المصادر الفرنسية الرئاسية تقدم كشفاً كاملاً للمساعدات العسكرية المقدمة إلى أوكرانيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

المصادر الفرنسية الرئاسية تقدم كشفاً كاملاً للمساعدات العسكرية المقدمة إلى أوكرانيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

بينما يلتئم في قاعدة «رامشتاين» العسكرية الأميركية في ألمانيا الاجتماع الثالث للدول المنخرطة في دعم أوكرانيا عسكرياً، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، من أجل تنسيق المساعدات المفترض تقديمها إلى كييف، وبينما يدور الجدل حول إمكانية تزويدها بدبابات ثقيلة، خصوصاً ألمانية من طراز «ليوبارد 2»، عمدت الرئاسة الفرنسية إلى توفير كشف شامل لما قدمته باريس للقوات الأوكرانية.
جاء ذلك على هامش الكلمة المهمة التي ألقاها الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم في قاعدة «مون مارسون» الجوية، الواقعة جنوب غربي فرنسا، من أجل كشف النقاب عن الخطوط العريضة لـ«مشروع قانون البرمجة العسكرية للأعوام 2024 - 2030» المفترض رفعه رسمياً إلى البرلمان لمناقشته في شهر مارس (آذار) المقبل.
تأتي بادرة الإليزيه بينما تُسمع انتقادات للمستوى المنخفض للدعم العسكري الفرنسي لأوكرانيا، الأمر الذي يغيظ المسؤولين الفرنسيين؛ إذ يعتبرون أن المعايير التي تجعل فرنسا متأخرة كثيراً عن شريكاتها الأوروبيات «غير دقيقة». ولا يمكن استبعاد أن يكون اختيار التوقيت مرتبطاً بما أعلنته واشنطن والسويد وفنلندا عن برامج دعم جديدة لأوكرانيا، ومن باب إثبات الحضور، وإبراز الدور الذي تقوم به باريس على الصعيد العسكري. وأفادت المصادر الرئاسية بأن استراتيجية باريس في توفير الدعم «تستهدف بشكل خاص تعزيز القدرات العملانية في المجالات ذات الأبعاد الاستراتيجية، مثل المدفعية والدفاع الجوي والقدرة على التحرك في عربات مدرعة». وبحسب باريس، فإن «غالبية ما قدمته إلى أوكرانيا جاء تلبية لطلب الأوكرانيين أنفسهم».
تتراوح المساعدات العسكرية الفرنسية ما بين التجهيزات الفردية الخاصة بالمقاتل، مثل الثياب الواقية من الإشعاعات النووية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية، ومناظير الرؤية الليلية، والسترات الواقية... وصولاً إلى الصواريخ المضادة للدبابات والمضادات الجوية، ومنها منظومات صواريخ «كروتال» للدفاع الجوي قريب المدى. ومما قدمته فرنسا أيضاً 18 منظومة مدفعية من طراز «قيصر»، وهي أفضل ما تنتجه الصناعات الدفاعية الفرنسية في هذا المجال، وقد تفاوضت باريس مع فنلندا التي سبق لها أن اشترت هذا النوع من منظومات المدفعية لنقلها إلى أوكرانيا. كذلك تسلمت أوكرانيا 6 مدافع «TRF1» تطلق قذائف من عيار 155 ملم. يُضاف إلى ما سبق العربات المصفحة لنقل الجنود. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن باريس قدمت قاذفات للصواريخ وذخيرة متعددة الأنواع والأشكال والمحروقات. ومؤخراً، استبق الرئيس ماكرون القادة الغربيين بالإعلان عن عزم باريس تقديم دبابات خفيفة (وهي بالأحرى مدرعات) من طراز «AMX»، ما أعقبه وعود ألمانية وأميركية بتوفير العشرات من المدرعات من الطراز نفسه لأوكرانيا. كذلك التزمت باريس بتأهيل وتدريب مجموعات من القوات الأوكرانية على استخدام الأسلحة الفرنسية المقدَّمة. وحتى اليوم، قام المدربون الفرنسيون بتأهيل 400 اختصاصي أوكراني.
وفي سياق موازٍ، أوجدت باريس صندوقاً خاصاً من 200 مليون يورو يتيح للسلطات الأوكرانية الاستفادة منه مباشرة لشراء الأسلحة والمعدات التي تحتاج إليها. وتتعين الإشارة إلى أن مساهمة باريس في «الصندوق الأوروبي المشترك لدعم الجهد العسكري الأوكراني» تصل إلى 550 مليون يورو؛ ما يمثل 20 في المائة من قيمة «الصندوق».
تبقى مسألة تزويد أوكرانيا بدبابات قتالية ثقيلة، حيث الضغوط تركز على ألمانيا للسماح للدول التي اشترت دبابات «ليوبارد 2» بنقلها إلى أوكرانيا، وهو ما تريده بولندا وفنلندا والسويد ودول أوروبية أخرى. وتمتلك القوات الأوروبية ما لا يقل عن 2000 دبابة من هذا الطراز الذي يُعد حالياً الأفضل والأكثر كفاءة. والحال أن فرنسا تمتلك وتصنع دبابات قتالية من طراز «لو كلير». وحتى اليوم، لم تتم إثارة هذا الملف، ولم تتناوله السلطات الفرنسية علناً. لكن المعلومات المتوفّرة تفيد بأن باريس لا تمتلك أكثر من 222 دبابة من هذا الطراز، وأن المسؤولين العسكريين ليسوا مستعدين للتخلي عن بعضها لصالح أوكرانيا، وذلك للضرورات الدفاعية الفرنسية.


مقالات ذات صلة

فرنسا: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال

العالم فرنسا: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال

فرنسا: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال

نزل مئات الآلاف إلى شوارع فرنسا، اليوم (الاثنين)، بمناسبة عيد العمّال للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس إيمانويل ماكرون، في مظاهرات تخلّلتها في باريس خصوصاً صدامات بين الشرطة ومتظاهرين. وتوقّعت السلطات الفرنسية نزول ما بين ألف وألفين من الأشخاص الذين يشكّلون «خطراً»، وفقاً لمصادر في الشرطة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم فرنسا: ماكرون يتطلّع إلى انطلاقة جديدة لعهده

فرنسا: ماكرون يتطلّع إلى انطلاقة جديدة لعهده

بإعلانه فترة من مائة يوم لانطلاقة جديدة بعد تعثّر، يقرّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمأزق السياسي الذي وصل إليه بعد مرور عام على إعادة انتخابه. في 24 أبريل (نيسان) 2022 أعيد انتخاب الرئيس البالغ من العمر 44 عاماً، وهزم بذلك مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن في الدورة الثانية، تماماً كما حدث قبل خمس سنوات. وهذا يعد إنجازاً في ظل الجمهورية الخامسة خارج فترة التعايش، من جانب الشخص الذي أحدث مفاجأة في 2017 من خلال تموضعه في الوسط لتفكيك الانقسامات السياسية القديمة. لكن انطلاقة هذه الولاية الثانية، التي ستكون الأخيرة حسب الدستور، فقدت زخمها على الفور.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم شعبية ماكرون تقترب من أدنى مستوياتها

شعبية ماكرون تقترب من أدنى مستوياتها

أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه اليوم (السبت)، أن أكثر من 70 في المائة من الفرنسيين غير راضين عن أداء الرئيس إيمانويل ماكرون الذي تقترب شعبيته من أدنى مستوياتها، في تراجع يعود بشكل رئيسي إلى إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل. وبحسب الاستطلاع الذي أجراه «معهد دراسات الرأي والتسويق» (إيفوب) لحساب صحيفة «لو جورنال دو ديمانش»، أبدى نحو 26 في المائة فقط من المشاركين رضاهم عن أداء الرئيس، بتراجع نقطتين مقارنة باستطلاع مماثل في مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (باريس)
ماكرون يواجه موجة غضب شعبي

ماكرون يواجه موجة غضب شعبي

يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موجة غضب شعبي مستمرة بعد إقرار قانون إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ماكرون يوسّع مروحة اتصالاته لاستئناف مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا

ماكرون يوسّع مروحة اتصالاته لاستئناف مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا

رغم انشغال الرئيس الفرنسي بالوضع الداخلي، واستعادة التواصل مع مواطنيه بعد «معركة» إصلاح قانون التقاعد الذي أنزل ملايين الفرنسيين إلى الشوارع احتجاجاً منذ منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، فإنه ما زال يطمح لأن يلعب دوراً ما في إيجاد مَخرج من الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ 14 شهراً. ولهذا الغرض، يواصل إيمانويل ماكرون شخصياً أو عبر الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه إجراء مروحة واسعة من الاتصالات كان آخرها أول من أمس مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

ميشال أبونجم (باريس)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».