«فيتو» تركيا على انضمام السويد وفنلندا لـ«الناتو» يعرقل حصولها على «إف 16»

بيع طائرات مقاتلة لأنقرة وأثينا يتطلب موافقة الكونغرس

صفقة أميركية محتملة لبيع مقاتلات «إف 16» لتركيا (إ.ب.أ)
صفقة أميركية محتملة لبيع مقاتلات «إف 16» لتركيا (إ.ب.أ)
TT

«فيتو» تركيا على انضمام السويد وفنلندا لـ«الناتو» يعرقل حصولها على «إف 16»

صفقة أميركية محتملة لبيع مقاتلات «إف 16» لتركيا (إ.ب.أ)
صفقة أميركية محتملة لبيع مقاتلات «إف 16» لتركيا (إ.ب.أ)

في خطوة انتظرتها أنقرة طويلاً، أخطرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس، بشكل غير رسمي، بأنها تعد لـ«صفقة محتملة» لبيع طائرات مقاتلة من طراز «إف 16» إلى تركيا. وأعلن أحد كبار النواب الديمقراطيين على الفور معارضته للصفقة، بينما ربطت تقارير بين موافقة الكونغرس على الصفقة وإزالة تركيا الـ«فيتو» على طلب السويد وفنلندا الانضمام إلى «الناتو».
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية، عن مصادر في واشنطن، أن وزارة الخارجية الأميركية أحالت قرارها بشأن بيع مقاتلات «إف 16» لتركيا إلى اللجان المختصة في الكونغرس من أجل المراجعة الأولية.
وبحسب المصادر، من المتوقع أن تعلن الخارجية الأميركية رسمياً، خلال الأسبوع الحالي، أنها أحالت قرارها إلى الكونغرس، لافتة إلى أنه من أجل الحصول على موافقة لجان المبيعات العسكرية في الولايات المتحدة يجب ألا يعترض الكونغرس في غضون 15 يوماً للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، و30 يوماً لغيرها.
فيما ذكرت وسائل إعلام أميركية، أن طلب الحصول على موافقة الكونغرس لبيع تركيا تلك الطائرات، سيتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى واشنطن، في 18 يناير (كانون الثاني) الحالي، لإجراء محادثات ثنائية وسط مجموعة من المشكلات بين العضوين في حلف شمال الأطلسي، تمتد من الخلاف السياسي تجاه الأزمة في سوريا إلى شراء أنقرة أسلحة روسية.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الصفقة مع تركيا تشمل أيضاً بيعها أكثر من 900 صاروخ جو - جو و800 قنبلة، بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار، شرط أن تعلن أنقرة موافقتها على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي.
ونقلت «رويترز»، في السياق ذاته، عن 3 مصادر أن وزارة الخارجية الأميركية أرسلت الإخطار غير الرسمي إلى الكونغرس يوم الخميس لتبدأ عملية تسمى «المراجعة المتدرجة»، المتمثلة في إبلاغ اللجان العليا التي تشرف على مبيعات الأسلحة في مجلسي الشيوخ والنواب بنيتها المضي قدماً في الصفقة المقترحة.
وكانت تركيا، العضو في الناتو، طلبت في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، شراء 40 مقاتلة من طراز «إف 16»، التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتن»، و80 من معدات التحديث لطائراتها الحربية من الطراز ذاته، الموجودة بالخدمة حالياً. واختتمت المحادثات الفنية بين الجانبين مؤخراً.
وأكدت إدارة بايدن أنها تؤيد الصفقة، وتتواصل مع الكونغرس بشكل غير رسمي منذ شهور لنيل موافقته، لكنها لم تتمكن حتى الآن من الحصول على الضوء الأخضر.
وفي خطوة قوبلت بالترحيب من جانب تركيا، ألغت اللجنة المشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس الأميركي، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي الشروط التقييدية التي وضعها مجلس النواب لبيع المقاتلات التي طلبتها تركيا كبديل عن مقاتلات «إف 35» التي امتنعت واشنطن عن تزويدها بها، وأخرجتها من مشروع متعدد الأطراف لإنتاج وتطوير تلك المقاتلات تحت مظلة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بسبب حصولها في صيف عام 2019 على منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس-400». كما فرضت عقوبات أخرى، بموجب قانون مكافحة خصوم أميركا بالعقوبات (كاتسا) على رئيس مستشارية الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير و3 من نوابه، ومنعت تركيا من الحصول على قروض للصناعات العسكرية بأكثر من 10 ملايين دولار. وكانت تركيا دفعت مبلغ 1.4 مليار دولار كمقدم للحصول على 100 طائرة «إف 35».
وجاءت إزالة الشروط التقييدية، عقب عدم تضمين قيود مماثلة سبق أن قدمها السيناتور عن ولاية نيو جيرسي بوب مينينديز، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية ميريلاند كريس فان هولين، في نسخة مجلس الشيوخ من مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني.واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن هذه الخطوة ستكون مفيدة لجميع الأطراف داخل «الناتو»، مشيراً إلى أهمية التصويت الذي سيجرى في الكونغرس. وأكد أن أنقرة أبلغت واشنطن بعدم جدوى شراء مقاتلات «إف 16»، إذا كان الأمر سيخضع لشروط.
وأكد السيناتور بوب مينينديز، الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، في بيان، استمرار موقفه الرافض منح تركيا مقاتلات «إف 16»، قائلاً: «كما أوضحت مراراً، أعارض بشدة اقتراح إدارة بايدن بيع طائرات جديدة من طراز (إف 16) لتركيا».
وأضاف مينينديز: «الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتجاهل حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، وينخرط في سلوك مزعج ومزعزع للاستقرار في تركيا ومناوئ لدول مجاورة من أعضاء الناتو... لن أوافق على الصفقة حتى يكف إردوغان عن تهديداته ويبدأ في التصرف كحليف موثوق به».
وبعد المراجعة غير الرسمية، وهي عملية يمكن خلالها لرؤساء اللجان طرح الأسئلة أو إثارة مخاوف بشأن الصفقة، يمكن للإدارة الأميركية أن تمضي قدماً من الناحية الفنية في إخطار رسمي. لكن مسؤولاً أميركياً كبيراً، قال لـ«رويترز» إنه «متشكك» في أن الإدارة ستكون في وضع يمكنها من المضي قدماً ما لم يتخلَّ مينينديز عن اعتراضه».
ومن المرجح أيضاً ألا يوافق الكونغرس على بيع الطائرات لتركيا إذا واصلت المضي في عدم التصديق على انضمام السويد وفنلندا إلى «الناتو»، بعدما أنهى البلدان الأوروبيان عقوداً من الحياد في مايو (أيار)، وتقدما بطلب الانضمام على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن تركيا اعترضت تتهمهما بإيواء عناصر إرهابية تهدد أمنها، من بينهم أعضاء من حزب «العمال الكردستاني» المحظور... وتطالب باتخاذ إجراءات قوبة من جانب البلدين.
كما أعلنت تركيا أنها لا يمكن أن تعطي الضوء الأخضر للسويد وفنلندا للانضمام إلى «الناتو»، بعد واقعة إعدام دمية على هيئة الرئيس رجب طيب إردوغان، الخميس، من جانب أنصار لـ«العمال الكردستاني» بالقرب من المبنى التاريخي لبلدية العاصمة ستوكهولم.
وفي حال موافقة الكونغرس على صفقة بيع الطائرات، فستكون هي أكبر صفقات الأسلحة منذ سنوات.
كما تناقش إدارة بايدن صفقة أخرى لبيع اليونان 40 مقاتلة من طراز «إف 35» لليونان، ما أثار انتقادات حادة من جانب المعارضة التركية لإردوغان وحكومته، التي تسببت في حرمان تركيا من ذلك النوع من المقاتلات، فيما نجحت اليونان بالحصول عليها على الرغم من امتلاكها منظومة صواريخ «إس 300» روسية الصنع، مع أنها أيضاً عضو في «الناتو».
وتسعى أثينا إلى الحصول على 30 طائرة من طراز «إف 35» الأكثر تطوراً، والمعروفة بـ«جوهرة التاج»، في سلاح الطيران الأميركي. وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين الأميركيين أن توقيت التقدم بالطلبين كان «صدفة»، غير أنهم أشاروا إلى أنه يمكن أن يهدئ من احتجاجاتها على بيع تركيا طائرات «إف 16»، في حال تمت الموافقة على الطلبين.
وقال مسؤول لشبكة «سي إن إن» الأميركية، إن بلاده «لم تكن جزءاً من أي مناقشات عندما يتعلق الأمر بطائرات (إف 16)... فنلندا نفذت كل ما تم الاتفاق عليه في مدريد في يونيو (حزيران) الماضي، والآن نأمل في أن يساعدنا جميع أعضاء الناتو في عملية انضمامنا، وفيما يتعلق بطائرات (إف 16) الأميركية، من الواضح أننا لم نكن جزءاً من أي مناقشات».


مقالات ذات صلة

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.

العالم إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

إسبانيا تستدعي سفير روسيا إثر «هجوم» على حكومتها عبر «تويتر»

أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، أنها استدعت السفير الروسي في مدريد، بعد «هجمات» شنتها السفارة على الحكومة عبر موقع «تويتر». وقال متحدث باسم الوزارة، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن الغرض من الاستدعاء الذي تم الخميس، هو «الاحتجاج على الهجمات ضد الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم {الناتو} يؤكد تسليم أوكرانيا كل المركبات اللازمة لهجوم الربيع

{الناتو} يؤكد تسليم أوكرانيا كل المركبات اللازمة لهجوم الربيع

أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن جميع المركبات القتالية، التي وعد حلفاء أوكرانيا الغربيون بتسليمها في الوقت المناسب، تمهيداً لهجوم الربيع المضاد المتوقع الذي قد تشنه كييف، قد وصلت تقريباً. وقال الجنرال كريستوفر كافولي، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، إن «أكثر من 98 في المائة من المركبات القتالية موجودة بالفعل». وأضاف في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب يوم الأربعاء: «أنا واثق جداً من أننا قدمنا العتاد الذي يحتاجون إليه، وسنواصل الإمدادات للحفاظ على عملياتهم أيضاً».

العالم الناتو يؤكد تسليم كل المركبات القتالية اللازمة لهجوم الربيع الأوكراني

الناتو يؤكد تسليم كل المركبات القتالية اللازمة لهجوم الربيع الأوكراني

أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أن جميع المركبات القتالية، التي وعد حلفاء أوكرانيا الغربيون بتسليمها في الوقت المناسب، تمهيداً لهجوم الربيع المضاد المتوقع الذي قد تشنه كييف، قد وصلت تقريباً. وقال الجنرال كريستوفر كافولي، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات الأميركية في أوروبا، إن «أكثر من 98 في المائة من المركبات القتالية موجودة بالفعل». وأضاف في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي الأربعاء: «أنا واثق جداً من أننا قدمنا العتاد الذي يحتاجون إليه، وسنواصل الإمدادات للحفاظ على عملياتهم أيضاً».

العالم مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

مقاتلات ألمانية وبريطانية تعترض طائرات روسية فوق البلطيق

اعترضت مقاتلات ألمانية وبريطانية ثلاث طائرات استطلاع روسية في المجال الجوي الدولي فوق بحر البلطيق، حسبما ذكرت القوات الجوية الألمانية اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. ولم تكن الطائرات الثلاث؛ طائرتان مقاتلتان من طراز «إس يو – 27» وطائرة «إليوشين إل – 20»، ترسل إشارات جهاز الإرسال والاستقبال الخاصة بها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.