اليابان تطوي صفحة اللاعسكرة

تبنت تغيرات جذرية في استراتيجيتها الدفاعية لمواجهة المخاطر الجديدة من أوكرانيا إلى تايوان

صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)
صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)
TT

اليابان تطوي صفحة اللاعسكرة

صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)
صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)

في تراجع كبير عن موقفها السلمي السابق الذي طال ما يقرب من ثمانية عقود، كشفت اليابان النقاب مؤخرا عن خطة جديدة لمدة 5 سنوات تتضمن تغيرات جذرية لإعادة هيكلة استراتيجيتها الخاصة بالدفاع والإنفاق. إذ تبنت حكومة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، قبل أسابيع قليلة، رؤية دفاعية «ثورية» جديدة تمثل خروجاً عن دستور البلاد في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي وضع قيوداً على «قوات الدفاع الذاتي» بالقول إنه «لا يجوز توظيفها إلا للدفاع عن الأراضي اليابانية» كما يقول اسمها، ولقد كشف كيشيدا عن الخطة ووصفها بأنها «نقطة تحول في سياسات الأمن القومي لليابان».

تشير استراتيجية الدفاع الجديدة في اليابان إلى أن طوكيو باتت تعمل على بناء «قوة دفاع متعددة المجالات»، حيث سيصار إلى تجهيز «قوات الدفاع الذاتي» (أي الجيش) بقدرات في الفضاء والفضاء الإلكتروني والطيف الكهرومغناطيسي، بجانب قدرات في المجالين البحري والجوي، وقدرات دفاعية جوية وصاروخية شاملة للرد على التهديدات المختلفة المحمولة جواً، فضلاً عن القدرات الدفاعية في المواجهات، والقدرة على المناورة والانتشار، وتأمين الذخيرة وضمان صيانة المعدات. إذ أقرت الحكومة اليابانية ثلاث وثائق أمنية رئيسية، هي: استراتيجية الأمن القومي الجديدة (NSS)، التي تعد الأكثر أهمية بين الوثائق الثلاث، واستراتيجية الدفاع الوطني (NDS) وبرنامج بناء الدفاع (DBP). ومن المقرر أن تشكل الوثائق الثلاث معاً استراتيجية البلاد الشاملة وسياستها الدفاعية وأهدافها للاستحواذ الدفاعي في المستقبل القريب. وللعلم، للمرة الأولى سيصار أيضاً إلى تطوير قدرة «الهجوم المضاد»، وهي القدرة على ضرب مواقع إطلاق الصواريخ التي تهددها.
- ميزانية الدفاع
بموجب استراتيجية الأمن القومي الجديدة، تعهدت اليابان بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأُعلن عن خطة بقيمة 320 مليار دولار أميركي، هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، لبناء الجيش بحلول عام 2027. وتبلغ ميزانية الدفاع للعام الحالي 55 مليار دولار، بزيادة قدرها 20 في المائة وهي الخطوة التي ستجعلها ثالث أكبر ميزانية في العالم، بعد ميزانيتي الولايات المتحدة والصين. ومعلوم أن طوكيو أبقت معدلات الإنفاق الأمني منخفضة لالتزامها الدستوري بتجنب خوض الحروب، رغم امتلاكها ميزانية دفاعية ومحافظتها على وجود «قوات الدفاع الذاتي» منذ عام 1954.
هذا، وستحصل اليابان خلال هذا العام على برنامج الطائرات المقاتلة الأكثر تقدماً «إف -35» من الولايات المتحدة، كما أعلنت عن خطط لشراء صواريخ «توماهوك» الأميركية الصُنع، وصواريخ «كروز» جديدة بعيدة المدى تستطيع ضرب أهداف في الصين أو كوريا الشمالية في حال تبنيها استراتيجية أمنية أكثر هجومية. وكانت اليابان قد وقعت مؤخرا اتفاقية دفاعية غير مسبوقة مع بريطانيا، وانضمت إلى الأخيرة وإيطاليا لتطوير طائرة «تمبست» الأكثر تقدماً والمدعومة بالذكاء الصناعي، التي يُقال إنها تتفوق على طائرات «إف - 35» الأميركية. ويساعد انضمام اليابان لهذا المشروع في توسيع انتشارها العالمي، كما أنه يمثل أول مشروع دفاعي دولي كبير لها مع دولة أخرى غير الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وما يستحق الإشارة أنه عام 2021، أرسلت بريطانيا حاملة الطائرات الجديدة «كوين إليزابيث» لليابان، وأعلنت أنها ستنشر سفينتين حربيتين في المياه الآسيوية بشكل دائم. وحالياً تريد اليابان ترقية طائراتها الـ«إف - 35» الحالية، وستواصل عملية الترقية هذه حتى يصل تطوير الجيل التالي من المقاتلات «إف – إكس» إلى مرحلة النموذج الأولي التجريبي، وتقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بحوالي 40 مليار دولار.
- البُعد الصيني ومخاطره
براهما تشيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز أبحاث السياسات بالعاصمة الهندية نيودلهي، يعلق قائلاً «بينما يُعد تحرك اليابان نحو إعادة التسلح أمراً مرحباً به، فإن امتلاكها لصواريخ (توماهوك) والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وحدها لن يجبر الصين على وقف شن الحروب الهجينة، بل يتوجب على طوكيو أيضاً إيجاد طرق أخرى لإحباط جهود بكين الخفية لتغيير الوضع الإقليمي الراهن مع تجنب مخاطر إثارة القتال المفتوح. وحقاً، تعمل اليابان على تطوير قدراتها الصاروخية المضادة للهجوم، وكذلك تكثيف إنتاجها المحلي لأنظمة الصواريخ «أرض - جو» للدفاع الجوي والصواريخ «أرض - جو» قريبة المدى بما في ذلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وهي اليوم لا تهتم بالطائرات المقاتلة فحسب، بل دعت وزارة الدفاع اليابانية إلى شراء طائرة هليكوبتر جديدة للخدمات من طراز «UH-2»، وتتضمن خطة الدفاع اليابانية الجديدة أيضاً تطوير القوة النارية البحرية من خلال الجيل المقبل من الغواصات الهجومية التي تعمل بالديزل والكهرباء من فئة «تايجي» والمزودة أيضاً بنظام الدفع الهوائي المستقل (AIP).
وبالمثل، فإن التعاون الدفاعي لليابان مع فرنسا بات يتعمق بشكل أكبر، وذلك في ظل التقارب القوي بين البلدين في منطقة المحيطين الهندي والهادي. ووفقاً لسواتي راو، الزميل في مركز أوروبا وأوراسيا، في معهد «مانوهار باريكار» للدراسات والتحليلات الدفاعية بالهند، فإن «دفع كيشيدا يتضح جلياً في التعاون الدفاعي المزدهر مع الجهات الفاعلة الأوروبية الأساسية، وهذا يُكسِب العمل على فكرة الأمن غير القابل للتجزئة قوة مهمة»، وفي هذا الصدد، فإنه إذا كان هناك لاعب واحد في منطقة المحيطين الهندي والهادي يتمتع بالثقل الاقتصادي المطلوب والقدرات الاستراتيجية سريعة التطور لمناصرة دمج المسرحين الأمنيين في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادي، فهو اليابان.
لا شك في أن الصين تأتي على رأس قائمة التهديدات اليابانية، وبينما تعمل بكين على توسيع قواتها البحرية والجوية في مناطق قريبة من الأرخبيل الياباني، فإنها تدّعي السيادة على جزر سينكاكو، وهي مجموعة من الجزر غير المأهولة في بحر اليابان، المعروف أيضاً بـ«البحر الشرقي». واليوم تدفع اليابان طيرانها الحربي يومياً للرد على تحليق الطائرات الصينية قرب مجالها الجوي، في حين كثيراً ما تبحر قطع بحرية صينية في رحلات استكشافية قرب الجزر، التي تسميها الصين «دياويوس». وفي الوقت نفسه، أطلقت كوريا الشمالية عدداً من الصواريخ على بحر اليابان، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022 أطلقت صاروخاً متوسط المدى فوق طوكيو لأول مرة منذ عام 2017. ويعتقد محللون أن طوكيو ربما تكون قلقة بشأن التهديدات الإقليمية المحتملة، وقد يكون الأمر الذي حفز التغيرات الأخيرة في موقفها الدفاعي هو الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2021، وكذلك التخوف من عدوان صيني هدفه احتلال تايوان وضمها مستقبلاً. ويذكر هنا أن طوكيو انضمت إلى العواصم الغربية في فرض عقوبات على روسيا، وقدمت مساعدات إنسانية لأوكرانيا منذ غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير (شباط) 2022. وطبعاً، بجانب مسألة تايوان، تتخوف طوكيو من احتمال سعي الصين لخوض قتال معها من أجل السيطرة على جزر «سينكاكو» المتنازع عليها.
- مظلة الحماية الأميركية
على مدى العقود السبعة الماضية، اعتمدت اليابان، التي تخلت عن حق شن الحرب بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، على الولايات المتحدة للحصول على الحماية. وفي مقابل وعد واشنطن بالدفاع عنها، فإنها تحصل بالمقابل على قواعد تسمح لها بالحفاظ على وجود عسكري كبير في شرق آسيا. وبالفعل، تستضيف اليابان 54 ألف عسكري أميركي ومئات الطائرات العسكرية وعشرات السفن الحربية بقيادة إحدى أهم حاملات الطائرات الأميركية. وهنا يربط محللون أجواء ما بعد حرب أوكرانيا، ومحاولات بكين تغيير الوضع الراهن من جانب واحد بالقوة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، بقلق طوكيو بشكل متزايد من أن بكين قد تتخذ خطوة مماثلة في تايوان، إذ أجرت بكين تدريبات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الجزيرة العام الماضي رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي عاصمتها تايبيه، وسقطت بعض الصواريخ الباليستية التي أطلقت من البر الصيني في المنطقة الاقتصادية اليابانية ضمن التدريبات العسكرية الرئيسية حول تايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها ولا تستبعد فكرة اللجوء إلى القوة لضمها. ولطالما حذّر رئيس الوزراء الياباني كيشيدا من أن «أوكرانيا اليوم يمكن أن تكون آسيا الغد»، ولذا يعمل على تعزيز الدعم الغربي لبلاده قبالة الصين وكوريا الشمالية، توازياً مع بناء الرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً تحالفاً مؤيداً لأوكرانيا.
وفي هذا السياق، بعد تبني رؤية الدفاع اليابانية الجديدة، زار كيشيدا بعض أهم حلفاء بلاده الغربيين، بما في ذلك أعضاء «مجموعة الدول السبع الكبرى»: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وكانت المحطة الأخيرة هي الولايات المتحدة، وذلك لتوضيح الأمور التي أجبرت طوكيو على التحول بعيداً عن سياسة السلْم، مع ملاحظة أن ألمانيا كانت الدولة الوحيدة في «المجموعة» التي لم تشملها جولة كيشيدا. وحسب بعض الخبراء، فإن هذه الجولة البالغة النشاط، تبدو للوهلة الأولى مدفوعة بحاجة كيشيدا للحصول على تأييد لاستراتيجيته الدفاعية من قبل حلفائه في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وهنا نشير إلى أن اليابان تولّت رئاسة «مجموعة الدول السبع الكبرى»، وأعلنت أنها ستعقد قمتها في مدينة هيروشيما، حيث الدائرة الانتخابية لرئيس الوزراء الياباني، بين 19 إلى 21 مايو (أيار) المقبل. ويُعتقَد أن جزءاً أساسياً من أهداف جولة كيشيدا في «مجموعة الدول السبع الكبرى» يتمثل في التركيز على التحدي الصيني وما هو مطلوب لمواجهته.
- قمة كيشيدا وبايدن
والواقع، أن كيشيدا، الذي شغل من قبل منصب وزير خارجية اليابان، لقي ترحيباً كبيراً في المحطة الأخيرة - أي الأميركية - من جولته، وبخاصة من قبل بايدن في واشنطن، بعد التقارير المتعلقة باستراتيجية الدفاع والأمن الجديدة لطوكيو. إذ رحب بايدن بضيفه الياباني في البيت الأبيض، وأشاد بإعلان الحكومة اليابانية الشهر الماضي مضاعفتها إنفاقها الدفاعي على مدى السنوات الخمس المقبلة وتطويرها قدرات جديدة. وقال بايدن صراحةً: «... الولايات المتحدة ملتزمة بشكل كامل وواضح بهذا التحالف، والأهم من ذلك أنها ملتزمة بالدفاع عن اليابان». ويأتي هذا التطور بعد استضافة كيشيدا الرئيس الأميركي في اجتماع قمة ثنائي في مايو (أيار) الماضي، بالإضافة إلى عقد اجتماع شخصي مع قادة «الحوار الأمني الرباعي» (كواد)، كما حضر الإطلاق الرسمي للإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي (IPEF) الخاص بإدارة بايدن. وهنا يقول زاكاري كوبر، الخبير بشؤون استراتيجية الدفاع الأميركية في آسيا بمعهد «أميركان إنتربرايز» إن اليابان تضاعف التزاماتها تجاه نفسها والولايات المتحدة، كما تبني المزيد من القدرات المستقلة، لكنها أيضاً تعمل على تعميق التحالف بين واشنطن وطوكيو... ويجب أن يكون هذا إشارة واضحة للصين، ولكن يبدو أن جدول الأعمال تدفعه طوكيو الآن لا واشنطن، وهذا أمر مهم للغاية لكونه دليلاً على وجود علاقات مستدامة وتحالف صحي. وفعلاً، أكدت الدولتان في بيان مشترك على اعتقادهما بأن الصين مصدر تهديد، وقال البيان إن «سياسة بكين الخارجية تسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي لمصلحتها، فضلاً عن رغبتها في توظيف القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية المتنامية للصين لتحقيق هذه الغاية. وهو السلوك الذي يثير قلق الحلف والمجتمع الدولي بأسره، ويمثل التحدي الاستراتيجي الأكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادي وخارجها».

- قلق وتهم من «جيران» اليابان الألدّاء
الخطوة اليابانية التاريخية قوبلت، طبعاً، بانتقاد حاد من بكين لسياسات اليابان والولايات المتحدة وأعضاء آخرين في «مجموعة الدول السبع الكبرى»، واتهام بسعيهم لبناء تحالف «مناوئ للصين» في آسيا... يكون «نسخة آسيوية من ناتو». واعتبرت الحكومة الصينية، في بيان أصدرته عبر سفارتها في اليابان، أن تحرك الأخيرة «يثير التوترات الإقليمية والمواجهة»، داعية طوكيو إلى الكف عن استخدام تعبير «التهديد الصيني» لتبرير توسعها العسكري.
أيضاً، سارعت قيادة كوريا الشمالية للرد على الإعلان عن زيادة الإنفاق الدفاعي الياباني، ببيان صادر عن وزارة الخارجية في بيونغ يانغ يتهم طوكيو «بجلب أزمة أمنية خطيرة إلى شبه الجزيرة الكورية وشرق آسيا». ووصف البيان الكوري الشمالي اليابان بأنها «دولة مجرمة حرب»، وبأنها «تنتهك ميثاق الأمم المتحدة بشكل صارخ»، كما زعم أنها «تسعى لإشباع نياتها السوداء، وتكديس الأسلحة لإعادة غزو كوريا»، وهددت الوزارة بأن كوريا الشمالية سترد بـ«إجراء فعلي» ولكنها لم تحدد نياتها بشكل واضح. ومن جانبها، نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية (الوكالة الإخبارية الرسمية في بيونغ يانغ) عن مقال لكيم تونغ ميونغ، وهو باحث سياسي دولي، قوله «إن اليابان توفر دليلاً على إدخال (ناتو)، إرث الحرب الباردة، إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي، وهذا السلوك يزرع بذور الشقاق في المنطقة».
وأخيراً وليس آخراً، انضمت روسيا إلى منتقدي خطوات اليابان الأخيرة، مدعيةً أن طوكيو تخلت عن عقود من السياسات السلمية واستعاضت عنها بـ«العسكرة الجامحة»، ورأى بيان صادر عن وزارة الخارجية في موسكو أن القرار «سيثير حتماً تحديات أمنية جديدة وسيؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة آسيا والمحيط الهادي»، وأن طوكيو شرعت الآن في «بناء غير مسبوق لقوتها العسكرية، بما في ذلك اكتساب القدرة على شن الهجوم».


مقالات ذات صلة

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

شمال افريقيا السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأحد)، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في القاهرة. ووصف الرئيس المصري المباحثات مع رئيس الوزراء اليباني بأنها كانت «إيجابية وبناءة»، حيث جرى استعراض ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الرياضة سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

تحول المهاجم سالم الدوسري من بطل محتمل للهلال في نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم إلى «مفسد للحفل» بعد طرده في الدقائق الأخيرة بلقاء الذهاب، بسبب اعتداء على منافس في الدقائق الأخيرة خلال تعادل محبط 1 - 1 في الرياض أمس (السبت). وافتتح الدوسري التسجيل في الدقيقة 13 من متابعة لكرة عرضية، ليثبت مجدداً أنه رجل المواعيد الكبرى، إذ سبق له التسجيل في مرمى أوراوا في نهائي نسخة 2019، حين أسهم في تتويج الهلال. وخلد اسمه في الذاكرة بتسجيل هدف فوز السعودية التاريخي على الأرجنتين في كأس العالم بقطر العام الماضي، ليهز الشباك في نسختين بالنهائيات، فضلاً عن التسجيل في 3 نسخ لكأس العالم للأندية. لكن الدوسري (31

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، والتنافس المحموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة تأثيرها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس، مصر في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

أفريقيا ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، وما استتبعها من تنافس محموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة نفوذها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، اليوم (السبت)، مصر، في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.