مصر: هل تُنهي «مقبرة العظماء» أزمات هدم أضرحة المشاهير؟

مقترح برلماني يهدف إلى محاكاة «البانثيون» في باريس

مقبرة طه حسين (فيسبوك)
مقبرة طه حسين (فيسبوك)
TT

مصر: هل تُنهي «مقبرة العظماء» أزمات هدم أضرحة المشاهير؟

مقبرة طه حسين (فيسبوك)
مقبرة طه حسين (فيسبوك)

جدد مقترح برلماني بإنشاء «مقبرة للعظماء» في العاصمة الإدارية الجديدة بمصر على غرار نظيرتها في باريس «البانثيون»، الأمل في إيجاد حل نهائي وحضاري لأزمة هدم أو إزالة أضرحة رموز مصرية تاريخية.
وكانت لجنة «الثقافة والإعلام والسياحة والآثار» بمجلس الشيوخ المصري قد وافقت أمس، على مقترح مقدم من النائب محمد فريد بإنشاء المقبرة نظراً لـ«عمليات التطوير القائمة في البنية التحتية، ومنها إنشاء ورفع كفاءة شبكات الطرق في أرجاء الدولة كافة، التي ظهرت معها أزمة بسبب وقوع بعض مقابر الشخصيات التاريخية التي أثرت في نهضة البلاد ضمن نطاق خطط التطوير»، بحسب فريد.
ويتضمن المقترح تشكيل لجنة علمية لاختيار الشخصيات التي سيوضع رفاتها ضمن تلك المقبرة، وكذلك إقامة مسابقة بين «شباب المعماريين» لاختيار أفضل تصميم لتلك المقبرة المقترحة. كما شدد النائب على أهمية أن تكون المقبرة معلماً سياحياً يجذب الزوار الأجانب من جميع أنحاء العالم.
وتُعَدُّ مقبرة «البانثيون» أحد أشهر المزارات السياحية في باريس، وتحل في المركز الخامس ضمن الوجهات الأبرز في «عاصمة النور»، حيث يتردد إليها ما يقرب من 10 ملايين سائح سنوياً. وتقع المقبرة في أحد أشهر أحياء العاصمة الفرنسية، وهو «الحي اللاتيني»، حيث تحولت منذ القرن السادس عشر إلى مقر الدفن الرئيسي لما يقرب من 90 شخصية عامة، من بينهم فلاسفة وعلماء وقادة مثل فولتير وجان جاك روسو وألكسندر دوما، والفيزيائية ماري كوري، الحاصلة على جائزة نوبل مرتين.
ويتجدد في مصر بين الحين والآخر الجدل بشأن وجود بعض الأضرحة التي تخص مشاهير ومهددة بالإزالة، بسبب خطط لربط القاهرة بالعاصمة الإدارية بشبكة من المحاور والطرق الحديثة، أو لوجود مخطط لتطوير بعض المناطق في «القاهرة التاريخية»، منها مقابر عميد الأدب العربي طه حسين، والأديب يحيى حقي صاحب الرواية الشهيرة «قنديل أم هاشم»، والمفكر أحمد لطفي السيد، وسط تأكيدات رسمية بتقديرها للرموز كافة، وحرصها على الحفاظ على المقابر ذات البعد الأثري أو القيمة التاريخية.
ويتخوف المؤرخ والباحث التاريخي د. خالد عزب، من أن «يتسبب نقل مقابر شخصيات تاريخية من أماكنها القديمة، في افتقاد تلك الرموز السياق الجغرافي والتاريخي الخاص بها. فلا يتصور على سبيل المثال، نقل رفات الإمام السيوطي إلى مكان جديد، لأنه ارتبط بالقاهرة القديمة على كل المستويات»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «فكرة بناء مقابر للعظماء في العاصمة الجديدة فكرة إيجابية لو اقتصرت على عظماء المستقبل فقط، مع الإبقاء على المقابر القديمة على حالها».
ويرى الباحث الأثري بسام الشماع، أن فكرة جمع عظماء مصر في مقبرة واحدة، قد تكون غير عملية «بسبب تنوع وتراكم الأسماء الجديرة بهذه الصفة»، على حد تعبيره، متسائلاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «على أي أساس، ووفق أي معايير سوف يُحكم على شخصية دون الأخرى بالعظمة؟».
ويتفق أستاذ علم الاجتماع د. سعيد المصري مع فكرة أن إقامة مقبرة واحدة قد تكون غير عملية، قائلاً إن «إقامة مقبرة العظماء في باريس، تمت على أساس ديني وسياسي. وأغلب المدفونين فيها من رجال الدين والضباط والسياسيين. وفي مراحل لاحقة، ضمت المقبرة بعض الفلاسفة والعلماء والأدباء والفنانين».
وأضاف المصري لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «لا أتصور أن الفكرة يمكن أن تصلح في مصر لأسباب تتعلق بالخلاف المحتمل حول المعايير التي يتم الاستناد إليها في تحديد العظماء، فضلاً عن احتمالات التوظيف الاجتماعي والسياسي والطبقي والديني لمعنى العظمة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
TT

صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)
جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)

تحوّل صديقان بريطانيان من «كاشفي معادن» إلى «سجينين» بعد أن أُدينا بسرقة أحد أكبر الكنوز المكتشفة في تاريخ الجزر البريطانية، بقيمة 3 ملايين جنيه إسترليني (نحو 4 ملايين دولار).

وتعود جذور القصة إلى أكثر من ألف عام، وتحديداً إلى أوائل العصور الوسطى في بريطانيا، عندما دُفنت مجوهرات ذهبية وسبائك فضية ومئات العملات المعدنية على يد شخص مجهول، يُرجَّح أنه عضو في أحد جيوش الفايكنغ التي كانت تنسحب من بريطانيا آنذاك، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وفُقدت هذه الكنوز في غياهب التاريخ حتى صباح أحد أيام يونيو (حزيران) 2015، عندما بدأ كاشفا المعادن جورج باول، من مدينة نيوبورت الويلزية، وصديقه لايتون ديفيز، من بونتيبريد المجاورة، في مسح أرض في حقل بمقاطعة هيريفوردشاير، وعندها اكتشف الثنائي الكنز المفقود منذ زمن طويل، وظنا أنهما سيُصبحان أغنياء وأن حياتهما ستتغير إلى الأبد.

لكن واحدة فقط من الأمنيتين تحققت، فقد تغيرت حياتهما إلى الأبد.

ويحتاج أي شخص إلى إذن من مالك الأرض للكشف في أرضه، ولم يكن لدى باول وديفيز إذن بالوجود في الحقل الذي اكتشفا فيه الكنز. ثم، بدلاً من إبلاغ مالك الأرض والطبيب الشرعي المحلي بالاكتشاف خلال 14 يوماً كما يقتضي القانون، وضع الثنائي الكنز في كيس بلاستيكي وعادا من حيث أتيا، ونشرا صور اكتشافهما على موقع متخصص في الكشف عن الكنوز.

وحذف الصديقان الصور من الموقع ومن هواتفهما بعد ذلك بوقت قصير، لكن الإنترنت وبرامج الكشف التابعة للشرطة «لا تنسى أبداً»، وفق «بي بي سي».

وحاول باول معرفة المزيد عن الكنز بالتواصل مع تاجر العملات، بول ويلز، في متجر تحف بكارديف. وكان ويلز برفقة تاجر التحف، جيسون سلام، وعندما رأى نحو 12 عملة فضية معروضة على طاولة، صُدم. وقال ويلز: «بدت كما لو أنها دُفنت في الأرض يوم سكها. كما لو أنها لم تُستخدم قط لشراء شيء». وأضاف: «للوهلة الأولى، ظننت أنها من العصور الوسطى، من القرن الحادي عشر أو الثاني عشر». أما سلام فكان أكثر حماسة وقال إنها ربما تعود إلى القرن السابع أو الثامن.

كذب باول وديفيز وأخبرا التجار أنهما حصلا على إذن من مالك الأرض للحفر، قبل أن يُخرجا «أجمل ما عُثر عليه»، ثلاث قطع من المجوهرات الذهبية.

وحذّر التاجران الرجلين من أنهما في منطقة خطرة، وعليهما الإعلان بصورة قانونية عن هذا الاكتشاف، لكن ويلز قال إن باول «لم يُصغِ لما قاله». وافق ويلز بعد ذلك على أخذ بعض العملات المعدنية و«الاعتناء بها».

تناهى الأمر إلى مسامع بيتر ريفيل، الذي كان مسؤولاً عن الاكتشافات في برنامج الآثار المحمولة بالمتحف البريطاني عام 2015. وقال: «كانت هناك إشاعة تدور حول العثور على شيء مهم، والتفاصيل هي أن أحدهم عثر على كنز ضخم من العملات المعدنية من العصور الوسطى، وكان هناك ما لا يقل عن 300 عملة معدنية».

استعان ريفيل بشبكة خبراء الكشف الأثري لديه لمعرفة ما إذا كان أي شخص قد سمع أي شيء مؤكد، وعادوا جميعاً قائلين إنهم سمعوا الشيء نفسه تقريباً: «عُثر على كنز ضخم من العصور الوسطى».

وصلت الصور المحذوفة التي نشرها باول وديفيز على الإنترنت إلى ريفيل، الذي بحث عن عنوان بريد إلكتروني للصديقين، وأخبرهما أن أمامهما 14 يوماً للإبلاغ عن الاكتشاف. لكن باول وديفيز لم يلتزما بالنصيحة مرة أخرى.

فلقد سلما المجوهرات لمتاحف ويلز، لكن معظم العملات المعدنية الـ300 ظل «مفقوداً». وعند هذه النقطة، بدأت الشرطة التحقيق.

وفي عام 2019، تمت إدانة باول وديفيز بالسرقة و«إخفاء ما عثرا عليه». وحُكم على باول بالسجن عشر سنوات، خُفِّضت لاحقاً إلى ست سنوات ونصف عند الاستئناف، بينما سُجن ديفيز ثماني سنوات ونصف، خُفِّضت لاحقاً إلى خمس سنوات. وأُدين ويلز، تاجر العملات، بـ«إخفاء ما عثر عليه»، وحُكِم عليه بالسجن 12 شهراً مع إيقاف التنفيذ.

قضى باول وديفيز عقوبتيهما، لكن المحكمة أمرتهما لاحقاً برد نحو 600 ألف جنيه إسترليني لكلٍّ منهما، لاعتقاد القاضي أنهما ما زالا يُخفيان بشكل غير قانوني ما يصل إلى 270 قطعة نقدية ومجوهرات بهدف التربح منها.

وبعد جلسة استماع لإنفاذ الحكم في سبتمبر (أيلول) 2024، حُكم على ديفيز بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر إضافية لتخلفه عن سداد مبلغ الـ600 ألف جنيه إسترليني. أما باول، فقد فر هارباً، وأُلقي القبض عليه في نهاية المطاف واحتُجز في إدنبرة، قبل إطلاق سراحه في ديسمبر (كانون الأول). لكن عندما كان من المقرر أن يمثل أمام المحكمة في يناير (كانون الثاني) 2025 للرد على تهمة عدم سداد مبلغ الـ600 ألف جنيه إسترليني، هرب مرة أخرى، ولا يزال هارباً حتى الآن.