العلاقات المصرية ـ الأميركية: مناقشات تعكس «نهجاً عملياً»

وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الاثنين) في القاهرة (رويترز)
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الاثنين) في القاهرة (رويترز)
TT

العلاقات المصرية ـ الأميركية: مناقشات تعكس «نهجاً عملياً»

وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الاثنين) في القاهرة (رويترز)
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الاثنين) في القاهرة (رويترز)

سيكون من شأن التدقيق في مفردات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري، وكذلك مراجعة إفادات رسمية صادرة عن وزارته قبل وصوله إلى القاهرة، أن «يعكسا نهجاً عملياً» أميركياً في العلاقات مع مصر، وذلك حسب تقديرات لخبراء ومحللين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» عن دلالات ما أُعلن عن محتوى المباحثات.
والوزير بلينكن الذي زار القاهرة بعد أكثر من شهرين من وجود، الرئيس الأميركي، جو بايدن في مصر، للمشاركة في فعاليات «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (كوب 27)، والتي استضافتها مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدا «أكثر تركيزاً على ملفات الأمن الإقليمي» ذات الصلة بين القاهرة واشنطن ومنها، ليبيا، والسودان، مع تركيز من بلينكن على «ملف إيران».
وتُظهر قراءة في «مستند حقائق» صادر عن الخارجية الأميركية ونشرته سفارة واشنطن بالقاهرة، قبيل بدء زيارة بلينكن، أن ترتيب «رؤية واشنطن» لموضوعات العلاقة بين الطرفين، جاءت منطلقة من تمهيد عن «العلاقات التاريخية»، وأعقبها بند عن «تعزيز الأمن الإقليمي»، ثم «العلاقات الاقتصادية»، وبرامج «التبادل الثقافي»، و«أزمة المناخ»، و«الشراكة الدفاعية»، وأخيراً جاء بند «مستقبل الديمقراطية».
وصحيح أن البند «الحقوقي» غالباً ما كان يأتي باقتضاب وعلى استحياء أحياناً، في ذيل إفادات رسمية بشأن مباحثات أو اتصالات المسؤولين المصريين والأمريكيين، في محاولة لـ«إثبات موقف» أو تجنب «انتقادات داخلية» أميركية؛ غير أن أسلوب التناول الذي انتهجه بلينكن خلال المؤتمر، مع شكري، عندما سُئل تحديداً عن قضية ناشطين مصريين، هما: «علاء عبد الفتاح، ومحمد باقر» بدا لافتاً.
لقد حرص بلينكن على التأكيد على أنه أثار قضايا حقوق الإنسان، معرباً عن حرص بلاده على رؤية «تغيير مستدام» في الملف، مستدركاً أن «مصر اتخذت خطوات مهمة في مسار حماية الحريات الدينية، وتمكين المرأة والحوار الوطني، وهنالك الكثير المتبقي».
ثم عاد بلينكن للرد على السؤال: «لا يمكنني أن أجيب عن: لماذا تقوم أو لا تقوم الحكومة (المصرية) بأشياء مختلفة؟... هذا يرجع إلى تقديرها الخاص، لكن نعبر عن قلقنا وندعو إلى اتخاذ إجراءات مستمرة».
ويرى الدكتور، جمال عبد الجواد، مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أن «الإدارة الأميركية الحالية أظهرت لأكثر من مرة خلال عامين تقريباً، إدراكاً لأهمية الملفات الإقليمية وأدوار اللاعبين الرئيسيين ومنهم مصر بالتأكيد». متابعاً: «في ضوء ذلك فإن (الإدارة) توصلت إلى أن حصر السياسة الأميركية في المنطقة على عنصر واحد هو المتعلق بحقوق الإنسان، سيضر بالمصالح والإقليم».
عبد الجواد قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تمييزاً حدث داخل الإدارة، بين المسارين الحقوقي والأمني، فأولت اهتماماً أقل بالأول مقابل زيادة التركيز على الثاني بأبعاده المختلفة والمعقدة».
لكن هل أثرت الحرب الروسية - الأوكرانية على التعاطي الأميركي مع دول الإقليم وبينها مصر؟ يجيبنا عبد الجواد أن «الأمر سابق على الحرب الأوكرانية، مع التأكيد على تأثيرها طبعاً، إذ ظهر ذلك في مايو (أيار) 2021 عندما حدث التوتر بين حماس والجهاد من جهة، وإسرائيل من جانب آخر، فأدركت إدارة بايدن أنه لكي تستعيد الهدوء، فعليها تغيير مقاربتها مع القوى الإقليمية، وحدثت أول مكالمة بين الرئيس جو بايدن، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي».
وبالعودة إلى «مستند الحقائق» الذي أصدرته واشنطن، فإنه تضمن تجاوباً مع استراتيجية القاهرة لحقوق الإنسان، إذ يقول الناطق باسم الخارجية الأميركية إن بلاده تحافظ على «حوار نشط يعزز الخطوات الملموسة» في مجالات مختلفة «بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية المصرية لحقوق الإنسان».
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق صلاح حليمة أن «هناك رؤية أميركية جديدة مع القارة الأفريقية والمنطقة العربية، بما يقلل من أولوية مسألة حقوق الإنسان والديمقراطية، وتدفع ببنود الشراكات الأمنية والسياسية والاقتصادية إلى مقدمة الاهتمام الأميركي»، حسب تقييمه.
حليمة قال لـ«الشرق الأوسط» أيضاً إن «بلينكن خلال مباحثاته في مصر جاء متسقاً مع الرؤية السابقة، وهو ما يعكس (نهجاً عملياً) نتيجة التطورات التي شهدها العالم بعد جائحة (كورونا)، وتغيرات المناخ، والأهم تداعيات الأزمة الروسية - الأميركية، وما أسفرت عنه من تغييرات محتملة في التكتلات الدولية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
TT

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)
وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

تسعى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى استعادة ملكية مزرعة موالح كبرى من دولة غينيا، توصف بأنها «الأكبر في غرب أفريقيا».

المزرعة التي تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً، وفق بيانات «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، مخصصة لزراعة المانجو والأناناس، وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات. وتعد المزرعة المستهدفة من بين الأصول الليبية، التي تديرها «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وهي عبارة عن صندوق استثماري ليبي، وتتوزع في أكثر من 430 شركة، و200 عقار في كل من أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وأجرى وفد رفيع من حكومة «الوحدة»، برئاسة وزير الشباب فتح الله الزني، الذي وصل غينيا مساء (الاثنين)، مباحثات مع مسؤوليها حول كيفية استرجاع المزرعة لليبيا.

وتأتي زيارة وفد الحكومة في طرابلس، عقب جدل وشكوك بشأن انتحال الغيني أمادو لامين سانو صفة «وزير ومستشار خاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو»، خلال لقائه مسؤولين في حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب.

وكانت غينيا قد صادرت المزرعة الليبية عام 2020 بموجب مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الغيني السابق، إلا أن المحكمة العليا الغينية قضت مؤخراً بإبطال ذلك المرسوم، ومن ثم إعادتها إلى ليبيا.

وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

وضم الوفد الذي ترأسه الزني، بصفته مبعوثاً للدبيبة إلى غينيا، أيضاً مصطفى أبو فناس، رئيس مجلس إدارة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، وعضو مجلس إدارة المحفظة خليفة الشيباني، والمدير العام لـلشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية (لايكو)، محمد محجوب.

واستقبل الوفد الليبي وزير الشباب الغيني فرنسواه بوقولا، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الغينيين. وشارك في اللقاء القائمون بأعمال سفارتي البلدين.

ورأت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» أن هذه الزيارة «خطوة تمثل تطوراً مهماً في سياسة حكومة (الوحدة) لاستعادة وتسوية الملفات العالقة، المتعلقة بالاستثمارات الليبية في القارة الأفريقية، كما تعكس حرص مجلس إدارة (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار) على استعادة جميع ممتلكات المحفظة».

فيما يرى ليبيون أن الانقسام السياسي الليبي أثر على متابعة الأصول الخارجية المملوكة للبلاد.

وكانت أفريقيا الوسطى قد أقدمت على عرض أحد الفنادق الليبية في مزاد علني، ما أعاد السؤال حول مصير الأصول المجمدة بالخارج، التي تديرها «المؤسسة الليبية للاستثمار»، وكيفية الحفاظ عليها من الضياع.

وسبق أن قضت محكمة في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي ببيع أملاك للدولة الليبية في المزاد العلني، وهي: «فندق فخم»، قدرت قيمته بـ45 مليون يورو، وعمارتان تضمان شققاً بـ80 مليون يورو، بالإضافة إلى قطعة أرض قدرت قيمتها بـ6 ملايين يورو، وخاطبت المحكمة النائب العام ووزير العدل بأفريقيا الوسطى لعقد المزاد العلني. وقالت «الشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية» إن الدولة الليبية حصلت على هذه العقارات مقابل قروض منحتها للدولة الأفريقية، بموجب اتفاقية موقعة بين البلدين عام 2007؛ لحماية وتشجيع الاستثمار.

وفي مايو (أيار) 2023 قالت «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار» إنها نجحت في رفع الحجز عن فندق «ليدجر بلازا بانغي»، وهو من فئة 5 نجوم ومملوك لليبيا في عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي.

وتُعنى «لايكو» بإدارة الفنادق والمنتجعات المملوكة للشركة الليبية للاستثمارات الأفريقية، والتي تعمل تحت مظلة «محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار»، والمؤسسة الليبية للاستثمار المعروفة بـ«الصندوق السيادي الليبي». وتضم «لايكو» مجموعة من 11 منشأة، بها أكثر من 2200 غرفة من فئة 4 إلى 5 نجوم، وتطل على المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن ناقش النائب بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي مع رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، خلال لقائهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ملف الاستثمارات الليبية وكيفية حمايتها.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الوحدة)

وكانت الأموال الليبية المجمدة في الخارج تُقدر بقرابة 200 مليار دولار، وهي عبارة عن استثمارات في شركات أجنبية، وأرصدة وودائع وأسهم وسندات، تم تجميدها بقرار من مجلس الأمن الدولي في مارس (آذار) عام 2011، لكن الأرصدة النقدية تناقصت على مدار السنوات الماضية إلى 67 مليار دولار، وفق فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة.