استكملت الوفود القضائية الأوروبية، أمس، الجولة الأولى من التحقيق في الملفات المالية التي تحوم حولها شبهات «الفساد وتبييض الأموال»، على أن تعود إلى بلدانها (فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ)؛ لتقييم نتائج التحقيقات التي أجرتها على مدى 5 أيام، واستمعت خلالها إلى 3 من نواب حاكم المصرف المركزي السابقين وموظفين كبار في البنك المركزي وأصحاب مصارف تجارية لبنانية.
وكشف مصدر قضائي بارز، لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفود الأوروبية «ستعود إلى لبنان على الأرجح، في النصف الأول من شباط (فبراير) المقبل؛ لاستجواب 18 شخصاً ممن وردت أسماؤهم ضمن الاستنابة التي تسلَّمها القضاء اللبناني مطلع الشهر الحالي، والتي أثارت التباساً بين الجانبين، قبل إدخال تعديلات على مسار الإجراءات القضائية بتوافق الطرفين».
وحققت مهمّة الفريق الأوروبي أهدافها خلال 5 أيام متواصلة من الاستجوابات، إذ استحصلوا على ما يكفي من مستندات ووثائق وإفادات لتعزيز ملفاتهم، على حدّ تعبير المصدر القضائي الذي أكد أن «الملفات باتت جاهزة ومستكملة لكل المعطيات التي تتيح لأعضاء الفريق توجيه الاتهام لأشخاص لبنانيين ومسؤولين ماليين تحوم حولهم شبهات تبييض الأموال والفساد والاختلاس». وشدد على أن القضاة الأجانب «سيستمعون حتماً في الجولة اللاحقة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومقرَّبين منه؛ بينهم شقيقه رجا، حول التحويلات المالية من لبنان إلى أوروبا، والتي بلغت قيمتها 320 مليون دولار ومعرفة مصدرها»، لافتاً إلى أن «تجربة التحقيق المشترك كانت مشجِّعة للقضاة الأوروبيين الذين عبّروا للنائب العام التمييزي (القاضي غسان عويدات) عن ارتياحهم للتعاون الذي أبداه معهم، خلال هذا الأسبوع (الماضي)، والتي سار فيها التحقيق بشكل هادئ ومنتظم».
ويفترض أن تؤسس تجربة الأيام الخمسة مزيداً من التعاون، وقال النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تقييمنا لجولة التحقيق الأولى إيجابي ويمكن البناء عليه لتعاون مستقبلي يخدم الملف اللبناني». وشدد على أن «مجريات التحقيق احترمت المعاهدة الدولية الخاصة بمكافحة الفساد، كما احترمنا القانون اللبناني من خلال التعاون مع الأوروبيين ومشاركتنا في التحقيقات وإدارة الجلسات بحضور قضاة لبنانيين، وبكل ما يحفظ السيادة الوطنية».
وختم القضاة الأوروبيون تحقيقاتهم بجلستين عُقدتا أمس، بمشاركة المحامين العامّين لدى محكمة التمييز القاضييْن ميرنا كلاس وعماد قبلان، الأولى استمعوا خلالها إلى رئيسة مجلس إدارة «بنك البحر المتوسط» ريا الحسن، والثانية إلى إفادة رمزي عكاوي وهو موظف في شركة تدقيق مالية، وجرى تأجيل استجواب شاهدين اثنين بعد أن تعذّر مثولهما أمام اللجنة القضائية، وأوكل إلى القاضية اللبنانية ميرنا كلاس مهمة استجوابهما وتزويد القضاة الأوروبيين بإفادتيهما، كما تعذّر استجواب المدعوّ نبيل عون، بعدما غادر لبنان إلى لندن، وتعهّد بأنه سينتقل إلى لوكسمبورغ، ويدلي بإفادته هناك.
وعلى إثر انتهاء المهمّة القضائية، أصدرت النيابة العامة التمييزية بياناً شرحت فيه مجريات ما حصل في الأيام الخمسة الماضية، وأشار البيان إلى أنه «وبتكليف من النائب العام التمييزي، ترأست المحامية العامة التمييزية القاضية ميرنا كلاس جلسات الاستماع إلى الشهود الذين حضر منهم ثلاثة نواب سابقون لحاكم مصرف لبنان، إضافة إلى مديرين في مصرف لبنان ومصرفيين لبنانيين، ومدقق حسابات، بعد أن أتمّ قسم المباحث الجنائية المركزية برئاسة العقيد نقولا سعد، تبليغهم أصولاً». وقال: «لقد قام القسم بمشاركة شعبة المعلومات - القوة الضاربة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمجموعة الخاصة في الشرطة القضائية بالعمل على تأمين الحماية الأمنية للوفود ولقاعة المحكمة ومحيطها». وختم البيان: «في الختام عُقد اجتماع تقييمي مع النائب العام التمييزي، وعرضت الوفود القضائية استعدادها التام لتنفيذ الطلبات التي يوجهها لبنان إليها؛ عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل، كما أبدت النيابة العامة التمييزية تقديرها للجهود المبذولة، وأن هذا التعاون القضائي في إطار تنفيذ لبنان التزاماته في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والقوانين اللبنانية الداخلية».
القضاة الأوروبيون أنهوا تحقيقاتهم اللبنانية وملفاتهم جاهزة لتوجيه الاتهامات
القضاة الأوروبيون أنهوا تحقيقاتهم اللبنانية وملفاتهم جاهزة لتوجيه الاتهامات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة