فيينا تستأنف «ليال الأنس» بقوة

الحضور يرقصون أثناء افتتاح «حفلة الزهور» في فيينا (أ.ف.ب)
الحضور يرقصون أثناء افتتاح «حفلة الزهور» في فيينا (أ.ف.ب)
TT

فيينا تستأنف «ليال الأنس» بقوة

الحضور يرقصون أثناء افتتاح «حفلة الزهور» في فيينا (أ.ف.ب)
الحضور يرقصون أثناء افتتاح «حفلة الزهور» في فيينا (أ.ف.ب)

عاد موسم الحفلات الراقصة بقوة إلى فيينا، ليعيد إليها «ليال الأنس» باستعراضات راقية على أنغام مقطوعة «الدانوب الأزرق» الشهيرة ليوهان شتراوس، بعد استراحة قسرية فرضتها جائحة «كوفيد - 19»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي مبنى البلدية الضخم المشيَّد على النسق الهندسي القوطي الجديد، يتدافع 2400 مدعو للمشاركة في هذه الحفلة، وسط ديكور مبهر مؤلف من ألف زهرة.
ويقول المدير الفني للحفلة الراقصة، بيتر هوسيك، إن «الجوّ مميز»؛ إذ يشكّل الحدث لمحة عن «الربيع» في عز الشتاء.
ويعود هذا التقليد إلى القرن الثامن عشر حين لم تعد الحفلات الراقصة في البلاط الملكي لعائلة هابسبورغ تقتصر على أفراد الطبقة الأرستقراطية. وقد استعاد سكان فيينا حينها العادات والسلوكيات المرتبطة بهذه الاحتفالات الراقية.
وتقام في هذا الموسم حفلات راقصة مخصصة لأصحاب مهن أو هوايات كثيرة كالصيادين ومديري المقاهي، لكن أيضاً لكل حي، من الأكثر غرابة إلى الأفخم، أي حفلة الأوبرا الراقصة المرتقبة في 16 فبراير (شباط).
ويقول ماركوس غريسلر المكلف شؤون السياحة في غرفة التجارة بالعاصمة النمساوية إن «الحفلات الراقصة تعود بقوة» إلى المشهد المحلي.
ورغم أسعار التذاكر المرتفعة (من 55 إلى 180 يورو للمشاركة في «حفلة الزهور» على سبيل المثال)، تسجل مبيعات التذاكر إقبالاً «ممتازاً»، وقد استُنفدت البطاقات لمواعيد كثيرة في هذا الإطار.
وتأمل فيينا في تحطيم الرقم القياسي المحقَّق في موسم 2019 - 2020، معوّلة على تحقيق إيرادات تبلغ 170 مليون يورو (في مقابل 152 مليون يورو سابقاً)، أي 320 يورو في المعدل للشخص الواحد عن كل حفلة راقصة.
ويوضح غريسلر أن «ثلث السكان في فيينا في سن 15 عاماً وما فوق يعتزمون المشاركة في حفلة راقصة هذا العام»، مقارنة مع عام 2019، من دون احتساب المشاركين الكثيرين الذين يأتون خصيصاً من الخارج.
وفي هذا الزمن المضطرب «يرغب الناس بوضوح في السفر والرقص»، بحسب نوربرت كيتنر مدير مكتب السياحة في المدينة، الذي سجل اسمه للمشاركة في ثلاث حفلات راقصة.
ويوضح كيتنر أن الموسم الذي يبلغ ذروته، خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، «منسوخ» تاريخياً «من الروزنامة المسيحية»، وهو ينتهي قبيل أربعاء الرماد الذي يشكل انطلاق زمن الصوم لدى المسيحيين، ما يرمز إلى الخطيئة وضعف الإنسان.


مقالات ذات صلة

10 قتلى في إطلاق نار داخل مدرسة ثانوية بالنمسا

أوروبا رجال شرطة في شارع قريب من مدرسة حيث أفادت التقارير بمقتل عدد من الأشخاص في حادث إطلاق نار (أ.ف.ب)

10 قتلى في إطلاق نار داخل مدرسة ثانوية بالنمسا

نقلت «وكالة النمسا للأنباء» اليوم عن رئيسة بلدية مدينة غراتس الواقعة جنوب البلاد قولها إن إطلاق نار في مدرسة بالمدينة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

السعودية والنمسا تبحثان المستجدات الإقليمية والدولية

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان المستجدات الإقليمية والدولية مع نظيرته في النمسا بياته ماينل رايزنجر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
حصاد الأسبوع هربرت كيكل

هربرت كيكل... زعيم اليمين النمساوي المتطرف ينتظر فرصته لإحداث تغييرات سياسية جذرية

لا يحمل تاريخ نشأة هيربرت كيكل المكلّف تشكيل الحكومة العتيدة في النمسا، ارتباطاً باليمين المتطرف أو النازية، كأسلافه الذين قادوا حزب الحرية قبله. ولكن مع هذا قد يكون الزعيم الأكثر تطرفاً الذي ترأس الحزب خلال العقود الأخيرة. ذلك أن كيكل غالباً ما يكرر تعابير استخدمها النازيون، ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة مطلع العام، بدأ يلقب نفسه بـ«مستشار الشعب»، وهو اللقب الذي كان يستخدمه هتلر لوصف نفسه. وبالتالي، في حال نجح كيكل بتشكيل الحكومة، سيكون المستشار الأول للنمسا الذي ينتمي إلى حزب متطرف أسسه عام 1955 أعضاء في «قوات الأمن الخاصة النازية» المعروفة اختصاراً بالـ«إس إس». الحزب اليوم معادٍ للاتحاد الأوروبي ومقرّب من روسيا، ومع أنه شارك في حكومات ائتلافية نمساوية في السابق، إلا أنه لم يقُد أياً منها بعد. وراهناً، رغم تكليف كيكل - بعدما تصدّر حزبه انتخابات سبتمبر (أيلول) الماضي بحصده نسبة 29 في المائة من الأصوات، ما زال من غير الواضح ما إذا كان سينجح فعلاً بالمهمة الموكلة إليه «اضطراراً». فالرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن فضّل بدايةً تكليف زعيم حزب الشعب (محافظ)، الذي حل ثانياً بنسبة 26 في المائة من الأصوات، تشكيل الحكومة، مع أن في هذا مخالفة للأعراف. وبرّر الرئيس قراره يومذاك بأن كل الأحزاب الأخرى ترفض التحالف مع حزب الحرية من دون تحييد كيكل. وبالفعل، اشترط حزب الشعب تنازل كيكل عن قيادة الحكومة شرطاً للتفاوض معه، وهو ما رفضه الأخير. بيد أن زعيم حزب الشعب كارل نيهامر أخفق بتشكيل حكومة ثلاثية الأطراف مع حزبين آخرين، فاستقال من زعامة حزبه، وبالتالي، عادت الكرة إلى ملعب كيكل.

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع شتراخه (رويترز)

حزب الحرية النمساوي المتطرف... لمحة تاريخية وسياسية

أُسس حزب الحرية النمساوي عام 1956، وكان زعيمه الأول، أنتون راينتالرو، ضابطاً سابقاً في قوات الأمن الخاصة النازية. لكن، رغم ذلك، تجنّب الحزب في بداياته الترويج.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تباين ليبي بشأن قدرة «الوحدة» الليبية على تفكيك الميليشيات المسلحة

رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع أمني سابق لمتابعة تنفيذ «خطة الترتيبات الأمنية الجديدة» في العاصمة (حكومة الوحدة)
رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع أمني سابق لمتابعة تنفيذ «خطة الترتيبات الأمنية الجديدة» في العاصمة (حكومة الوحدة)
TT

تباين ليبي بشأن قدرة «الوحدة» الليبية على تفكيك الميليشيات المسلحة

رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع أمني سابق لمتابعة تنفيذ «خطة الترتيبات الأمنية الجديدة» في العاصمة (حكومة الوحدة)
رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع أمني سابق لمتابعة تنفيذ «خطة الترتيبات الأمنية الجديدة» في العاصمة (حكومة الوحدة)

أثار تصريح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الذي أعلن فيه أن تأمين العاصمة طرابلس أصبح من اختصاص وزارة الداخلية فقط - ولأول مرة منذ عام 2011 - ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية.

وجاء تصريح الدبيبة الذي تعهد فيه بضبط الأمن في العاصمة، بعد سنوات طويلة من الاعتماد على تشكيلات مسلحة غير نظامية، وهو ما اعتُبر تحوّلاً جوهرياً في المشهد الأمني للبلاد.

لكن توقيت التصريح ودوافعه كانا محل «تشكيك» من قبل عدد من السياسيين والمراقبين، لا سيما من خصوم الدبيبة، إذ عدّ بعضهم حديثه «لا يتعدى كونه خطاباً إعلامياً مستهلكاً»، يسعى من خلاله إلى تعزيز موقعه السياسي في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإقالته.

وانضم عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إلى أصوات كثيرة تتساءل عن أسباب تأخر حكومة «الوحدة» في إنهاء سيطرة الميليشيات على طرابلس؛ رغم توليها المسؤولية منذ أكثر من أربع سنوات، ومع التدهور الأمني الناتج عن الصراعات المستمرة بين الميليشيات على النفوذ داخل العاصمة.

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات الدبيبة «تفتقر إلى المصداقية»، مذكّراً بأن الدبيبة سبق ودافع قبل عام واحد فقط عن عناصر تلك الميليشيات، وتحدث عن إدماج العديد منها في القطاعين الأمني والعسكري، رغم إقراره بوقوع تجاوزات من جانبهم.

مشكلة ازدواج التبعية

كانت طرابلس قد شهدت الشهر الماضي اشتباكات دامية ومواجهات مسلحة، خرجت على أثرها مظاهرات شعبية حمّلت حكومة «الوحدة» مسؤولية ما جرى.

واستنكر التكبالي ما وصفه بـ«تجاهل الحكومة لانتهاكات الميليشيات» من توقيف المواطنين واستجوابهم خارج الأطر القانونية، لا سيما خلال فترة ما سماه «التحالف المعلن» بين الدبيبة وتلك المجموعات.

وانتهى إلى أن حديث الدبيبة عن إسناد سلطة التوقيف لوزارة الداخلية ووفقاً لقرارات النيابة العامة فقط «لا يعد كافياً ولا مطمئناً»، موضحاً أن «السلطة لن تكون بيد ميليشيات خارجة عن القانون، لكنها ستؤول إلى وزير داخلية له خلفية ميليشياوية»، على حد قوله.

من جهتهم، يبرّر مؤيدو الدبيبة تأخره في كبح نفوذ الميليشيات في طرابلس بسعيه لتثبيت حكمه خلال عامه الأول؛ ومحاولة تجنب خلق المزيد من الخصوم، خصوصاً في ظل قيام البرلمان بسحب الثقة من حكومته بعد ستة أشهر فقط من منحها، في سبتمبر (أيلول) 2021.

في المقابل، شدد المحلل السياسي الليبي صلاح البكوش على «وجود تحديات كبيرة تعيق تنفيذ هذه الخطوة؛ في مقدمتها ضعف التأهيل والانضباط داخل وزارة الداخلية».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الخلل لا يقتصر على داخلية حكومة (الوحدة)؛ بل يشمل معظم التشكيلات المسلحة شرقاً وغرباً، حيث تغيب معايير الانضباط والاحتراف».

ويرى البكوش أن «التحدي الأبرز في إصلاح القطاع الأمني يتمثل في استمرار الانسداد السياسي والانقسام الحكومي، وغياب توحيد المؤسستين الأمنية والعسكرية». ويشير إلى أن «عدم وجود قيادة عسكرية موحدة تحت سلطة مدنية يفاقم مشكلة ازدواج التبعية داخل الأجهزة الأمنية، ويؤدي إلى تضارب في القرارات، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي».

كما حذر من «استمرار فوضى انتشار السلاح وبقاء المرتزقة والقوات الأجنبية داخل ليبيا، بذريعة توقيع اتفاقيات مع أطراف مختلفة من النزاع».

«النية الجادة»

من جانبه، دعا أنس القماطي، مدير مركز «صادق» للدراسات، إلى ضرورة توفير دعم شعبي حقيقي لإنجاح أي خطة أمنية، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «هذا الدعم مرهون بوجود نية جادة للإصلاح داخل وزارة الداخلية، تتجاوز تغيير الشعارات والزي الرسمي إلى إصلاح بنيوي فعلي، إلى جانب بناء نظام سياسي مدني منتخب قادر على محاسبة المؤسسة الأمنية».

وأكد القماطي أهمية توضيح موقف الحكومة من «جهاز الردع»، مشيراً إلى «وجود خصومة بينهما حالياً؛ ومع ذلك أدرج في خطة الترتيبات الأمنية الموضوعة لتأمين العاصمة».

واعتبر «أن غياب هذا التوضيح قد يثير الشكوك حول جدية الدبيبة؛ ويفتح الباب أمام اتهامات بأنه يسعى فقط لفرض سيطرة شكلية على العاصمة دون إنهاء فعلي لسلاح الميليشيات؛ حتى وإن عادت الأخيرة مؤقتاً إلى ثكناتها».

وأشار القماطي إلى تقارير تتحدث عن رغبة أميركية في توحيد القوى المسلحة بالمنطقة الغربية تحت سلطة حكومة الدبيبة، تمهيداً لتشكيل قوة نظامية تدعم أي سلطة تنفيذية موحدة قد يتم التوافق عليها مستقبلاً عبر المسارات السياسية.

وختم بالإشارة إلى أن غياب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية «لا يزال يمثل عقبة أمام تفكيك بعض الميليشيات والأجهزة الأمنية»، ويرى أن «تحقيق الأمن لا يُقاس بعدد الأفراد أو الوسائل التقنية فقط، بل يتطلب منظومة قضائية وقانونية متكاملة».