الرئيس الفرنسي ضيفاً على المصابين بالتوحّد

حلقة تلفزيونية خارجة عن المألوف وخالية من التكلّف والبروتوكول

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع مُحاوريه المصابين باضطرابات طيف التوحد (القناة الفرنسية الثانية)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع مُحاوريه المصابين باضطرابات طيف التوحد (القناة الفرنسية الثانية)
TT

الرئيس الفرنسي ضيفاً على المصابين بالتوحّد

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع مُحاوريه المصابين باضطرابات طيف التوحد (القناة الفرنسية الثانية)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع مُحاوريه المصابين باضطرابات طيف التوحد (القناة الفرنسية الثانية)

«هل لديك مالٌ كثير؟»، «هل عندك أصدقاء كثر؟»، «كم عمرك؟»، «ما هو تاريخ ميلادك؟»... تنهال الأسئلة على فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون. لكن مهلاً، لا فخامة هنا ولا مَن يفخّمون. ففي برنامج «Les Rencontres du Papotin» (لقاءات الثرثار)، لا مكان سوى للعفويّة والبساطة. تسقط الألقاب وبروتوكولات القصور بين الرئيس الفرنسي ومحاوريه الاستثنائيين، الآتين من عالمهم الخاص؛ عالم التوحّد.
في سهرة تلفزيونية ليست كسائر السهرات على القناة الفرنسية الثانية، توسّط ماكرون نحو 50 شاباً وفتاة تتراوح أعمارهم بين 14 و50 عاماً. هو الضيف وهم المُحاورون. لا إضاءة محترفة هنا، لا ديكور، لا مساحيق تجميل، لا إعلاميين نجوم، والأهم من هذا كله؛ لا محاذير. فحسب القاعدة الذهبية للبرنامج، «في (Papotin) باستطاعتنا أن نقول كل شيء».
ها هو ماكرون يعود إلى إيمانويل، والرئيس يسترجع الإنسان، ليسترسل في البوح بعد كسر جليد اللحظات الأولى. ليس سهلاً أن يجد رئيس الجمهورية نفسَه بين عشرات المُحاورين، الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحّد. منهم مَن يبتسم له ومنهم مَن يعبس، فيما بعضهم الآخر لا يكترث لوجوده بل يغرق في أفكاره الخاصة. ماكرون المعتاد على الإعلاميين المخضرمين وعلى الحوارات المقَولبة، حيث الأسئلة متّفق عليها مسبقاً في معظم الأحيان، يخرج تدريجياً من جلد الرئيس ويخترق فقاعة مضيفيه الشفّافة إنما الصلبة واللمّاحة.


داخل إحدى قاعات معهد العالم العربي في باريس يدور الحوار على مدى 30 دقيقة. يساعد في إدارته المعالج النفسي جوليان بانسيلون، رئيس تحرير جريدة «Le Papotin» التي انبثقت عنها فكرة البرنامج. يكتفي بدورٍ محدود، فالبطولة المطلقة هي للمحاورين، الذين يطرحون أسئلتهم الصادقة والمتحررة من كل قَيد.
* ما اسم كلبك؟
- نيمو
* أين هو؟
- في الإليزيه
* ماذا يفعل في المكتب؟
- ينام
بعض الحوارات هكذا، بريءٌ كفضول الأطفال؛ فدرجات الإصابة بالتوحّد متفاوتة بين المحاورين. منهم مَن لا يعرف شيئاً عن الرئيس، فيطرح عليه أسئلة مثل: «أين تُقيم؟»، أو «هل أنت متزوّج أم لا؟»، أو «هل أنت ثري؟»، أو «ما اسم زوجتك؟». لا يتعجب ماكرون ولا ينزعج، فتخرج ردوده بسيطة كبساطة الأسئلة. حتى عندما يأتي ما هو أصعب، لا يتهرّب من الإجابة بصِدق، وإن تمهّل قليلاً في بعض الأحيان أو بحث عن العبارات المناسبة والسهلة على متلقّيه.
يُخرج أدريان الورقة التي دوّن عليها سؤاله، يبتسم بخجل، ويبدو متردّداً فيقترح الرئيس أن يطرح السؤال بدلاً عنه. يقرأ ماكرون ما كُتب: «إنه الرئيس ويجب أن يكون مثالاً يُحتذى وألّا يتزوّج أستاذته». تنطلق الضحكات وصيحات التعجب في القاعة، قبل أن يباشر الرئيس الفرنسي في شرح مستفيض عن الحب؛ وهو موضوع نادراً ما يتطرّق إليه وسط أولوياته السياسية الجافة والصارمة. «عندما تقع في الحب أنت لا تختار»، يقول. ثم يتابع مبرراً: «لم تكن مدرّستي فعلاً. هي علّمتني المسرح وليس الرياضيات، الأمران مختلفان وهذا جعل الموضوع أسهل». هنا، يصيح أحد محاوري ماكرون وهو في سنه أو أكبر: «يا لك من محتال!»، مقاطعاً إياه مراراً، ومشيراً إليه بإصبعه وضاحكاً بصوت مرتفع. يشاركه الرئيس الضحك ويمازحه واضعاً يده بيده.

في تلك الحلقة التلفزيونية الخارجة عن المألوف، رُفعت الكلفة تماماً وسقطت الألقاب. دخل المحاورون بطيبتهم وصدقهم إلى مساحات الرئيس الخاصة، فأعادوه طفلاً إلى أحضان جدته لأمه. «أتشتاق إلى مانيت؟»، يسأله سيباستيان. يرد ماكرون دامعاً: «نعم أشتاق إليها لأنها اهتمت بي كثيراً عندما كنت طفلاً وخلال مراهقتي. منحتني حبها ووقتها ولم تنتظر شيئاً في المقابل». ثم يقول إن أولاد زوجته وأحفادها هم كأولاده وأحفاده تماماً، هو الذي لم يُرزق بأطفال. يتحدث عن والدَيه ميشال وفرنسواز، يصارح محاوريه بأنّ النقد يزعجه، ثم يفاتحهم بأكبر مخاوفه كرئيس وكإنسان؛ يعترف بأنه يخشى خسارة مَن يحب، أما رئاسياً فأسوأ هواجسه هو عودة الهجمات الإرهابية.
رغم تركيزه على النواحي الشخصية واليوميات العادية، فإن الحوار لا يغيّب السياسة إذ يطرح إعلاميّو «Le Papotin» المميّزون أسئلة جادّة حول الحرب الأوكرانية الروسية، وشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويحاولون اكتشاف اصطفافات ماكرون في السياسة الفرنسية الداخلية، كما أنهم لا ينسون قضيّتهم الكبرى، فيسألون الرئيس: «ما هي خطوات السلطة التنفيذية حيال حقوق المصابين باضطرابات طيف التوحّد؟».
يُبادلهم ماكرون لحظات الصدق والإنسانية، فيقرّ بأنه قاربَ في هذه الحلقة أموراً لم يسبق له أن تحدّث عنها. «شكراً لأنكم أخذتموني إلى أراضٍ لم أطأها مع صحافيين آخرين»، يقول. وهو لا يخفي متعته بالفواصل الغنائية التي قدّمها المحاورون الموهوبون.


جاء أداء ماكرون في حلقة «Les rencontres du Papotin» مقنعاً، وهو تبنّى العفوية التي فرضها صدق محاوريه. وفي وقتٍ يحاول ترميم صورته المهتزّة شعبياً مؤخراً، قد يرى البعض في إطلالة الرئيس الفرنسي تلك لعبة إعلامية، لكن يحق لماكرون ما استحق لسواه من الرؤساء؛ فهو ليس رئيس الجمهورية الأول الذي يحل ضيفاً على اللقاء، إذ سبقه إليه جاك شيراك عام 2002، ونيكولا ساركوزي عام 2015. لكن آنذاك كانت الفكرة لا تزال محصورة بالصحيفة الورقية، ولم تكن قد تحوّلت بعد إلى برنامج يُبث على الشاشة الصغيرة. فالنسخة التلفزيونية حديثة العهد، انطلقت العام الماضي بمبادرة من المخرجَين السينمائيين أوليفييه نقاش وإريك توليدانو، وسبق أن استضافت عدداً من الفنانين. وتعود فكرة صحيفة «Le Papotin» إلى سنة 1990. حين أطلقها المعالج والمدرّس إدريس القصري من داخل أسوار مستشفى باريسي يُعنى بالمصابين بالتوحّد.


مقالات ذات صلة

فرنسا: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال

العالم فرنسا: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال

فرنسا: صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال

نزل مئات الآلاف إلى شوارع فرنسا، اليوم (الاثنين)، بمناسبة عيد العمّال للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس إيمانويل ماكرون، في مظاهرات تخلّلتها في باريس خصوصاً صدامات بين الشرطة ومتظاهرين. وتوقّعت السلطات الفرنسية نزول ما بين ألف وألفين من الأشخاص الذين يشكّلون «خطراً»، وفقاً لمصادر في الشرطة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم فرنسا: ماكرون يتطلّع إلى انطلاقة جديدة لعهده

فرنسا: ماكرون يتطلّع إلى انطلاقة جديدة لعهده

بإعلانه فترة من مائة يوم لانطلاقة جديدة بعد تعثّر، يقرّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمأزق السياسي الذي وصل إليه بعد مرور عام على إعادة انتخابه. في 24 أبريل (نيسان) 2022 أعيد انتخاب الرئيس البالغ من العمر 44 عاماً، وهزم بذلك مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن في الدورة الثانية، تماماً كما حدث قبل خمس سنوات. وهذا يعد إنجازاً في ظل الجمهورية الخامسة خارج فترة التعايش، من جانب الشخص الذي أحدث مفاجأة في 2017 من خلال تموضعه في الوسط لتفكيك الانقسامات السياسية القديمة. لكن انطلاقة هذه الولاية الثانية، التي ستكون الأخيرة حسب الدستور، فقدت زخمها على الفور.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم شعبية ماكرون تقترب من أدنى مستوياتها

شعبية ماكرون تقترب من أدنى مستوياتها

أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه اليوم (السبت)، أن أكثر من 70 في المائة من الفرنسيين غير راضين عن أداء الرئيس إيمانويل ماكرون الذي تقترب شعبيته من أدنى مستوياتها، في تراجع يعود بشكل رئيسي إلى إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل. وبحسب الاستطلاع الذي أجراه «معهد دراسات الرأي والتسويق» (إيفوب) لحساب صحيفة «لو جورنال دو ديمانش»، أبدى نحو 26 في المائة فقط من المشاركين رضاهم عن أداء الرئيس، بتراجع نقطتين مقارنة باستطلاع مماثل في مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (باريس)
ماكرون يواجه موجة غضب شعبي

ماكرون يواجه موجة غضب شعبي

يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موجة غضب شعبي مستمرة بعد إقرار قانون إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ماكرون يوسّع مروحة اتصالاته لاستئناف مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا

ماكرون يوسّع مروحة اتصالاته لاستئناف مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا

رغم انشغال الرئيس الفرنسي بالوضع الداخلي، واستعادة التواصل مع مواطنيه بعد «معركة» إصلاح قانون التقاعد الذي أنزل ملايين الفرنسيين إلى الشوارع احتجاجاً منذ منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، فإنه ما زال يطمح لأن يلعب دوراً ما في إيجاد مَخرج من الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ 14 شهراً. ولهذا الغرض، يواصل إيمانويل ماكرون شخصياً أو عبر الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه إجراء مروحة واسعة من الاتصالات كان آخرها أول من أمس مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

ميشال أبونجم (باريس)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.