«الوزاري الأوروبي» بين خيار التصعيد ضد طهران والتخوف من التبعات

(تحليل إخباري)

بوريل على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
بوريل على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

«الوزاري الأوروبي» بين خيار التصعيد ضد طهران والتخوف من التبعات

بوريل على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
بوريل على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

يلتئم مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل صباح الاثنين المقبل برئاسة جوزيب بوريل، مسؤول الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد، وعلى جدول أعماله، النظر في القرارين اللذين صوّت عليهما البرلمان الأوروبي في اجتماعه الأربعاء الماضي في مدينة استراسبورغ.
وينص الأول على إدراج المرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، والمدعي العام الإيراني، وجميع كيانات «الحرس الثوري» على قائمة العقوبات وذلك في إطار السلة الرابعة منها التي يتهيأ وزراء الخارجية الأوروبية لفرضها على طهران. والثاني، يتناول إدراج «الحرس الثوري» وما يتفرع عنه من تنظيمات على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية.
وحتى اليوم، وحدها الولايات المتحدة تعد «الحرس» تنظيماً إرهابياً، تُضاف إليها كندا التي أصدرت قانوناً يمنع القيادات الإيرانية المختلفة وعلى رأسهم مسؤولو «الحرس» من دخول أراضيها كما تفرض عليهم عقوبات مختلفة.
وحتى اليوم، فرض الاتحاد ثلاث مجموعات من العقوبات أبرزها ما أُقر في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي حيث استهدف بعقوباته 150 شخصية وهيئة «منهم وزير الداخلية، وقادة القوى الأمنية، والحرس الثوري، والتلفزة...» الذين جُمِّدت أصولهم ومُنعوا من الدخول إلى بلدان الاتحاد الـ27.
ومن العقوبات الإضافية طرد إيران من لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة وتحريم تصدير معدات حساسة يمكن أن تساعد النظام في عمليات القمع التي يصفها الاتحاد بـ«الوحشية».
بيد أن مَن وما يستهدفه البرلمان الأوروبي يُدخل العلاقة بين طهران والمجموعة الأوروبية في حالة من التوتر الشديد التي يمكن أن تكون لها انعكاساتها على أكثر من صعيد.
ولهذا سببان: الأول، أنها تستهدف الشخصيتين الرئيسيتين في الجمهورية الإسلامية وهما المرشد علي خامنئي الذي له اليد العليا على الشؤون الاستراتيجية في إيران، ورئيس الجمهورية الذي يليه أهمية. ومعنى فرض العقوبات عليهما أنه سيكون من المستحيل لاحقاً أن يتعاطى الاتحاد الأوروبي معهما لأن العقوبات تعني تجميد أصولهما «إذا كانت لهما أصول في الاتحاد» ومنعهما من الدخول إلى أراضيه. وهذا يعني حالة من القطيعة الدبلوماسية المستقبلية بين الطرفين، وبالتالي دفع التوتر الموجود راهناً بينهما إلى أبعاد جديدة. أما بالنسبة إلى «الحرس الثوري»، الذي يعد درع النظام في الداخل وذراعه الضاربة في الخارج، فإن وضعه على اللائحة الإرهابية يعني منع التعاملات المصرفية والمالية والتجارية معه مباشرةً أو مع الهيئات المرتبطة به أو التي قد يلجأ إلى إيجادها لاحقاً. يضاف إلى ذلك تجميد «وربما» مصادرة موجوداته وعزله ومنع التواصل معه تحت طائلة القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن مسألة رفع العقوبات الأميركية عن «الحرس الثوري» كانت إحدى العُقد الرئيسية التي أجهضت التوصل إلى اتفاق حول إعادة إحياء الاتفاق النووي بين إيران والغرب.
والسبب في ذلك أن «الحرس» يمثل، وفق التقديرات المتوافرة، إضافةً إلى وزنه الأمني في الداخل والخارج، ما لا يقل عن نصف الاقتصاد الإيراني «شركات ومؤسسات وهيمنة على القطاع النووي والتسليح...»، وبالتالي فإن جعله منظمة إرهابية على مستوى ثاني أكبر اقتصاد في العالم وفي نظر 27 دولة أوروبية التي يمكن إضافة بريطانيا إليها، سيعني توجيه ضربة موجعة للنظام ولاقتصاده.
