اليابان تطوي صفحة اللاعسكرة

تبنت تغيرات جذرية في استراتيجيتها الدفاعية لمواجهة المخاطر الجديدة من أوكرانيا إلى تايوان

صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)
صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)
TT

اليابان تطوي صفحة اللاعسكرة

صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)
صورة للمناورات العسكرية الصينية قرب تايوان (غيتي)

في تراجع كبير عن موقفها السلمي السابق الذي طال ما يقرب من ثمانية عقود، كشفت اليابان النقاب مؤخرا عن خطة جديدة لمدة 5 سنوات تتضمن تغيرات جذرية لإعادة هيكلة استراتيجيتها الخاصة بالدفاع والإنفاق. إذ تبنت حكومة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، قبل أسابيع قليلة، رؤية دفاعية «ثورية» جديدة تمثل خروجاً عن دستور البلاد في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي وضع قيوداً على «قوات الدفاع الذاتي» بالقول إنه «لا يجوز توظيفها إلا للدفاع عن الأراضي اليابانية» كما يقول اسمها، ولقد كشف كيشيدا عن الخطة ووصفها بأنها «نقطة تحول في سياسات الأمن القومي لليابان».

تشير استراتيجية الدفاع الجديدة في اليابان إلى أن طوكيو باتت تعمل على بناء «قوة دفاع متعددة المجالات»، حيث سيصار إلى تجهيز «قوات الدفاع الذاتي» (أي الجيش) بقدرات في الفضاء والفضاء الإلكتروني والطيف الكهرومغناطيسي، بجانب قدرات في المجالين البحري والجوي، وقدرات دفاعية جوية وصاروخية شاملة للرد على التهديدات المختلفة المحمولة جواً، فضلاً عن القدرات الدفاعية في المواجهات، والقدرة على المناورة والانتشار، وتأمين الذخيرة وضمان صيانة المعدات. إذ أقرت الحكومة اليابانية ثلاث وثائق أمنية رئيسية، هي: استراتيجية الأمن القومي الجديدة (NSS)، التي تعد الأكثر أهمية بين الوثائق الثلاث، واستراتيجية الدفاع الوطني (NDS) وبرنامج بناء الدفاع (DBP). ومن المقرر أن تشكل الوثائق الثلاث معاً استراتيجية البلاد الشاملة وسياستها الدفاعية وأهدافها للاستحواذ الدفاعي في المستقبل القريب. وللعلم، للمرة الأولى سيصار أيضاً إلى تطوير قدرة «الهجوم المضاد»، وهي القدرة على ضرب مواقع إطلاق الصواريخ التي تهددها.
- ميزانية الدفاع
بموجب استراتيجية الأمن القومي الجديدة، تعهدت اليابان بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأُعلن عن خطة بقيمة 320 مليار دولار أميركي، هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، لبناء الجيش بحلول عام 2027. وتبلغ ميزانية الدفاع للعام الحالي 55 مليار دولار، بزيادة قدرها 20 في المائة وهي الخطوة التي ستجعلها ثالث أكبر ميزانية في العالم، بعد ميزانيتي الولايات المتحدة والصين. ومعلوم أن طوكيو أبقت معدلات الإنفاق الأمني منخفضة لالتزامها الدستوري بتجنب خوض الحروب، رغم امتلاكها ميزانية دفاعية ومحافظتها على وجود «قوات الدفاع الذاتي» منذ عام 1954.
هذا، وستحصل اليابان خلال هذا العام على برنامج الطائرات المقاتلة الأكثر تقدماً «إف -35» من الولايات المتحدة، كما أعلنت عن خطط لشراء صواريخ «توماهوك» الأميركية الصُنع، وصواريخ «كروز» جديدة بعيدة المدى تستطيع ضرب أهداف في الصين أو كوريا الشمالية في حال تبنيها استراتيجية أمنية أكثر هجومية. وكانت اليابان قد وقعت مؤخرا اتفاقية دفاعية غير مسبوقة مع بريطانيا، وانضمت إلى الأخيرة وإيطاليا لتطوير طائرة «تمبست» الأكثر تقدماً والمدعومة بالذكاء الصناعي، التي يُقال إنها تتفوق على طائرات «إف - 35» الأميركية. ويساعد انضمام اليابان لهذا المشروع في توسيع انتشارها العالمي، كما أنه يمثل أول مشروع دفاعي دولي كبير لها مع دولة أخرى غير الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وما يستحق الإشارة أنه عام 2021، أرسلت بريطانيا حاملة الطائرات الجديدة «كوين إليزابيث» لليابان، وأعلنت أنها ستنشر سفينتين حربيتين في المياه الآسيوية بشكل دائم. وحالياً تريد اليابان ترقية طائراتها الـ«إف - 35» الحالية، وستواصل عملية الترقية هذه حتى يصل تطوير الجيل التالي من المقاتلات «إف – إكس» إلى مرحلة النموذج الأولي التجريبي، وتقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بحوالي 40 مليار دولار.
- البُعد الصيني ومخاطره
براهما تشيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز أبحاث السياسات بالعاصمة الهندية نيودلهي، يعلق قائلاً «بينما يُعد تحرك اليابان نحو إعادة التسلح أمراً مرحباً به، فإن امتلاكها لصواريخ (توماهوك) والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وحدها لن يجبر الصين على وقف شن الحروب الهجينة، بل يتوجب على طوكيو أيضاً إيجاد طرق أخرى لإحباط جهود بكين الخفية لتغيير الوضع الإقليمي الراهن مع تجنب مخاطر إثارة القتال المفتوح. وحقاً، تعمل اليابان على تطوير قدراتها الصاروخية المضادة للهجوم، وكذلك تكثيف إنتاجها المحلي لأنظمة الصواريخ «أرض - جو» للدفاع الجوي والصواريخ «أرض - جو» قريبة المدى بما في ذلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وهي اليوم لا تهتم بالطائرات المقاتلة فحسب، بل دعت وزارة الدفاع اليابانية إلى شراء طائرة هليكوبتر جديدة للخدمات من طراز «UH-2»، وتتضمن خطة الدفاع اليابانية الجديدة أيضاً تطوير القوة النارية البحرية من خلال الجيل المقبل من الغواصات الهجومية التي تعمل بالديزل والكهرباء من فئة «تايجي» والمزودة أيضاً بنظام الدفع الهوائي المستقل (AIP).
وبالمثل، فإن التعاون الدفاعي لليابان مع فرنسا بات يتعمق بشكل أكبر، وذلك في ظل التقارب القوي بين البلدين في منطقة المحيطين الهندي والهادي. ووفقاً لسواتي راو، الزميل في مركز أوروبا وأوراسيا، في معهد «مانوهار باريكار» للدراسات والتحليلات الدفاعية بالهند، فإن «دفع كيشيدا يتضح جلياً في التعاون الدفاعي المزدهر مع الجهات الفاعلة الأوروبية الأساسية، وهذا يُكسِب العمل على فكرة الأمن غير القابل للتجزئة قوة مهمة»، وفي هذا الصدد، فإنه إذا كان هناك لاعب واحد في منطقة المحيطين الهندي والهادي يتمتع بالثقل الاقتصادي المطلوب والقدرات الاستراتيجية سريعة التطور لمناصرة دمج المسرحين الأمنيين في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادي، فهو اليابان.
لا شك في أن الصين تأتي على رأس قائمة التهديدات اليابانية، وبينما تعمل بكين على توسيع قواتها البحرية والجوية في مناطق قريبة من الأرخبيل الياباني، فإنها تدّعي السيادة على جزر سينكاكو، وهي مجموعة من الجزر غير المأهولة في بحر اليابان، المعروف أيضاً بـ«البحر الشرقي». واليوم تدفع اليابان طيرانها الحربي يومياً للرد على تحليق الطائرات الصينية قرب مجالها الجوي، في حين كثيراً ما تبحر قطع بحرية صينية في رحلات استكشافية قرب الجزر، التي تسميها الصين «دياويوس». وفي الوقت نفسه، أطلقت كوريا الشمالية عدداً من الصواريخ على بحر اليابان، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2022 أطلقت صاروخاً متوسط المدى فوق طوكيو لأول مرة منذ عام 2017. ويعتقد محللون أن طوكيو ربما تكون قلقة بشأن التهديدات الإقليمية المحتملة، وقد يكون الأمر الذي حفز التغيرات الأخيرة في موقفها الدفاعي هو الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2021، وكذلك التخوف من عدوان صيني هدفه احتلال تايوان وضمها مستقبلاً. ويذكر هنا أن طوكيو انضمت إلى العواصم الغربية في فرض عقوبات على روسيا، وقدمت مساعدات إنسانية لأوكرانيا منذ غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير (شباط) 2022. وطبعاً، بجانب مسألة تايوان، تتخوف طوكيو من احتمال سعي الصين لخوض قتال معها من أجل السيطرة على جزر «سينكاكو» المتنازع عليها.
- مظلة الحماية الأميركية
