عودة الاشتباكات إلى طرابلس... وأميركا تكثف اتصالاتها مع حفتر

لجنة المسار الدستوري لـ«النواب» و«الدولة» لاجتماع جديد

جانب من اجتماع المشير خليفة حفتر في بنغازي مع الوفد الأميركي (الجيش الوطني)
جانب من اجتماع المشير خليفة حفتر في بنغازي مع الوفد الأميركي (الجيش الوطني)
TT

عودة الاشتباكات إلى طرابلس... وأميركا تكثف اتصالاتها مع حفتر

جانب من اجتماع المشير خليفة حفتر في بنغازي مع الوفد الأميركي (الجيش الوطني)
جانب من اجتماع المشير خليفة حفتر في بنغازي مع الوفد الأميركي (الجيش الوطني)

تجاهلت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الاشتباكات العنيفة التي تجددت بين ميليشيات مسلحة تابعة لها بالقرب من مطار العاصمة طرابلس، فيما كثفت الإدارة الأميركية من وتيرة اتصالاتها بالمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد.
واندلعت اشتباكات مفاجئة فجر أمس بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة دامت عدة ساعات في منطقة قصر بن غشير جنوب طرابلس، بين جهاز الردع برئاسة عبد الرؤوف كارة، واللواء 111 مجحفل بقيادة عبد السلام الزوبي، على خلفية نزاع على عقد لصيانة مطار طرابلس الدولي، المغلق منذ سنوات. وبحسب مصادر غير رسمية، فقد تمكن اللواء 444 بقيادة محمود حمزة، التابع لرئاسة الأركان بحكومة الدبيبة، وبطلب من الأخير، من فض هذه المواجهات بعدما انتشرت عناصره على حدود تماس الطرفين المتنازعين.
وعاد الهدوء الحذر إلى المنطقة بعد الاشتباكات، التي امتد دويها وفقاً لشهود عيان لمناطق مجاورة، وقالت وسائل إعلام محلية إنها أسفرت عن مقتل شخص واحد على الأقل، تابع لجهاز الردع، بينما لم يكشف عن حجم الأضرار التي خلفتها.
ولم يصدر أي تعليق من حكومة الوحدة، لكن محمد صكوح، عميد بلدية قصر بن غشير، أبلغ وسائل إعلام محلية بعودة الهدوء إلى المنطقة، نافياً حدوث خسائر بشرية أو مادية جراء الاشتباكات، التي تعد الأولى من نوعها هذا العام، رغم إعلان وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة الأسبوع الماضي عن خطة جديدة لتأمين العاصمة.
إلى ذلك، أعلن المشير حفتر في بيان مقتضب، وزعه مكتبه، أنه التقى مساء أول من أمس في مكتبه بمدينة بنغازي (شرق) الجنرال جون دي لامونتاني، نائب قائد القوات الجوية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، برفقة ليزلي أوردمان القائم بأعمال السفارة الأميركية بليبيا. ولم يفصح حفتر عن فحوى المحادثات، لكن السفارة قالت في بيان مقتضب إن الوفد الأميركي ناقش مع حفتر «التنسيق الجوي، بما في ذلك الطيران، وأهمية إعادة توحيد الجيش الليبي تحت قيادة مدنية منتخبة ديمقراطياً».
وكانت السفارة قد صرحت في نسخة سابقة من بيانها باللغة الإنجليزية، عبر «تويتر»، بأن الاجتماع بحث التنسيق الأمني، قبل تعديله لاحقاً إلى الجوي، كما قدمت الجنرال لامونتاني على أنه نائب قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا وأفريقيا.
وهذا هو المسؤول الأميركي الثاني، الذي يلتقي حفتر في مقره خلال أسبوع واحد، عقب اجتماع مماثل مع مدير وكالة الاستخبارات الأسبوع الماضي.
وخلال شهر أغسطس (آب) الماضي، أسقط الجيش الوطني الليبي طائرة مسيرة مجهولة الهوية فوق مدينة بنينا، قبل أن تعلن «أفريكوم» لاحقاً أن الطائرة تابعة للقوات الجوية الأميركية، وأنها كانت موجهة لدعم زيارة كانت مقررة للسفير الأميركي ريتشارد نورلاند إلى شرق ليبيا، لكنها تأجلت آنذاك.
