصدور التعميم 161 في الأساس. فالهدف منه وفق إفصاح صادر عن سلامة نفسه، هو جعل سعر صرف الدولار في السوق الموازية تحت السيطرة عبر سحب الليرات من السوق وضخّ الدولارات، وأيضا تمكين موظفي القطاع العام بالحصول على رواتبهم بالدولار، مما يحقق الغاية المزدوجة في تهدئة الأسواق، وكذلك المحافظة على القدرة الشرائية للموظفين.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.