«خلي بالك من زوزو»... من السينما المصرية إلى الفن التشكيلي

150 لوحة تحتفي بالفيلم بمناسبة مرور نصف قرن على عرضه

لوحة «يا واد يا تقيل» للفنان حسن مصطفى
لوحة «يا واد يا تقيل» للفنان حسن مصطفى
TT

«خلي بالك من زوزو»... من السينما المصرية إلى الفن التشكيلي

لوحة «يا واد يا تقيل» للفنان حسن مصطفى
لوحة «يا واد يا تقيل» للفنان حسن مصطفى

مباراة فنية مصرية جمعت الفن السينمائي والتشكيلي، عبرت عنها 150 لوحة احتفت بأبطال الفيلم السينمائي الشهير «خلي بالك من زوزو»، قدمها 60 فناناً تشكيلياً من مختلف الأجيال، حاولوا التكامل - وليس التنافس - في معرض فني بالقاهرة.
جاءت فكرة المعرض الجماعي «خلي بالك من زوزو»، الذي حاول الاحتفاء بتلك الأيقونة الاستعراضية الشهيرة بمناسبة مرور 50 عاماً على عرض الفيلم الشهير بدور العرض المصرية، من خلال نقله من «الحالة السينمائية» إلى «الحالة التشكيلية»، عبر تحويل اللقطات المشهدية إلى سرديات لونية، يُعبر كل فنان بها عن رؤيته الخاصة للفيلم، الذي صُنف ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
«خلي بالك من زوزو» جاء عرضه الأول في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 1972. سيناريو وحوار صلاح جاهين وإخراج حسن الإمام، ومن بطولة سعاد حسني وحسين فهمي وتحية كاريوكا وسمير غانم ومحيي إسماعيل، وحقق رقماً قياسياً في الإيرادات حينها، حيث إن مدة عرضه داخل دور السينما في مصر استمرت لمدة عام كامل.

الفنانة نجوى مهدي، المديرة الفنية لغاليري «أوديسي» بالقاهرة، الذي يحتضن المعرض، توضح لـ«الشرق الأوسط»، أنها «تحمست لفكرة المعرض بعد أن عرضها عليها الفنان التشكيلي سمير عبد الغني، التي استلهمها من كتاب الروائي حجاج أدول عن الفيلم، والذي كان الشرارة التي انطلقت منها الفكرة، وكذلك لكونها تجربة مختلفة تبتعد عن الروتين المعتاد للمعارض التشكيلية، إلى جانب أن فيلم (خلي بالك من زوزو) كان بأبطاله وأغنياته الشهيرة مصدراً من مصادر البهجة وقت عرضه».
تراوحت أعمال المعرض بين عدد من «البروفايلات» لبطلة الفيلم، ولوحات نقل أصحابها مشاهد ولقطات شهيرة بالعمل، وأخرى تجولت بين أبطاله عبر المنحوتات والتكوينات.
من التجارب البارزة في رسم البورتريه، عمل للفنانة فاطمة حسن، التي تقول: «كانت سعاد حسني مميزة بنظراتها وشقاوتها... ولهذا اخترت أن تطل من خلال لوحتي على متذوقي الفن التشكيلي بهذه النظرة». وتضيف: «أنا من أشد المعجبات بالسندريلا، ودائماً أراها رمزاً للفتاة الجميلة والرقيقة والرومانسية، ولهذا اخترت طلة لها في الفيلم تجمع كل تلك الصفات، وعبر نظرة بعينيها تفيض بدفء المشاعر لكل من يراها». وتتابع: «رغم بساطة ملامح وجمال سعاد حسني؛ فإنها من الوجوه الصعبة في الرسم، وللعلم فقد رسمت هذه اللوحة 4 مرات، وفي كل مرة كنت أقوم بإلغاء العين وأبدأ في رسمها مجدداً حتى وصلت إلى ما أريد التعبير عنه».

استخدمت فاطمة حسن الألوان الزيتية كونها غنية باللون والمشاعر، كما أنها أكثر خامة قادرة على إيصال درجة لون البشرة، واستخدمت زخارف ذهبية في خلفية لوحتها لتوصيل حالة فنية للمتلقي توحي بالدمج بين التصوير والتصميم.
يستمر المعرض في سرد هذه القصة السينمائية عبر لوحة وموديل للفنانة نيها حتة، التي تقول: «استوحيت من الفيلم ومن فترة السبعينيات (موديلاً) باسم (زوزو 2023)، مع اختيار ملابس وألوان وإكسسوارات بعينها كثيمة تدل على هذه الحقبة، حيث تراوحت ملابس الموديل بين درجة الأحمر الناري مع الأسود، وأضفت بعض الحلي المميزة للطبقة البرجوازية، مع القبعة والحذاء الأحمر الذي ارتدته (زوزو)، كما أضفت للتصميم ورق الصحف، لكون الصحافة كان لها وضع مميز في السبعينيات وقرائية عالية، لكونها كانت تنقل للقراء تجهيزات وأخبار حرب أكتوبر (تشرين الأول)، إلى جانب فيلم تصوير فوتوغرافي (نيجاتيف) الذي كان رائجاً وقتها».

إلى جانب الموديل؛ قدمت نيها حتة لوحة تعبيرية تجريدية، جمعت فيها عدداً من مشاهد بالفيلم، بينما كان شريط السينما هو الرابط بينها، كما تظل مجدداً أوراق الصحف، بنفس فكرة تقديمها في الموديل، للربط بين العملين.
وفي محاكاة للفكرة، وتكاملاً لروح السبعينيات؛ ظهرت الفنانة خلال افتتاح المعرض بملابس تحاكي تلك الحقبة، إلى جانب ارتداء كوليه وحقيبة يد طبع عليهما صور سعاد حسني.

في جانب آخر من المعرض، يقدم الفنان حسني أبو بكر رؤيته الخاصة للفيلم، يشرحها بقوله: «اخترت أن تكون مشاركتي بالمعرض بلوحة بعنوان (جمعاء)، التي اشتهر بترديدها في الفيلم الفنان محيي إسماعيل، وتأتي اللوحة لتترجم انفعالي بفكرة الفيلم الأساسية، وهي أننا بصفتنا بشراً نكمل بعضنا بعضاً، ولا أحد أفضل من أحد، وأن نذيب الفوارق الاجتماعية بألا نجعلها حاجزاً أمام العلاقات الاجتماعية، فتقبل الآخر والتكامل معه والاحتياج إليه هو رسالة الفيلم». ويضيف: «رأينا في الفيلم أيضاً بعض الأفكار السلبية، التي يحاول البعض نشرها وفرضها على الغير، وهو ما حاولت إبرازه في لوحتي».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
TT

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، وتستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على الفنون المعاصرة والحضور الشبابي، مع تقديم عدد من العروض في جامعة الفيوم.

وشهد حفل انطلاق المهرجان تكريم الممثلة المصرية إلهام شاهين، والمنتجة التونسية درة بو شوشة، إضافة إلى الممثل المصري حمزة العيلي، مع حضور عدد من الفنانين لدعم المهرجان، الذي استقبل ضيوفه على «سجادة خضراء»، مع اهتمامه وتركيزه على قضايا البيئة.

وتحدثت إلهام شاهين عن تصويرها أكثر من 15 عملاً، بين فيلم ومسلسل، في الفيوم خلال مسيرتها الفنية، مشيدة خلال تصريحات على هامش الافتتاح بإقامة مهرجان سينمائي متخصص في أفلام البيئة بموقع سياحي من الأماكن المتميزة في مصر.

وأبدى محافظ الفيوم، أحمد الأنصاري، سعادته بإطلاق الدورة الأولى من المهرجان، بوصفه حدثاً ثقافياً غير مسبوق بالمحافظة، مؤكداً -في كلمته خلال الافتتاح- أن «إقامة المهرجان تأتي في إطار وضع المحافظة على خريطة الإنتاج الثقافي السينمائي التي تهتم بالبيئة والفنون المعاصرة».

جانب من الحضور خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وبدأ المهرجان فعالياته الثلاثاء بندوات حول «السينما والبيئة»، ومناقشة التحديات البيئية بين السينما والواقع، عبر استعراض نماذج مصرية وعربية، إضافة إلى فعاليات رسم الفنانين على بحيرة قارون، ضمن حملة التوعية، في حين تتضمن الفعاليات جلسات تفاعلية مع الشباب بجانب فعاليات للحرف اليدوية، ومعرض للفنون البصرية.

ويشهد المهرجان مشاركة 55 فيلماً من 16 دولة، من أصل أكثر من 150 فيلماً تقدمت للمشاركة في الدورة الأولى، في حين يُحتفى بفلسطين ضيف شرف للمهرجان، من خلال إقامة عدة أنشطة وعروض فنية وسينمائية فلسطينية، من بينها فيلم «من المسافة صفر».

وقالت المديرة الفنية للمهرجان، الناقدة ناهد صلاح: «إن اختيارات الأفلام تضمنت مراعاة الأعمال الفنية التي تتطرق لقضايا البيئة والتغيرات المناخية، إضافة إلى ارتباط القضايا البيئية بالجانب الاجتماعي»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» حرصهم في أن تراعي الاختيارات تيمة المهرجان، بجانب إقامة فعاليات مرتبطة بالفنون المعاصرة ضمن جدول المهرجان.

وأبدى عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، الناقد السعودي خالد ربيع، حماسه للمشاركة في المهرجان بدورته الأولى، لتخصصه في القضايا البيئية واهتمامه بالفنون المعاصرة، وعَدّ «إدماجها في المهرجانات السينمائية أمراً جديراً بالتقدير، في ظل حرص القائمين على المهرجان على تحقيق أهداف ثقافية تنموية، وليس فقط مجرد عرض أفلام سينمائية».

إلهام شاهين تتوسط عدداً من الحضور في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيز المهرجان على تنمية قدرات الشباب الجامعي، وتنظيم ورش متنوعة لتمكين الشباب سينمائياً أمر يعكس إدراك المهرجان للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، التي ستُساعد في دعم المواهب الشبابية في الفيوم»، لافتاً إلى أن «اختيارات لجنة المشاهدة للأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان بمسابقاته الرسمية ستجعل هناك منافسة قوية، في ظل جودتها وتميز عناصرها».

يذكر أن 4 أفلام سعودية اختيرت للمنافسة في مسابقتي «الأفلام الطويلة» و«الأفلام القصيرة»؛ حيث يشارك فيلم «طريق الوادي» للمخرج السعودي خالد فهد في مسابقة «الأفلام الطويلة»، في حين تشارك أفلام «ترياق» للمخرج حسن سعيد، و«سليق» من إخراج أفنان باويان، و«حياة مشنية» للمخرج سعد طحيطح في مسابقة «الأفلام القصيرة».

وأكدت المديرة الفنية للمهرجان أن «اختيار الأفلام السعودية للمشاركة جاء لتميزها فنياً ومناسبتها لفكرة المهرجان»، لافتة إلى أن «كل عمل منها جرى اختياره لكونه يناقش قضية مختلفة، خصوصاً فيلم (طريق الوادي) الذي تميز بمستواه الفني المتقن في التنفيذ».