على مدى العقود السبعة الماضية، اعتمدت اليابان، التي تخلت عن حق شن الحرب بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، على الولايات المتحدة للحصول على الحماية. وفي مقابل وعد واشنطن بالدفاع عنها، فإنها تحصل بالمقابل على قواعد تسمح لها بالحفاظ على وجود عسكري كبير في شرق آسيا. وبالفعل، تستضيف اليابان 54 ألف عسكري أميركي ومئات الطائرات العسكرية وعشرات السفن الحربية بقيادة إحدى أهم حاملات الطائرات الأميركية. وهنا يربط محللون أجواء ما بعد حرب أوكرانيا، ومحاولات بكين تغيير الوضع الراهن من جانب واحد بالقوة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، بقلق طوكيو بشكل متزايد من أن بكين قد تتخذ خطوة مماثلة في تايوان، إذ أجرت بكين تدريبات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الجزيرة العام الماضي رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي عاصمتها تايبيه، وسقطت بعض الصواريخ الباليستية التي أطلقت من البر الصيني في المنطقة الاقتصادية اليابانية ضمن التدريبات العسكرية الرئيسية حول تايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها ولا تستبعد فكرة اللجوء إلى القوة لضمها. ولطالما حذّر رئيس الوزراء الياباني كيشيدا من أن «أوكرانيا اليوم يمكن أن تكون آسيا الغد»، ولذا يعمل على تعزيز الدعم الغربي لبلاده قبالة الصين وكوريا الشمالية، توازياً مع بناء الرئيس الأميركي جو بايدن أيضاً تحالفاً مؤيداً لأوكرانيا.
وفي هذا السياق، بعد تبني رؤية الدفاع اليابانية الجديدة، زار كيشيدا بعض أهم حلفاء بلاده الغربيين، بما في ذلك أعضاء «مجموعة الدول السبع الكبرى»: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وكانت المحطة الأخيرة هي الولايات المتحدة، وذلك لتوضيح الأمور التي أجبرت طوكيو على التحول بعيداً عن سياسة السلْم، مع ملاحظة أن ألمانيا كانت الدولة الوحيدة في «المجموعة» التي لم تشملها جولة كيشيدا. وحسب بعض الخبراء، فإن هذه الجولة البالغة النشاط، تبدو للوهلة الأولى مدفوعة بحاجة كيشيدا للحصول على تأييد لاستراتيجيته الدفاعية من قبل حلفائه في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وهنا نشير إلى أن اليابان تولّت رئاسة «مجموعة الدول السبع الكبرى»، وأعلنت أنها ستعقد قمتها في مدينة هيروشيما، حيث الدائرة الانتخابية لرئيس الوزراء الياباني، بين 19 إلى 21 مايو (أيار) المقبل. ويُعتقَد أن جزءاً أساسياً من أهداف جولة كيشيدا في «مجموعة الدول السبع الكبرى» يتمثل في التركيز على التحدي الصيني وما هو مطلوب لمواجهته.
- قمة كيشيدا وبايدن
والواقع، أن كيشيدا، الذي شغل من قبل منصب وزير خارجية اليابان، لقي ترحيباً كبيراً في المحطة الأخيرة - أي الأميركية - من جولته، وبخاصة من قبل بايدن في واشنطن، بعد التقارير المتعلقة باستراتيجية الدفاع والأمن الجديدة لطوكيو. إذ رحب بايدن بضيفه الياباني في البيت الأبيض، وأشاد بإعلان الحكومة اليابانية الشهر الماضي مضاعفتها إنفاقها الدفاعي على مدى السنوات الخمس المقبلة وتطويرها قدرات جديدة. وقال بايدن صراحةً: «... الولايات المتحدة ملتزمة بشكل كامل وواضح بهذا التحالف، والأهم من ذلك أنها ملتزمة بالدفاع عن اليابان». ويأتي هذا التطور بعد استضافة كيشيدا الرئيس الأميركي في اجتماع قمة ثنائي في مايو (أيار) الماضي، بالإضافة إلى عقد اجتماع شخصي مع قادة «الحوار الأمني الرباعي» (كواد)، كما حضر الإطلاق الرسمي للإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي (IPEF) الخاص بإدارة بايدن. وهنا يقول زاكاري كوبر، الخبير بشؤون استراتيجية الدفاع الأميركية في آسيا بمعهد «أميركان إنتربرايز» إن اليابان تضاعف التزاماتها تجاه نفسها والولايات المتحدة، كما تبني المزيد من القدرات المستقلة، لكنها أيضاً تعمل على تعميق التحالف بين واشنطن وطوكيو... ويجب أن يكون هذا إشارة واضحة للصين، ولكن يبدو أن جدول الأعمال تدفعه طوكيو الآن لا واشنطن، وهذا أمر مهم للغاية لكونه دليلاً على وجود علاقات مستدامة وتحالف صحي. وفعلاً، أكدت الدولتان في بيان مشترك على اعتقادهما بأن الصين مصدر تهديد، وقال البيان إن «سياسة بكين الخارجية تسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي لمصلحتها، فضلاً عن رغبتها في توظيف القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية المتنامية للصين لتحقيق هذه الغاية. وهو السلوك الذي يثير قلق الحلف والمجتمع الدولي بأسره، ويمثل التحدي الاستراتيجي الأكبر في منطقة المحيطين الهندي والهادي وخارجها».

- قلق وتهم من «جيران» اليابان الألدّاء
الخطوة اليابانية التاريخية قوبلت، طبعاً، بانتقاد حاد من بكين لسياسات اليابان والولايات المتحدة وأعضاء آخرين في «مجموعة الدول السبع الكبرى»، واتهام بسعيهم لبناء تحالف «مناوئ للصين» في آسيا... يكون «نسخة آسيوية من ناتو». واعتبرت الحكومة الصينية، في بيان أصدرته عبر سفارتها في اليابان، أن تحرك الأخيرة «يثير التوترات الإقليمية والمواجهة»، داعية طوكيو إلى الكف عن استخدام تعبير «التهديد الصيني» لتبرير توسعها العسكري.
أيضاً، سارعت قيادة كوريا الشمالية للرد على الإعلان عن زيادة الإنفاق الدفاعي الياباني، ببيان صادر عن وزارة الخارجية في بيونغ يانغ يتهم طوكيو «بجلب أزمة أمنية خطيرة إلى شبه الجزيرة الكورية وشرق آسيا». ووصف البيان الكوري الشمالي اليابان بأنها «دولة مجرمة حرب»، وبأنها «تنتهك ميثاق الأمم المتحدة بشكل صارخ»، كما زعم أنها «تسعى لإشباع نياتها السوداء، وتكديس الأسلحة لإعادة غزو كوريا»، وهددت الوزارة بأن كوريا الشمالية سترد بـ«إجراء فعلي» ولكنها لم تحدد نياتها بشكل واضح. ومن جانبها، نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية (الوكالة الإخبارية الرسمية في بيونغ يانغ) عن مقال لكيم تونغ ميونغ، وهو باحث سياسي دولي، قوله «إن اليابان توفر دليلاً على إدخال (ناتو)، إرث الحرب الباردة، إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي، وهذا السلوك يزرع بذور الشقاق في المنطقة».
وأخيراً وليس آخراً، انضمت روسيا إلى منتقدي خطوات اليابان الأخيرة، مدعيةً أن طوكيو تخلت عن عقود من السياسات السلمية واستعاضت عنها بـ«العسكرة الجامحة»، ورأى بيان صادر عن وزارة الخارجية في موسكو أن القرار «سيثير حتماً تحديات أمنية جديدة وسيؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة آسيا والمحيط الهادي»، وأن طوكيو شرعت الآن في «بناء غير مسبوق لقوتها العسكرية، بما في ذلك اكتساب القدرة على شن الهجوم».


