الأزمات السياسية والمعيشية تدفع لبنان إلى شفير الفوضى

TT

الأزمات السياسية والمعيشية تدفع لبنان إلى شفير الفوضى

ضاعف التأزم السياسي في لبنان والتطورات القضائية والتحركات الشعبية على خلفية ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المحروقات، المخاوف من «فوضى أمنية»، وتعززت بالتحركات التي دُعي إليها بعد ظهر أمس؛ احتجاجاً على قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بالإفراج عن جميع الموقوفين في ملف انفجار المرفأ.
وبدأ أهالي ضحايا انفجار المرفأ بالتجمع بعد ظهر أمس؛ تمهيداً لاعتصام؛ احتجاجاً على القرارات القضائية، بالتزامن مع تحركات، اعتراضاً على تردي الأوضاع المعيشية، واستمرار تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار الذي يحلق عالياً متجاوزاً للمرة الأولى الـ56 ألف ليرة للدولار الواحد، وتوسعت التحركات المتفرقة من الشمال إلى الجنوب، فيما أقدم محتجون على قطع الطريق أمام مصرف لبنان، احتجاجاً على ارتفاع سعر الدولار، وسط تعزيزات للجيش في محيطه.
ومع تسارع الأحداث في لبنان على مختلف الصعد وتفاقم الأزمات السياسية والقضائية والاقتصادية، بدأ يتخوف البعض من أن يكون ذلك مقدمة لفوضى اجتماعية قد تتحول إلى أمنية تأخذ لبنان إلى المجهول.
وتحدث النائب في الحزب «التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن عن الأزمات المتفاقمة التي من شأنها أن تؤدي إلى فوضى اجتماعية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مظاهر تحلّل الدولة تسير للأسف بخطى ثابتة، من ارتفاع سعر صرف الدولار من دون حدود، إلى الأزمة السياسية وانسداد أفق الانتخابات الرئاسية، وصولاً إلى انقسام القضاء في مشهد غير مسبوق في لبنان حتى في عزّ الحرب الأهلية، وهذا كلّه يأتي مترافقاً مع أوضاع معيشية واجتماعية صعبة يعيشها المواطن اللبناني». من هنا يرى أبو الحسن أن كل هذه المؤشرات تدل على احتمال كبير لتفلّت الشارع والدخول في فوضى لا حدود لها، مستبعداً في الوقت عينه أن تؤدي إلى صدام أمني. ويشدد أبو الحسن على أن الحلّ يبقى بانتخاب رئيس للجمهورية، قائلاً: «علّ المسؤولين أن يستبقوا الفوضى ويتفقوا على رئيس، ونحن في الحزب الاشتراكي نحاول قدر الإمكان العمل على إيجاد مساحة مشتركة للوصول إلى اتفاق، مضيفاً: «إذا صدقت النوايا فسنستطيع إيجاد مرشح توافقي، والخروج من المأزق الذي نعيشه؛ لأنه ليس بإمكان أي فريق انتخاب الرئيس منفرداً بسبب التوازنات المعروفة في البرلمان»، داعياً بالتالي إلى استباق هذه الفوضى المتوقعة، وإنقاذ لبنان في أسرع وقت ممكن.
وفيما أشارت المعلومات، يوم أمس، إلى غضب عارم في صفوف أهالي ضحايا انفجار المرفأ من قرار إخلاء سبيل الموقوفين وبدء تحضيرهم لتحركات على الأرض، حذّر النائب في حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك من تداعيات القرار، متحدثاً عن استبداد الفوضى. وكتب على حسابه على «تويتر» مع الإعلان عن قرار القاضي عويدات إطلاق سراح الموقوفين، قائلاً: «الزلزال الأكبر بعد انفجار 4 (أغسطس) آب يحصل اليوم بتفجير العدالة نفسَها بالدولة والوطن وبضحايا مجزرة المرفأ الأحياء منهم والأموات»، وأضاف: «إخراج الموقوفين ليس إحراجاً للقاضي البيطار، بل (إخراج) للدولة من منظومة العدالة إلى استبداد الفوضى وتَسلُّط الأقوى... لا تضعوا القوى الأمنية بين شاقوفَين، اللهم احمِ لبنان».
كذلك تحدث مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» ‪ الدكتور سامي نادر عن الواقع اللبناني في هذه المرحلة، واصفاً الوضع بـ«أننا على فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كل مقومات هذا الانفجار باتت حاضرة؛ من توقف عمل المؤسسات، إلى الفراغ الرئاسي وانسداد أفق الحل، إلى الانقسام في القضاء والأوضاع الصعبة التي يعاني منها الجيش والقوى الأمنية». وتوقف نادر عند ما يشهده القضاء اللبناني على خلفية التحقيقات في انفجار المرفأ، قائلاً: هذا الانقسام غير مسبوق في لبنان، كان سابقاً هناك غياب لعمل القضاء، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة التي هي نتيجة المحاصصة السياسية والمذهبية التي تتحكّم بالقضاء والتعيينات، وها هي تتجلى اليوم في الانقسام حيال هذه القضية.
وأبدى نادر تخوّفه من أن يتحول الانفجار الاجتماعي إلى انفجار أمني، مميزاً بين الوضع اليوم وما كان عليه قبيل الحرب الأهلية، حيث كانت السيطرة للميليشيات. وقال: «الأكيد أن الحل هذه المرة لن يكون على أيدي هذه السلطة التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم، إنما عن طريق الانقلاب عليها أو عبر حلول تأتي من الخارج».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.