تقرير أميركي يحذر من «إمارة متطرفة» تهدد الأمن في أفريقيا الاستوائية

عناصر من الكتيبة السنغالية التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي يوليو 2019 (أ.ف ب)
عناصر من الكتيبة السنغالية التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي يوليو 2019 (أ.ف ب)
TT

تقرير أميركي يحذر من «إمارة متطرفة» تهدد الأمن في أفريقيا الاستوائية

عناصر من الكتيبة السنغالية التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي يوليو 2019 (أ.ف ب)
عناصر من الكتيبة السنغالية التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي يوليو 2019 (أ.ف ب)

حذر تقرير أميركي أعده مسؤول سابق في وزارة الدفاع «البنتاغون»، من مساعي جماعة «أنصار السنة» الموالية لتنظيم «القاعدة»، لتأسيس ما يسميه التنظيم الإرهابي «إمارة إسلامية» في شمال دولة الموزمبيق، لتكون قاعدة لرعاية الإرهاب في منطقة أفريقيا الاستوائية والمحيط الهندي، في تغير استراتيجي ينتقل فيه ثقل الإرهاب من القرن الأفريقي ومنطقة الساحل، نحو شرق وجنوب القارة السمراء.
التقرير أعده لورانس فرانكلين، وهو مسؤول سابق عن الشؤون الإيرانية في مكتب وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، كما أنه ضابط سابق في سلاح الجو الأميركي، ونُشر التقرير من طرف معهد «جيتستون» الأميركي، الذي يُعدّ مركز أبحاث مختصاً في السياسة الدولية ويهتم بقضايا الأمن والاقتصاد.
وقال فرانكلين في التقرير، إن موزمبيق، المستعمرة البرتغالية السابقة والواقعة في شرقي القارة الأفريقية، تواجه «أحدث تهديد إرهابي» في دول شرق القارة الأفريقية، مشيراً إلى أن هذا التهديد تمثله «جماعة أنصار السنة» الموالية لتنظيم «القاعدة»، وتتمركز بشكل أساسي في إقليم «كابو ديلجادو» في أقصى شمالي موزمبيق.
وأضاف، أن «أنصار السنة» قتلت نحو ثلاثة آلاف شخص، معظمهم من المدنيين، وتسببت في نزوح مئات الآلاف من المواطنين، كان معظمهم من المسيحيين، وذلك بعد سيطرتها على مناطق واسعة في محيط ميناء «موسيمبا دا برايا» الاستراتيجي، حيث حقول غنية بالغاز تسعى شركات غربية لاستغلالها، عبر استثمارات ضخمة، ولكنها مرهونة بالوضع الأمني.
ويوضح التقرير، أن «أنصار السنة» تعتمد في تمويل أنشطتها المسلحة على شبكات تهريب المخدرات، وخاصة الهيروين، بالإضافة إلى تجارة العاج المحرّمة، كما تفرض رسوماً على مهربين يسلكون سواحل موزمبيق، وقال «من الممكن أن يستخدم المتطرفون موزمبيق كقاعدة لعملياتهم، من خلال تصدير خلايا إرهابية إلى الدول الجزرية في المحيط الهندي، مثل جزر القمر، ومدغشقر، وموريشيوس وسيشل، وفي نهاية المطاف إلى دول أفريقيا الجنوبية أيضاً». بل إن كاتب التقرير أكد، أن «جماعة أنصار السنة» «نشرت خلايا إرهابية تابعة لها في تنزانيا المجاورة».
وأضاف المسؤول الأميركي «يبدو أن الجماعة مصممة على إقامة إمارة أصولية متطرفة في كابو ديلجادو، تطبق الشريعة. وإذا ما نجحوا في ذلك، قد تعجز حكومة موزمبيق عن محاربة انتشار التطرف في أنحاء البلاد»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن السلطات في موزمبيق «تحصل على المساعدة في مجال مكافحة الإرهاب من جنوب أفريقيا التي أرسلت قوات لمحاربة الإرهابيين».
