ما فائدة تلقي جرعة سنوية في الخريف من لقاحات «كورونا»؟

إدارة الغذاء والدواء الأميركية تدرس المقترح

أميركا تدرس منح جرعة سنوية من اللقاح (جامعة نورث إيسترن)
أميركا تدرس منح جرعة سنوية من اللقاح (جامعة نورث إيسترن)
TT

ما فائدة تلقي جرعة سنوية في الخريف من لقاحات «كورونا»؟

أميركا تدرس منح جرعة سنوية من اللقاح (جامعة نورث إيسترن)
أميركا تدرس منح جرعة سنوية من اللقاح (جامعة نورث إيسترن)

تدرس إدارة الغذاء والدواء الأميركية تغييراً كبيراً في الطريقة التي يتم بها منح لقاحات ومعززات لقاح «كوفيد - 19»، لتكون لقاحاً سنوياً في الخريف، وهي الطريقة التي يقول خبيران بجامعة نورث إيسترن الأميركية، إنها «ستعمل على تبسيط العملية للجمهور والموردين».
وبدلاً من التعامل مع المعززات عند ظهور متغيرات جديدة، يبحث مسؤولو إدارة الغذاء والدواء في الانتقال إلى تركيبة لقاح واحد، عن طريق اختيار السلالات المتوقعة بحلول الصيف وإعطاء جرعة سنوية واحدة في الخريف.
وتقول ندى ساندرز، خبيرة سلاسل التوريد في كلية «ديمور مكيم» للأعمال بجامعة نورث إيسترن الأميركية، إن «تبسيط جدول التطعيم ضد فيروس (كورونا) الجديد من شأنه أن يجعل عملية التطعيم أقل إرباكاً ويسهل الوصول إليها».
وحتى الآن، كان تطوير اللقاحات ومعززاتها استجابة للأمراض وتفشي المتغيرات، و«من وجهة نظر سلسلة التوريد، فإن أي وقت تكون فيه في وضع رد الفعل يكون مكلفاً» - كما توضح ساندرز في تقرير نشره (الثلاثاء) الموقع الإلكتروني لجامعة نورث إيسترن الأميركية.
وتضيف: «ليس هناك شك في أن الانتقال إلى دورة أكثر قابلية للتنبؤ من شأنه أن يقلل بشكل كبير من التكاليف الإجمالية».
على صعيد الأفراد، يقول نيل مانيار، أستاذ الصحة العامة بجامعة نورث إيسترن الأميركية: «نحن في مرحلة يوجد فيها الكثير من الإرهاق والارتباك بسبب فيروس (كوفيد - 19) فيما يتعلق بتوصيات التطعيم». ويضيف أن «تنفيذ التطعيم الذي يعكس جدولاً مطبقاً، كما يحدث مع الإنفلونزا سيكون أسهل في المتابعة والتواصل معه».
وفي الربيع، سيبحث خبراء الصحة في السلالات الناشئة في جميع أنحاء العالم ويستخدمون هذه النتائج لتقديم توصيات بشأن ما يجب أن يكون عليه اللقاح في الخريف.
ويقول مانيار إنه «لا يعرف ما إذا كانت اللقاح السنوي سيكون أفضل تطابقاً مع الفيروس التاجي، من لقاحات الإنفلونزا لانتشار سلالات الإنفلونزا»، لكنه يقول إن «التكنولوجيا تطورت إلى درجة أننا صرنا قادرين على إنتاج لقاحات تتلاءم مع المتغيرات الجديدة في وقت مناسب جداً».
حول ما إذا كان المتغير الذي سيتم إنتاج اللقاح بناء على تركيبته يخص النوع السائد في أميركا فقط، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «أعتقد أن اللجنة في الولايات المتحدة ستنظر على الأرجح في المتغيرات من جميع أنحاء العالم لتحديد أيها المرجح أن يكون سائداً في خريف ذلك العام بالذات، وهناك احتمال ألا يكون البديل المختار للقاح (في أي سنة معينة) سائداً في جميع أنحاء العالم».
عن إدراج جميع البلدان في هذا التوجه، أوضح أنه «سيكون من الصعب إشراك جميع البلدان في جدول التطعيم السنوي، ولكن نأمل بمرور الوقت أن نحقق ذلك، وهذا يرجع إلى عدة عوامل، منها أن هناك عدة أنواع من اللقاحات المستخدمة في جميع أنحاء العالم، ولديها مستويات مختلفة من الفعالية، وجداول مختلفة للإعطاء، كما أن هناك تبايناً كبيراً في توفر اللقاحات بين جميع السكان، وهناك تباين في البنية التحتية القائمة لإعطاء اللقاحات». وأضاف: «في النهاية، يكمن الأمل في أن التحول إلى جدول تطعيم أكثر توحيداً في جميع البلدان سيسهل على المنظمات مثل منظمة الصحة العالمية والوكالات الصحية المحلية والوطنية لتنسيق الموارد وإتاحة اللقاحات للجميع».



غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.