مصر تدخل جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة» بسقف توقعات منخفض ونفاد صبر

مفاوض مصري لـ«الشرق الأوسط»: هذه الجولة قد يترتب على المماطلة وفيها تداعيات

الزعيم الروحي لجماعة الإخوان محمد بديع ببدلة السجن الحمراء في قفص المتهمين في قاعة محكمة مؤقتة بسجن طرة جنوب القاهرة أمس (أ.ب)
الزعيم الروحي لجماعة الإخوان محمد بديع ببدلة السجن الحمراء في قفص المتهمين في قاعة محكمة مؤقتة بسجن طرة جنوب القاهرة أمس (أ.ب)
TT

مصر تدخل جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة» بسقف توقعات منخفض ونفاد صبر

الزعيم الروحي لجماعة الإخوان محمد بديع ببدلة السجن الحمراء في قفص المتهمين في قاعة محكمة مؤقتة بسجن طرة جنوب القاهرة أمس (أ.ب)
الزعيم الروحي لجماعة الإخوان محمد بديع ببدلة السجن الحمراء في قفص المتهمين في قاعة محكمة مؤقتة بسجن طرة جنوب القاهرة أمس (أ.ب)

تستأنف مصر والسودان وإثيوبيا اليوم (الأربعاء) جولة جديدة من المفاوضات المعقدة حول سد النهضة الذي تبنيه أديس آبابا على النيل الشرقي، وتخشى القاهرة من تأثيره المحتمل على حصتها من مياه النيل. وقال مسؤولون في الوفد المصري المشارك في المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» إنهم يخشون من أن تراوح المفاوضات مكانها خلال هذه المرحلة، مؤكدين أن «المماطلة» في الجولة التي وصفوها بـ«الحاسمة» قد يترتب عليها تداعيات، دون الإشارة لطبيعة الإجراءات المصرية.
وتسعى مصر إلى حلحلة المفاوضات التي تراوح مكانها منذ شهور. وقال وزير الري المصري إن الاجتماع يستهدف توصيف المهام الخاصة بالمكتبين الاستشاريين اللذين سيقومان بإعداد الدراسات الفنية اللازمة لرصد تأثير السد على دولتي المصب مصر والسودان. وأوضح الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري لشؤون السدود ونهر النيل لـ«الشرق الأوسط» أن «المطلوب من هذه الجولة هو تحديد العلاقة بين المكتبين الاستشاريين.. وأسلوب التعاون بينهما ومسؤولية كل مكتب منهما بالإضافة لأمور فنية أخرى».
ولم يخف ياسين انزعاجه من بطء التقدم في ملف المفاوضات، قائلا: «المفاوضات طالت زيادة عن اللازم.. هناك أسباب مختلفة نتحفظ على ذكرها الآن لكي لا نؤثر على الجولة المقبلة». ومنذ أبريل (نيسان) الماضي، والأزمة بين الأطراف المتفاوضة عالقة في اختيار المكاتب الاستشارية لدراسة أثر السد. وقال مسؤول في الوفد المشارك في المفاوضات إن الجولة الجديدة «لا تعد خطوة إلى الخلف، لكن لا نعرف ما إذا كانت خطوة للأمام أم لا».
الحذر نفسه من جولة الخرطوم التي تبدأ اليوم عبر عنه مستشار وزير الري الذي وصف المفاوضات بـ«الصعبة والمعقدة»، لافتا إلى حاجة المفاوض المصري للصبر، لكنه اعترف أيضا بأن الوقت ليس في صالح بلاده. وقال ياسين: «إثيوبيا تواصل بناء السد منذ 2011 وحدث تأخير في المسار الفني لا نستطيع أن ننكر ذلك.. نرى كل هذا ونضعه موضع دراسة ونتخذ خطواتنا على هذا الأساس».
وتخشى مصر أن يتسبب بناء سد النهضة في خفض حصتها من المياه بمقدار 10 في المائة، بالإضافة إلى حدوث جفاف مائي خلال فترة ملء خزان السد لتوليد الطاقة الكهربائية. ومن المقرر أن يقوم المكتبان الاستشاريان بإعداد دراستين تفصيليتين لتقييم آثار سد النهضة على الحصص المائية لدولتي المصب، والآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية، على أن تكون النتائج ملزمة للأطراف الثلاثة.
وقال عضو في الوفد إن لدى المفاوض المصري «خطوطا واضحة وهي الحفاظ على المصالح المصرية في المياه مع حق دول حوض النيل في التنمية.. أي خطوة تؤثر بشكل سلبي على مصالحنا لن نتجاوب معها». وأضاف أن بلاده «تسعى للتعامل بشكل إيجابي خلال المفاوضات دون تقديم أي تنازل من أي نوع». وقبل يومين من الجولة الجديدة المقرر انعقادها في الخرطوم سعى رئيس مجلس الوزراء المصري، إبراهيم محلب، لتخفيف حدة مخاوف الشارع المصري، قائلا خلال زيارته إلى غينيا الاستوائية أول من أمس إنه «لا خوف من بناء السد لأن مصر تعمل بإيجابية»، لافتا إلى أن مشروع سد النهضة الإثيوبي تتم مراجعته بمشاركة مصرية وخبرات عالمية، بما يحقق مصالح دول حوض النيل دون أي نقص أو زيادة.
وتصطدم تطمينات المسؤولين بتحذيرات الخبراء المصريين من أن الوقت ليس في صالح بلادهم، وسط حديث عن إنجاز إثيوبيا لنحو 60 في المائة من المشروع. ويقام سد النهضة على النيل الأزرق، الذي ينبع من هضبة الحبشة في إثيوبيا، والذي يمد مصر بأكثر من 80 في المائة من حصتها من مياه النيل. وتسعى إثيوبيا لتخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل في السد، وهو ما ترفضه مصر. وسبق أن وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين، والرئيس السوداني عمر البشير، اتفاق المبادئ بشأن سد النهضة في مارس (آذار) الماضي. يشمل الاتفاق مبادئ تحكم التعاون فيما بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل الشرقي وسد النهضة الإثيوبي.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.