سكان الغوطة الشرقية بدمشق يواجهون خطر الألغام الأرضية

أبو محمد فقد ساقه بانفجار لغم عام 2018 يسير على عكازين في كفر بطنا بالغوطة الشرقية (رويترز)
أبو محمد فقد ساقه بانفجار لغم عام 2018 يسير على عكازين في كفر بطنا بالغوطة الشرقية (رويترز)
TT

سكان الغوطة الشرقية بدمشق يواجهون خطر الألغام الأرضية

أبو محمد فقد ساقه بانفجار لغم عام 2018 يسير على عكازين في كفر بطنا بالغوطة الشرقية (رويترز)
أبو محمد فقد ساقه بانفجار لغم عام 2018 يسير على عكازين في كفر بطنا بالغوطة الشرقية (رويترز)

تعين على المواطن السوري «أبو محمد» أن يتأقلم مع أوضاع كثيرة عندما اندلعت الحرب في وطنه سوريا. واضطر الرجل، الذي يعمل في الأصل نجاراً في بلدة كفر بطنا في الغوطة الشرقية، إلى الفرار بشكل مؤقت إلى دمشق في عام 2014 عندما فُتح طريق إنساني لإنقاذ المدنيين من الصراع الدائر بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة المسلحة، بحسب «رويترز».
وبعد ذلك بـ4 سنوات عندما تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة ومقاتلي المعارضة أدى إلى نقل المقاتلين إلى شمال البلاد، كانت ورشته دُمرت بالكامل، مما اضطره للجوء إلى بيع الحلويات على دراجة هوائية لكسب قوته. وفي أثناء قيادته الدراجة من بلدة إلى أخرى، وقع أبو محمد ضحية لغم انفجر بجانبه. يقول: «كنت عم بيع حلويات على بسكليت وعم دور بالحارات من زملكا لعين ترما لحزة، وأمام المقسم تبع زملكا ما عرفت شو صار، التفتت وقتها، شي توفي، شي راح يديه، شي رجليه، وأنا دغري راحت رجلي (خسرت رجلي) اليسار».
وبعد أن فقد ساقه، اضطر أبو محمد إلى إعادة ترتيب حياته من جديد. فقام بتعديل شاحنة صغيرة لتتناسب مع إعاقته، وأضاف ناقل حركة يدوياً وهو يعمل سائق توصيل الآن.
وذكر أن «المصروف ما بيرحم فمتل مانك شايف عم أشتغل عهاي الوسيلة نطالع لقمة عيشنا، ساوينا هالحركة تبع السيارة، ويوم نشتغل وعشرة أيام ما بنشتغل». وأبو محمد واحد من ضحايا كثيرين للذخائر المتفجرة في البلد الذي مزقته الحرب.
وقالت أم عمر (75 عاماً)، زوجة أحد ضحايا الألغام: «الصبي عمره 12 سنة (حفيدها) واقف هنا وأبو محروس (صهرها) هنا وأنا هناك، وصهري الثاني كان يشاهد جدران المطبخ التي كانت ساقطة على الأرض ومشيو باتجاهي وما شفت إلا شي ضرب بوجهي، التفتت ولقيت الدخان ولا عاد بيّن الولد ولا حد. شفت دم عم ينزل من وجهي بعد ما راحت الدخنة، لقيت صهري أبو محروس هون ملحوش (واقع) وصهري علي هون والصبي هنا والدم ينفر منه».
ووفقاً لبيان صادر عن فريق الأمم المتحدة في سوريا، يُقدر أن واحداً من كل سوريين اثنين يعيش في مناطق ملوثة. وأفاد البيان أيضاً بأن 12350 حادثة انفجار ذخائر وقعت في سوريا ما بين الأعوام 2019 إلى أبريل (نيسان) 2022، بمعدل 5 حوادث يومياً في المتوسط، نتيجة انفجار ألغام أرضية أو ذخائر غير منفجرة. وقال العميد علي قاسم، قائد مجموعة التأمين الهندسي في الغوطة الشرقية: «بناء على إخبارية من الأهالي على وجود أكثر من عبوة في المنطقة، وصلنا مع مجموعة من النقابين وتم الكشف عن العبوات وتم نزعها. ويتم نقلها بعد تأمينها إلى منطقة تجميع العبوات، ومن ثم يتم إتلافها بموجب محاضر إتلاف نظامية». وأضاف أنه «خلال عام 2022 تم العثور بالغوطة الشرقية، على 300 لغم (مضاد دبابة)، و1500 عبوة ناسفة، وبحدود 1400 صاروخ وقذيفة مُجدبة (لم تنفجر)».
وعلى الرغم من عودة الاستقرار نسبياً إلى العديد من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة داخل البلاد، فلا تزال الذخائر غير المتفجرة تشكل تهديداً للعديد من المواطنين. وزُرعت الألغام في مناطق سكنية وحقول ومؤسسات حكومية على مدى سنوات خلال الصراع.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».