معركة مبكرة في الخان الأحمر

أشعلت دعوات الوزراء الإسرائيليين لهدم قرية الخان الأحمر البدوية القريبة من القدس، معركة مبكرة في المكان، وأعادته إلى الواجهة مجدداً، بعدما ناورت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لسنوات طويلة، والتفت على قرار المحكمة العليا بهدم القرية، متجنبة تصعيداً أمنياً محتملاً وردود فعل أميركية وأوروبية ودولية معارضة.
ونظم فلسطينيون في القرية المنسية فعاليات للدفاع عنها والتضامن مع أهلها، بدعوة مباشرة من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وأقاليم حركة «فتح» وفصائل العمل الوطني الفلسطيني التي نادت للتصدي لمحاولات إخلاء الخان.
وقال مؤيد شعبان، رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أمام حشد من الفلسطينيين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية وشعارات ضد تهجير السكان، إن «وزراء حكومة الاحتلال المتطرفة سيذهبون إلى مزابل التاريخ، كما ذهب كل قادة الإجرام».
وخاطب شعبان أهالي القرية: «لن تكونوا وحدكم أمام آلة الإجرام الإسرائيلي، كل الشعب الفلسطيني سيكون معكم ولن يسمح بتمرير قرار الهدم، لن يسمح بالتهجير القسري، ولن يسمح بتحقيق الحلم الصهيوني القديم الجديد بتنفيذ مخطط (القدس الكبرى)». وأردف: «الخان لن يهدم وجرافة إسرائيلية واحدة لن تمر إلا على جثثنا».
ووصل الفلسطينيون إلى المكان مستبقين جولة كان يخطط لها أعضاء كنيست إسرائيليون لحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هدم القرية. ونفذ عضوا الكنيست عن «الليكود»؛ بولي إدلشتاين وداني دانون، جولة في محيط المنطقة، وتجنبوا الوصول إلى العمق خشية احتكاكات كما يبدو.
وكان دانون قد دفع طلباً الأسبوع الماضي، خلال جلسة لحزبه من أجل هدم المنطقة، لكن نتنياهو طلب جلسة مشتركة لوزراء الحكومة من أجل بلورة موقف والرد على المحكمة العليا التي طلبت في وقت سابق، تفسيراً عن عدم قيام الحكومة بتنفيذ إخلاء القرية الفلسطينية.
اقتحام دانون وإدلشتاين لمنطقة الخان جاء على الرغم من اتفاق نتنياهو مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على هدم أي مبنى فلسطيني جديد غير مرخص في المنطقة «ج» بالضفة، وإرجاء مسألة الخان الأحمر من أجل مزيد من المشاورات.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إنه تم التوصل إلى هذا القرار من أجل تبديد التوتر القائم بين وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت من جهة، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يتولى منصب وزير في وزارة الجيش، وله صلاحيات حول الأمور المدنية المتعلقة بالضفة الغربية، ووزير الداخلية إيتمار بن غفير من جهة ثانية.
ورحب نتنياهو بالاتفاق بين الوزيرين، مما سيؤدي إلى تنقية الأجواء وإزالة التوتر بينهما.
وكان بن غفير قد استعرض أمام جلسة الحكومة الأسبوعية الأحد، ما وصفه بالبناء غير المرخص للفلسطينيين بالمناطق المصنفة «ج» في 5 مواقع، وطالب بإزالتها جميعاً إلى جانب إزالة قرية الخان الأحمر، كما أزال الجيش بؤرة استيطانية عشوائية قرب نابلس الجمعة، وفجرت خلافات داخلية في الحكومة.
وصدر أول قرار بإخلاء الخان الأحمر عام 2018، لكن نتنياهو الذي كان يقود الحكومة آنذاك، امتنع عن إخلاء القرية بسبب تمسك أهلها بها وتنظيم الفلسطينيين حملات اعتصام واسعة في المكان، وبسبب الموقف الأميركي والأوروبي المعارض وحملة تضامن دولية واسعة، وهذا ما فعلته الحكومة اللاحقة (تأجيل الإخلاء).
تجمع الخان الأحمر هو تجمع بدوي بين القدس وأريحا أغلبه من خيام ومساكن من الصفيح. وتقول المحكمة العليا إن أبنية الخان الأحمر بنيت من دون تصاريح وتشكل تهديداً على السكان بسبب قربها من الطريق السريع، ويقول الفلسطينيون إن الهدف هو بناء مخطط «إي 1»، وهو مخطط استيطاني ضخم، هدفه تشبيك المستوطنات الإسرائيلية بقلب الضفة الغربية، ويزيد من حدة عزل القدس الشرقية عن سائر أجزاء الضفة الغربية، ويمس بالتواصل الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها.