انتظار مزدحم بالمرويّات والمحكيّات في جملة سردية واحدة

«المدعو إلى مساء السيدة» لعلي بدر

انتظار مزدحم بالمرويّات والمحكيّات في جملة سردية واحدة
TT

انتظار مزدحم بالمرويّات والمحكيّات في جملة سردية واحدة

انتظار مزدحم بالمرويّات والمحكيّات في جملة سردية واحدة

رواية «المدعو إلى مساء السيدة» للروائي علي بدر، رواية عن الانتظار. وهي تذكّرنا بمسرحية صموئيل بيكيت «في انتظار غودو» Waiting for Godot التي تعدّ علامة مهمة في تجربة مسرح اللامعقول أو العبث.
فمثلما كان بطلا بيكيت (فلاديمير وأستراغون) ينتظران وصول (غودو)، كذلك نجد بطل الرواية وراويها، وهو كاتب يصف نفسه بأنه عراقي - بلجيكي يجلس في حانة في مساء شتوي بانتظار السيدة التي وُجهت إليه دعوة للعشاء على طاولتها ذلك المساء. ومثلما لا يحضر (غودو)، كذلك لا تحضر السيدة إلى موعدها. وإذا ما أحس بطلا (بيكيت) بالإحباط لعدم حضور (غودو)، ربما لأنه يمثل لهما نوعاً من المخلّص أو الأمل المنتظر، فإن بطل علي بدر، يستثمر هذا الانتظار للدخول في حوارات فكرية وثقافية وسياسية مع جليسيه (هالي) و(جان بيير)، دون أي إحساس حقيقي بالإحباط أو الإخفاق والملل، بل نجده يستمتع إلى درجة كبيرة في جلسته تلك وهو يخوض حوارات ساخنة مع رفيقيه. ونكتشف لاحقاً أن الراوي هو كاتب وصحافي، وربما منشغل بإعداد جورنال يوم واحد كما أشار العنوان الفرعي للرواية، وتكمن أهمية «جورنال» في أنه يمثل عتبة نصية دالة، ومع تعدد دلالات مصطلح (جورنال) Journal فهو يشير أساساً إلى الصحيفة أو الدورية، لكنه هنا يشير إلى دفتر مذكرات أو يوميات يحرص فيه كاتبه على أن يدوّن ما شاهده أو عايشه في ذلك اليوم. إذ يقول البطل، وهو الراوي الرئيسي في الرواية، في نهاية الرواية، بعد أن عاد إلى الفندق جلس في حجرته وحيداً، بعد أخلفت السيدة موعدها:
«فتحت حقيبتي، وأخرجت الجورنال، كتبت باختصار بعض ما دار من حديث بيننا، كنت في انتظارها، في انتظار السيدة، ثم شيئاً فشيئاً انغمستُ في الأحاديث والذكريات»، (ص 197).
وهكذا وجدنا الراوي مستمتعاً بتلك الجلسة على الرغم من عدم مجيء السيدة:
«انتهت سهرتنا بالضحك والتسلية والمتعة... قلت لهم يا رفاق هكذا انتهى مساء السيدة»، (ص 197).
وكما لاحظنا لم يكن الانتظار عبثياً أو مملاً مثلما كان في مسرحية صموئيل بيكيت «في انتظار غودو»، بل كان مزدحماً بالأحاديث والمرويات المتنوعة، التي أضفت على الجلسة الكثير من المتعة والحيوية.
ونجد في خاتمة الرواية إشارة إلى الزمن السردي، إذ يقول البطل لرفيقيه بعد أن تجاوزت الساعة الثانية عشرة من الليل إن جلستهم قد انتهت، ومعها انتهى مساء السيدة. وهذا يعني أن الزمن السردي لم يكن يوماً كاملاً، بل كان جزءاً يسيراً منه، يبدأ منذ المساء وينتهي عند منتصف الليل، وتحديداً في تمام الساعة الثانية عشرة. فالزمن السردي الحقيقي للرواية لا يعدو أن يكون بضع ساعات، ربما لا تزيد على ست ساعات، احتشدت فيها كل هذه المرويات والأفكار، مما جعلها رواية محتدمة ومتماسكة وتحتاج إلى قارئ صبور يقرأها بوصفها جملة سردية أو فقرة واحدة، ذلك أنها لا تنطوي على فصول أو فقرات طباعية كما جرت العادة في الروايات الاعتيادية، بل فقرة Paragraph واحدة متصلة، وبنفس سردي واحد.
