كيفن سبيسي ومحاولة الصعود من الهاوية

الممثل الأميركي يعود إلى الضوء رغم الدعاوى والفضائح الجنسية

الممثل الأميركي مكرَّماً قبل أيام في إيطاليا (رويترز)
الممثل الأميركي مكرَّماً قبل أيام في إيطاليا (رويترز)
TT

كيفن سبيسي ومحاولة الصعود من الهاوية

الممثل الأميركي مكرَّماً قبل أيام في إيطاليا (رويترز)
الممثل الأميركي مكرَّماً قبل أيام في إيطاليا (رويترز)

خلال السنوات الخمس الأخيرة، جلس كيفن سبيسي في ظل الفضائح الجنسية التي اتُّهم بها. في فبراير (شباط) المقبل، يعود الممثل الأميركي إلى الضوء من خلال فيلم يشبه قصته. هو الذي اعتاد البطولة، يكتفي في الفيلم الإيطالي بدور مساعد، لكنه على الأرجح تعمّد دخول الشاشة الكبيرة من هذا الباب تحديداً، حتى وإن كان دوره ثانوياً في الفيلم. يروي «The Man who drew God»، حكاية رسّام كفيف يُتهم عن طريق الخطأ باستغلال طفلٍ جنسياً. أما سبيسي فيؤدي دور الشرطي الذي يحقق في القضية.
لم يتردد كاتب الفيلم ومخرجه فرانكو نيرو في ضمّ سبيسي إلى فريقه، رغم التهم الكثيرة التي طالت النجم الأميركي والتي ما زال يخضع للتحقيق بسببها. ويبدو أن إيطاليا تفتح ذراعيها لنجم مسلسل «House of Cards»، وتغضّ الطرف عن الفضائح التي أنزلته خلال السنوات الماضية عن عرش «هوليوود». فمنذ أيام، تسلّم سبيسي جائزة تكريمية عن مجمل أعماله وعن مساهمته في تطوّر السينما، من «المتحف الوطني للسينما» في مدينة تورينو الإيطالية.
بعد غياب طويل عن المناسبات العامة، أطلّ سبيسي للمرة الأولى شاكراً إدارة المتحف على تحلّيها بالجرأة والشجاعة لدعوته. يعلم صاحب الإنجازات السينمائية والتلفزيونية والمسرحية الكثيرة، أن «هوليوود» لفظته؛ فهو جزء أساسي من حملة «#MeToo»، ومتهمٌ باعتداءات جنسية يتخطى عددها العشرين، لكن رغم وطأة الفضيحة المتواصلة منذ عام 2017، حافظ سبيسي في الأعوام الماضية على برودة أعصابه وتماسُكِه. وعندما وقف في المتحف الإيطالي حاملاً جائزته ومتوجّهاً إلى الحضور، نفى أن يكون قد انسحب من الحياة العامة. وأضاف: «أعيش حياتي يوماً بيوم، أذهب إلى المطاعم، ألتقي الناس، أقود سيارتي، ألعب التنِس. لقد تعرّفت إلى أشخاص كرماء، حقيقيين ومتسامحين. لم أختبئ ولم أنتقل للعيش داخل مغارة».

حدث كل ذلك في وقتٍ كان سبيسي قد مَثُل لتوّه أمام إحدى محاكم لندن، نافياً عبر الفيديو تورّطه في اعتداءات جنسية في العاصمة البريطانية، إبّان تسلّمه الإدارة الفنية لمسرح «The Old Vic» العريق بين عامَي 2001 و2013. على طريقة «فرانك أندروود»؛ الشخصية التي أدّاها في مسلسل «House of Cards»، يتعامل سبيسي مع الضغوط والكوارث. يتفادى الانفعال، بل يتسلّح بابتسامةٍ صغيرة يخبّئ تحتها مخططاته للمواجهة والفوز، مهما كلّف الأمر. فبعدما انهمرت التُّهم فوق رأسه دفعة واحدة، اكتفى بالقول إنه سيأخذ بعض الوقت لإعادة تقييم الأمور والعلاج.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وعندما صدرت في حقه أول تهمة تحرّش من قِبَل الممثل أنطوني راب، سارعت «نتفليكس» إلى إنهاء عقدِها معه، مستبعدةً إياه عن الموسم السادس والأخير من المسلسل. انسلخ سبيسي عن «أندروود»، بعد 5 مواسم قدّم خلالها شخصية الرئيس الأميركي في أداءٍ آسِر، إلا أن «أندروود» لم يخرج يوماً من تحت جلد سبيسي؛ فبعد سنةٍ على الإعصار الذي عصف بمسيرته المهنية، أطلّ عبر صفحته على «يوتيوب» ليلة عيد الميلاد، متقمّصاً إياه. وقد تحوّلت تلك الإطلالة الميلادية إلى تقليد سنوي، يستفيد منه الممثل الأميركي لتبرئة نفسه حيناً، ولتوجيه رسائل الحب إلى جمهوره أحياناً. لم ينسَ يوماً أنه كان «الرئيس المفضّل» عند الأميركيين. أما هم فربما نسَوا ذلك...

كان لحملة «#MeToo» المناهضة للتحرّش وقعُ المقصلة على أعناق نجوم «هوليوود»، ومن بينهم سبيسي. تراكمت التهم في حقه، كما ارتبط اسمه باسم رجل الأعمال جيفري إبستين الذي سُجن بسبب التحرّش والاعتداء الجنسي. بعد مرور أكثر من 5 أعوام على القنبلة التي فجّرها الممثل أنطوني راب في وجهه، ما زال سبيسي يُرشَق حتى اليوم بتُهم التحرّش. ومع أنه يصر على نفيها كلها، يعود إلى المحكمة في لندن في يونيو (حزيران) المقبل ليواجه من جديد أكثر من 10 ادّعاءات.
يتّضح أن غالبية المدّعين هم من الشبّان الذين التقاهم سبيسي خلال عمله في لندن. يُضاف إليهم بعض الممثلين والمخرجين الأميركيين. هو الذي لطالما أبقى حياته الخاصة بعيدةً عن الأضواء، اضطر إلى الإفصاح عن مثليته الجنسية على أثر الاتهامات. وبعد أن أمضى سنوات مجده الثلاثين وهو يصف والده في المقابلات على أنه «رجل عادي جداً ينتمي إلى الطبقة المتوسطة»، اعترف منذ أشهر بأنه كان «متعصباً لأصحاب البشرة البيضاء وعنصرياً ومنتمياً إلى النازيين الجدد».
بين صعوده إلى خشبة «برودواي» عام 1986، وحتى آخر مشهد قدّمه في مسلسل «House of «Cards على «نتفليكس» في ربيع 2017، كان كيفن سبيسي محبوب الأميركيين، ورقماً صعباً في عالم السينما والمسرح والتلفزيون. برز كأحد أهم ممثلي جيله حاصداً جائزتَي «أوسكار» عن دورَيه في كلٍّ من «The Usual Suspects» عام 1995، و«American Beauty» عام 1999. خُصصت له نجمة على ممشى المشاهير في هوليوود، ومُنح رتبة «فارس» من الإمبراطورية البريطانية عام 2016. في مقابل ذلك، احترف سبيسي لعبة الأقنعة، وتحت الجوائز والألقاب والأدوار البارزة، خبّأ ماضياً ثقيلاً لم يبدأ بالفضائح الجنسية، بل داخل منزل الطفولة.


سبيسي بدور فرانك أندروود في مسلسل House of Cards (نتفليكس)
يخبر شقيقُه في حديث صحافي، أن والدهما توماس فاولر كان متعسفاً جسدياً وجنسياً، وأن كيفن كبت مشاعره وتحوّل إلى ولد ماكر وذكي ليتجنّب التعنيف. ذاك الأب الذي لم يحمل سبيسي اسمَه، مفضّلاً كنية جدته، لطالما شكك في قدرات ابنه التمثيلية، ولم يقتنع به إلا بعد أن أصبح مشهوراً.
يحاول سبيسي اليوم أن يسترجع بعضاً من تلك الشهرة، وهو عاد إلى العمل من خلال عدد من الإنتاجات الأوروبية والبريطانية، غير أن تلك العودة لا تروق لمعظم جمهور «السوشال ميديا»، الذي استنفر غاضباً بعد الإعلان عن أفلام سبيسي المرتقبة. هو الذي عُرف بأدوار الأشرار طيلة مسيرته التمثيلية، يرجع من خلال أدوار أقل شراً، في مسعًى للصعود من الهاوية السحيقة التي رُمي فيها، وهو في قمة نجوميته.


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.