«صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ

جان نخول لـ «الشرق الأوسط» : أنهيته في عز نجاحه

نبيلة عواد وجه البرنامج وجان نخول محتواه
نبيلة عواد وجه البرنامج وجان نخول محتواه
TT

«صارو مية» يودّع الشاشة اللبنانية ويعمّق الفراغ

نبيلة عواد وجه البرنامج وجان نخول محتواه
نبيلة عواد وجه البرنامج وجان نخول محتواه

يحلو لمعد ومنفذ برنامج «صارو مية»، جان نخول، تذكر البدايات: «سخر كثيرون مني وقالوا يا لهذه الثقة! بأي جرأة تطرح فكرة ترتكز على التوثيق والبُعد الثقافي؟ لن تلقى مَن يشاهد». يومها، أُحبط. آلمه الاستخفاف. لكن مدير محطة «إم تي في» ميشال المر آمن بأحلامه: «قدم الحلقات وسنشاهدها أنا وأنت». انطلق بـ12 حلقة لم يتوقع أصداءها الجميلة. من النجاح، توالت المواسم إلى أن ختم بالحلقة 53.
لكأن الشاشة اللبنانية تشعر بيتم لإسدال البرنامج ستارته. المغردون عبر «تويتر» حملوا كلماتهم وَقْع الفراق. برامج قليلة تغادر في قمة الألق ومنتهى التوهج، لتبقى دائماً رغم الغياب، فيشتم أحبتها رائحة «الخسارة الشخصية» ويشاركون في مراسم الوداع. مواسم «صارو مية» لم تكن لجان نخول في الإعداد والتنفيذ ولا لنبيلة عواد في التقديم الأنيق، أو لـ«إم تي في» فحسب. كانت للبنانيين في الوطن والمهجر، للحنين والذاكرة والأمل الصلب.
كلما عُرضت حلقة، تقلبت في الدواخل جمرات مخصصة للكي. في السياسة والمجتمع والفن والثقافة، أحرقت؛ لما كناه في الأمس ونُفطر بفقدانه اليوم.

جان نخول خلال تسلّمه «موريكس» عن برنامجه «صارو مية»

قبل عام من مئوية لبنان الكبير، سنة 2019، عصف الويل واشتد الخناق. لم يرد نخول أن تمر الذكرى بلا فكرة تُخبر الحكايات وتستعيد محطات المجد. فعاند البرنامج بولادته الوباء والكوارث المتلاحقة. يُسأل عن وقت استغرقه إنجازه، فيجيب: «ثلاثون عاماً! هو عصارة قصص سمعتها منذ الطفولة وسطور قرأتها في الكتب. استعدتُ مشهديات لم تفارقني منذ وعيي الأول للحياة».
بُعده الوطني حلاه، وإن امتزجت الحلاوة بالحسرات. لم يكن ممكناً بالنسبة إلى نخول تحمل عمل كهذا في شقاء الأيام من دون لمسة حنين «تلطف» حقيقة الارتماء في واقع جهنمي: «وطنية البرنامج جعلتني أعمل بحب. أحسستُ بتبني القضية اللبنانية».
تحت صورتها، وخلفها على الشاشة صورة فيروز، كتبت نبيلة عواد في «إنستغرام»: «4 مواسم و53 حلقة من توثيق تاريخ لبنان الثقافي والفني والسياسي، الجميل والأليم. آمل أن الحنين لفح الجميع، فنستفيد من الحلاوة ونتعظ من المرارة». فكر نخول بأي موضوع يودع اللبنانيين بدل الـ«Best of» والختام المستهلك: «وجدتُ في التلازم بين السياسة ومسرح الأخوين الرحباني تتويجاً لكل الحلقات. يفترق اللبنانيون في كل شيء إلا صوت فيروز وما خلده عاصي ومنصور».
تعود الحلقة إلى الأغنية الوطنية الأولى التي قدمتها فيروز مع الأخوين وبثتها «الإذاعة اللبنانية»، وتتوقف عند «سنرجع يوماً إلى حينا»، أمل كل مغترب، قبل أن تصبح نشيد العودة لفلسطين. يتمهل نخول بسرده أمام الحدث الكبير بإنشاء مهرجانات بعلبك الدولية لإعطاء هوية ثقافية خاصة بالكيان، لتغني فيروز على خشبته «لبنان يا أخضر حلو». ارتقت والأخوان بعقيدة حب الوطن فوق كل اعتبار، وعنها قال سعيد عقل: «على هذا الصوت تُبنى اليوم أمة».

«صارو مية» يودّع التلفزيون اللبناني

سبق لـ«صارو مية» أن قدم مائة أغنية صنعت أسطورة فيروز، وفي ختامه أراد تحية وفاء لمَن كتبا سطور لبنان بشِعرهما وغنته بصوتها الأيقوني؛ فكانت «نسم علينا الهوا» ضمير المشتاقين إلى الأرض، وصرخة «ما في حبوس تساع الكل (...) رح منكمل بلي بقيوا»، عام 1969 في مسرحية «جبال الصوان»، انتصار الحق على الباطل؛ حتى «ردني إلى بلادي» عام 1970، و«طلعنا على الريح»، وأحلام الحرية في «ناطورة المفاتيح»... تاريخ لبنان بأسره في أعمال لا يتسع ذكرها، لكنها في الذاكرة الأبدية.
خطرت لنخول أفكار تعذر تنفيذها لتعذر بلوغها الرقم مائة: «الرقم أتعبني، يظلم الفكرة». ومن الصعوبات، يذكر الأرشيف: «هو كنز بقدر ما هو مأزق». يعدد مرات لم يجد فيها المادة الكافية لتلف الصور والفيديوهات أو صعوبة الحصول عليها. بعد الحلقة الخامسة، حين اطمأن إلى التقبل وردود الفعل، صوب الهَم: «لم أعد أصنع حلقات لتُشاهد. أردتُ حلقات أسكب فيها حلاوة الأفكار والنَفَس التثقيفي، وانشغلتُ بالإمتاع المفيد».
يحل الوداع قاسياً، فتقيم غصة في حنجرته طوال الحديث مع «الشرق الأوسط». يعزي نفسه بالقول إن لجميع الأشياء الجميلة نهاية، وقد اختار «الوقت المناسب» للختام: «وضعتُ النقطة الأخيرة على البرنامج وهو في القمة وختمته في عز نجاحه. الأفكار موجودة من أجل موسم آخر، لكنني أخشى عليه من الاحتراق». يتطلع أبعد من النجاح الجماهيري ليرى المحتوى وقد تفوق على ما يدرج من خواء وترفيه عابر: «أثبتنا أن الرصانة لا تزال مطلوبة وليس شرطاً الانزلاق خلف الشعبوية المكشوفة لاستمالة الجمهور. التوثيق قادر على الجذب، والمعلومة مطلوبة».
يعلم أن أفكاراً من هذا العيار لا تُطرح دائماً ولا تُنفذ كل يوم. لذا يغيب «صارو مية» ويترك الشاشة بحالة فقد: «أرجو أن مروره سيشكل حافزاً للخروج بأفكار مفيدة وممتعة في آن، فلا يتعمق الفراغ ويسيطر».
ماذا عن الخطوة المقبلة؟ «الأفكار كثيرة، لكن القرار في شأنها مؤجل. آخذ استراحة قصيرة تتيح لي التفكير بحكمة، فلا أُقدم على أي مشروع بالعاطفة وحدها. لا غنى عن القالب الأحب: التوثيق والنوستالجيا».



سحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة و13 رجلاً

شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير
شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير
TT

سحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة و13 رجلاً

شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير
شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير

صدرت في الكويت 7 مراسيم جديدة بسحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة، و13 رجلاً وممن يكون قد اكتسبها معهم بالتبعية.

وجاء في المراسيم التي ستنشرها الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) في عددها الصادر، الأحد، أن قرار السحب جاء بعد الاطلاع على الدستور، وقانون الجنسية الكويتية، وعرض النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.

وتضمنت المراسيم سحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة وممن يكون اكتسبها معهن بالتبعية، إضافةً إلى سحب شهادة الجنسية من بعض الأشخاص بناءً على المادة 21 مكرر من قانون الجنسية التي تنص على «سحب شهادة الجنسية إذا تَبَيَّنَ أنها أُعطيت بغير حق بناءً على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة، ويكون السحب بقرار من مجلس الوزراء بناءً على عرض وزير الداخلية، وينبغي لذلك سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريقة التبعية».

وكانت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، قد قررت خلال اجتماعها برئاسة رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف في 21 من الشهر الحالي سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1647 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء، ليرتفع العدد خلال 3 أسابيع (منذ 31 أكتوبر / تشرين الأول الماضي) إلى 4601 حالة.

وبدأت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، عملها مطلع مارس (آذار) الماضي، حيث شرعت السلطات الكويتية في حملة إسقاط جنسيات وذلك لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها التزوير، كما أن سحب الجنسية تتم من الأشخاص والتابعين الذين حصلوا عليها دون استيفاء الشروط القانونية، ومن بينها صدور مرسوم بمنح الجنسية، حيث دأب أعضاء في الحكومات السابقة لتخطي هذا القانون، ومنح الموافقات على طلبات الحصول على الجنسية دون انتظار صدور مرسوم بذلك.

وتقدر وسائل إعلام عدد الأشخاص المسحوب جنسياتهم بنحو 6370 شخصاً، وتقول الحكومة الكويتية، إن سحب الجنسية، من المزورين ومزدوجي الجنسية، هدفها الحفاظ على «الهوية الوطنية، وتحقيق الاستقرار، وحماية النسيج الوطني»، وتنقية السجلات ممن اكتسبوا الجنسية بطرق غير مشروعة.