مقالات ذات صلة

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

شمال افريقيا السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

السودان وأوكرانيا على طاولة مباحثات السيسي ورئيس الوزراء الياباني

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأحد)، على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في القاهرة. ووصف الرئيس المصري المباحثات مع رئيس الوزراء اليباني بأنها كانت «إيجابية وبناءة»، حيث جرى استعراض ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الرياضة سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

سالم الدوسري في مرمى النيران بعد تصرف غير مبرر في «ذهاب الأبطال»

تحول المهاجم سالم الدوسري من بطل محتمل للهلال في نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم إلى «مفسد للحفل» بعد طرده في الدقائق الأخيرة بلقاء الذهاب، بسبب اعتداء على منافس في الدقائق الأخيرة خلال تعادل محبط 1 - 1 في الرياض أمس (السبت). وافتتح الدوسري التسجيل في الدقيقة 13 من متابعة لكرة عرضية، ليثبت مجدداً أنه رجل المواعيد الكبرى، إذ سبق له التسجيل في مرمى أوراوا في نهائي نسخة 2019، حين أسهم في تتويج الهلال. وخلد اسمه في الذاكرة بتسجيل هدف فوز السعودية التاريخي على الأرجنتين في كأس العالم بقطر العام الماضي، ليهز الشباك في نسختين بالنهائيات، فضلاً عن التسجيل في 3 نسخ لكأس العالم للأندية. لكن الدوسري (31

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

ما دلالات جولة رئيس وزراء اليابان الأفريقية؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، والتنافس المحموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة تأثيرها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس، مصر في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

أفريقيا ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

ما دلالات الجولة الأفريقية لرئيس وزراء اليابان؟

في ظل التداعيات الجيوستراتيجية للحرب الروسية - الأوكرانية، وما استتبعها من تنافس محموم من جانب الدول الكبرى على النفوذ في أفريقيا، تسعى اليابان لزيادة نفوذها في القارة، وهو ما يراه خبراء تقاطعاً وتكاملاً مع استراتيجية واشنطن الجديدة، وتأسيساً لأدوار جديدة تحاول طوكيو من خلالها مجابهة تصاعد النفوذ الصيني. في هذا السياق، زار رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، اليوم (السبت)، مصر، في بداية جولة أفريقية تشمل أيضاً غانا وكينيا وموزمبيق.

العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
TT

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)
صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في أزمة سياسية بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية التي يرأسها المستشار أولاف شولتس. وبهذا التطوّر بات شولتس أحد أقصر المستشارين حكماً في ألمانيا؛ إذ إنه قبل إكماله 3 سنوات على رأس الحكومة الائتلافية التي تمثل 3 أحزاب (اشتراكي وليبرالي وبيئي «أخضر») صار المستشار رئيساً لحكومة أقلية مؤلفة من حزبين بانتظار الانتخابات المبكرة التي حُدّد موعدها يوم 23 فبراير (شباط) المقبل.

الحكومة الألمانية ترنّحت إثر انسحاب «ضلعها» الليبرالي، الحزب الديمقراطي الحر، منها. ورغم انسحاب الحزب، أراد رئيسها المستشار أولاف شولتس الاستمرار على رأس «حكومة أقلية» حتى نهاية مارس (آذار)، وهو التاريخ الذي حدّده في البداية لإجراء الانتخابات المبكرة عوضاً عن نهاية سبتمبر (أيلول).

لكن أمام ضغوط المعارضة وافق المستشار وزعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) على تقريب الموعد شهراً آخر. وحتى بعد إجراء الانتخابات، فإن فترة الشكوك قد تستمر لأسابيع أو أشهر إضافية. وللعلم، في ألمانيا، لم يسبق أن فاز أي حزب بغالبية مطلقة تسمح له بتشكيل حكومة منفرداً. وبالنتيجة، حكمت ألمانيا (الغربية أساساً) منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حكومات ائتلافية قادها إما محافظو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) أو اشتراكيو الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار الوسط).

فريدريش ميرتز (آجنزيا نوفا)

اليمين عائد... لكن!

هذه المرة يبدو أن الديمقراطيين المسيحيين (الحزب الذي قادته لفترة أنجيلا ميركل) يتجهون لاستعادة السلطة. فحزبهم تصدر استطلاعات الرأي بفارق كبير بنسبة تصل إلى 33 في المائة، وهي أعلى من النسبة التي تتمتع بها الأحزاب الثلاثة التي شكَّلت حكومة شولتس مجتمعة، قبل انهيارها. غير أن اختيار الحزب الشريك - أو الأحزاب الشريكة – في ائتلاف الديمقراطيين المرتقب، قد يكون أمراً معقّداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

عقبة البيروقراطية

من ناحية ثانية، رغم محاولات الديمقراطيين المسيحيين تقريب موعد الانتخابات أكثر، مستفيدين من تقدم حزبهم في استطلاعات الرأي، ودعوات جمعيات الأعمال لتقليص فترة الشك والغموض في بلد لم يشهد نمواً اقتصادياً منذ 5 سنوات، فإن البيروقراطية الألمانية شكّلت عائقاً أساسياً أمام ذلك.

وحقاً، لا يقع اللوم في تأخير الانتخابات لنهاية فبراير (شباط) فقط على تشبّث شولتس بإطالة عمر حكومته العاجزة عن العمل. ذلك أنه فور انهيار الحكومة، وبدء الكلام عن انتخابات جديدة، دقّت «هيئة الانتخابات» جرس الإنذار محذّرة من أن التسرّع في إجرائها قد يؤدي إلى أخطاء تسببت بإعادتها. ورأت «الهيئة» ضرورة إفساح الوقت الكافي لتحضير اللوائح، وطبع الأوراق، وتحديات العثور على ورق كافٍ ومطابع جاهزة للعمل في خلال مدة زمنية قصيرة.

نقاط خلافية جدّية

ورغم سخافة هذا المشهد، فهو يعكس واقعاً في ألمانيا المقيدة بالبيروقراطية التي تعيق الكثير من تقدّمها، وكان واحداً من أسباب انهيار الحكومة في النهاية. فقد فشلت حكومة شولتس بإدخال أي إصلاحات لتخفيف البيروقراطية رغم التوصيات المتكرّرة من اختصاصيين. ولقد صدرت آخر هذه التوصيات الأسبوع الماضي من «مجلس الخبراء الاقتصادي»، وهو «مجلس حكماء» مدعوم من الحكومة، دعا إلى تقليص البيروقراطية وتسريع «المكننة» كواحدة من الخطوات الرئيسة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وللعلم، كانت تلك واحدة من الخلافات الأبرز بين أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة. فليبراليو الحزب الديمقراطي الحر (وسط) - الذي يعتبر مؤيداً لمجتمع الأعمال والشركات الكبرى - دفعوا منذ تشكيل الحكومة إلى «تقليص البيروقراطية»، خصوصاً على الشركات، إضافة إلى تخفيض الضرائب عنها، لكن أولويات الاشتراكيين وحزب «الخضر» البيئي تمثّلت بزيادة المعونات الاجتماعية والاستدانة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضتها تبعات حرب أوكرانيا وجائحة «كوفيد - 19».

قضية الإنفاق العام

شكّل الإنفاق العام نقطة خلافية أخرى مع الليبراليين الذين رفضوا التخلي عن بند كبح الديون الذي يوصي به الدستور الألماني إلا في الحالات القصوى. وجرى التخلي عن هذا البند بعد جائحة «كوفيد - 19» عندما اضطرت الحكومة إلى الاستدانة والإنفاق لمساعدة الاقتصاد على النهوض. وفي المقابل، أراد الاشتراكيون و«الخضر» مواصلة العمل بتعليق بند كبح الديون ضمن خطط إنعاش الاقتصاد وتمويل الحرب الأوكرانية، لكن ليندنر رفض رغم أن «مجلس الخبراء» أوصى ببحث هذا البند وتخفيف التقيد به.

هكذا أدى الخلاف على إجراءات إنعاش الاقتصاد وميزانية عام 2025 إلى انفراط التحالف مع الليبراليين، ودفع بشولتس إلى طرد زعيمهم ووزير المالية كريستيان ليندنر، الذي قدم مقترحاً لتقليص البيروقراطية وخفض الضرائب مقابل خفض الإعانات الاجتماعية لتمويل الحرب في أوكرانيا من دون زيادة الدين العام.

الاشتراكيون بقيادة شولتس وحزب «الخضر» رفضوا مقترح ليندنر من دون القدرة على التوصل إلى «حل وسط»، مع أن المستشار اعتاد المساومة والحلول الوسطى منذ تشكيل حكومته التي غالباً ما شابتها الخلافات الداخلية.

