«شراكة استراتيجية» بين العراق وفرنسا

اتفاقات تشمل عشرات القطاعات على هامش محادثات السوداني مع ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال توقيع اتفاقات «الشراكة الاستراتيجية» في قصر الإليزيه مساء الخميس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال توقيع اتفاقات «الشراكة الاستراتيجية» في قصر الإليزيه مساء الخميس (رويترز)
TT

«شراكة استراتيجية» بين العراق وفرنسا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال توقيع اتفاقات «الشراكة الاستراتيجية» في قصر الإليزيه مساء الخميس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال توقيع اتفاقات «الشراكة الاستراتيجية» في قصر الإليزيه مساء الخميس (رويترز)

أعلنت الحكومة العراقية أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقّع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكبر صفقة في تاريخ العلاقات بين البلدين شملت عشرات القطاعات.
وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بأن المباحثات التي أجراها السوداني مع ماكرون شهدت «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن بحث عدد من ملفات التعاون المشترك في عدد من القطاعات الحيوية»، مضيفاً أنه في أعقاب المحادثات «جرى التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين العراق وفرنسا». وأضاف المكتب، في بيان، أن «الاتفاقية انطوت على محاور متعددة في المجالات الاقتصادية والأمنية ومكافحة الإرهاب والتطرف، والتبادل الثقافي، فضلاً عن محاور أخرى تتعلق بإدارة الأزمات ومكافحة الجريمة الاقتصادية والجريمة المنظمة، وفي حماية البيئة وتعزيز حقوق الإنسان والتعليم».
إلى ذلك أشار مصدر حكومي عراقي، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «زيارة السوداني إلى فرنسا في هذا الوقت إنما تهدف إلى توسيع أطر التعاون في ملفات عدة، وتحويل العلاقة الإيجابية بين البلدين إلى علاقة منتجة تنعكس بشكل جلي على الأوضاع الاقتصادية والخدمية في العراق».
وأضاف المصدر الحكومي، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أو صفته، أن «السوداني يعتمد مبدأ الدبلوماسية المنتجة في ملف العلاقات الخارجية، بدل العلاقات الشكلية أو الصورية»، مؤكداً أن «سياسة الانفتاح التي تتبعها حكومة السوداني عمّقت من دور العراق الإقليمي والدولي، بعكس ما كان متصوراً من أن هذه الحكومة قد تكون معزولة خارجياً».
وحول الاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها بين العراق وفرنسا، أشار المصدر إلى أنها «تعكس اهتمام الرئيس الفرنسي شخصياً بتنمية العلاقات بين البلدين وتطويرها». وأضاف أن الاتفاقات تُعدّ «الأولى من نوعها بعد عام 2003، وهي الأشمل منذ أكثر من نصف قرن من تاريخ العلاقات العراقية - الفرنسية التي تميزت بالرسوخ والثبات رغم اختلاف الأنظمة والعهود».
وطبقاً لما جرى التوقيع عليه في قصر الإليزيه، فإن الاتفاقات شملت إحياء مشروع قطار بغداد المعلق، فضلاً عن ملف استرداد الأموال العراقية المهرَّبة في الخارج، وميدان النزاهة، وتوسيع التعاون في مجال الطاقة والنفط واستثمار الغاز المصاحب، وكذلك المضي في عقد اتفاق مع شركة توتال الفرنسية، كما تضمنت الاتفاقات مجالات الثقافة والبعثات العلمية وصيانة الآثار التي تضررت بفعل تصرفات تنظيم داعش والحرب للقضاء عليه. كما تضمنت الاتفاقات تدريب الدبلوماسيين العراقيين وجذب استثمار فرنسي في مجال توليد الطاقة النظيفة والصناعة وملف التسلح وشراء الأسلحة الفرنسية، فضلاً عن تشجيع استثمارات الشركات الفرنسية وتشجيع الحوكمة الرشيدة في إدارة الثروات الطبيعية، لا سيما الماء، وتنمية الطاقات المتجددة ورفع القُدرات التوليدية لمحطات الطاقة الكهربائية، وتحسين إدارة شبكة النقل والتوزيع وصيانتها للحد من الخسائر وتطوير مشروعات التوليد وبناء محطات توليد كهرباء جديدة، والعمل على تنفيذ مشروعات استثمار الغاز المصاحب لإنتاج الكهرباء، وتنفيذ مشروعات جديدة في قطاع المياه الصالحة للشرب والصرف الصحيّ وتنمية المشروعات القائمة، وتعزيز قدرات الكوادر ونقل التقنيات المُبتكرة في قطاع معالجة المياه، والحث على تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع التعاون مع الشركات الفرنسية المتخصصة في تحلية المياه وتنفيذ مشروعات معالجة المياه، وتحسين برامج المواصلات العامة في المدن للمساهمة في التخفيف من الانبعاثات الضارة بوساطة تنفيذ المشروعات المناسبة من خلال تنفيذ مشروع مترو بغداد المعلق.
إلى ذلك وفي حين يحاول السوداني معالجة سلسلة المشكلات التي ترتبت على زيادة سعر الدولار الأميركي مقابل تدهور الدينار العراقي، تأتي زياراته الخارجية في مسعى منه لخلق بيئة ناجحة لجلب الدول والشركات العملاقة في الميادين التي فشلت الحكومات العراقية السابقة في تحقيق تقدم واضح بها، وهو ما ضاعف المشكلات والأزمات التي تعانيها البلاد.
في هذا السياق يقول رئيس «المركز العراقي للتنمية الإعلامية» الدكتور عدنان السراج، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوادني يتبع أسلوب الدبلوماسية الهادئة من أجل تحقيق تقدم في الملفات التي لم يكن قد تحقق فيها تقدم، لا سيما الطاقة والغاز الطبيعي والغاز المصاحب والكهرباء وجلب شركات الاستثمار وتطوير قدرات الدولة العراقية على كافة الأصعدة، في مسعى للخروج من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الذي يعتمد تنوع مصادر الدخل».
وأضاف السراج أن «الاتفاقات الشاملة والمتنوعة التي وقّعها السوداني مع الفرنسيين مصداق لمثل هذا التوجه، وهو ما من شأنه تحقيق قفزة مهمة على صعيد التنمية والاستثمار»، مبيّناً أن «تنوع الشراكة مع فرنسا، وقبلها ألمانيا، إنما هو جزء من الأولويات التي وضعها السوداني في برنامجه الحكومي والتي يعمل على تحقيقها.
وسيكون ذلك عاملاً أساسياً في انتقال العراق خلال فترة ليست ببعيدة إلى وضع مختلف عما هو عليه الحال الآن على كافة المستويات».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق الذي بات جزءاً من المشهد، حتى جاء قرار إسرائيلي بهدم المنشأة التي تحوّلت إلى متنفس نادر لسكان المخيم المكتظ قرب بيت لحم.

يقول عبد الله عدنان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهو يستعد لتدريبات المنتخب الفلسطيني لكرة القدم، إن «هذا الملعب منَحَني فعلاً القدرة على التدريب»، مضيفاً: «لولاه، لَما كانت لديّ هذه الفرصة لأمثّل المنتخب».

وُلد عدنان ونشأ في «عايدة»، على غرار شبان كثيرين من المخيّم أدّوا أولى مراوغاتهم هنا.

في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عثر أطفال جاءوا للعب على مذكرة للجيش الإسرائيلي عند مدخل الملعب، أحضروها إلى مهند أبو سرور، المدير الرياضي لنادي شباب عايدة.

طفل فلسطيني يتدرب على حراسة المرمى بملعب كرة قدم في مخيم عايدة بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

يقول أبو سرور: «فوجئنا عندما اكتشفنا أنها قرار بهدم ملعب كرة القدم في مخيم عايدة».

ويضم هذا الملعب، الذي تُعادل مساحته نصف ملعب كرة قدم، وفق المعايير الرسمية، أكثر من 500 طفل يتدربون على أرضيته.

«مساحة مفتوحة»

يضيف أبو سرور أن «هذا الملعب هو المساحة المفتوحة الوحيدة التي نملكها. وإغلاقه يشكل انتكاسة لحلم الأطفال وإسكاتاً للشعب الفلسطيني وطموحه أن يكون جزءاً من هذه الرياضة».

ويشير عدنان، البالغ 18 عاماً، إلى أن الملعب «طوق نجاة»، إذ إنه لو لم يكن موجوداً لاضطر إلى اللعب في الشارع أو ترك اللعبة نهائياً.

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967 وتهدم، بشكل متكرر، منازل أو منشآت فلسطينية بحجةِ بنائها بلا ترخيص.

طفل فلسطيني يتدرب على كرة القدم في ملعب بمخيم عايدة قررت السلطات الإسرائيلية هدمه وتظهر خلفه أجزاء من جدار الفصل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

واطّلعت «وكالة الصحافة الفرنسية» على مذكرة الجيش، الصادرة عن «كوغات»، هيئة وزارة الدفاع المسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية، والتي تقول إن الملعب بُني «دون ترخيص».

لكن أنطون سلمان، رئيس بلدية بيت لحم وقت إنشاء الملعب في 2021، يؤكد أن الموقع قانوني تماماً.

ويشير إلى أن البلدية استأجرت الأرض من الكنيسة الأرمنية المالكة لها، قبل أن تتولى اللجنة الشعبية للمخيم إدارتها، الأمر الذي أكده رئيس اللجنة سعيد العزة.

وردّاً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إنه «على طول السياج الأمني (الجدار الفاصل)، هناك أمر مصادرة وأمر يحظر البناء، وبالتالي فإن البناء في المنطقة نُفّذ بصورة غير قانونية»، مضيفاً أن طعناً قدّمته الكنيسة الأرمنية ما زال قيد النظر.

وكغيره من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، أنشئ «مخيم عايدة» لإيواء جزء من مئات الآلاف الذين فرّوا أو أُجبروا على مغادرة منازلهم عام 1948 عند قيام إسرائيل. ومع مرور الوقت، تحولت مدن الخيام إلى أحياء إسمنتية مكتظة.

جنود إسرائيليون يُوقفون فلسطينياً ووُجّه إلى الحائط لتفتيشه في مخيم نور شمس قرب طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ويقول العزة إن «أكثر من سبعة آلاف شخص يعيشون على هذه القطعة من الأرض. الشوارع ضيقة، وليس لدينا مكان آخر للتنفس!».

«فرنسا أسهل من نابلس»

يعرض أبو سرور بفخرٍ ما قدّمه الملعب للسكان، إذ تمكنت مجموعات شبابية من السفر إلى الخارج للمشاركة في لقاءات رياضية، في متنفس نادر، مقارنة بالحصار المفروض على الضفة الغربية.

ويقول: «الذهاب للعب في فرنسا أسهل من الذهاب للعب في نابلس» (على بُعد أقل من مائة كيلومتر شمال الضفة الغربية).

وبعد الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أطلق شرارة حرب ضروس في قطاع غزة، أقامت السلطات الإسرائيلية مئات الحواجز الإضافية في الأراضي الفلسطينية.

يضم ملعب مخيم عايدة الذي تُعادل مساحته نصف ملعب كرة قدم وفق المعايير الرسمية أكثر من 500 طفل يتدربون على أرضيته (أ.ف.ب)

وبات التنقل بين المدن أكثر تعقيداً بفعل شبكات طرق مخصّصة للمستوطنين، يُحظر على الفلسطينيين استخدام أجزاء منها، ما يَفرض عليهم الالتفاف لمسافات طويلة.

وفي الآونة الأخيرة، احتاج فريق كرة قدم من رام الله، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً، إلى ست ساعات للوصول إلى مخيم عايدة، وفق أبو سرور.

وعلى هامش تدريب يضم نحو خمسين طفلاً بين الخامسة والعاشرة، يأمل المدرب محمود جندية أن يُبقي القرارُ الملعب قائماً.

ويقول: «نعم، الجدار موجود، نشعر بأننا في سجن. لكن رغم ذلك، الأهم أن يبقى الملعب وأن يواصل الأطفال اللعب. إذا هُدم الملعب، فإن كل أحلام الأطفال ستُهدم».


«اليونيفيل»: لا مؤشرات على إعادة تسليح «حزب الله» في جنوب لبنان

جنود من الكتيبة النيبالية في «اليونيفيل» ببلدة ميس الجبل الحدودية (إ.ب.أ)
جنود من الكتيبة النيبالية في «اليونيفيل» ببلدة ميس الجبل الحدودية (إ.ب.أ)
TT

«اليونيفيل»: لا مؤشرات على إعادة تسليح «حزب الله» في جنوب لبنان

جنود من الكتيبة النيبالية في «اليونيفيل» ببلدة ميس الجبل الحدودية (إ.ب.أ)
جنود من الكتيبة النيبالية في «اليونيفيل» ببلدة ميس الجبل الحدودية (إ.ب.أ)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إنها لم تجد أي دليل على إعادة تسليح «حزب الله» منذ دخول وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وقالت المتحدثة باسم «اليونيفيل»، كانديس أرديل، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، الجمعة: «منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، العام الماضي، لم نر في جنوب نهر الليطاني أي دليل على دخول أسلحة جديدة، أو بناء بنى تحتية عسكرية جديدة من جانب جهات غير حكومية، أو تحركات عسكرية من جانب فاعلين غير حكوميين».

وقالت إن أفراد قوة حفظ السلام موجودون يومياً على الأرض لمراقبة الوضع. وأضافت أن «أفراد قوة (اليونيفيل) رصدوا وأبلغوا عن أنشطة الجهات غير الحكومية، بما فيها (حزب الله)، في منطقة العمليات بجنوب لبنان، سواء قبل اندلاع القتال المفتوح أم أثناءه».

ولفتت إلى أن الوضع في الجنوب لا يزال هشاً، غير أن أفراد قوة حفظ السلام يواصلون جهودهم لترسيخ الاستقرار الذي أُعيد إرساؤه بعد الصراع الذي شهدته المنطقة العام الماضي.


سلام يعلن عن إنجاز مسودة قانون «الانتظام المالي» وإعادة الودائع خلال 4 سنوات

رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً عن مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً عن مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع (رئاسة الحكومة)
TT

سلام يعلن عن إنجاز مسودة قانون «الانتظام المالي» وإعادة الودائع خلال 4 سنوات

رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً عن مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع (رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً عن مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع (رئاسة الحكومة)

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أنه تم الانتهاء من إنجاز مسودة مشروع قانون معالجة الانتظام المالي واسترداد الودائع خلال 4 سنوات، على أن تناقَش على طاولة مجلس الوزراء، الاثنين المقبل، آملاً إقرارها دون تأخير.

وتحدث سلام في كلمة متلفزة بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، مجدداً الالتزام «بإنصاف المودعين، والسّير في طريق الإصلاح الاقتصادي والمالي».

وقال سلام: «نحن نبدأ مرحلة جديدة أساسها الشفافية، وهدفها العدالة، وأداتها قانون منصف وقابل للتنفيذ»، متوجهاً إلى المودعين بالقول «لن نقدّم مسكّناً مؤقتاً لأزمةٍ دامت سنوات؛ فعلاج هذه الأزمة يحتاج إلى صدق ووضوح واستعداد لتحمل المسؤولية، وهذه المرّة، أنتم لستم وحدكم».

إعادة الودائع خلال 4 سنوات

وتحدث سلام عن بعض تفاصيل المسودة قائلاً: «ندرك أنّ الذين دفعوا الثمن الأكبر يشكلون العمود الفقري للمجتمع اللبناني وهم: الموظفون، والمتقاعدون، والعائلات التي ادّخرت للعناية الصحية، لتعليم أولادها، لضمان مستقبلها؛ فالمودعون الّذين تقلّ قيمة ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون على هذا المبلغ كاملاً، وخلال 4 سنوات. وهؤلاء يمثّلون 85 في المائة من المودعين».

وأضاف: «أما المودعون المتوسّطون والكبار فسيحصلون على 100 ألف دولار كصغار المودعين وعلى سندات قابلة للتداول بقيمة رصيد وديعتهم، دون أي اقتطاع من أصلها، تُسدَّد وفق جدول زمني واضح».

تحوّل في المقاربة

ودافع سلام عن مشروع القانون قائلاً: «هو لا يأتي كإجراء تقني معزول، بل كتحوّل في المقاربة، من التهرب من المسؤولية إلى تحمّلها، ومن إنكار الخسائر وتركها تصيب، بالدرجة الأولى، الفئات الأكثر ضعفاً، إلى الاعتراف بها، والتعامل معها ضمن مسار واقعيّ، قابل للتنفيذ».

وأضاف: «مشروع القانون الذي نقدّمه اليوم ليس حلماً ولا معجزة... بل بداية مسار جديد، يوقف تآكل الودائع، ويحمي الاستقرار الاجتماعي، ويضع حدّاً للانهيار وللفوضى اللذين أرهقا كل لبناني، ويعيد بناء الثقة بالنظام المالي والمصرفي».

ورأى أنه يهدف » أيضاً إلى تعافي القطاع المصرفي من خلال تقييم أصول المصارف، وإعادة رسملتها لتستعيد دورها الطبيعي في تمويل الاقتصاد، وتحفيز النمو، وتسهيل الاستثمار، والحد من تفشي الاقتصاد النقدي والموازي».

وأشار إلى أنه «للمرة الأولى، يُدخل القانون مبدأ المساءلة عن الأرباح غير العادية في صلب الحل، عبر آليات استردادٍ على شكل غرامات موجّهة، تطول الفئات التي استفادت من الأزمة على حساب المودعين العاديين».

رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد (رئاسة الحكومة)

وتحدث عمّن استفاد على حساب الناس، مؤكداً: «هناك من حوّل الأموال قبل وبعد الانهيار المالي باستغلال موقعه ونفوذه، من استفاد من الهندسات المالية، ومن التحويلات من الليرة اللبنانية إلى الدولار بسعر متدنٍ عن سعر السوق... كل هؤلاء سيساءلون ويغرّمون وفق القانون».

قد لا يكون مثالياً لكنه خطوة واقعية

وأقرّ بأن «مشروع القانون قد لا يكون مثالياً، وقد لا يحقق تطلعات الجميع»، لكنّه أكد «أنه خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق، ووقف الانهيار، وإعادة العافية إلى القطاع المصرفي وتحفيز النموّ».

ورأى أن «إقرار هذا المشروع سوف يساعد على استعادة الثقة بلبنان عند أشقائه وأصدقائه؛ لأنه يتوافق مع المعايير الأساسية لصندوق النقد الدولي».

وأضاف: «لن ندعي الكمال في المشروع، لكننا نؤكد أننا عملنا ليأتي في أفضل صورة ممكنة من ضمن الموارد المتوافرة»، مؤكداً: «هذا المشروع ليس مجرد تشريع مالي، بل هو أيضاً خيار سياسي وأخلاقي: خياره الإنصاف، خياره حماية الناس بدل الامتيازات، خياره الاعتراف بالواقع بدل إنكاره، وتفعيل المساءلة والمحاسبة».