إلى ذلك، دعا الهادي الصغير، رئيس لجنة المصالحة الوطنية، أعضاء لجنتي المسار الدستوري عن مجلسي النواب والدولة لاستئناف المشاورات المتعلقة بالمسار الدستوري، بهدف «وضع إطار دستوري ليكون‏ حجر الأساس لإدارة مرحلة ما قبل الانتخابات الشاملة، وتمهيداً لإجرائها في أقرب الظروف». وأوضح الصغير أنه مكلف من قبل رئيس مجلس النواب بالدعوة لانعقاد هذه اللجنة المشتركة لتجسيد توافقات لجنة المسار الدستوري، التي عقدت مؤخراً في القاهرة، والاتفاق المبدئي بين رئيسي مجلس النواب والدولة في الخامس من الشهر الجاري بصيغة نهائية وإعداد تقرير شامل بنتائج أعمالها، تمهيداً للعرض على المجلسين لاعتمادهما كل حسب نظامه ولائحته الداخلية.
وقال أعضاء في المجلسين إن الاجتماع قد يعقد الأسبوع المقبل، إما في القاهرة أو بمدينة البيضاء الليبية، لحسم ما تبقى من نقاط الخلاف العالقة حول القاعدة الدستورية للانتخابات المقبلة.
إلى ذلك، وقّعت الأمم المتحدة وإسبانيا اتفاقية لتوفير الدعم الفني والاستشاري للعملية الانتخابية المتعثرة في ليبيا، وقال بيان لمفوضية الانتخابات الليبية إنه تم بحضور رئيسها عماد السايح التوقيع بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وسفارة إسبانيا في طرابلس على اتفاقية دعم مشروع «بيبول»، الذي تشرف عليه بعثة الأمم المتحدة بهدف توفير الدعم الفني والاستشاري للعملية الانتخابية.
بدوره، أكد سفير إيطاليا جوزيبي غريمالدي، لدى اجتماعه مساء أول من أمس مع عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي، دعم بلاده لكل الجهود الداعمة للاستقرار في ليبيا وصولاً إلى الانتخابات.
ومن جهته، قال عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة إنه أمر الوزارات والجهات التابعة لها بنشر المصروفات الحكومية عن العام الماضي في جميع أبواب الميزانية، بالتنسيق مع وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري، وذلك في إطار ما وصفه بالعمل بمبدأ الإفصاح والشفافية.
بموازاة ذلك، بحث عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة الدبيبة، مع وفد رفيع المستوى من مالطا، ضم وزير داخليتها ورئيس المخابرات، تعزيز التعاون الأمني المشترك في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة العابرة للوطنية، والإرهاب والبرامج التدريبية، وتفعيل عمل اللجنة الأمنية المشتركة بين البلدين. وقال الطرابلسي إنه تم أيضاً مناقشة إمكانية تسهيل منح تأشيرات الدخول للمواطنين الليبيين، وفتح خط ملاحة جوية بين طرابلس وفاليتا.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
TT

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)

أرسلت الحكومة المصرية تطمينات متكررة لمواطنيها بشأن سعر صرف الجنيه، بعدما سجل «انخفاضاً في البنوك مع تداول الدولار عند حاجز 50.8 جنيه، الجمعة، وعقب شائعات ترددت عن زيادة كبيرة في قيمة الدولار في الفترة المقبلة.

وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، في تصريحات تليفزيونية، مساء الخميس، إن الدولة المصرية «تعتمد سياسة سعر الصرف المرن القائم على العرض والطلب»، ونفى «ما تردد من شائعات حول حدوث ارتفاع كبير في سعر الدولار خلال الأيام المقبلة». تصريحات «متحدث الوزراء» تزامنت مع تغريدات «غير متفائلة» على «السوشيال ميديا» حول مستقبل سعر الجنيه.