وطبعاً، دفع طرد ليندنر الوزراء الليبراليين للتضامن مع زعيمهم والاستقالة... ما فرط عقد الحكومة. وبعد أيام من الجدل حول موعد الانتخابات المقبلة، اتفقت الأحزاب على طرح الثقة بالحكومة يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) - ويتوقع أن تخسرها بعد خسارتها الغالبية البرلمانية - ما سيؤدي إلى انتخابات عامة حدد موعدها في 23 فبراير.

كريستيان ليندنر (رويترز)

الاقتصاد أساس الأزمة

نقطة إنعاش الاقتصاد تظهر الآن نقطةً خلافية أساسية، بينما يراوح الاقتصاد الألماني مكانه عاجزاً عن تحقيق أي نمو يذكر. ثم أن مئات الشركات الصغيرة والوسطى أقفلت خلال العامين الماضيين، وبدأت حتى كبرى شركات السيارات تعاني خسائر دفعت بشركة «فولكسفاغن» العملاقة إلى إقفال 3 من مصانعها العشرة في ألمانيا.

مع هذا، لا يمكن لوم سياسات الحكومة والخلافات الداخلية حول التعامل مع الاقتصاد وحدها، لتبرير تدهور الاقتصاد الألماني خلال السنوات الثلاث الماضية. إذ بدأت حكومة شولتس عملها في خضم جائحة «كوفيد - 19» التي تسببت بأزمات اقتصادية عالمية، وتلت الجائحة الحرب الأوكرانية وتبعاتها المباشرة على ألمانيا، التي كانت تستورد معظم حاجاتها من الغاز من روسيا. وقد تعاملت حكومة شولتس مع انقطاع الغاز الروسي السريع عن ألمانيا بحكمة، ونجحت في تعويضه بسرعة من دون التسبب بأزمة نقص للغاز في البلاد. وأيضاً اتخذت تدابير لحماية المستهلكين من الارتفاع الكبير في الأسعار، مع أنها ما كانت قادرة على تفادي التداعيات بشكل كامل.

من ثم، تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة إدارة الأزمات والسياسات السيئة الموروثة عن الحكومات السابقة. لكن حتى هنا، يمكن تحميل الاشتراكيين بعض مسؤولية السياسات الاقتصادية السيئة، ومنها اعتماد ألمانيا بشكل متزايد طوال حكومات أنجيلا ميركل الأربع على الغاز الروسي، والسبب أن الاشتراكيين شاركوا في ثلاث من هذه الحكومات، وشولتس نفسه كان وزيراً للمالية ثم نائب المستشارة.

علاقة الاشتراكيين بروسيا

من جانب آخر، لم يساعد القرب التاريخي للاشتراكيين من روسيا حكومة شولتس بإبعاد نفسها عن موسكو؛ إذ بقي المستشار متردداً لفترة طويلة في قطع العلاقات مع روسيا ودعم أوكرانيا. ومع أن ألمانيا تحوّلت الآن إلى ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد واشنطن، فإن تردد شولتس شخصياً في كل قرار يتعلق بتسليح أوكرانيا، غالباً ما وضعه في مواجهة مع حليفيه في الحكومة وكذلك مع المعارضة. وللعلم، يعتمد شولتس سياسة حذرة في دعم أوكرانيا ولا يؤيد ضمها لـ«ناتو» (حلف شمال الأطلسي)؛ تخوفاً من استفزاز روسيا أكثر وخشيته من دفعها لتوسيع الصراع.

في أي حال، كرّر شولتس القول في كل مناسبة بضرورة استمرار دعم أوكرانيا، وكان هذا واحداً من أسباب الخلافات حول الميزانية التي أدت إلى انهيار الحكومة، فوزير المالية أراد اقتطاع مخصّصات اجتماعية لتمويل الحرب في حين شولتس أراد الاستدانة لذلك رافضاً المس بالإعانات.

وحيال أوكرانيا، مع أن مقاربة تمويل الحرب في أوكرانيا تختلف بين الأحزاب الألمانية، لا خلاف على دعم كييف لا خلاف عليه. بل يتشدّد الديمقراطيون المسيحيون المتوقع فوزهم بالانتخابات وقيادتهم الحكومة المقبلة أكثر في دعمهم. ويؤيد زعيم حزبهم، فريدريش ميرتز، الذي قد يصبح المستشار القادم، أوكرانيا ضم أوكرانيا «فوراً» إلى «ناتو» بخلاف شولتس، كما يؤيد إرسال صواريخ «توروس» البعيدة المدى والألمانية الصنع إليها، بينما يعارض شولتس ذلك.

وهنا نشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كان طوال السنوات الماضية، منذ تفجّر الحرب الأوكرانية، شديد الانتقاد لتردّد المستشار الاشتراكي في قرارات تسليح كييف وقطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، رغم أنه كان المسؤول عن وصول العلاقات الاقتصادية إلى مرحلة الاعتماد الألماني على الطاقة الروسية... كما كان حاصلاً قبل الحرب.

على الحكومة الجديدة التعامل مع ترمب

في ملف العلاقات الاقتصادية

أولاف شولتس (رويترز)

تبعات عودة ترمب

في اتجاه موازٍ، مقاربة الحرب الأوكرانية ستضع أي حكومة ألمانية جديدة في مواجهة محتملة مع إدارة دونالد ترمب القادمة في واشنطن. إذ ستضيع ألمانيا شهوراً ثمينة في تحديد سياستها مع العد العكسي للانتخابات المبكرة وتفاوض الأحزاب خلالها على تشكيل حكومة ائتلافية.

ولن يكون أمام الحكومة الجديدة فقط تحدي التعامل مع إدارة ترمب في ملف أوكرانيا، بل أيضاً في ملف التجارة والعلاقات الاقتصادية. ذلك أن ترمب في عهده الأول دأب على انتقاد ألمانيا بسبب ضخامة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبخاصة السيارات، التي تفوق بأضعاف الصادرات الأميركية إليها. وبالفعل، هدَّد آنذاك برسوم على السيارات الألمانية في حال لم تزد برلين وارداتها من الولايات المتحدة خاصة الغاز الأميركي الذي كان ترمب يضغط على ميركل لاستيراده عوضاً عن الغاز الروسي. بالتالي، مع عودة ترمب، ستعود المخاوف من حرب اقتصادية مع واشنطن قد تكون إذا وقعت مدمّرة لقطاع السيارات الألمانية. وحقاً، خفّضت كل الشركات الألمانية الكبرى سقف توقّعاتها للأرباح في الأشهر المقبلة، بعد تراجع مبيعاتها في الأسواق الخارجية وتحديداً الصين، بشكل كبير. وقد يشكّل تقلّص سوقها في الولايات المتحدة ضربة جديدة لها يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن تبعاتها ستكون مؤلمة للاقتصاد الألماني.

حسابات الانتخابات المقبلة

عودة إلى حسابات الداخل، لم يطرح الزعيم الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتز، في الواقع، فكرة إعادة وزير المالية المعزول كريستيان ليندنر إلى حكومته المحتملة. لكن سيتوجّب أولاً على حزب ليندنر، أي الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) أن يكسب أصواتاً كافية لتمثيله في البرلمان. وحتى مع تحقيق هذا قد لا يكون التحالف بين الحزبين كافياً لضمان الغالبية، إلا إذا حصلت مفاجأة وحقق أحد الحزبين نتائج أعلى من المتوقع في الاستطلاعات، كما فعل الاشتراكيون في الانتخابات الماضية عندما نالوا قرابة 26 في المائة متقدمين على الديمقراطيين المسيحيين الذين نالوا 24 في المائة من الأصوات. ويومذاك كانت استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات تشير إلى شبه تعادل بين الحزبين.

من ثم، في حال بقاء ليبراليي الحزب الديمقراطي الحر خارج الحكومة، قد تعيد ألمانيا إنتاج حكومة يشارك فيها الحزبان الرئيسان المتناقضان في سياساتهما الاجتماعية والاقتصادية، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي اليميني والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي). وقد يُجبَر الحزبان على ضم شريك ثالث يرجح أن يكون حزب «الخضر» في حال غياب الليبراليين عن المشهد. وقد تعيد هكذا حكومة ثلاثية فترة الخلافات والاضطراب التي شهدتها ألمانيا في ظل الحكومة الثلاثية الحالية التي رغم انجازاتها، لا يذكر كثيرون إلا الخلافات التي شابتها.وحتى ذلك الحين، فإن التحديات التي ستواجهها أي حكومة ألمانية قادمة، تجعل من فترة انتظار الانتخابات وتشكيل الحكومة، فترة صعبة ستزيد من عمق الأزمة الاقتصادية وتشرذم الموقف الألماني والأوروبي أمام الإدارة الأميركية.