لقد احتشدت الرواية بحكايات وقصص وأسرار كشفتها حوارات الراوي المركزي مع رفيقيه. وفي الحقيقة، فإن المتحدث الأساسي في تلك الجلسات كان بطل الرواية وراويها المركزي، وكانت النقلات بين المرويات والحكايات تبرَّر من خلال ذهاب البطل إلى الحمام وعودته، حيث نجد أن رفيقيه قد انتقلا بالحوار إلى موضوع جديد، حيث يتناول بدوره بالتفصيل كل ما يتعلق بهذا الموضوع الجديد، ليتحول في النهاية إلى السارد المهيمن في الرواية، حيث يتناول بالتحليل والتدقيق الكثير من المرويات والحكايات والقصص المهمة آنذاك ومنها إشارات لرحلات ماركو بولو إلى الصين ولقائه قبلاي خان، كما تناول الراوي ورفيقاه أهمية معدن الذهب في التاريخ، وسبب تعلق الناس به، وجرى تشريح لوقائع الثورة الفرنسية ومقاصلها، وكيف أنها أكلت رجالها، وتوقف المتحدثون عند التجربة السوفياتية، عبر مراحل مختلفة، وبشكل خاص في الفترة الستالينية، التي اتسمت بالعنف، حتى سقوطها، ومجيء يلتسين وبوتين وصعود عصابات المافيا، والحنين اللاحق للفترة السوفياتية ورموزها المعروفة. وتناولت الرواية موضوعات طريفة ومتنوعة منها قضية الأزياء والموضة والتدخين والعطور، كما جرى التطرق للحديث عن الروائي التشيكوسلوفاكي ميلان كونديرا، والقاصة الفرنسية الشابة فرنسوا ساغان، والناقد بول دي مان، فضلاً عن الشاعر ت. س. إليوت وقصيدته «الأرض الخراب»، وما أثارته من حوارات خلافية، وعلاقتها بمشكلاته الزوجية، وهو موضوع سبق للروائي أن نشره على الإنترنت في أحد المواقع.
ولا يمكن أن نهمل وجود شخصية السيدة التي لم تحضر، والتي كانت دائماً حاضرة في غيابها في أحاديث الراوي وجليسيه. حيث إن الرواية تُستهل بفكرة انتظارها:
«كنت مدعواً إلى طاولة السيدة. المساء قد هبط مبكراً... ستأتي لتغمر موائدنا بالترف، ستأتي مهما حدث»، (ص 5).
كما تُختتم الرواية بالإشارة إليها عندما يخبر الراوي جليسيه بانتهاء جلستهم المسائية، بعد أن أخلفت السيدة موعدها:
«تجاوزت عقارب الساعة الثانية عشرة في الليل، ولم تأتِ التي وعدت. قلت لهم: يا رفاق، هكذا انتهى مساء السيدة»، (ص 197).
ونكتشف أن هذه السيدة فرنسية متخصصة بالاتجاهات السياسية في منطقة البلقان، وتعمل على بحث يتلخص بالتشابه بين منطقتي البلقان والمشرق العربي، اللتين كانتا، في زمن ما، تحت سيطرة الدولة العثمانية. وربما هذا هو سبب اهتمام بطل الرواية بلقاء السيدة التي دعته إلى تلك الجلسة، ربما لأنه يفكر مثلها في فحص هذا التشابه، من أجل مزيد من الفهم للمشرق العربي ومشكلاته السياسية والاجتماعية. وربما يشكّل المكان المتمثل بالبار الآيرلندي أهمية خاصة في الرواية، لأنه جزء من البلقان. والبار، الذي أصبح بمثابة الإطارية للرواية (Frame Structure) يحمل اسم البار الآيرلندي «آيرش بار»، (ص 13)، وهو يقع في مدينة سكوبيا، عاصمة البلقان الشمالية، وتحديداً في الساحة المقابلة لتمثال الإسكندر المقدوني.
وقد يُخيَّل للقارئ، لأول وهلة، أن الروائي يمارس الكثير من المكر، لأنه يدرج ضمن سرده الروائي سلسلة لا تنتهي من الموضوعات والمرويات التي يمكن حذف الكثير منها، كما يمكن إضافة قصص وأحداث مماثلة لها. لكني أرى أن المؤلف علي بدر كان موفَّقاً ومقنعاً في إدارة ورسم عالمه الروائي لإقناع قارئه بمشروعية أهدافه ومناوراته السردية، التي تقتضيها عملية بناء رواية محتشدة وضاجّة بالحياة والحركة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

باربي في سن الـ65... أحلام الصغيرات وذكريات الكبيرات

«باربي» رقم 1 عام 1959 (ماتيل)
«باربي» رقم 1 عام 1959 (ماتيل)
TT

باربي في سن الـ65... أحلام الصغيرات وذكريات الكبيرات

«باربي» رقم 1 عام 1959 (ماتيل)
«باربي» رقم 1 عام 1959 (ماتيل)

بعد الضجة التي أحدثها فيلم عنها، العام الماضي، تعود الدمية الرشيقة باربي لتروي قصتها، هذه المرة عبر معرض شامل يقيمه «متحف التصميم» (ديزاين ميوزيام) بلندن. هنا رؤية مختلفة للدمية التي أكملت عامها الـ65، نتابعها منذ بدايتها، ونرى مراحل صناعتها، وتأثيرها على أهم صيحات الموضة والتصميم والتيارات الاجتماعية المختلفة وتأثرها بهم. تتخطى «باربي» في هذا المعرض كونها الدمية التي تحلم بها الصغيرات، فهي هنا نتيجة حلم صانعتها روث هاندلر التي غزت العالم، أصبحت محور صناعة بأكملها، وهنا في قاعات العرض نرى كل ذلك عبر 180 دمية سجَّلت كيف تحولت الدمية من لعبة بسيطة للبنات لتصبح شاهدة على تطورات الحياة في القرن العشرين.

«باربي» رقم 1 عام 1959 (ماتيل)

ولادة «باربي»

في القاعة الأولى للعرض نرى نسخة من أول إصدار لـ«باربي»، الدمية الأصلية بلباس البحر المخطط بالأبيض والأسود في صندوق زجاجي، تقف سيدة خمسينية تنظر إلى الدمية بابتسامة، وتطلب التقاط صورة لها إلى جانبها، ثم تقول: «لم يكن لدي (باربي) في طفولتي، فأنا من جنوب آسيا، ولم تكن الدمية متوفرة في أسواقنا وقتها». ورغم ذلك ظلت الدمية حلماً لتلك السيدة. بدا من ملامحها سعادة الطفلة الصغيرة التي بداخلها، وهي ترى الدمية الشهيرة بجميع نسخها تُعرَض أمامها. تلك السعادة بدت في حضور العرض أيضاً الذي تكون أغلبه من السيدات، حيث دارت بينهن أحاديث مرحة، وسُمِعت الضحكات اللطيفة، ما منح العرض إحساساً بالدفء، فكأن العرض داعب ذكرياتهن، وأعادهن لتلك اللحظات البسيطة في طفولة بعيدة حيث كان الدمية رفيقة الصحو والمنام.

نسخ من دمية باربي في المعرض المقام بـ«متحف التصميم» (ديزاين ميوزيام) في لندن (أ.ف.ب)

في القاعة الثانية، نهبط من السحابة الوردية التي تربعت عليها النسخة الأولى من «باربي»، لنرى مراحل الصناعة والتصميم المختلفة خلف الدمية، نرى عرضاً لأول شريط أُذيع في التلفزيون الأميركي للدعاية عن «باربي»، ثم فيلماً وثائقياً عن صناعة أول مجموعة من الدمى في مصنع باليابان عام 1958 يعرض تفاصيل صناعة أجزاء الدمية البلاستيك وحياكة الملابس وصناعة الشعر. تشير معلومة في ملصق على الحائط إلى الإقبال وقتها على شراء الدمية، حيث بيع منها نحو 300 ألف نسخة في عام 1958. سنوات قليلة من النجاح شهدت تطورات في صناعة «باربي»، حيث تعددت تصميمات القطع المكملة للدمية، واتخذت أشكالاً مختلفة لتلائم خيال الأطفال في اللعب. وسرعان ما أطلقت خطوطاً من القطع المكملة، وظهرت الدمية في الكتب، وظهر شعارها على القطع المختلفة. يظهر العرض كيف تحولت «باربي» من الدمية الجامدة (نعرف أن النسخة الأولى المعروضة هنا بها ثقوب في قدمَي الدمية لتثبيتها على حامل) إلى الدمية المتحركة التي يمكن تحريكها، وتخيُّلها وهي ترقص، وتلعب الرياضة، وتدفع بعربة أطفال أمامها، وتعزف على الغيتار، وأمامنا نماذج من كل تلك الشخصيات التي نجحت في تحريك مخيلة الأطفال وتمكينهم من تخيل أنفسهم في أدوار مختلفة.

يشير العرض إلى أن شركة «ماتيل»، المنتجة للدمية، قد كلفت جامعة كارديف في عام 2022 بإجراء دراسة على تأثير النسخ المختلفة من الدمية على قدرة الأطفال على لعب شخصيات مختلفة، وأفادت الدراسة بأن تقمص الشخصيات المختلفة له تأثير في التطور الاجتماعي والعاطفي للأطفال.

منازل «باربي»

مع كل تطور للدمية كان هناك حاجة أكبر لترجمة العالم الخيالي لها؛ فالدمية لها أخت صغرى اسمها «سكيبر دول»، ولها صديق اسمه «كن» وصديقات مختلفات، ولكن أين يعيش كل هؤلاء؟ في القاعة التالية يفرد المعرض تفاصيل العالم المصنوع من البلاستيك والورق المقوى الملون الذي شكَّل عالم الدمية الشهيرة. عالم «باربي» هنا على سذاجة وبساطة صناعته، ارتبط إلى حد بعيد بتطورات أخرى في عالم التصميم، من تصميم المفروشات التي نرى قطعاً منها في بيت «باربي». الهياكل البلاستيكية التي تشكل بيوت «باربي» المختلفة. هنا تظهر حياة متخيَّلة للدمية وأصدقائها؛ غرف نوم مصغرة وغرف معيشة وحدائق مكملة بإكسسوارات منزلية وقطع أخرى مثل السيارات والدراجات النارية، كل تلك القطع صُنعت بحسب الطرز السائدة في وقتها.

بيت أحلام «باربي» 1979 (ماتيل)

يتصدر القاعة نموذج نادر لأول بيت صنع للدمية، وأطلق عليه اسم «باربي دريم هاوس» (بيت الأحلام) أُطلق في عام 1962. وصُنِع من الورق المقوى، وعكس التصميم الحديث الدارج للمنازل في ذلك الوقت. نرى هنا أيضاً أول سيارة لـ«باربي» أيضاً صنع عام 1962، إضافة إلى «بيت الأحلام»، نرى هنا نماذج لأماكن أخرى تعيش فيها الدمية في سفرها. على سبيل المثال، هنا كوخ التزلج وسفينة فضائية لرائدة الفضاء «باربي». في كل تصميم نرى انعكاسات للأذواق والتصميمات السائدة، ومن أهمها الأزياء، وهو موضوع القاعة التالية.

«باربي» والموضة

ما داعب خيال الصغيرات في دميتهم المفضلة إمكانية إلباسها الفساتين والحقائب وتغيير القطع بحسب ما يردن. ولكن ملابس «باربي» ليست مجرد قطع من القماش الملون وبعض الشرائط والبلاستيك، بل هي أيضاً مستوحاة من آخر صيحات الموضة في وقتها، وهو ما نرى نماذج له في كل دمية موجودة في العرض؛ فالأزياء كانت، ولا تزال، جانباً مهماً في كل دمية وعالمها. ولكن هناك جانب آخر لأزياء «باربي»، وهو أنها كانت ملهمة في بعض الأوقات لتصاميم حقيقية، فمن ينسى أزياء النجمة مارغو روبي بطلة فيلم «باربي» التي حولت أزياء الدمية لحقيقة عبر ارتدائها لنسخ من تصاميم شهيرة ظهرت على الدمية البلاستيكية من قبل؟! وفي العرض أيضاً نسخة من زي ارتدته المغنية الأميركية بيلي آيليش، وهو فستان باللون الأخضر مع سترة طويلة وإيشارب زهري اللون على الرأس، هذا الذي ظهرت به الدمية في عام 1965.

من جانب آخر، يسلط العرض الضوء على تعاون مصممي الأزياء العالميين مع ماركة «باربي» وتصميم الأزياء خصوصاً لها، مثل زي من تصميم أوسكار دي لا رينتا، وهو الأول في قائمة من المصممين الذين صمموا خصوصاً للدمية. وسيتمكن الزوار من تتبع الصور المتغيرة للأزياء السائدة على مدار السنوات الـ65 الماضية من خلال المعرض، وسيشاهدون تأثير المصممين - من كلير مكارديل وكريستيان ديور، إلى نولان ميلر وزاك بوسن - على اختيارات أزياء «باربي».

باربي والأزياء (المتحف)

أما شعر «باربي»، فله ركن خاص مكتمل بثريا مصنوعة من الشعر الأشقر الذي اشتهرت به الدمية، وعبر مجموعة من الدمى يسرد العرض قصة تطور تسريحات وألوان وقصات شعر الدمية التي واكبت آخر الصيحات؛ بداية من ذيل الحصان الأشقر أو الأسود إلى قصة شعر اشتهرت بها جاكلين كينيدي والشعر المجعَّد المنفوش أو المنسدل بكثافة على الكتفين.

يضم العرض أيضاً «باربي راكبة الأمواج» (سانسيت ماليبو باربي) التي حظيت بشعبية كبيرة في السبعينات، و«باربي ذات الشعر الطويل» التي طُرحت عام 1992، وتتميز بشعرها الطويل، وكانت النموذج الأكثر مبيعاً في العالم (10 ملايين نسخة).

وضمن الـ180 «باربي» في العرض نرى أيضاً أول «باربي» سوداء، وأول «باربي» من أصل لاتيني، وأول «باربي» آسيوية، وأول دمية «باربي» مصابة بمتلازمة داون، وأول «باربي» على كرسي متحرك. وفي العرض «دمية باربي الوحيدة التي ذهبت إلى الفضاء»، وقد صُممت لتشبه الإيطالية سامانتا كريستوفوريتي، أول أوروبية تتولى قيادة محطة الفضاء الدولية. وقد اصطحبت الدمية معها إلى المحطة لـ6 أشهر.

* معرض «باربي» في «ديزاين ميوزيام» من 5 يوليو (تموز) إلى فبراير (شباط) 2025