ولكن موزمبيق تواجه أيضاً خطر تنظيم «داعش» الذي تبنى مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، هجوماً استهدف قرية شمالي البلاد، أغلب سكانها مسيحيون، ونشر التنظيم صوراً لمقاتليه وهم يحرقون بيوت القرية الصغيرة، ويقومون بتصفية أشخاص يتهمونهم بالانتماء إلى ميليشيا مسلحة مسيحية.
ومن أجل مواجهة خطر الإرهاب، لجأت السلطات في موزمبيق إلى قوة عسكرية إقليمية تابعة لدول المجموعة الاقتصادية لأفريقيا الاستوائية، بالإضافة إلى روندا، كما أعلن مؤخراً رئيس أوغندا نيته إرسال قوات لمساعدة موزمبيق في حربها ضد الإرهابيين، فيما يبدو أنها حرب بدأت تأخذ أبعاداً إقليمية.
التقرير الأميركي وصف الإرهاب بأنه «التحدي الوجودي» الذي يهدد الدولة الوطنية في أفريقيا، مشيراً إلى أن شبكات الإرهاب الدولية («القاعدة» و«داعش»)، بدأت تتغلغل في دول أفريقيا جنوب الصحراء وتحاصرها، وقال، إن «حركة الشباب» الصومالية «تمثل أقوى تهديد لاستقرار منطقة شرق أفريقيا»، مشيراً إلى أن تهديدها قد يصل إلى عمق الولايات المتحدة الأميركية.
وقال التقرير الأميركي، إن «حركة الشباب» «تبقى التهديد الأكثر خطورة وقوة للاستقرار في منطقة شرق أفريقيا»؛ لأنها متجذرة في منطقة القرن الأفريقي وخاصة في الصومال، وتحصل على دعم مادي ولوجيستي من تنظيم «القاعدة» في اليمن، عبر خليج عدن، ومع ذلك أشار التقرير إلى أن الحركة رغم أنها بايعت «القاعدة» منذ 2009، فإنها «مستقلة في عملياتها الإرهابية»، وتصنّف من طرف الاستخبارات الأميركية على أنها «فرع القاعدة الأكثر ثراءً وقوة»، وقال «لا يمكننا تجاهل تهديد (حركة الشباب) للأمن القومي الأميركي، فالحركة سبق أن درست إمكانية شن هجوم مماثل لهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، ضد الولايات المتحدة الأميركية».
وأشار التقرير إلى أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ألقى مؤخراً خطاباً أمام 500 من جنود الجيش بعد عودتهم من التدريب في إريتريا، واحتفى فيه بانتصارات قوات صومالية تدربت في الولايات المتحدة، حين حررت مساحات كبيرة من أراضي الصومال كانت تحت سيطرة «حركة الشباب». بل إن الرئيس عبّر عن ثقته في هزيمة «حركة الشباب» قبل نهاية العام (2023).
ولكن الحركة سرعان ما ردت على خطاب الرئيس بتبني تفجيرين انتحاريين مطلع الشهر الحالي، أسفرا عن مقتل 15 شخصاً في وسط الصومال، وهنا يؤكد المسؤول الأميركي السابق في تقريره، أن «حركة الشباب» «لا تزال تمثل تهديداً للدول المجاورة ولحكومة الصومال الموالية للغرب، وذلك من خلال تجنيدها متطوعين أجانب، ويشكّل الأشخاص من ذوي الأصول الصومالية من كينيا المجموعة الأكبر من المواطنين غير الصوماليين في (حركة الشباب). كما ينضم إلى (حركة الشباب) مجندون من الأورومو، أكبر القوميات العرقية في إثيوبيا، وأغلبهم من المسلمين».
وأوضح التقرير، أن «حركة الشباب» تشتري أسلحتها من تجار السلاح في السوق السوداء، كما تتلقى الأسلحة من تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، المتمركز في اليمن، كما تجني أموالاً طائلة من رسوم تفرضها على الشركات والشاحنات التي تعبر مناطق نفوذها في الصومال.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.