تسارع في السعودية لتطوير استخدام «العملة الرقمية»

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : تطوير لمفاهيم استعمالها ضمن التقنيات الحديثة وجاهزية البنية التحتية

يواصل البنك المركزي السعودي مشروع اختبار العملة الرقمية لمعرفة أثره الاقتصادي على البلاد (الشرق الأوسط)
يواصل البنك المركزي السعودي مشروع اختبار العملة الرقمية لمعرفة أثره الاقتصادي على البلاد (الشرق الأوسط)
TT

تسارع في السعودية لتطوير استخدام «العملة الرقمية»

يواصل البنك المركزي السعودي مشروع اختبار العملة الرقمية لمعرفة أثره الاقتصادي على البلاد (الشرق الأوسط)
يواصل البنك المركزي السعودي مشروع اختبار العملة الرقمية لمعرفة أثره الاقتصادي على البلاد (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي كشف فيه البنك المركزي السعودي «ساما»، أول من أمس، عن عزمه مواصلة مشروع اختبار العملة الرقمية، والتركيز على استكشاف المنافع والمخاطر المحتملة لاستخدامها، قال خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» إن السوق المحلية جاهزة، ولديها القدرة على التعامل مع المشروع بمرونة عالية، مؤكدين أن العملات الرقمية سوف تخفض تكلفة التحويل، وتمتاز بسرعة وصولها إلى الطرف الآخر؛ لاعتمادها على تقنيات الكتل «بلوكتشين» بأمان عالٍ.
وتوقع الخبراء أن يحقق المشروع بعد تجاوز الاختبار أهدافاً عدة؛ أبرزها المرونة، والدقة، وسرعة التفاعل، وتطوير المفاهيم التقنية الحديثة واستخدامها في السوق المحلية.
وأوضح عبد الرحمن الجبيري، المحلل الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أن مشروع اختبار العملة الرقمية للبنك المركزي يأتي في إطار الحرص على الارتقاء بالقطاع المصرفي وتعزيز الرقمنة، وفق خطوات مدروسة لاكتشاف الأثر الاقتصادي والجوانب التنظيمية المختلفة.
وواصل أن المشروع يتواءم مع المبادرات المتاحة في البنوك المركزية العالمية، مشيرا إلى النجاح غير المسبوق الذي حققه «المركزي السعودي» في القطاع النقدي، ومرونة توفير حزم واسعة من التعاملات الرقمية، مبيناً أنه سبق لـ«ساما» ومصرف الإمارات المركزي إنشاء مشروع «عابر» لإصدار عملة رقمية كخطوة نحو تعزيز التعاملات الرقمية وممارستها، ويتزامن ذلك مع المتغيرات العالمية، ويسهل في ذات الوقت الكثير من الإجراءات التبادلية بين البلدين والتسويات وتطوراتها المتلاحقة.
وأضاف الجبيري، أنه بعد استكمال نجاح الاختبار سيحقق الكثير من الأهداف، من أهمها المرونة والدقة، وسرعة التفاعل، وتطوير المفاهيم التقنية الحديثة واستخداماتها، مما يحسن الأداء المالي ويخفض التكاليف، ويسهم في تعزيز أسس وكفاءة الأداء من خلال العملة الرقمية للبنك المركزي.
وزاد المحلل الاقتصادي «من السابق لأوانه تحديد الأبعاد الإيجابية للمشروع، ولكن بعد نجاح اختباره سيكون لذلك أثر في دعم البنية التحتية للقطاع، وتعزيز فرص الإبداع والابتكار في الخدمات المالية، واستكشاف المنافع، إلى جانب إمكانية مساهمة العملة الرقمية في تعزيز منظومة الدفع، وتسريع التحول الرقمي في القطاع المالي في البلاد».
ولفت الجبيري، إلى أن البنك المركزي لم يتخذ أي قرار بشأن بدء استخدام العملة الرقمية، إلا أنه يواصل عمله وتركيزه حالياً على استكشاف المنافع والمخاطر المحتملة لاستخدامها، وهو ما يسهم في اتخاذ قرارات مدروسة، وسيثري النتائج العالمية المتعلقة باستخدام هذه العملات على صعيد البنوك المركزية.
من جانبه، ذكر أحمد الشهري، الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أن العملات الرقمية التابعة للبنوك المركزية تعتبر واحدة من نتائج التطورات التاريخية التي مرت بها العملات عبر التاريخ الاقتصادي بداية من استخدام السلع كنقود، ثم المسكوكات والأوراق النقدية وصولا إلى العملات الرقمية، مفيداً بأن كثيرا من حكومات العالم لا تزال تدرس الآثار الاقتصادية، والسعودية ضمن الدول التي تراعي استمرار كفاءة السياسات الاقتصادية والنقدية في النظام الاقتصادي وسلامتها المالية.
وتابع الشهري، أن النظرة الاستشرافية والاندماج في الأدوات الجديدة في الاقتصاد الرقمي والاستعداد لها تنظيمياً واقتصادياً وتقنياً من الأمور التي ينظر لها اقتصادياً قد تتحول إلى واقع، والسعودية من البلدان التي تمتلك الاستعدادية الرقمية العالية للدخول في مثل تلك المشاريع واختبار كفاءتها.
وأفاد الخبير الاقتصادي، بأن دولا كثيرة دخلت في اختبار العملات الرقمية التابعة لبنوكها المركزية على مستوى التبادل النقدي بين وحدات اقتصادية خاضعة للاختبار من أجل فرض مزيد من التأكيدات عند إطلاقها مستقبلا.
ووفقاً للشهري، ما يميز الاقتصاد والتجارة السعودية الداخلية والأفراد سرعة التعامل والتعاطي مع التقنيات الجديدة، مؤكداً أن بيئة الأسواق الداخلية قادرة على التعامل بمرونة عالية.
وأبان أن العملات الرقمية تتميز بتخفيض تكلفة التحويل، وسرعتها في الوصول إلى الطرف المقابل لاعتمادها على تقنيات الكتل والمعروفة بـ«بلوكتشين» التي تتمتع بأمان عالٍ.
وكان البنك المركزي السعودي قال إنه يواصل مشروع اختبار عملته الرقمية؛ إذ يعمل في الوقت الراهن بالتعاون مع البنوك وشركات التقنية المالية العاملة في البلاد على إحدى مراحله، المعنيّة بدراسة حالات الاستخدام المخصصة للمؤسسات المالية محلياً.
ويأتي هذا المشروع تماشياً مع الكثير من مبادرات البنوك المركزية عالمياً في مجال عملاتها الرقمية، وضمن جهود «المركزي السعودي» المستمرة الرامية إلى دراسة هذه العملة واختبارها؛ إذ يسعى في هذه المرحلة إلى بحث الأثر الاقتصادي، وجاهزية السوق، والتطبيقات الفعالة والسريعة الممكنة لحلول الدفع باستخدامها، والنظر في المسائل المتصلة بالسياسات، والجوانب القانونية والتنظيمية قبل الانتقال إلى المراحل التالية، وذلك للإسهام في تحقيق أهداف «رؤية السعودية 2030».
وأوضح الدكتور فهد المبارك، محافظ البنك المركزي السعودي أن البنوك وشركات المدفوعات المحلية ركن أساسي لا غنى عنه في هذا المشروع وتنفيذه، مشيراً إلى إشراكها وشركات التقنية المالية المحلية في مرحلته الحالية، إلى جانب الجهات الأخرى الفاعلة في السوق، ومقدمي الخدمات الاستشارية والتقنية من الطرف الثالث؛ للتعرف بشكل أوسع على وظائف العملة الرقمية، واختبار خيارات التصميم المتنوعة.


مقالات ذات صلة

«المالية السعودية» تدين 14 شخصاً من «ريدان» لمخالفة سلوكيات السوق

الاقتصاد سوق الأسهم السعودية (أ.ف.ب)

«المالية السعودية» تدين 14 شخصاً من «ريدان» لمخالفة سلوكيات السوق

أعلنت هيئة السوق المالية صدور قرار لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية القطعي ضد 14 شخصاً من أعضاء مجلس إدارة ومنسوبي شركة «ريدان» الغذائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منطقة بوليفارد الرياض سيتي (الشرق الأوسط)

تحويل «ويبوك» إلى منصة تدفع بأرباح منظومة الترفيه بالسعودية

تنوي الهيئة العامة للترفيه مضاعفة إيرادات «ويبوك»، المنصة الرسمية لتذاكر «موسم الرياض»، من خلال خدمات نوعية جديدة تضاف لأول مرة.

بندر مسلم (الرياض)
يوميات الشرق (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:30

فعاليات متنوعة ونزالات عالمية ضمن «موسم الرياض» بنسخته المقبلة

ينطلق «موسم الرياض» بنسخته الخامسة في 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بمناطق جديدة وفعاليات وحفلات إضافية كبرى، إضافة إلى 12 مسرحية خليجية وعربية وعالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تظهر الباعة والمتسوقين في مهرجان «العلا» السنوي للتمور (واس)

200 مليون دولار قيمة صادرات السعودية من التمور في النصف الأول

كشف المركز الوطني للنخيل والتمور عن ارتفاع قيمة صادرات المملكة من التمور خلال النصف الأول من العام الحالي، لتصل إلى أكثر من 751 مليون ريال (200 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

«السيادي السعودي» يقترض 15 مليار دولار من تحالف مؤسسات مالية دولية

حصل «صندوق الاستثمارات العامة» على تسهيلات ائتمانية دوّارة لأغراض مؤسسية عامة تبلغ قيمتها 15 مليار دولار (56.25 مليار ريال)، حيث ستحل محل تسهيل ائتماني دوّار.

زينب علي (الرياض)

«بنك التنمية الجديد» لتعزيز الجهود في دول «البريكس»

شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
TT

«بنك التنمية الجديد» لتعزيز الجهود في دول «البريكس»

شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)
شعار «بنك التنمية الجديد» (رويترز)

أقر «بنك التنمية الجديد» آلية جديدة لتعزيز جهود التنمية في دول «البريكس»، خلال اجتماع عقدته الدول الأعضاء، السبت، في كيب تاون بجنوب أفريقيا.

وأنشأت الدول المؤسسة لمجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) «بنك التنمية الجديد». وضمّت مجموعة «بريكس» السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا إلى عضويتها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024.

ولم يتم الكشف عن بنود الآلية الجديدة، لكن من المقرر أن تظهر ملامحها خلال فعاليات الاجتماع الحالي.

وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، محافظ مصر لدى «بنك التنمية الجديد»، رانيا المشاط، أهمية سد الفجوات التمويلية التي تواجه جهود تحقيق التنمية، من خلال التمويل المختلط الذي يجمع بين الاستثمارات الحكومية، والتمويلات الأخرى المتاحة من مختلف الأطراف ذات الصلة.

وأوضحت المشاط، في الجلسة النقاشية لمحافظي «بنك التنمية الجديد»، حول «فتح آفاق التمويل من أجل التنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والدول النامية»، أنه «في ظل انخفاض نسب التمويل المختلط، فإن التكامل بين بنوك التنمية متعددة الأطراف، والحكومات، يُعد أمراً بالغ الأهمية للدفع قدماً بجهود التنمية».

وأضافت المشاط، أن الحكومات يجب أن تكون واضحة بشأن أولوياتها، وأيضًا على مستوى حجم الاستثمارات الحكومية التي ستتيحها، وتعظيم مبدأ ملكية الدولة، من أجل تحديد الاحتياجات الفعلية من بنوك التنمية متعددة الأطراف، وتشجيع الاستثمارات الخاصة، مؤكدة أن توضيح الأولويات في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول المختلفة يعزّز من فاعلية التعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف، ويحفّز جذب استثمارات القطاع الخاص.

جاء ذلك، وفق بيان صحافي، خلال مشاركة الوزيرة في الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي البنك، المنعقد تحت عنوان «الاستثمار في مستقبل مستدام» خلال المدة من 28 - 31 أغسطس (آب) 2024 بمدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا.

وألقى الكلمة الافتتاحية للجلسة رئيسة «بنك التنمية الجديد» ديلما روسيف، ورئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية جين لي تشون، ورئيسة منظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا، ومحافظو دول البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، وبنغلاديش، والإمارات العربية المتحدة، لدى البنك.

وفي كلمتها أوضحت المشاط، أن «تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص وإفساح المجال للقطاع الخاص يُعدّ أحد المحاور الأساسية لتشجيع الاستثمارات، ومن أجل تحقيق ذلك يجب أن تتحمّل الدولة تكلفة، وتتيح جزءاً من موازنتها الاستثمارية لتنفيذ المشروعات ذات الأولوية».

وفي سياق متصل، شددت الوزيرة على أن «التعاون بين دول الجنوب العالمي وزيادة جهود تبادل الخبرات والممارسات التنموية، يُعدان عنصرين حاسمين للاستفادة من التجارب الناجحة التي تساعد الدول النامية على تجاوز تحدياتها».

ثم انتقلت إلى الحديث حول الترابط الكبير بين جهود التنمية والعمل المناخي، وأنه «لا يمكن تجاهل هذا الترابط في أثناء السعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ولذلك فقد أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج (نُوَفّي)، التي تتضمّن مشروعات ذات أولوية في مجالي التخفيف والتكيف بقطاعات المياه والغذاء والطاقة».

وأشارت الوزيرة إلى «أهمية التكامل بين التمويل الحكومي وما تقدمه بنوك التنمية متعددة الأطراف أو الشراكات الثنائية، بهدف خفض التكاليف إلى أدنى حد ممكن»، موضحة أن «أحد التحديات الكبرى التي نواجهها هو أن التمويل المطلوب للتنمية والعمل المناخي سيستمر في الزيادة مع مرور السنوات، وعلى الرغم من أن التمويلات التنموية تؤدي دوراً حيوياً في تلك القضية، فإنها لا تستطيع سد الفجوة المتنامية باستمرار، لذا يتعيّن على الدول النامية والناشئة اتخاذ نهج متعدد الأوجه لحشد التمويل للتنمية المستدامة».