وكتب الخبير الاقتصادي المصري، محمد فؤاد، عبر حسابه على «إكس» متفاعلاً مع العديد من التغريدات، والمناقشات حول «مستقبل سعر صرف الجنيه»، أن «الأمر يحتاج الإجابة على سؤالين، الأول: مرتبط بآلية سعر الصرف المتبعة، والثاني: تحديد ما إذ كان مرونة كاملة أو شبه كاملة»، لافتاً إلى أن «مؤشر الدولار أمام سلة العملات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة يؤكد أنها (مرونة شبه كاملة)».

ورغم تأكيد أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «أي تحرك في سعر الصرف يؤدي لارتفاع الأسعار في مصر»، فإنه شدد في اتصال مع «الشرق الأوسط» على «ضرورة الالتزام بمرونة سعر الصرف لتجنب تكرار أخطاء الماضي فيما يتعلق بتثبيت السعر والتحرك بشكل مفاجئ، الأمر الذي يتطلب ترك السوق للعرض والطلب».

فيما عددت النائبة السابقة لرئيس «بنك مصر»، سهر الدماطي، أكثر من سبب لتراجع قيمة الجنيه بناءً على معايير العرض والطلب، من بينها «الحسابات المالية للشركات بنهاية العام الجاري، وفتح الاعتمادات لاستيراد بعض السلع، فضلاً عن احتياج بعض المستثمرين للعملة الأجنبية»، لافتة إلى أن سعر الصرف المرن «جعل هامش التحرك لم يزد حتى الآن عن 2 في المائة فقط».

وأضافت الدماطي لـ«الشرق الأوسط» أن وجود قروض والتزامات مالية لمصر يتوجب سدادها، بجانب المشاكل الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية المتشائمة في المنطقة، «أمور يكون لها تأثير على سعر صرف الجنيه، الذي تأثر بالفعل بقوة الدولار خلال الأيام الماضية».

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وهنا أشار الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، إلى وجود التزامات متعددة على الدولة المصرية يجب الوفاء بها، سواء من ناحية القروض التي يجري سدادها أو حتى التزامات تدبير العملة، مشيراً إلى أن «تحويل أرباح الشركات في مثل هذا التوقيت من العام يشكل عامل ضغط على سعر الصرف».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة أموراً لم تتضح ستكون حاسمة فيما يتعلق بسعر الصرف، من بينها «الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي، والاستثمارات الخارجية التي سوف تصل لمصر خلال الفترة المقبلة».

وأجرت بعثة صندوق «النقد الدولي» زيارة لمصر الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، فيما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

رجل يعد أوراق نقد من فئات مختلفة من الدولار الأميركي في مكتب صرافة بالقاهرة (رويترز)

وشهدت الأيام الماضية شائعات عدة حول سعر الصرف وقيمة الجنيه، مما دفع بعض التجار في الأسواق المصرية إلى تعليق «عمليات البيع تخوفاً من ارتفاع سعر الدولار»، بينما طرحت تساؤلات على مجموعات مغلقة بمواقع التواصل الاجتماعي عن «إمكانية تحويل مدخراتهم إلى دولار للحفاظ على قيمتها».

لكن الخبير الاقتصادي المصري أشار إلى أن استمرار البنك المركزي المصري في منح فائدة مرتفعة على الجنيه من خلال الشهادات الادخارية، «أمر لا يزال قادراً على تعويض الفارق بين تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار»، لافتاً إلى أن سعر الدولار لدى التجار والمصنعين «جرى احتسابه على أعلى من السعر الذي تداول خلال الفترة الماضية كإجراء تحوطي، وبالتالي لا تزال هناك مساحة تحركات محدودة».

عودة إلى أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بالبرلمان، الذي شدد على «ضرورة تطبيق إجراءات واضحة تضمن استدامة الموارد الدولارية للبلاد بما يغطي الاحتياجات اللازمة».