استأثرت المذكرات الجديدة التي أصدرها وزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، أول من أمس (الثلاثاء)، بكثير من الاهتمام في الأوساط السياسية الأميركية ووسائل الإعلام داخل الولايات المتحدة وخارجها، في ضوء ما تضمنته من معلومات حول قضايا عديدة، بما في ذلك المساعدة التي قدمتها «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إيه) لإنقاذ عملاء جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) خلال عملية استيلائهم على وثائق البرنامج النووي الإيراني، عام 2018، وكذلك عن تجنيب العالم حرباً نووية بين الهند وباكستان.
ومع صدور كتاب مذكراته: «لا تعطِ أي بوصة - القتال من أجل أميركا التي أحب»، أضاف بومبيو إلى نفسه صفة الكاتب، علماً بأنه شغل، إلى جانب موقعه وزيراً للخارجية، منصب مدير «سي آي إيه»، بعدما تخرج في كلية وست بوينت العسكرية، وعمل ضابطاً في الجيش.
وكان تخرج في كلية الحقوق بجامعة هارفرد، ومثَّل كانساس في مجلس النواب.
وكشف المدير السابق لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» كيف أنقذت «سي آي إيه» عملاء «الموساد»، عندما كانوا في خطر وشيك، بناءً على طلب شخصي من رئيس «الموساد»، آنذاك، يوسي كوهين، خلال ما تُسمّى «سرقة القرن»، في فبراير (شباط) 2018، التي تضمنت «مصادرة الأرشيف النووي الإيراني السري في قلب طهران»، واصفاً العملية بأنها «واحدة من أهم العمليات السرية التي أُجريت على الإطلاق».
ووصف بومبيو كيف سمع من أحد المساعدين أن «كوهين يحتاج إلى التحدث معك على الفور»، مضيفاً أن المكالمة من كوهين «جاءت بعد فترة وجيزة من نزولي من طائرة في عاصمة أوروبية. استدرتُ وعدتُ إلى الطائرة، حيث كانت لدينا معدات اتصالات مناسبة لإجراء محادثة سرية مع رئيس وكالة المخابرات في إسرائيل». وأوضح أن «الصوت على الطرف الآخر كان هادئاً، ولكنه جاد: (مايك، كان لدينا فريق في مهمة بالغة الأهمية حالياً، والآن أواجه بعض الصعوبات في إخراج بعضهم. هل يمكنني الحصول على مساعدة؟)». وأضاف أنه «لم يطرح أي أسئلة، بغض النظر عن المخاطر. بدأ أناسي العمل في كل أنحاء العالم. تواصلنا مع فريق (الموساد)، وفي غضون 24 ساعة، قمنا بتوجيههم إلى منازل آمنة. وفي غضون اليومين التاليين، عادوا إلى بلدانهم الأصلية من دون أن يعلم العالم مطلقاً أن واحدة من أهم العمليات السرية التي تم إجراؤها على الإطلاق قد اكتملت الآن».
ولم يفصح عن اسم عملية الأرشيف النووي الإيراني لعام 2018.
ودافع بومبيو في مذكراته عن السعودية بشدة، مشيراً إلى أن علاقته الدبلوماسية مع المملكة كانت تغيظ وسائل الإعلام الأميركية.
وشدد بومبيو على أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رجل إصلاحي «سيثبت أنه أحد أهم قادة عصره، وشخصية تاريخية بحق على المسرح العالمي».
وأشار بومبيو إلى زيارته للرياض، في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وقال في كتابه إن «ما جعل الإعلام أكثر جنوناً من نباتي في مسلخ لحوم علاقتنا مع السعودية».
وحول تكليف ترمب له الذهاب إلى السعودية، أضاف أنه «بطريقة ما، أعتقد أن الرئيس (ترمب) شعر بالحسد لأنني كنت الشخص الذي (أغاظ) (واشنطن بوست) و(نيويورك تايمز) وجبناء آخرين لا يملكون أي صلة مع الواقع».
وأكد أن جريمة مقتل خاشقجي «كانت شائنة وغير مقبولة»، لكنه لم يوافق على أن خاشقجي كان «صحافياً»، منتقداً وسائل الإعلام التي حوّلته إلى «بوب وودوارد سعودي». ورأى أن خاشقجي كان «ناشطاً».
وذكّر بأن إدارة ترمب فرضت عقوبات على 13 مواطناً سعودياً فيما يتعلق بقضية خاشقجي، مؤكداً أن «العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والسعودية مهمة للغاية».
وأكّد بومبيو في كتابه أن الولايات المتحدة جنّبت التصعيد في مواجهة نووية محتملة عام 2019 بين الهند وباكستان. وقال: «لا أعتقد أن العالم يدرك تماماً مدى اقتراب التنافس بين الهند وباكستان من مواجهة نووية، في فبراير (شباط) 2019»، حين كان البلدان على شفير الحرب، بعدما شنت الهند ضربات جوية على جارتها، برّرتها بأن مجموعة مسلحة في باكستان تقف وراء تفجير انتحاري أوقع 41 قتيلاً في صفوف قوات رديفة للجيش الهندي بمنطقة كشمير المتنازع عليها.
وروى أنه استيقظ على اتصال هاتفي طارئ من مسؤول هندي كبير، خلال وجوده في هانوي للمشاركة في قمة بين الرئيس الأميركي والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ - أون. وأفاد بأن المتّصل «كان يعتقد أن الباكستانيين بدأوا في إعداد أسلحتهم النووية لشن ضربة. وأبلغني أن الهند تبحث في تصعيد من جهتها».
وأضاف: «طلبت منه عدم القيام بشيء وإمهالنا قليلاً لمحاولة حلّ الأمور». ووفقاً لبومبيو، تمكّن الدبلوماسيون الأميركيون فيما بعد من إقناع البلدين بعدم التحضير لهجوم نووي. وزاد: «لم تكن أي دولة أخرى لتتمكن من القيام بما فعلناه تلك الليلة لتجنب نتيجة مروعة».
وأشاد بالهند، معبّراً عن رغبته في التحالف مع الديمقراطية الواقعة في جنوب آسيا لـ«مواجهة عدوانية الصين».
وأثارت مذكرات بومبيو رداً من زميلته في إدارة ترمب، المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، بسبب ادعائه أنه «في مرحلة ما خلال رئاسة ترمب، حاولت هايلي على ما يبدو عزل بنس لتصبح هي نائبة الرئيس». وقال لشبكة «سي بي إس نيوز» الأميركية للتلفزيون: «أردتُ أن أحكي القصة من وجهة نظري، طوال أربع سنوات من إدارة ترمب، وجهودنا لوضع الشعب الأميركي في مقدمة السياسة الخارجية الأميركية».
ونفت هايلي ذلك، في مقابلة مع «فوكس نيوز»، قائلة إنه «لأمر محزن حقاً أن تضطر للخروج هناك ونشر الأكاذيب والقيل والقال لبيع كتاب».
لكن بومبيو كرر، على شبكة «سي بي إس»، أنه سمع ذلك من كبير موظفي البيت الأبيض آنذاك، جون كيلي، والمستشارة الإعلامية، كيليان كونواي.
تأتي ضمن مذكرات بومبيو مسألة خوضه المحتمل للانتخابات الرئاسية لعام 2024، لكنه أكد أنه لا يزال متردداً حيال ترشحه، رغم أن قرار ترمب بالترشح لن يؤثر على قراره.
بومبيو ينشر في مذكراته «القتال من أجل أميركا» معلومات حول قضايا حساسة
وصف الأمير محمد بن سلمان بـ«شخصية تاريخية على المسرح العالمي»
بومبيو ينشر في مذكراته «القتال من أجل أميركا» معلومات حول قضايا حساسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة