إطلاق أول مشروع سكني في لندن بعلامة تجارية من فيرساتشي

مكون من 50 طابقًا ويمتاز بتصاميم داخلية من إبداع دار الأزياء

«آيكُن ناين إلمز» يوفر نمط حياة متميزا وتصاميم عصرية
«آيكُن ناين إلمز» يوفر نمط حياة متميزا وتصاميم عصرية
TT

إطلاق أول مشروع سكني في لندن بعلامة تجارية من فيرساتشي

«آيكُن ناين إلمز» يوفر نمط حياة متميزا وتصاميم عصرية
«آيكُن ناين إلمز» يوفر نمط حياة متميزا وتصاميم عصرية

ما زالت لندن تحتفظ بمكانتها كواحدة من الأسواق العقارية الأكثر استدامة في العالم، بنمو سنوي قوي للأسعار يبلغ نحو 6 في المائة وفقًا لشركة الاستشارات العقارية «جي إل إل». ولهذا فليس غريبا أن تختار دار الأزياء الإيطالية الشهيرة «فيرساتشي هوم» أحد أحيائها الراقية لتبني فيه برجا سكنيا يحمل بصمتها في الديكور والتصميم الداخلي. إذا أعلنت شركة التطوير العقاري الفاخر «ديكو يو كيه بروبرتي هولدينغز ليميتد» (DICO UK Property Holdings Ltd)، وهي شركة تابعة ومملوكة لشركة «داماك إنترناشيونال ليميتد»، عن إطلاق مشروعها السكني الأول في لندن ليحمل علامة تجارية من عالم الأزياء، وهو برج مؤلف من 50 طابقًا، ويتضمن 360 وحدة سكنية بتصاميم داخلية من فيرساتشي، حيث تقوم «فيرساتشي هوم» بتصميم الردهة والمرافق بالإضافة إلى التصاميم الداخلية والتجهيزات لكل شقة.
ويمثل مشروع «آيكُن ناين إلمز»، الذي يوفر نمط حياة متميزا وتصاميم عصرية من فيرساتشي، مفهومًا فريدًا من نوعه وإضافة رائعة إلى سوق العقارات السكنية في هذه المدينة الثقافية والحيوية المذهلة».
يقع برج «آيكُن ناين إلمز» في قلب منطقة «ناين إلمز» التي تجاور منطقة «باترسي» بالعاصمة البريطانية، وتطل على نهر التيمس، وهي المنطقة التي تضاعفت فيها الأسعار بعد أن قررت السفارة الأميركية الانتقال إليها من «المايفير» الشهيرة والتي كانت تعتبر من أشهر وأفخر مناطق وسط لندن.
وقال جيان جياكومو فيراريس، الرئيس التنفيذي لشركة فيرساتشي: «فيرساتشي هي مرادف للموضة والترف وخوضها غمار أعمال العقارات يوفر فرصة الاستمتاع بنمط حياة فيرساتشي بشكل كامل. وفي السنوات الماضية أصبحت المشاريع السكنية الخاصة جزءًا استراتيجيًا من عالم فيرساتشي.
ويتألف برج «آيكن ناين إلمز» من مزيج من وحدات البنتهاوس الفاخرة، وشقق مختلفة من غرفة أو غرفتين أو ثلاث غرف نوم، بالإضافة إلى وحدات «مانهاتن ستوديو»، تطل على المدينة ونهر التيمس بمناظر بانورامية تمتد إلى قصر وستمنستر و«لندن آي».
وأضاف فيراريس: «اليوم بفضل التعاون مع ديكو يو كيه بروبرتي هولدينغز ليميتد وداماك التي عملنا معها لسنوات كثيرة، والتي نتشارك معها في رؤيتنا التي نسعى من خلالها للوصول إلى أعلى المعايير، فإننا نقدم المفهوم الأمثل لنمط عيش فيرساتشي في قلب مدينة لندن».
وتشمل مرافق البرج صالة للتمارين الرياضية فائقة الحداثة، وحمام سباحة داخليا، وردهة خاصة للمالكين، ومنطقة ألعاب للأطفال وسينما وحدائق على السطح، وهي جميعها من تصميم «فيرساتشي هوم».
ويتوقع المحللون أيضا أن تنمو أسعار العقارات بنحو 5 - 7 في المائة في السنوات المقبلة. وقال حسين سجواني رئيس مجلس إدارة شركة التطوير العقاري داماك في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «نشهد رغبة شديدة لدى مجموعة كبيرة من عملائنا العالميين للاستثمار في سوق العقارات الفخمة في لندن. ومن المخطط أن يتم إنجاز المشروع في عام 2020، ليكون أول مشروع سكني خاص بهذا الحجم في لندن صممته ووضعت تصوراته بشكل كامل دار أزياء فاخرة، حيث تهتم فيرساتشي بكافة تفاصيل التصميم الداخلي للمشروع.
وأضاف سجواني: «يمثل مشروع «آيكُن ناين إلمز» أيضا للمشترين المحتملين فرصة لا نظير لها لامتلاك منزل فخم في وسط لندن، على مقربة من وجهات التسوق الفاخرة مثل نايتسبريدج ومايفير وتشيلسي والحديقة المستقبلية لينير بارك». ويقدم لهم مشروع «آيكُن ناين إلمز» فرصة لا تضاهى للدخول إلى سوق لندن المستقرة والثابتة.
ويعمل على المشروع مجموعة كبيرة من الشركات المعروفة عالميًا، من بينها شركة «كون بيدرسون فوكس أسوسييتس» (KPF)، وهي واحدة من أبرز شركات الهندسة المعمارية في العالم، إلى جانب شركة «تيرنر آند تاونسن» (TT) وعدد من الشركات الاستشارية مثل «جي إل إل» (JLL) و«دبليو إس بي» (WSP).
تأسست شركة جياني فيرساتشي إس بي آي في عام 1978، وأصبحت من أشهر بيوت الأزياء العالمية. وتعمل الشركة تحت الإشراف الفني لدوناتيلا فيرساتشي منذ سنة 1997، في تصميم وتصنيع وبيع الأزياء ومنتجات نمط الحياة العصرية، بما في ذلك تصميم الأزياء الراقية، والأزياء الجاهزة للنساء والرجال، والجواهر، والساعات، والإكسسوارات، والعطور والأثاث.
كما تعتبر داماك واحدة من أكبر شركات تطوير العقارات الفاخرة في الشرق الأوسط وتتمتع بمحفظة متميزة للكثير من المشاريع في مختلف أنحاء المنطقة. وتميزت داماك بداية كمطور عقارات متخصص في ناطحات السحاب والوحدات السكنية الفاخرة الخاصة التي تمتاز بالجودة والكفاءة، والتي تقع في أكثر المواقع والمناطق جذبًا في دبي. إضافة إلى ذلك، تتعاون داماك حاليًا مع عدد من أشهر دور الأزياء والتصميم العالمية.
ومشروع «آيكن ناين إلمز» ليس هو التعاون الأول بين داماك و«فيرساتشي هوم»، إذ أتمت داماك العقارية تشييد برج سكني يحمل العلامة التجارية فيرساتشي (وهو برج الجوهرة) على ضفاف البحر الأحمر في مدينة جدة، كما ستنتهي قريبًا من إنجاز برج سكني فاخر في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، والذي يحمل أيضا تصاميم فيرساتشي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)