الماضي يعود في جدة بمهرجان أضاءه خمسة آلاف فانوس

يسدل الستار على فعالياته مع انقضاء عطلة عيد الفطر

المهرجان أضاءه خمسة آلاف فانوس
المهرجان أضاءه خمسة آلاف فانوس
TT

الماضي يعود في جدة بمهرجان أضاءه خمسة آلاف فانوس

المهرجان أضاءه خمسة آلاف فانوس
المهرجان أضاءه خمسة آلاف فانوس

قال منظمون إن أكثر من ثلاثة ملايين زائر حضروا على مدى عامين مهرجان «رمضاننا كدا» الذي يقام في مدينة جدة السعودية خلال شهر رمضان في مشهد وصفه رئيس الشركة المنظمة زكي حسنين بأنه «حراك كبير» كان له الفضل في تسجيل المدينة ضمن قائمة التراث العالمي.
وقال صبحي وائل زيارة وهو أحد القائمين على تنظيم المهرجان الذي يسدل الستار على فعالياته مع انقضاء عطلة عيد الفطر بعدما استمر طيلة شهر رمضان «يفد على المهرجان ما بين 38 إلى 39 ألف زائر في اليوم»، حسب تقرير لـ«رويترز».
وأضاف قائلا: «تفاعل الناس معنا بطريقة رائعة بعد قيامهم بإنشاء هاشتاغ باسم الفرق المتطوعة (امرني) في مواقع التواصل حيث يتم تداول ردود الفعل والاقتراحات بيننا وبين الزوار».
وأضاء خمسة آلاف فانوس الطريق إلى قلب محاولات أهل جدة للتذكير بالأجواء القديمة لرمضان في مدينتهم حيث يقولون إن الأمر لا يقتصر على مأكولات شعبية أو ملابس تقليدية بعدما استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة للتفاعل وتداول الاقتراحات.
وبعدما يزيد بقليل على عام واحد من إضافة جدة لقائمة التراث العالمي التي تضعها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) سمى أهلها مهرجانهم «رمضاننا كدا» بعدما حملت جهودهم في العام الماضي اسم «كنا كدا» مع إطلاق حملة لإحياء النمط التقليدي للحياة في المدينة المطلة على البحر الأحمر. يبدأ مسار الألف متر داخل المهرجان بألعاب للأطفال بينها «المركب» و«خارجة البزورة» في استحضار لما عرفه أسلافهم في هذه المنطقة من السعودية في منتصف القرن العشرين.
ويستمر حضور الماضي في «رمضاننا كدا» بخمسة آلاف فانوس تحاكي الفوانيس القديمة وتصنع أجواء مميزة بينما ترتفع في المكان أصوات أهازيج حجازية قديمة تصنع مع رائحة الأطعمة الشعبية مذاقا مختلفا.
يقول محمد السالم وهو زائر قطع الرحلة من المنطقة الشرقية للسعودية إن مهرجان جدة التاريخي أصبح ينال الاهتمام في المنطقة الغربية.
وأضاف: «الآن مهرجان جدة خطف انتباهنا وأصبح محطة مهمة في رحلتنا. هناك الكثير من الأكلات والعادات والمعلومات التي لم نكن نعرفها عن أهل الحجاز».
يكتمل المشهد القديم بمسجد الشافعي الذي لم تفقده أعمال التحديث مظهره التاريخي ويتردد أن مئذنته بنيت في القرن السابع الهجري قبل أن يأمر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بترميمه. ويقول حسنين: «أجمل ما في المهرجان أنه صنع حراكا كبيرا لأهل المنطقة التاريخية الذين تركوها من سنين سابقة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».