تستأنف مصر والسودان وإثيوبيا اليوم (الأربعاء) جولة جديدة من المفاوضات المعقدة حول سد النهضة الذي تبنيه أديس آبابا على النيل الشرقي، وتخشى القاهرة من تأثيره المحتمل على حصتها من مياه النيل. وقال مسؤولون في الوفد المصري المشارك في المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» إنهم يخشون من أن تراوح المفاوضات مكانها خلال هذه المرحلة، مؤكدين أن «المماطلة» في الجولة التي وصفوها بـ«الحاسمة» قد يترتب عليها تداعيات، دون الإشارة لطبيعة الإجراءات المصرية.
وتسعى مصر إلى حلحلة المفاوضات التي تراوح مكانها منذ شهور. وقال وزير الري المصري إن الاجتماع يستهدف توصيف المهام الخاصة بالمكتبين الاستشاريين اللذين سيقومان بإعداد الدراسات الفنية اللازمة لرصد تأثير السد على دولتي المصب مصر والسودان. وأوضح الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري لشؤون السدود ونهر النيل لـ«الشرق الأوسط» أن «المطلوب من هذه الجولة هو تحديد العلاقة بين المكتبين الاستشاريين.. وأسلوب التعاون بينهما ومسؤولية كل مكتب منهما بالإضافة لأمور فنية أخرى».
ولم يخف ياسين انزعاجه من بطء التقدم في ملف المفاوضات، قائلا: «المفاوضات طالت زيادة عن اللازم.. هناك أسباب مختلفة نتحفظ على ذكرها الآن لكي لا نؤثر على الجولة المقبلة». ومنذ أبريل (نيسان) الماضي، والأزمة بين الأطراف المتفاوضة عالقة في اختيار المكاتب الاستشارية لدراسة أثر السد. وقال مسؤول في الوفد المشارك في المفاوضات إن الجولة الجديدة «لا تعد خطوة إلى الخلف، لكن لا نعرف ما إذا كانت خطوة للأمام أم لا».
الحذر نفسه من جولة الخرطوم التي تبدأ اليوم عبر عنه مستشار وزير الري الذي وصف المفاوضات بـ«الصعبة والمعقدة»، لافتا إلى حاجة المفاوض المصري للصبر، لكنه اعترف أيضا بأن الوقت ليس في صالح بلاده. وقال ياسين: «إثيوبيا تواصل بناء السد منذ 2011 وحدث تأخير في المسار الفني لا نستطيع أن ننكر ذلك.. نرى كل هذا ونضعه موضع دراسة ونتخذ خطواتنا على هذا الأساس».
وتخشى مصر أن يتسبب بناء سد النهضة في خفض حصتها من المياه بمقدار 10 في المائة، بالإضافة إلى حدوث جفاف مائي خلال فترة ملء خزان السد لتوليد الطاقة الكهربائية. ومن المقرر أن يقوم المكتبان الاستشاريان بإعداد دراستين تفصيليتين لتقييم آثار سد النهضة على الحصص المائية لدولتي المصب، والآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية، على أن تكون النتائج ملزمة للأطراف الثلاثة.
وقال عضو في الوفد إن لدى المفاوض المصري «خطوطا واضحة وهي الحفاظ على المصالح المصرية في المياه مع حق دول حوض النيل في التنمية.. أي خطوة تؤثر بشكل سلبي على مصالحنا لن نتجاوب معها». وأضاف أن بلاده «تسعى للتعامل بشكل إيجابي خلال المفاوضات دون تقديم أي تنازل من أي نوع». وقبل يومين من الجولة الجديدة المقرر انعقادها في الخرطوم سعى رئيس مجلس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، لتخفيف حدة مخاوف الشارع المصري، قائلا خلال زيارته إلى غينيا الاستوائية أول من أمس إنه «لا خوف من بناء السد لأن مصر تعمل بإيجابية»، لافتا إلى أن مشروع سد النهضة الإثيوبي تتم مراجعته بمشاركة مصرية وخبرات عالمية، بما يحقق مصالح دول حوض النيل دون أي نقص أو زيادة.
وتصطدم تطمينات المسؤولين بتحذيرات الخبراء المصريين من أن الوقت ليس في صالح بلادهم، وسط حديث عن إنجاز إثيوبيا لنحو 60 في المائة من المشروع. ويقام سد النهضة على النيل الأزرق، الذي ينبع من هضبة الحبشة في إثيوبيا، والذي يمد مصر بأكثر من 80 في المائة من حصتها من مياه النيل. وتسعى إثيوبيا لتخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل في السد، وهو ما ترفضه مصر. وسبق أن وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين، والرئيس السوداني عمر البشير، اتفاق المبادئ بشأن سد النهضة في مارس (آذار) الماضي. يشمل الاتفاق مبادئ تحكم التعاون فيما بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل الشرقي وسد النهضة الإثيوبي.
مصر تدخل جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة» بسقف توقعات منخفض ونفاد صبر
مفاوض مصري لـ«الشرق الأوسط»: هذه الجولة قد يترتب على المماطلة وفيها تداعيات
مصر تدخل جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة» بسقف توقعات منخفض ونفاد صبر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة