سنوات السينما

العائلة في «عودة مواطن»
العائلة في «عودة مواطن»
TT

سنوات السينما

العائلة في «عودة مواطن»
العائلة في «عودة مواطن»

في نهاية «عودة مواطن»، (1986) نرى شاكر (يحيى الفخراني) جالساً في مقهى مطار القاهرة ينظر إلى كأس ماء فارغ. لا هو يريد السفر فعلاً ولا يدري إذا ما كان يرغب في البقاء٠ الكأس رمز صغير لفراغ كبير، وهو حال شاكر في تلك اللحظة.
كان هذا ثاني تعاون يتم بين المخرج محمد خان والسيناريست عاصم توفيق من بعد «خرج ولم يعد». الفيلم السابق مستوحى من رواية «براعم الربيع» تأليف هـ. أ. ياتس (المنشورة سنة 1958) وهذا الثاني مستوحى من تجربة الكاتب نفسه، إذ عاش في بلد خليجي وعاد منه إلى القاهرة. ليس سيرة ذاتية والنهاية في هذا الفيلم لم تقع للكاتب، لكنه استيحاء شامل لما عايشه الكاتب عندما عاد ليستقر فوجد أن مصر الجديدة ليست ذاتها التي تركها من قبل.
يتناول الفيلم ذلك الرجل الذي قطع مرحلة الشباب. لقد حرق تلك المرحلة باختياره عندما قرر الهجرة إلى إحدى دول الخليج العربية حلماً بثراء معقول بدلاً من البقاء في وطنه والزواج وتأسيس أسرته. لكن مع عودته، في مطلع الفيلم، نرى حرق السنوات ما زال مستمراً، فهو عاد ليجد نفسه مطالباً بأن يستمر في البذل. لديه شقيقتان وشقيقان وكل واحد منهم يعيش لأجلهم هاجر ونسي نفسه. عاشوا بما كان يرسله إليهم. الآن يرى نفسه المسؤول عن رعايتهم جميعاً، ولاحقاً ما يبدأ في تبني فكرة أنه ربما كان مسؤولاً كذلك عن تضعضع العائلة.
يجد شاكر نفسه في وسط شلّـة إخوته وكل واحد لديه مشكلة في حلم غير منجز. يحاول مساعدة كل واحد منهم. يمنح فوزية (ميرفت أمين) القدرة على افتتاح المحل ونجوى (ماجدة زكي) الموافقة على الزواج من «البارمان» ويودع مهدي (عبد الله محمود) مصحّـة مكلفة لكي يشفى من عضاله. فقط إبراهيم (شريف منير) لا يستطيع شاكر مساعدته، إذ اختار شقيقه طريق العمل الثوري المناوئ للحكومة، وشاكر أوعى من دعم مثل هذه المغامرات غير المأمونة العواقب.
يجسد محمد خان صورة بارعة خلال كل ذلك. هذا المنزل الذي كان مشغولاً بخمسة أفراد (شاكر وإخوته) أصبح في النهاية لفرد واحد هو شاكر، وذلك بعدما أصاب العائلة من تفرقة. إنه تاريخ أسدلت الستارة عليه. مكان جمع شمل العائلة لكنها تفرّقت ولم يبق فيه الآن إلا شقيقها الأكبر.
يحيى الفخراني ممثل تلقائي. قابل للتصديق سواء ألعب دور الأستاذ المحكوم عليه بالموت في «للحب قصة أخيرة» (إخراج رأفت الميهي) أو دور مخرج الإعلانات الذي يجد فرحته في مساعدة الأقزام على تحقيق مطالبهم كما في «الأقزام قادمون» (شريف عرفة) أو في دوريه تحت إدارة محمد خان في «خرج ولم يعد» و«عودة مواطن». إنه ممثل لم تتلفه الكاميرا ولا الشهرة كذلك. واللقاء بين خان والفخراني مثالي من حيث إن المخرج كان أرق من أن يبحث في السلبيات الذاتية لشخصياته، وفخراني أرق من أن يعكسها.
أبطال محمد خان يصلون إلى مفترق طرق في نهايات أفلامهم وعليهم الاختيار الصعب. مثل «خرج ولم يعد» يدور «عودة مواطن» (وكلاهما من بطولة يحيى الفخراني) حول إنسان المدينة في مواجهتها. لكن إلى هذه النقطة ينتهي اللقاء الأساسي بين الفكرتين، ففي «خرج ولم يعد» يجد بطل القصة خلاصه في هجرة المدينة إلى الريف، لكنه في «عودة مواطن» إذ يهم بالهجرة من وطنه كله، يعجز في النهاية عن فعل ذلك ويبقى، مثل فاروق الفيشاوي في «مشوار عمر»، معلقاً بين الوهم والحقيقة.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».