بوركينا فاسو تعمق جراح فرنسا في أفريقيا وتمنحها مهلة شهر لسحب قواتها

على خطى مالي... هل تتجه بوركينا فاسو نحو التعاون مع روسيا؟

مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)
مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)
TT

بوركينا فاسو تعمق جراح فرنسا في أفريقيا وتمنحها مهلة شهر لسحب قواتها

مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)
مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)

علقت السلطات الانتقالية التي تحكم دولة بوركينا فاسو، العمل باتفاق عسكري موقع مع فرنسا منذ 2018، وطلبت من باريس سحب 400 من قواتها الخاصة يتمركزون في البلد الأفريقي بحجة محاربة الإرهاب، وهي خطوة كانت متوقعة بسبب توتر العلاقات بين فرنسا ومستعمرتها السابقة التي تعاني من هجمات إرهابية متصاعدة منذ 2015.
يأتي قرار السلطات العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو، ليعقّد من وضعية الفرنسيين في غرب أفريقيا، وخاصة في منطقة الساحل؛ إذ ألغت سلطات مالي المجاورة لبوركينا فاسو اتفاقها العسكري مع فرنسا، مما أرغم الفرنسيين العام الماضي على سحب قواتهم نحو النيجر المجاورة.
وأوردت وكالة الأنباء الحكومية، أن «بوركينا فاسو علقت (الأربعاء) الماضي الاتفاق الذي ينظم منذ 2018 وجود القوات المسلحة الفرنسية على أراضيها»، وأوضحت في خبر مقتضب أن قرار التعليق صدر يوم 18 يناير (كانون الثاني) الحالي، مشيرة إلى أنه «يمنح بموجب شروط اتفاق 17 ديسمبر (كانون الأول) 2018 شهراً واحداً للقوات المسلحة الفرنسية لمغادرة أراضي بوركينا فاسو».
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» (فرانس برس) عن مصدر قريب من الحكومة في بوركينا فاسو، أن الأخيرة طلبت «مغادرة الجنود الفرنسيين في أسرع وقت ممكن»، وأضاف المصدر نفسه أن الأمر «لا يتعلق بقطع العلاقات مع فرنسا. الإخطار يتعلق فقط باتفاقات التعاون العسكري».
وأضافت الوكالة الفرنسية أن مصادر وصفتها بالمطلعة أكدت لها أن «الخيار الذي تفضله فرنسا هو إعادة نشر قواتها الخاصة في جنوب النيجر المجاور، حيث ينتشر زهاء ألفي جندي فرنسي»، وسبق أن استقبلت النيجر آلاف الجنود الفرنسيين المنسحبين من دولة مالي، بالإضافة إلى جنود متمركزين في النيجر منذ عدة سنوات بموجب اتفاق عسكري ثنائي بين البلدين.
وحين منحت فرنسا الاستقلال لمستعمراتها السابقة في منطقة غرب أفريقيا، منتصف القرن العشرين، ظلت ترتبط معها باتفاقيات عسكرية تخضع للتجديد بشكل دائم، وكانت آخر مراجعة لها بعد موجة الإرهاب التي تجتاح منطقة الساحل منذ قرابة 10 سنوات، وهو ما سمح للفرنسيين بنشر قوات لمحاربة تنظيمي «القاعدة» و«داعش».
وفي السنوات الأخيرة تصاعدت وتيرة الرفض الشعبي للوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، كما صعد بقوة التيار المناهض لفرنسا في أغلب دول غرب أفريقيا، وواجهت أنظمة هذه الدول انتقادات قوية تتهمها بالتنازل عن سيادتها لصالح فرنسا، كما تتهم الفرنسيين بالفشل في القضاء على خطر الإرهاب.
في غضون ذلك، قال الكابتن إبراهيم تراوري، الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو الذي وصل إلى السلطة إثر انقلاب عسكري نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أمام طلاب جامعيين، إن «النضال من أجل السيادة بدأ»، ومع أنه لم يشرح أكثر، ولكن التصريحات كانت متزامنة مع مظاهرات واحتجاجات في مدن البلاد ترفض الوجود العسكري الفرنسي.
وخرجت آخر هذه المظاهرات يوم الجمعة الماضي، في العاصمة واغادوغو، وطالب المشاركون فيها بطرد القوات الفرنسية من بوركينا فاسو وإغلاق قاعدة عسكرية فرنسية موجودة في البلد منذ عدة عقود، بل إن متطرفين دعوا إلى قطع العلاقات مع فرنسا وطرد السفير، على غرار ما قامت به دولة مالي المجاورة.
وأوفدت باريس نائبة وزير الخارجية الفرنسي ونفت خريسولا زخاروبولو، إلى بوركينا فاسو الأسبوع الماضي؛ إذ التقت الكابتن إبراهيم تراوري، كما نفت كل الاتهامات الموجهة لبلادها بالتدخل في شؤون بوركينا فاسو، وقالت إن فرنسا «لا تفرض شيئاً (على بوركينا فاسو)، وإنما مستعدة لبناء مستقبل مشترك».
الدبلوماسية الفرنسية، كانت أكثر صراحة حين قالت: «لم آتِ إلى هنا للتأثير في أي خيار أو قرار، لا أحد يمكنه إملاء خياراته على بوركينا فاسو».
وخلال انقلاب سبتمبر الماضي، تعرضت السفارة الفرنسية للتخريب من طرف متظاهرين مناهضين لباريس، كما رُفعت أعلام روسيا، وظهرت مطالب باستبدال الروس بالفرنسيين، كشريك لمحاربة الإرهاب، ولكن السلطات العسكرية الحاكمة قالت إنها منفتحة على ما سمته «تنويع الشراكات».
وقال رئيس وزراء بوركينا فاسو، عقب لقاء جمعه الأسبوع الماضي بالسفير الروسي أليكسي سالتيكوف، إن «روسيا هي خيار المنطق في هذه الدينامية»، وأضاف: «نعتقد أن شراكتنا يجب أن تتعزز»، وتأتي هذه التصريحات في ظل حديث بعض التقارير عن زيارة سرية إلى موسكو قام بها رئيس الوزراء ديسمبر الماضي.


مقالات ذات صلة

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

العالم «مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

بدأت بوركينا فاسو التحقيق في «مذبحة» وقعت في قرية الكرمة شمال البلاد، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، على أيدي مسلحين يرتدون زي القوات المسلحة البوركينابية. وقُتل نحو 136 شخصاً في الهجوم، الذي وقع في 20 أبريل (نيسان) واتَّهم فيه مواطنون قوات الجيش بالمسؤولية عنه، لكنّ مسؤولين قالوا إن «مرتكبي المذبحة إرهابيون ارتدوا ملابس العسكريين»، في حين ندّدت الحكومة بالهجوم على القرية، في بيان صدر في 27 أبريل، دون ذكر تفاصيل عن الضحايا، قائلة إنها «تواكب عن كثب سير التحقيق الذي فتحه المدعي العام للمحكمة العليا في واهيغويا، لامين كابوري، من أجل توضيح الحقائق واستدعاء جميع الأشخاص المعنيين»

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

أعلن الجيش في بوركينا فاسو أن 33 من جنوده قتلوا في هجوم نفذته مجموعة إرهابية على موقع عسكري، يقع في شرق البلاد، وذلك في آخر تطورات الحرب الدائرة على الإرهاب بهذا البلد الأفريقي الذي يعاني من انعدام الأمن منذ 2015. وقال الجيش في بيان صحافي إن مجموعة من المسلحين هاجمت فجر الخميس موقعاً عسكرياً في منطقة أوجارو، شرق البلاد، على الحدود مع دولة النيجر، وحاصروا وحدة من الجيش كانت تتمركز في الموقع، لتقع اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وأعلن الجيش أن الحصيلة تشير إلى مقتل 33 جندياً وإصابة 12 آخرين، لكنهم في المقابل قتلوا ما لا يقلُّ عن 40 من عناصر المجموعة الإرهابية التي ظلت تحاصرهم حتى وصلت تعزيزات فكت عن

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الجماعات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، والتي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، بحسب مصدر قضائي، الاثنين، ذكر لوكالة «الصحافة الفرنسية»، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن «الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما في شمال إقليم ياتنغا»، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع ا

العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الهجمات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، التي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالاها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، حسب مصدر قضائي (الاثنين) ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما شمال إقليم ياتنغا، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع المتنوعة خ

أفريقيا مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

قال مسؤول من بلدة أواهيجويا في بوركينا فاسو، أمس الأحد، نقلاً عن معلومات من الشرطة إن نحو 60 مدنياً قُتلوا، يوم الجمعة، في شمال البلاد على أيدي أشخاص يرتدون زي القوات المسلحة البوركينية. وأضاف المدعي العام المحلي لامين كابوري أن تحقيقاً بدأ بعد الهجوم على قرية الكرمة في إقليم ياتنجا في المناطق الحدودية قرب مالي وهي منطقة اجتاحتها جماعات إسلامية مرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش» وتشن هجمات متكررة منذ سنوات. ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل بشأن الهجوم، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مارس (آذار) أن هجمات الجماعات المسلحة على المدنيين تصاعدت منذ عام 2022 ب

«الشرق الأوسط» (واغادوغو)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.