ومن المفيد الإشارة إلى أن الرغبة في المزيد من معاقبة إيران ليس مصدرها فقط الإعدامات والقمع وأعداد الضحايا المدنيين وكل ما تمارسه السلطات منذ أربعة أشهر، بل أيضاً الدور الذي تلعبه في الحرب الروسية على أوكرانيا من خلال تزويدها بمئات المسيّرات. وتفيد معلومات استخبارية في باريس بأن ما لا يقل عن 500 مسيّرة من طراز «شاهد» تصل إلى روسيا من إيران أسبوعياً.
بالنظر إلى ما سبق، يمكن فهم ردة الفعل الإيرانية التي جاءت على لسان كثيرين من المدنيين والأمنيين وعلى رأسهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان الذي نبّه أمس، في إطار اتصال هاتفي مع بوريل، من «العواقب السلبية» المترتبة على قرارات أوروبية كهذه. وجاء في بيان صادر عن الخارجية الإيرانية أن عبداللهيان «انتقد بشدة النهج المتوتر والانفعالي للبرلمان الأوروبي»، وعده سلوكاً «غير مدروس وخاطئاً». وبرأيه، فإن الاتحاد «يطلق بذلك النار على قدمه». وعسكرياً، جاء الرد من هيئة الأركان التي أصدرت أمس، بياناً نبّهت فيه من تأثير القرار الأوروبي على «الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي ويجب على البرلمان الأوروبي أن يكون مدركاً لهذه العواقب».
يمكن النظر لردود الأفعال على أنها «استباقية» وغرضها ثني وزراء الخارجية الأوروبيين عن تبني نهج البرلمان أو على الأقل التأثير على عدد منهم ،لحملهم إما على رفض القرار البرلماني وإما على تأجيل اتخاذ القرار. والمعروف أن إجراءات من هذا النوع تفترض الإجماع بين الأعضاء الـ27، كما تتطلب موافقة اللجنة القانونية داخل الاتحاد على تدبيرٍ من هذا النوع. ثم إن هناك مجموعة عناصر يتعين توافرها للتمكن من وضع «الحرس الثوري» على اللائحة الإرهابية. وأشار وزير خارجية فنلندا قبل يومين إلى «وجود جدل» بين الأوروبيين بشأن ملف «الحرس»، مؤكداً في الوقت عينه الحاجة إلى «رد حازم» على قمع السلطات. وذهب نظيره السويدي في الاتجاه عينه عندما عدّ فرض عقوبات «ثقيلة» على «الحرس» أكثر فائدة من ضمه إلى لائحة الإرهاب. وفي المقابل، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أعربت أول من أمس، من دافوس، عن «تفهمها ودعمها» لمطلب البرلمان وهي بذلك تجاري وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك التي تعد الأكثر حماسة على هذا الصعيد. من هنا، فإن اعتبار وضع اسم «الحرس» على لائحة الإرهاب أمراً مكسوباً يعد رهاناً غير مضمون ويعني النظر فيما سيحصل في الأيام القليلة التي تفصلنا عن اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين لرصد اتجاه الريح.
يبقى السؤال: ما الذي يمكن أن تكون عليه ردة الفعل الإيرانية؟ من الناحية النظرية، يمكن افتراض أن الرد الإيراني سيتناول مزيداً من التشدد في الملف النووي الموجود راهناً في البراد، وذلك من ثلاث جهات: الأولى، إبقاء المفاوضات مع الغربيين بشأن إعادة إحياء اتفاق العام 2015 حيث هي، أي في الطريق المسدود. والثانية، التشدد في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن المواقع الثلاثة غير المعلنة سابقاً التي عُثر فيها على آثار جزيئات نووية مخصبة. والثالثة، مضاعفة جهود التخصيب بنسب عالية «60 في المائة وما فوق» خصوصاً في موقع «فوردو» بالغ التحصين ما سيشكّل ورقة ضغط على الغربيين بشكل عام. ثم إن إجراءً أوروبياً كما يطلبه البرلمان سيكون من تبعاته دفع إيران إلى الالتصاق أكثر فأكثر بروسيا ومدها بأسلحة أخرى غير المسيّرات كالصواريخ مثلاً التي تمتلك منها إيران كميات ونماذج كثيرة. وثمة من يرى أن التدبير الأوروبي في حال إقراره سيدفع النظام الإيراني إلى مزيد من التشدد والقمع في الداخل والعمل على زعزعة الاستقرار في جواره الإقليمي بوجه خاص وهو ما يستشف بوضوح من بيان هيئة الأركان الإيرانية.
بين الرغبة في إبراز العضلات الأوروبية من جهة والتخوف من التبعات من جهة ثانية، ستدور مناقشات وزراء الخارجية. وما سيخرج من مداولاتهم سيدل على الاتجاه الذي ستسلكه العلاقات الأوروبية - الإيرانية في الأشهر والسنوات المقبلة.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.