أعاد دخول رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية عبد الحميد الدبيبة، على خط الجدل بشأن ترشح العسكريين للانتخابات الرئاسية المقبلة، التساؤلات من جديد بشأن مدى تأثير ذلك على محاولات التفاهم بين رئيس مجلس «النواب» الليبي عقيلة صالح، ونظيره لـ«المجلس الأعلى للدولة»، خالد المشري، وسط تقديرات متباينة بشأن مدى استفادة بعض الأطراف الليبية من «الاستبعاد».
وكان الدبيبة يتحدث خلال احتفالية نظّمتها «رابطة أسر الشهداء والمفقودين»، قبل أيام عندما أعلن عن رفضه «لوجود سلطة عسكرية تحكم البلاد مرة أخرى»، الأمر الذي عده مناوئون للرجل «محاولة دعاية لنفسه، عبر تقليص فرص العسكريين»، بينما رأى مؤيدون لفكرته أنها «تتوافق مع رغبات ليبيين لا يريدون تكرار تجربة حكم القذافي».
بدوره رأى عضو مجلس الليبي، حسن الزرقاء، لـ«الشرق الأوسط» أن «الدبيبة يستهدف حشد المعارضين لترشح قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، خصوصاً قيادات التشكيلات العسكرية، وذلك عبر إثارة الشكوك بأن مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) سوف يسمحان بترشح العسكريين دون التقدم باستقالتهم، في حين أن حديث رئيس البرلمان عقيلة صالح كان واضحاً بحصر نقطة الخلاف مع (المجلس الأعلى للدولة) في النقطة الخاصة بترشح مزدوجي الجنسية للرئاسة فقط».
ورجح الزرقاء أنه «ربما تلقى الدبيبة بعض المعلومات عن وجود بعض التوتر في العلاقة بين المجلسين خصوصاً في ظل رفض بعض أعضاء البرلمان أي إقصاء للعسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح، فاستبق الأمر وعمد إلى إثارة القضية خلال الاحتفالية ليزيد الوضع اشتعالاً».
وكان رئيس «النواب» الليبي، قد وصف مجلسه بأنه «الجسم التشريعي الوحيد بالبلاد»، منتقداً حديث المشري، عن «الدستور، والقاعدة دستورية» كونها أموراً «خارج اختصاص وصلاحيات الأعلى للدولة»، في تقييم صالح.
كما اتهم عقيلة صالح خلال الجلسة التي عُقدت يوم الثلاثاء الماضي، المجلس الأعلى للدولة بـ«استخدم الفيتو ضد قرارات البرلمان»، مشدداً على أن الأخير «لن يقع تحت رحمة أحد».
ودعا الزرقاء الدبيبة إلى «تقليل توقعاته بشأن إمكانية توظيف أي خلاف طاري بين المجلسين». مشيراً إلى أنه يعتقد أن حديث رئيس «الوحدة الوطنية» الليبية محاولة «تدشين مبكر لحملته الانتخابية عبر حشد الشارع لمواجهة باقي المنافسين المحتملين من ذوي الخلفية عسكرية»، وفق رأي الزرقاء.
ومع إقرار الزرقاء بأن عقيلة صالح «ربما استخدم لغة حازمة خلال الجلسة الأخيرة»؛ فإنه رأى «أن ذلك لا يعني أن الخلافات لن تتم تسويتها... فالجميع يعرف أن رئيسَي المجلسين يستخدمان رسائل الضغط فيما بينهما حتى لا يقدّم أي منهما أي تنازلات»
وأيّد عضو «ملتقى الحوار السياسي» أحمد الشركسي الطرح السابق في أن حديث الدبيبة «محاولة لتخريب التفاهم بين المجلسين، واستثمار لأي خلاف بينهما في محاولة لوصم (القاعدة الدستورية) حتى قبل أن تخرج للنور بكونها غير توافقية، في تعارض لفكرة أن هناك توافقاً على ضرورة استقالة العسكريين قبل الترشح للرئاسة، وبالتالي سيكون الحديث عن ترشح شخصيات مدنية لا عسكرية».
ويرى الشركسي أن «الدبيبة فقد جزءاً كبيراً جداً من شعبيته مع قيام حكومته قبل شهر بتسليم المواطن الليبي أبو عجيلة المريمي للسلطات الأميركية وذلك على خلفية اتهامه في حادث لوكيربي».
في المقابل يرى الأكاديمي والمحلل السياسي التركي مهند حافظ أوغلو، أن «الفكرة الأساسية التي ينطلق منها الدبيبة (في إفادته بشأن رفض ترشح العسكريين) هي أن من يترشح ويفوز بحكم البلاد لا بد أن يكون شخصية مدنية، وهذا متوافق بدرجة كبيرة مع تطلعات الليبيين»، وفق رأيه.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» عبّر أوغلو عن اعتقاده بأن «المعضلة في الحالة الليبية أن الحديث عن ترشح حفتر للانتخابات الذي يراه البعض بالشرق جزءاً من الحل، يثير في الوقت ذاته جرحاً لم يندمل بعد لدى سكان العاصمة والمنطقة الغربية، وذلك في ظل هجوم حفتر على العاصمة في أبريل (نيسان) 2019».
كما أشار إلى وجود «شكوك كبيرة لدى عامة الشعب والنخبة السياسية في إقدام حفتر فعلياً على تقديم استقالته من قيادة قواته المتمركزة شرق البلاد»، لافتاً إلى أن «إرث نظام القذافي» خلق ما وصفها بـ«حالة نفور» من «وجود رئيس قادم من خلفية عسكرية»، حسب تقديره.
رفض الدبيبة ترشح العسكريين... هل يؤثر على تفاهمات المشري وصالح؟
رئيس «الوحدة» الليبية على خط التباينات
رفض الدبيبة ترشح العسكريين... هل يؤثر على تفاهمات المشري وصالح؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة