ما زال قرار المحكمة الاتحادية العراقية القاضي بإلغاء كل القرارات الحكومية المتعلقة بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان الذي صدر الأربعاء الماضي، مثار انتقاد وغضب جهات وشخصيات سياسية كردية، بخاصة تلك القريبة أو المرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البارزاني، كون هذا الحزب يسيطر منذ سنوات على حكومة الإقليم في أربيل ويعد الأكثر نفوذا بين الأحزاب الكردية، ويتفوق من حيث الهيمنة على مراكز النفوذ على غريمه التقليدي حزب الاتحاد الوطني.
من هنا، ينعكس قرار منع تحويل الأموال سلبا بالدرجة الأولى على هذا الحزب الذي تحكم الأسرة البرزانية، من خلاله، قبضتها على رئاسة الإقليم والوزراء.
وفي السياق، شن النائب الثاني لرئيس البرلمان الاتحادي والقيادي في الحزب الديمقراطي شاخوان عبد الله، مساء الجمعة، هجوما شديدا على جهة سياسية لم يسمها، واتهمها بتوجيه «أوامر للمحكمة الاتحادية لإصدار قرار الحكم».
وقال عبد الله في بيان إن «الجهة الذي وجهت وزيرة المالية بعدم تنفيذ قرار مجلس الوزراء المتعلق بإرسال 400 مليار دينار إلى الإقليم، هي ذاتها من أمرت نائباً بتوقيع دعوى ضد مستحقات كردستان وتقديمها باسمه من دون قراءة مضمونها».
وفيما لم يكشف عبد الله الجهة المعنية المشار اليها، قالت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي في البرلمان الاتحادي فيان صبري في تصريحات صحافية، أمس، إن «حركة العصائب (أهل الحق) هي الجهة التي رحبت بقرار المحكمة ضد مستحقات موظفي اقليم كردستان بشكل علني وواضح».
وأضاف عبد الله أن «الجهة التي ذكرت آنفاً، هي ذاتها من أمرت المحكمة الاتحادية بأن يكون قرارها قبول الدعوى، ومنع إرسال مستحقات الإقليم من دون أي وجه حق. وكذلك هي ذاتها من تسببت بارتفاع أسعار صرف الدولار من خلال تهريبه إلى خارج البلاد».
وتابع «للأسف تلك الجهة نفسها التي أمرت المحكمة الاتحادية بإصدار قرار بالضد من مشروع قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، كما هي ذاتها كلما تقاربت القوى الوطنية ومكونات الشعب العراقي وتوحدت رؤاهم، تشعر بالخطر وتهديد مصالحها».
ورأى عبد الله أن الجهة السياسية (العصائب) «تسعى إلى زعزعة الاستقرار والعمل على خلق المشاكل والأزمات،واستهداف المصالح الوطنية التي تجمع بين مكونات الشعب، مستغرباً ذلك لأن «أدوات هذه الجهة هي جزء من تحالف إدارة الدولة».
ويتحدث مراقبون محليون عن احتمال انسحاب الحزب الديمقراطي من تحالف «إدارة الدولة» المؤلف من نحو 140 نائبا موزعين على كتل سياسية شيعية وسنية وكردية، وتتصدره قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.
ويرجع هؤلاء احتمال انسحاب الديمقراطي باعتبار ان الاتفاق الأساسي الذي بموجبه انخرط الحزب في التحالف المذكور، استند إلى مطلبه الجوهري بوصول الأموال الاتحادية بشكل منتظم إلى الإقليم، لكن مع قرار المحكمة الاتحادية الجديد «لا يعود يوجد مبرر لبقاء الحزب ضمن تحالف سياسي لا يأخذ في الاعتبار المصالح الكردية، ولا يحقق أي هدف اقتصادي أو سياسي لحكومة أربيل».
وكانت الخلافات العميقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والمحكمة الاتحادية والقوى السياسية الداعمة لها في بغداد، قد برزت بقوة بعد قيام أربيل والحزب الديمقراطي بتنظيم استفتاء انفصال الإقليم عن بغداد في 25 سبتمبر (أيلول) 2017، وحكمت المحكمة ببطلانه وقتذاك، ثم توالت الاحكام القضائية التي أتت معاكسة لتطلعات أربيل ومصالحها، وبلغت ذروتها مع إبطال المحكمة قانون النفط والغاز في كردستان في مارس (آذار) 2022.
وفي الشهر ذاته، أصدرت المحكمة حكما بعدم دستورية ترشح القيادي في الحزب الديمقراطي هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية.
من هنا، وفي ظل حالة التوتر القائمة بين أربيل والمحكمة الاتحادية، وصف رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، بعد صدور القرار الأخير، الأربعاء الماضي، المحكمة الاتحادية بـ«محكمة الثورة» التي كان قائمة في حقبة حزب البعث المنحل وكانت مهمتها مطارة النشطاء السياسيين وإصدار أحكام قاسية بحقهم.
العراق: الأكراد يصوبون نحو «العصائب»... والانسحاب من التحالف الحاكم وارد
بعد الحكم القضائي بحرمان الإقليم من الأموال
العراق: الأكراد يصوبون نحو «العصائب»... والانسحاب من التحالف الحاكم وارد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة