فوز العراق بـ«خليجي 25» يزيد الضغوط لتعميق الصلة بمحيطه العربي

وزير الثقافة لـ«الشرق الأوسط»: سخّرنا كل الجهود لإنجاح التقارب مع الأشقاء

اللاعب العراقي علي فايز خلال الاحتفالات على كورنيش شط العرب في البصرة أمس بفوز المنتخب العراقي ببطولة «خليجي 25» (رويترز)
اللاعب العراقي علي فايز خلال الاحتفالات على كورنيش شط العرب في البصرة أمس بفوز المنتخب العراقي ببطولة «خليجي 25» (رويترز)
TT

فوز العراق بـ«خليجي 25» يزيد الضغوط لتعميق الصلة بمحيطه العربي

اللاعب العراقي علي فايز خلال الاحتفالات على كورنيش شط العرب في البصرة أمس بفوز المنتخب العراقي ببطولة «خليجي 25» (رويترز)
اللاعب العراقي علي فايز خلال الاحتفالات على كورنيش شط العرب في البصرة أمس بفوز المنتخب العراقي ببطولة «خليجي 25» (رويترز)

في وقت لجأت فيه قيادات وزعامات عراقية بارزة إلى تجنب استخدام عبارة «الخليج العربي» عند تقديمها التهاني للمنتخب العراقي بفوزه بلقب «خليجي 25» في مدينة البصرة، فإن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، واصل تحديه للسلطات الإيرانية باستخدامه عبارة «الخليج العربي» في تغريدة التهنئة التي أصدرها بعد نهاية المباراة. وجاء موقفه فيما اكتفت زعامات وقيادات عراقية بعبارة «خليجي البصرة 25» أو حتى تهنئة عامة بالفوز وذلك، كما يبدو، بهدف تجنب استفزاز إيران التي اعترضت بشدة على استخدام العراقيين، مسؤولين ومواطنين، تسمية «الخليج العربي» اسماً لبطولة كرة القدم التي خطف لقبها العراق في مباراة مثيرة مع منتخب سلطنة عمان.
وكان لافتاً أن الصدر واصل تحديه لإيران، إذ كتب في تغريدة، بعد فوز العراق مباشرة، أن «بطولة (كأس الخليج العربي) في البصرة والتي فاز بها المنتخب العراقي أعادت العراق للصف العربي بثوب جديد يملؤه الحب والسلام». وأضاف الصدر: «كما نشكر كل المنتخبات العربية التي شاركتنا في هذه الدورة (...) فأهلاً بكم يا دول الخليج العربي في عراق العروبة والإباء».
إلى ذلك ومن فوق منصة «جذع النخلة» حيث جرت المباراة النهائية بين العراق وعُمان، ألمح رئيس الكتلة الصدرية المستقيلة في البرلمان العراقي حسن العذاري بإمكانية عودة كتلته ثانية إلى العمل السياسي. وقال العذاري في مقطع فيديو صغير انتشر على نطاق واسع: «مبارك الفوز، وإن شاء الله نرجع ونأخذها مثل ما أخذها المنتخب». وفيما لم يوضح العذاري تفاصيل عودة كتلته التي كانت قد فازت بأعلى المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي أجريت أواخر عام 2021، لكن صلاة الجمعة التي دعا إليها الصدر مؤخراً وحضرها عشرات آلاف المصلين منحت الصدريين دافعاً قوياً يشير إلى إمكانية عودتهم من جديد خلال الفترة المقبلة.
إلى ذلك، واصلت الجماهير والنخب العراقية السياسية والإعلامية ضغوطها باتجاه استثمار الأجواء الإيجابية التي أفرزتها بطولة خليجي البصرة التي أقيمت في العراق بعد 43 سنة على تنظيمه لها للمرة الأخيرة في أواخر سبعينات القرن الماضي و35 سنة على نيله اللقب الثالث في أواخر ثمانينات القرن الماضي، وذلك من خلال تعميق الصلة بين العراقيين والخليجيين على كل المستويات.
وفي هذا السياق، أكد وزير الثقافة والآثار والسياحة في العراق الدكتور أحمد الفكاك البدراني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «بطولة خليجي 25 مثّلت نقلة نوعية في المسارات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية فضلاً عن العلاقات المجتمعية، إذ إنها فتحت أبواب العراق ومطاراته لاستقبال الأشقاء الخليجيين والعرب، وفي ذات الوقت أوصلت رسالة إلى المجتمع الدولي تعلن أن العراق بات منطقة آمنة وخالية من الإرهاب الذي أقضّ مضاجع السياسيين». وأضاف وزير الثقافة العراقي أن «هذه البطولة قدّمت أروع صورة للعراقي وهو يجود بطبعه الأصيل»، مضيفاً أن «الحكومة العراقية تبنت هذه البطولة وسخّرت لها كل الإمكانات من أجل الاحتفاء بالأشقاء الخليجيين والعرب، وقد رفعت رسوم الدخول وأمّنت كل السبل من أجل إنجاح هذه البطولة».
وأكد البدراني أن «العرض التاريخي الذي جرى في افتتاح البطولة عكس أروع الصور عن مراحل حضارات العراق وصولاً إلى يومنا هذا، وكان لوزارة الثقافة والسياحة والآثار دور ريادي وبصمات واضحة منها الفنانون الذين حضروا، والأزياء التي عرضت أثناء الافتتاح أو الختام، ولم ندخر جهداً إلا أظهرتها فرقنا الوطنية وكذلك الدعم اللوجيستي مثل الفنادق والمطاعم والمتاحف».
من جهته، أشاد رئيس اتحاد الصحافيين العرب نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بـ«النجاح الكبير الذي تحقق عبر هذه البطولة من خلال دعم الإعلام العربي والإعلام الخليجي بشكل خاص من خلال نقل الصورة الإيجابية الحقيقية عن العراق بشكل عام والبصرة بشكل خاص، فضلاً عن الظاهرة الاجتماعية الكبرى عبر الكرم والترحيب، وهو ما جرى التعبير عنه بشكل عفوي لكنه أعطى صورة متكاملة عكست كل عناصر النجاح وإمكانية استثمار هذا النجاح». وأضاف اللامي الذي هو أيضاً عضو اللجنة التحضيرية العليا للبطولة: «سنعمل على أن تكون لدينا أنشطة وفعاليات مكثفة في بغداد لكي يأتي الزملاء من كل دول الخليج العربي لكي يروا بأنفسهم الصورة الأخرى غير النمطية عن العراق، وهذا من شأنه تكريس هذا النجاح والبناء عليه على كل المستويات»، مبيناً أن «القنوات الخليجية نقلت صورة رائعة عن العراق إلى المواطن الخليجي وهو أمر ستكون له انعكاساته الإيجابية مستقبلاً». وأوضح اللامي أن «أمر هذا النجاح لن يقتصر على العلاقة بين العراق ودول الخليج العربي إنما سيمتد إلى علاقة جادة بين العراق وكل الإعلاميين العرب في كل الدول العربية خصوصاً أننا نرأس اتحاد الصحافيين العرب، وبالتالي سنعمل على القيام بعقد العديد من الفعاليات والمبادرات».
أما مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الدكتور حسين علاوي فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بطولة خليجي 25 غيّرت وضع العراق والخليج والمنطقة العربية، ونقلته نحو مساحة جديدة من التفاعل بين الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية عبر الميادين الأخرى». وأضاف علاوي أن «الدبلوماسية الرياضية العراقية التي كسرت حواجز الـ43 سنة وما تحقق من إنجاز للعراق في مجال الدبلوماسية الرياضية عمل كبير يُحسب للمنتخب العراقي والشعب العراقي وتصميم حكومة السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كما أنه يُحسب بلا شك إلى دور محافظ البصرة والحكومة المحلية واتحاد كرة القدم واللجنة العليا المنظمة». وأوضح علاوي أن «الحكومة العراقية تعمل على تحويل هذه النتائج الاستراتيجية إلى سياسة عملياتية لزيادة قوة الأواصر مع دول الخليج العربي والدول العربية والدول الإسلامية من أجل أن تكون البصرة والمحافظات العراقية محطة اقتصادية وسياحية كبيرة، بالإضافة إلى أنها محطة للنفط والغاز والرياضة عبر فعاليات سياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية مقبل عليها العراق بشكل منظم».
وأكد علاوي أن «الحكومة ستعمل على برنامج التنمية والاستثمار لجذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا لتحديث وبناء البنى التحتية وتوفير فرص العمل، حيث إن العراق يمتلك فرصاً كبيرة ستقوم الحكومة بتسويقها من أجل تعظيم الفائدة الاقتصادية للبلاد، خصوصاً أن هذه البطولة أنهت مرحلة العزلة، وأعلنت بداية للحوار والعمل والشراكة في منطقة الخليج بعد عقود طويلة من الحرب وعدم الاستقرار».


مقالات ذات صلة

بيتزي مدرب الكويت يختار 30 لاعباً استعداداً لـ«خليجي 26»

رياضة عربية خوان أنطونيو بيتزي (منتخب الكويت)

بيتزي مدرب الكويت يختار 30 لاعباً استعداداً لـ«خليجي 26»

اختار الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي، مدرب الكويت، الأحد، قائمة من 30 لاعباً استعداداً لبطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26).

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة سعودية رينارد سيشارك بالفريق الأساسي لتجهيز لتصفيات كأس العالم (أ.ف.ب)

المنتخب السعودي يشارك بالأساسي في «خليجي 26»

يتأهّب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم للمشاركة بالمنتخب الأول في بطولة كأس الخليج العربي بنسختها السادسة والعشرين التي تستضيفها الكويت خلال الفترة

فهد العيسى (الرياض)
رياضة عربية عبد الرحمن المطيري وزير الرياضة والشباب الكويتي (كونا)

وزير الشباب الكويتي لـ«الشرق الأوسط»: جاهزون لاستضافة كأس الخليج

أكد عبد الرحمن المطيري، وزير الرياضة والشباب الكويتي، استفادة بلاده بشكل كبير من التجارب السابقة في تنظيم المباريات، وذلك خلال مواجهة الكويت وكوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الرياضة الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني)

علي القطان (الكويت)
رياضة سعودية تقام البطولة خلال الفترة بين 21 ديسمبر و3 يناير المقبلَين (الشرق الأوسط)

«قرعة خليجي 26»: متوازنة للأخضر... ونارية في «الأولى»

أسفرت قرعة بطولة «كأس الخليج العربي»، بنسختها الـ26، عن مجموعة بدت متوازنةً للمنتخب السعودي، في حين تظهر الأمور أكثر نديةً في المجموعة الأولى.

علي القطان (الكويت )

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).