تسبب كشف شرطة مدينة ممفيس في ولاية تينيسي الأميركية، عن مقطع فيديو يظهر، مقتل شاب أميركي أسود، على يد 5 من عناصرها، وهم من السود أيضا، في موجة من الغضب والاحتجاجات المتفرقة، في جميع أنحاء الولايات المتحدة، رغم أن طابعها كان سلميا إلى حد كبير. وحثت عائلة الشاب القتيل، تاير نيكولز، البالغ 29 عاما، وكذلك ضباط الشرطة، على عدم استخدام العنف. وقال مسؤولو الشرطة في عدد من المدن الكبرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، إنهم يتأهبون لأي احتجاج عام محتمل، بعد الكشف عن لقطات الفيديو.
وفي إشارة واضحة للخوف من رد فعل المدينة، سبق إطلاق الفيديو، مناشدات من نواب المدينة وقادة مدنيين وعائلة نيكولز لعدم السماح للغضب بأن يتحول إلى اضطرابات مدمرة. وتجمع المتظاهرون في ممفيس ليلة الجمعة، وامتدوا على طريق سريع رئيسي بين الولايات وأغلقوا جسرا، لكن لم تقع أي أعمال عنف. وألغت المدارس العامة في المدينة أنشطة ما بعد المدرسة يوم الجمعة، وأغلقت بعض الشركات النوافذ وحذرت موظفيها من الاضطرابات المحتملة في وسط المدينة.
احتجاجات سلمية
وطلبت والدة نيكولز من المحتجين أن يكونوا سلميين خلال المظاهرات، قائلة في وقفة احتجاجية في ممفيس، إنها تريد «أن يحتج كل واحد منكم بسلام». وقالت ويلز: «لا أريد أن نحرق مدننا ونمزق الشوارع لأن هذا ليس ما يمثله ابني». وكشفت عن أن الأطباء اتصلوا بها في أثناء رعاية ابنها، وأخبرها طبيب بأن ابنها أصيب بسكتة قلبية وأن كليتيه تعانيان من فشل، مشيرة إلى أن ذلك «لا يبدو متسقا» مع ما وصفته الشرطة بأن نيكولز تم صعقه ورش الفلفل عليه. وقالت إن «الأمر أشبه بكابوس في الوقت الحالي». وعرضت وسائل الإعلام الأميركية منذ ليل الجمعة وطوال يوم السبت، مقاطع فيديو، التقطتها إحدى كاميرات المراقبة، وكاميرات عناصر الشرطة الخمسة أنفسهم، المثبتة على أجسادهم، كيف انهالوا على الشاب بالضرب واللكم، بعدما أنزلوه من سيارته ورشه ببخاخ الفلفل، رغم أن الشاب لم يبد مقاومة عنيفة لتوقيفه من قبل العناصر بتهمة مخالفة مرورية وقيادة متهورة. وبدا الشاب وهو يستغيث بوالدته، التي كانت في المنزل، الذي يبعد أقل من 80 مترا من مكان الحادث. ولم تقدم إدارة الشرطة في مميس حتى الساعة، أي تفسير منطقي للعنف الذي استخدم ضد الشاب، وما الذي أثار غضب رجال الشرطة، لينهالوا عليه بالضرب واللكم والركل بهذه الطريقة الوحشية، التي أظهرها شريط فيديو مدته ساعة كاملة تقريبا. وبدا أن نيكولز فر سيرا على الأقدام، وحدثت مشاجرة ثانية، وعندما عانى من إصابات خطيرة، نقل إلى المستشفى بعد اعتقاله وتوفي في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي. وقالت الشرطة إنها لم تتمكن من العثور على أي شيء يثبت السبب المحتمل للقيادة المتهورة من قبل نيكولز قبل مواجهته القاتلة مع الشرطة. وأحدثت القضية ضجة في بلد لا يزال متأثرا بمقتل جورج فلويد في مايو (أيار) 2020 وما أحدثته هذه المأساة من تظاهرات لحركة «بلاك لايفز ماتر» (حياة السود تهم) ضد العنصرية وعنف الشرطة.
بايدن يدعو للهدوء
وأعرب الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن إحساسه بالغضب والألم الشديدين بعد مشاهدة مقطع الفيديو «المروع» للحادث، ووصفه، الجمعة في بيان، بأنه «تذكير مؤلم آخر بالخوف والصدمة والألم، والإرهاق الذي يعاني منه الأميركيون السود كل يوم».
ودعا بايدن الغاضبين من الحادث والذين يسعون للعدالة إلى «عدم اللجوء إلى العنف أو التدمير»، مشيرا إلى أنه يضم صوته إلى صوت عائلة نيكولز «في الدعوة إلى الاحتجاج السلمي».
وكشف بايدن عن أنه تحدث مع والدة نيكولز وزوجها، مشيرا إلى أن عائلته بأكملها تستحق تحقيقا سريعا وكاملا وشفافا. وأكد بايدن أنه «يجب أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان أن يفي نظام العدالة الجنائية لدينا، بوعد العدالة العادلة والنزيهة والمعاملة المتساوية والكرامة للجميع».
وتم فصل الضباط الخمسة في وقت سابق، ووجهت إليهم تهمة الخطف والقتل من الدرجة الثانية. كما تم إعفاء اثنين من موظفي إدارة الإطفاء في مدينة ممفيس، الذين كانوا جزءا من فريق الرعاية الأولية لنيكولز، في انتظار نتائج تحقيق داخلي، بعدما اتهم عناصر المركز الذي لا يبعد عن مكان الحادث، بالتقصير في المسارعة إلى تقديم المساعدة للشاب، والتأخير لأكثر من 22 دقيقة.
ومن المقرر مثول الضباط الخمسة أمام المحكمة في 17 فبراير (شباط)، وأعلن النائب العام، ستيف مولروي، في مؤتمر صحافي أن العناصر الخمسة، اتهموا بالقتل والاعتداء بالضرب وحتى الخطف. وفي وقت سابق الجمعة، قال قائد شرطة ممفيس إن الفيديو يظهر «أعمالا تتحدى الإنسانية». وأضاف أن الفيديو يظهر تجاهلا للحياة، ومستوى من التفاعل الجسدي يتجاوز ما هو مطلوب في إنفاذ القانون.