تقرير: روسيا أكثر اعتماداً على الصين بعد حرب أوكرانيا

الرئيسان الصيني (يمين) والروسي في 4 فبراير (شباط) 2022 في بكين (رويترز)
الرئيسان الصيني (يمين) والروسي في 4 فبراير (شباط) 2022 في بكين (رويترز)
TT

تقرير: روسيا أكثر اعتماداً على الصين بعد حرب أوكرانيا

الرئيسان الصيني (يمين) والروسي في 4 فبراير (شباط) 2022 في بكين (رويترز)
الرئيسان الصيني (يمين) والروسي في 4 فبراير (شباط) 2022 في بكين (رويترز)

الصداقة التي يقال عنها إنها غير محدودة بين روسيا والصين، ليست مثالية، في تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية نُشر اليوم (الخميس).
يرى التقرير أنّه في حين كانت الصين في الخمسينيات من القرن الماضي (في بداية الحرب الباردة)، مطيعة للاتحاد السوفياتي الأخ الشيوعي الأكبر، وخاضعة لوصايته، فإن الوضع اليوم معكوس. فبعد عام من الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا، وجدت روسيا نفسها معتمدة على الصين. ففي إطار علاقة «الصداقة اللامحدودة» التي تدعي موسكو وبكين أنهما أسستاها، فإن شي جينبينغ هو العنصر المهيمن أكثر فأكثر كل يوم في هذه العلاقة.
فالصين التي وقّعت في بكين اتفاق صداقة مع روسيا في 4 فبراير (شباط)، قدّمت الحد الأدنى من الخدمة لروسيا بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «عمليته الخاصة» للسيطرة على أوكرانيا، وهي «عملية» شنها بعد حوالي 3 أسابيع فقط من توقيع الاتفاق (الصيني - الروسي).
تدعم الصين روسيا سياسياً، وتمتنع عن إدانتها في أي تصويت بالأمم المتحدة. وتعلن أنها تعارض العقوبات الأميركية والأوروبية على روسيا. فالعلاقة بحسب التقرير، «ليست مجرد مسألة صداقة بين الدول. يبدو أن بين بوتين وشي علاقة شخصية جيدة جداً. والأهم من ذلك، أن الرئيسين متحدان في الطموح الاستراتيجي نفسه: وضع حد للهيمنة (المزعومة) للولايات المتحدة، أو الغربيين بشكل عام، على النظام الدولي».

الصين صديق يجيد الحسابات

تعلن بكين أن الهجوم الروسي على أوكرانيا هو نتيجة للاستفزازات «الغربية» التي لا تطاق. يناور الصينيون والروس سوياً في المحيط الهادئ قريباً. ولمدة عام، يُسمع الرئيس الصيني شي نظيره الروسي بوتين مرات عدة، بأنه لا يحب هذه الحرب. ومع ذلك، لم يجر شي أي اتصال مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ولم تحاول الصين لعب دور وساطة في الحرب، وفق التقرير.
ويرى التقرير أن الاقتصاد والديموغرافيا يؤسسان للتفوق الصيني (في علاقة الصين بروسيا). تشترك الدولتان في حدود 4200 كيلومتر. فالصين اقتصادها حوالي 18000 مليار دولار، تتمتع الصين ولديها 1.4 مليار نسمة، بإجمالي ناتج محلي أكبر بعشر مرات من الناتج المحلي لروسيا (144 مليون نسمة).
وقد أدت العقوبات المفروضة على روسيا ما بعد 24 فبراير 2022، والمقاطعة للطاقة الروسية التي قررها الاتحاد الأوروبي، إلى تفاقم اعتماد روسيا على الصين.
ومن أجل التعويض عن خسارة زبائنها الأوروبيين الأثرياء، ليس لدى روسيا خيار آخر فيما يتعلق بتصدير الطاقة غير السوق الصينية (والهندية). فحسب التقرير، الصين صديق لروسيا بالتأكيد، ولكنه صديق يعرف كيفية العد. تشتري الصين الطاقة بأسعار منافسة، أقل من المتوسط العالمي. إنها قادرة على فرض الدفع باليوان (العملة الصينية) وبالتالي تطوير سوق البترو يوان الذي يتهرب من العقوبات الأميركية.
أما الروس من جانبهم، فهم يشترون المزيد من المنتجات المصنوعة في الصين. وقد سجلت نسبة الصادرات الصينية إلى روسيا عام 2022 (أي بعد بدء الحرب في أوكرانيا) 29 في المائة من إجمالي مستوردات روسيا بعد أن كانت نسبة هذه المستوردات 18 في المائة كحد أقصى قبل ذلك بعام.
ولأن المالية العامة الروسية، تعتمد على مستوى مبيعات النفط والغاز إلى الجار الشرقي الكبير (الصين)، فإن بكين تتمتع بنفوذ قوي على «صديقها» الروسي. إذ يشجع الصينيون الروس على تقييد مبيعاتهم من الأسلحة إلى الهند أو فيتنام، وهما دولتان تقفان في الجانب الأميركي في المواجهة بين بكين وواشنطن، ما يدل على أن روسيا تخسر استقلاليتها الاستراتيجية (لصالح الصين).
ويرى التقرير أن الروس، الذين لا يرون مستقبل بلادهم في أوروبا بل في كتلة أوروبية آسيوية، سيرحبون بهذا الاعتماد على الصين. وبوتين في كراهيته للولايات المتحدة، مستعد لدفع ثمن باهظ هو ثمن الخضوع (للصين). إنه بحاجة إلى الأموال الصينية لتمويل حربه وضمان بقاء نظامه.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الأمم المتحدة حذرة تترقب عودة ترمب لرئاسة أميركا

المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)
المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

الأمم المتحدة حذرة تترقب عودة ترمب لرئاسة أميركا

المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)
المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)

تستعد الأمم المتحدة لعودة دونالد ترمب لرئاسة أميركا واحتمال تقليص الولايات المتحدة تمويل المنظمة والعمل معها، وهو ما قد يفعله الرئيس الأميركي المقبل في ولايته الثانية.

وقال دبلوماسي آسيوي كبير إن هناك شعوراً «بالتكرار وبعض الخوف» لدى المنظمة العالمية، التي تضم 193 دولة، بعد فوز الجمهوري ترمب في الانتخابات الأميركية على نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر الدبلوماسي، الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أن «هناك أيضاً بعض الأمل في أن تتعاون الإدارة المعنية بالمعاملات مع الأمم المتحدة في بعض المجالات، حتى لو ألغت تمويل بعض الملفات؛ ففي نهاية المطاف، هل هناك كيان في العالم أكبر أو أفضل من الأمم المتحدة؟».

وقد يفتح تراجع دور الولايات المتحدة في الأمم المتحدة الباب أمام الصين، التي تعزز نفوذها في الدبلوماسية العالمية.

ولم يقدم ترمب تفاصيل تذكر عن السياسة الخارجية التي سينتهجها في ولايته الثانية، لكن أنصاره يقولون إن قوة شخصيته ونهجه لإحلال «السلام من خلال القوة»، سيساعدان في إخضاع الزعماء الأجانب لإرادته؛ فقد تعهَّد بإنهاء الحرب في أوكرانيا، ومن المتوقَّع أن يقدم دعماً قوياً لإسرائيل في صراعيها مع حركة «حماس» في غزة وجماعة «حزب الله» في لبنان.

ومن بين أبرز مخاوف الأمم المتحدة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقرر تقليل المساهمة المالية فيها، وإذا ما كانت ستنسحب من مؤسسات واتفاقيات رئيسية متعددة الجنسيات، مثل «منظمة الصحة العالمية»، و«اتفاقية باريس للمناخ».

ويُعد التمويل الأميركي مصدر القلق الرئيسي، لأن الولايات المتحدة أكبر مساهم في الأمم المتحدة؛ إذ تقدم نحو 22 في المائة من ميزانيتها الأساسية و27 في المائة من ميزانية عمليات حفظ السلام، تليها الصين.

وقد تتأخر أي دولة عن سداد مستحقاتها لمدة تصل إلى عامين، قبل أن تواجه العواقب المحتملة، وهي خسارة حق التصويت في الجمعية العامة.

واقترح ترمب في ولايته الأولى خفض نحو ثلث ميزانيات الدبلوماسية والمساعدات الأميركية، بما يتضمن تخفيضات حادة في تمويل عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وتمويل منظمات دولية، لكن الكونغرس، الذي يحدد الموازنة الاتحادية للحكومة الأميركية، رفض الاقتراح.

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة في ذلك الوقت إن التخفيضات المقترحة كانت ستجعل من المستحيل مواصلة جميع الأعمال الأساسية.

وقال ريتشارد جوان، مدير شؤون الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية: «أدركت الأمانة العامة للأمم المتحدة طوال العام أنها قد تواجه عودة ترمب. وكان هناك تخطيط حكيم خلف الكواليس حول كيفية إدارة تخفيضات الميزانية الأميركية المحتملة».