ألحان كردية وعراقية في أمسية «أوركسترالية» في أربيل

مزج بين الأوبرا والألحان الشرقية بحضور واسع لمحبي الموسيقى

ألحان شرقية بنكهة أوبرالية - قائد الفرقة الموسيقية في المهرجان
ألحان شرقية بنكهة أوبرالية - قائد الفرقة الموسيقية في المهرجان
TT

ألحان كردية وعراقية في أمسية «أوركسترالية» في أربيل

ألحان شرقية بنكهة أوبرالية - قائد الفرقة الموسيقية في المهرجان
ألحان شرقية بنكهة أوبرالية - قائد الفرقة الموسيقية في المهرجان

عاشت أربيل الاثنين الماضي أمسية فنية موسيقية في إطار احتفالات المحافظة بلقب عاصمة السياحة العربية لعام 2014 والتي بدأت منذ بداية العام الحالي في الاحتفال بليلة رأس السنة.
حفل الأوركسترا الذي كان متفقا عليه منذ بداية برامج وفعاليات عاصمة السياحة والذي قدم عن طريق الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية وفرقة أوركسترا إقليم كردستان العراق، اتصف بالحضور الواسع من قبل محبي الفن والموسيقى وبالأخص أساتذة وطلبة معهد الفنون الجميلة في أربيل وأكاديمية الفنون الجميلة وجمهور كبير من محبي الفن في المدنية.
كما حضرها أيضا نوزاد هادي، محافظ أربيل، وطاهر عبد الله، نائب المحافظ، وفوزي الأتروشي، وكيل وزارة الثقافة العراقية، وعدد من ممثلي الدول الأجنبية في إقليم كردستان العراق.
وقد بدأ الحفل بعزف النشيد الوطني العراقي «موطني» والنشيد الكردي «ئه ي ره قيب» من قبل السيمفونية الوطنية العراقية بقيادة المايسترو محمد أمين عزت وأداء الكثير من طلبة وخريجي كلية الفنون الجميلة لجامعة صلاح الدين في أربيل، لتتوالى بعدها المعزوفات الأوبرالية والكردية والعراقية حتى نهاية الحفل.
وقال طاهر عبد الله، نائب محافظ أربيل رئيس اللجنة العليا المشرفة على فعاليات عاصمة السياحة العربية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الفعالية هي إحدى أكبر وأهم الفعاليات التي أشرفت عليها اللجنة لتكون جزءا من نشاطات عاصمة السياحة والتي تؤكد قوة العلاقة بين مواطني أربيل والفن الموسيقي بكل أنواعه وبالأخص الفنون الراقية التي تقدم بطريقة علمية وفنية.
وبين عبد الله أن هذه العروض أكدت لجميع الحضور، أن الشعب الكردي تواق للسلام والمحبة وهو لا يحاكي شعوب العالم عن طريق الفنون التي تبين رقي الذوق العام.
وشهدت العروض والتي استمرت لأكثر من ساعتين تفاعلا كبيرا من قبل الجمهور وبالأخص أثناء عزف المقطوعات الغربية «والمقطوعات والأغاني الشعبية الكردية والتي أعيد توزيعها بطريقة جديدة».
هاوراز (27 عاما) وهي خريجة قسم الموسيقى لمعهد الفنون الجميلة في أربيل قال لـ«الشرق الأوسط»، إنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها أربيل هذا النوع من الأمسيات سواء من قبل السيمفونية العراقية أو الكردستانية، لكن حضور الكثير من الفنانين والأساتذة والذين لهم باع طويل في العمل الفني والموسيقي.
أما صباح (19 عاما)، والذي احترف العزف على آلة الكمان منذ صغره، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه يتدرب كثيرا على الحان متعددة شرقية وغربية، وقد استفاد اليوم كثيرا عندما اطلع على المعزوفات التي تم تقديمها أثناء الحفل، كما أمل أن تستمر هذه العروض دائما وفي كل فرصة لكي يكون هناك اطلاع أكثر على الأعمال العالمية الموسيقية.
قائد السيمفونية العراقية أعرب عن سعادته بهذا الحضور من قبل محبي الفن الموسيقي بأربيل والموسيقيين بشكل عام، كما أثنى على التفاعل الموجود بين العازفين العرب والكرد والذي كان له الدور الإيجابي في إنجاح العرض الذي قدم.
المايسترو محمد أمين عزت أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن العامل الأساسي الذي أدى إلى نجاح العروض الموسيقية التي قدمت على قاعة المؤتمرات في أربيل يكمن في «التفاعل الحقيقي للموسيقيين من الإقليم والدعم منهم واعتبار الجميع إخوة وأصدقاء وسائرين في طريق الفن والذي يحاكي الجميع به العالم».
وأضاف: «أتمنى أن تكون هذه العلاقات الفنية مستمرة دوما وبعيدة عن جميع الخلافات السياسية لأن الثقافة هي التي تدوم وتستمر». ولم يخف قائد السيمفونية «وجود صعوبة في مزج المقطوعات الموسيقية الكردية والغربية والعربية في قطعة واحدة بسبب الاختلافات في التوزيعات الموسيقية». وكشف عن أنه كان في النية حذف بعض المقطوعات من جدول العزف تخوفا من عدم وجود أي تفاعل من قبل الجمهور، لكن حماسة الجمهور جعلتهم يستمرون في تقديم كل العروض.
ولعل أبرز ما جرى عرضه في هذه الأمسية «ألحان أوبرالية قدمتها الفنانة الكردية ميلاهات ميرال أونال، وهي كردية من تركية وتدرس الغناء الأوبرالي في قسم الموسيقى لأكاديمية الفنون الجميلة لجامعة صلاح الدين في أربيل، حيث لم يسبق لأربيل أن شهدت عروضا مشابهة لما جرى تقديمه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».