أعمال «دافوس» تنطلق على وقع توقعات اقتصادية متشائمة

شبح الركود يخيّم على الاقتصادات الكبرى... ومؤشرات على انحسار أزمة غلاء المعيشة

شرطي يراقب مقر اجتماعات منتدى دافوس أمس (أ.ب)
شرطي يراقب مقر اجتماعات منتدى دافوس أمس (أ.ب)
TT

أعمال «دافوس» تنطلق على وقع توقعات اقتصادية متشائمة

شرطي يراقب مقر اجتماعات منتدى دافوس أمس (أ.ب)
شرطي يراقب مقر اجتماعات منتدى دافوس أمس (أ.ب)

من النادر أن يهيمن الموضوع نفسه على دورتين متتاليتين من المنتدى الاقتصادي العالمي. إلا أن الحرب في أوكرانيا وتداعياتها الاقتصادية الكارثية بعثرت الأولويات، وتصدرت اهتمامات عشرات القادة المشاركين في الدورة الـ53 للمنتدى.
وفي اليوم الأول من أعمال دافوس، وهو الأول الذي ينعقد حضورياً في موعده المعتاد منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، رسم خبراء المنتدى صورة متشائمة للاقتصاد العالمي، مشيرين إلى دور التضخم والسياسات التقشفية وتأثير الأزمات الجيوسياسية. في المقابل، توقع هؤلاء أن يشهد عام 2023 تراجع الضغوط على أسعار الغذاء والطاقة، في مؤشر على انحسار تدريجي للتضخم.
وذكر تقرير استطلع آراء كبار اقتصاديي المنتدى، ونُشر عشية انطلاق جلسات «دافوس» الرسمية (الثلاثاء)، أن ثلثي الخبراء توقعوا دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود هذا العام، وأن جلّهم أجمع على أن آفاق النمو محدودة، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة. أما بالنسبة للصين، فقد اختلف الخبراء حول مستويات النمو التي سيسجلها العملاق الآسيوي عقب تحرير اقتصاده من قيود «كورونا» الصارمة.
وإلى جانب ضعف مستويات النمو، حذّر التقرير من تداعيات التضخم. ورأى كبار الاقتصاديين تبايناً كبيراً عبر المناطق، إذ توقع 5% منهم فقط ارتفاع التضخم في الصين، مقابل 57% في أوروبا. وبعد عام على اعتماد البنوك المركزية سياسات مالية منسقة تقوم على رفع أسعار الفائدة، قال كبار الاقتصاديين إنهم يتوقعون استمرار هذا النهج في معظم أنحاء العالم هذا العام.
وقالت سعدية زهيدي، وهي مديرة تنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي: «مع توقع ثلثي كبار الاقتصاديين حدوث ركود عالمي في عام 2023، فإن الاقتصاد العالمي في وضع غير مستقر».
وتابعت أن «مستويات التضخم المرتفع، وانحسار معدلات النمو، وارتفاع الديون، تقلل من حوافز الاستثمارات اللازمة للعودة إلى نمو (إيجابي) وتحسين مستويات المعيشة لأكثر الفئات ضعفاً حول العالم». وأضافت: «يجب أن ينظر القادة إلى ما وراء أزمات اليوم للاستثمار في الغذاء والطاقة، والتعليم وتنمية المهارات، وخلق فرص العمل، والأسواق ذات الإمكانات العالية في المستقبل».
ورغم صعوبة التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، لفت التقرير إلى بعض التطورات الإيجابية المتوقعة في 2023، فأشار إلى انحسار تأثير اضطرابات سلاسل التوريد العالمية على النشاط التجاري، وإلى اقتراب أزمتَي غلاء المعيشة والطاقة من ذروتها. بالإضافة إلى ذلك، سلّط المشاركون في الاستطلاع الضوء على عدد من بواعث التفاؤل، بما يشمل قوة الموارد المالية للأسر، وتراجع الضغوط التضخمية واستمرار مرونة سوق العمل.
في سياق منفصل، قالت منظمة «أوكسفام»، في تقريرها السنوي حول انعدام المساواة، إن النخبة التي تمثل أغنى 1% من سكان العالم استحوذت على ما يقارب ثلثي جميع الثروات الجديدة التي تبلغ قيمتها 42 تريليون دولار والتي جُمعت منذ عام 2020، أي ضعف الأموال التي كسبها 7 مليارات شخص يشكّلون 99% من سكان العالم. ورأت المنظمة أن «فرض الضرائب على أصحاب الثراء الفاحش والشركات الكبرى هو السبيل إلى الخروج من الأزمات المتداخلة اليوم. لقد حان الوقت لهدم النظرية القائلة إن التخفيضات الضريبية للأغنياء تؤدي إلى تقاطر ثرواتهم بطريقة أو بأخرى إلى الآخرين».

- مشاهدات
> 2700: عدد المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دورته الـ53 يمثلون 130 دولة
>450 جلسة مخصصة لبحث التحديات المشتركة تحت شعار «التعاون في عالم منقسم»
> زعيم واحد من دول «مجموعة السبع» يشارك في منتدى هذا العام هو المستشار الألماني أولاف شولتس
> 5000: العدد الأقصى من الجنود الذين يسهمون في تأمين أعمال المنتدى
> عشرات المتظاهرين اجتمعوا للتنديد بالمنتدى وللمطالبة بمكافحة تغير المناخ


مقالات ذات صلة

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم يلتقط صورة بجانب شعار منتدى دافوس في 19 يناير الحالي (رويترز)

عندما يتسيّد الجيوبوليتيك!

يحاول منتدى دافوس حل مشكلات العالم، في ظلّ نظام عالمي قديم بدأ يتهاوى. في نظام عالمي يُعاد فيه توزيع موازين القوّة.

المحلل العسكري (لندن)

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
TT

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

تأمل مجموعة من النساء من السكان الأصليين في وقف أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال بكندا، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل نصف قرن.

وتسعى تلك النسوة منذ عامين لتأخير مشروع البناء الذي تقوم به جامعة ماكغيل وحكومة كيبيك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعتمد الناشطات على محفوظات وشهادات تشير إلى أن الموقع يحتوي على قبور مجهولة لأطفال كانوا في مستشفى رويال فيكتوريا ومعهد آلان ميموريال، مستشفى الأمراض النفسية المجاور له.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وخلف جدران المعهد القديم الباهتة، قامت الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتمويل برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «إم كي ألترا».

خلال الحرب الباردة كان البرنامج يهدف إلى تطوير الإجراءات والعقاقير لغسل أدمغة الناس بطريقة فعالة.

أُجريت التجارب في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة على أشخاص، من بينهم أطفال من السكان الأصليين في مونتريال، أُخضعوا لصدمات كهرباء وعقاقير هلوسة وحرمان من الأحاسيس.

ورأت كاهنتينثا الناشطة البالغة 85 عاماً من سكان موهوك بكاناواكي جنوب غربي مونتريال، وهي شخصية رائدة في حركة حقوق السكان الأصليين سافرت إلى بريطانيا والولايات المتحدة للتنديد بالاستعمار، أن هذه الحرب «أهم شيء في حياتها».

وقالت: «نريد أن نعرف لماذا فعلوا ذلك ومن سيتحمل المسؤولية».

أعمال أثرية

في خريف 2022، حصلت الناشطات على أمر قضائي بتعليق أعمال بناء حرم جامعي جديد ومركز أبحاث في الموقع، مشروع تبلغ كلفته 870 مليون دولار كندي (643 مليون دولار أميركي).

وقالت الناشطة كويتييو (52 عاماً) إن نساء المجموعة يصررن على أن يرافعن في القضية بأنفسهن من دون محامين؛ «لأن بحسب طرقنا، لا أحد يتحدث نيابة عنا».

في الصيف الماضي، أُحضرت كلاب مدربة ومجسّات للبحث في المباني المتداعية في العقار الشاسع. وتمكنت الفرق من تحديد ثلاثة مواقع جديرة بإجراء عمليات حفر فيها.

لكن بحسب ماكغيل ومؤسسة كيبيك للبنى التحتية التابعة للحكومة، «لم يتم العثور على بقايا بشرية».

وتتهم الأمهات من شعب الموهوك الجامعة ووكالة البنى التحتية الحكومية بانتهاك اتفاقية من خلال اختيار علماء آثار قاموا بعملية البحث قبل إنهاء مهمتهم في وقت مبكر جداً.

وقال فيليب بلوان، وهو عالم أنثروبولوجيا يتعاون مع الأمهات: «أعطوا أنفسهم سلطة قيادة التحقيق في جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها موظفوهم في الماضي».

ورغم رفض الاستئناف الذي قدمته الأمهات، في وقت سابق هذا الشهر، تعهدن بمواصلة الكفاح.

وقالت كويتييو: «على الناس أن يعرفوا التاريخ؛ كي لا يعيد نفسه».

تنبهت كندا في السنوات القليلة الماضية لفظائع سابقة.

فقد أُرسل أجيال من أطفال السكان الأصليين إلى مدارس داخلية حيث جُرّدوا من لغتهم وثقافتهم وهويتهم، في إطار ما عدّه تقرير الحقيقة والمصالحة في 2015 «إبادة ثقافية».

بين 1831 و1996 أُخذ 150.000 من أطفال السكان الأصليين من منازلهم ووُضعوا في 139 من تلك المدارس. وأُعيد بضعة آلاف منهم إلى مجتمعاتهم.