تباين ليبي بشأن إمكانية الاستفتاء الشعبي على خلافات «القاعدة الدستورية»

وسط مخاوف من سيطرة مناطق غرب البلاد

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعلى يساره نائبه الثاني عمر بوشاح (المجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعلى يساره نائبه الثاني عمر بوشاح (المجلس)
TT

تباين ليبي بشأن إمكانية الاستفتاء الشعبي على خلافات «القاعدة الدستورية»

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعلى يساره نائبه الثاني عمر بوشاح (المجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وعلى يساره نائبه الثاني عمر بوشاح (المجلس)

على الرغم من مرور أسبوعين على اتفاق رئيسَي مجلسَي: «النواب»، و«الأعلى للدولة»، عقيلة صالح، وخالد المشري، على إحالة «النقاط الخلافية» بـ«الوثيقة الدستورية»، إلى الاستفتاء الشعبي الليبي، حال عدم توصل مجلسيهما إلى حل بشأنها، فإن الانتقادات السياسية حول هذا المقترح والتشكيك في جدواه لم تتوقف، في ظل تساؤلات بشأن كيفية إجرائه في ظل الانقسام السياسي.
بداية، تحدث رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، عما سماه «انفراد صالح والمشري بانتقائية المواد الخلافية بالوثيقة الدستورية التي أعلناها من القاهرة»، مطالباً بضرورة أن يطرحا الوثيقة كلها للاستفتاء؛ أو على الأقل كافة المواد الخلافية المتعلقة بشروط الترشح للرئاسة، وهي: «السماح للعسكريين ومزدوجي الجنسية، ومن صدرت بحقهم أحكام قضائية غير نهائية، بخوض السباق الرئاسي، من عدمه».
ورأى زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك اتفاقاً بين صالح والمشري على تجاوز سيف الإسلام القذافي في الانتخابات المقبلة»، متابعاً: «لذا لم يهتما بالاستفتاء حول الشرط الأخير المتعلق بصدور أحكام قضائية غير نهائية، على من يرغبون في الترشح».
وذهب إلى أن «صالح والمشري يسعيان لإجراء استفتاء على ما يهتمان به (وهو ما يخص مزدوجي الجنسية والعسكريين)، فالأول مهتم بشأن ترشح (قائد الجيش الوطني) خليفة حفتر، بينما يسعى الثاني لإزاحته»، وقال: «مع الأسف الاثنان يتجاهلان الضرر الذي سيحدث بملف المصالحة الوطنية جراء إقصاء نجل القذافي، وعدد من رموز النظام السابق ممن صدرت أيضاً بحقهم أحكام غير نهائية».
ويرى زهيو أن «ارتياح وتفضيل المشري لخيار الاستفتاء على تلك البنود الخلافية، حتى لو ترشح مزدوجو الجنسية والعسكريون، يعود لتوقعه المسبق رفض الليبيين للفئتين»، وأوضح: «إذا تم الاتفاق على أن يجري الاستفتاء باعتبار ليبيا دائرة واحدة، وفي ظل ارتفاع الكثافة البشرية في العاصمة طرابلس وبقية مدن الغرب الليبي، مقارنة بمدن الشرق والجنوب، فالنتيجة بلا شك رفض ترشح الفئتين».
وانتهى إلى أنه «لم يتم التوصل بعد إلى الشكل الذي سيُجرى عليه الاستفتاء والقانون الخاص به، وهل سيكون باعتبار ليبيا دائرة واحدة، أم 3 دوائر بالأقاليم الثلاثة: برقة وفزان وطرابلس؛ حيث تشترط نسبة (النصف+ واحد) من أصوات الناخبين في كل إقليم على حدة».
بالمقابل، أشار عضو مجلس النواب الليبي، عبد المنعم العرفي، إلى إمكانية طرح الوثيقة الدستورية المكونة من 67 مادة بالكامل للاستفتاء الشعبي، ولكن بعد قيام المجلس بدراستها ومناقشتها والتصديق عليها.
وتوقع العرفي لـ«الشرق الأوسط» أن يجرى الاستفتاء باعتبار ليبيا دائرة واحدة، وقال: «هي وثيقة دستورية جامعة، وبالتالي الاستفتاء عليها سيكون بشكل جمعي ولن تكون به تجزئة؛ فالأمر مختلف عن قانون الاستفتاء على الدستور المقر من البرلمان، والذي يشترط حصول نسبة موافقة (النصف+ واحد) في كل إقليم».
وقلل العرفي مما يطرح حول مخاوف البعض من أن الكثافة البشرية قد تمنح سكان طرابلس الانفراد بالقرار؛ سواء بطرح المواد الخلافية للاستفتاء فقط، أو الوثيقة كلها، متابعاً: «نحن مشاركون بتلك الوثيقة بوصفنا نواباً عن الشعب، ولدينا لجنة أجرت تعديلات على بعض البنود، وستعرض مجدداً على كامل أعضاء مجلس النواب لدراستها ومناقشتها، وسنتحمل المسؤولية عنها أمام الناخبين».
من جانبه، رأى رئيس حزب «تجمع تكنوقراط ليبيا» أشرف بلها، ضرورة عرض «الوثيقة الدستورية» كاملة للاستفتاء الشعبي، محذراً في الوقت ذاته من تداعيات تكريس مبدأ إجراء استفتاء شعبي على فقرة أو مادة بأحد القوانين.
وتوقع بلها لـ«الشرق الأوسط» أن يطلب كل من صالح والمشري تغيير حكومة عبد الحميد الدبيبة، قبل إجراء الاستفتاء: «في محاولة منهما للتهرب من إجرائه، وبالتالي يفشل تحقيق أي خطوة جدية باتجاه إجراء الانتخابات»، حسب قوله.
وتابع: «الانتخابات مثل الاستفتاء، وهما يرفضان إجراء الانتخابات تحت سيطرة حكومة الدبيبة، فكيف سيقبلان نتائج الاستفتاء؟».
وقال: «سنتصدى لهذه المحاولة، وسنطرح إمكانية إجراء الاستفتاء إلكترونياً. الاستفتاء على هذا النحو سيكون أقل تكلفة وأكثر أماناً لأي مواطن، مقارنة بالوجود بمراكز التصويت والتعرض لتهديد ما من أي طرف أو مجموعة مسلحة».
أما عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ضو المنصوري، فانتقد فكرة إجراء الاستفتاء على المواد الخلافية، وتجاهل المطالب الكثيرة التي قدمتها هيئته من قبل لمجلس النواب خلال السنوات الماضية، بإجراء الاستفتاء على مشروع الدستور الذي انتهت منه منذ عام 2017.
وأوضح المنصوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تكلفة الاستفتاء المقترح من قبلهما حول بند أو مادة، ربما ستفوق تكلفة إجراء الانتخابات. وبما أن المجلسين على استعداد لتقبل ذلك، فمن الأجدى استفتاء الشعب على مشروع الدستور وإغلاق ملف الهيئة التأسيسية، إما بقبول مشروعها ليتحول لدستور للبلاد، وإما برفضه والبحث عن كيفية تعديله».
وانتهى المنصوري قائلاً: «الاستفتاء لا يتم إلا على الدساتير وتعديلاتها، كونها دائمة، ولا يتم على قاعدة أو وثيقة دستورية، فلا توجد تجارب مقارنة لمثل هذا الأمر»، لافتاً إلى أن «القاعدة الدستورية يتم العمل بها لفترة مؤقتة».


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

مقتل 9 مهاجرين وفقدان 6 آخرين قبالة سواحل تونس

حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)
حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)
TT

مقتل 9 مهاجرين وفقدان 6 آخرين قبالة سواحل تونس

حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)
حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)

قضى تسعة مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وفُقد ستة آخرون، بعد غرق قاربهم قبالة السواحل التونسية، أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، وفق ما أفاد مصدر قضائي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الخميس. ووفق شهادات 27 مهاجراً آخرين أنقذهم الحرس البحري التونسي، كان هناك 42 شخصاً على متن القارب، الذي أبحر، ليل الثلاثاء، من منطقة جبنيانة في ولاية صفاقس (وسط شرق)، وفق المتحدث القضائي فريد بن جحا. لكن بسبب سوء الأحوال الجوية، انقلب قاربهم قبالة سواحل ولاية المهدية، الواقعة على مسافة نحو مائة كيلومتر شمال صفاقس، قبل أن يرصدهم صياد ويُبلّغ السلطات. وأضاف بن جحا أنه جرى انتشال تسع جثث، وما زال ستة مهاجرين في عداد المفقودين، وأنقذ 27، وجميعهم من أفريقيا جنوب الصحراء، في حين تتواصل عمليات البحث.

من جهته، أعلن الحرس الوطني التونسي، اليوم الخميس، انتشال سبع جثث، وإنقاذ 27 مهاجراً كانوا على متن قارب تسربت إليه المياه في عرض البحر. وأفاد الحرس الوطني بأن المهاجرين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، انطلقوا من سواحل وسط تونس، قبل أن يتعطل محرك القارب. وعلى أثر ذلك تدخلت الوحدات البحرية لإنقاذ المهاجرين، أمس الأربعاء، بعد تلقيها إخطاراً بتعطل القارب.

وتُعدّ صفاقس والمهدية من المناطق الرئيسية التي ينطلق منها المهاجرون التونسيون والأجانب؛ في محاولة للوصول إلى السواحل الإيطالية. وإلى جانب ليبيا، تُعدّ تونس، التي لا تبعد بعض سواحلها أكثر من 150 كيلومتراً عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، نقطة الانطلاق الرئيسية في شمال أفريقيا للمهاجرين الساعين لعبور البحر الأبيض المتوسط.

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قضى ثلاثة مهاجرين تونسيين، على أثر غرق قاربهم قبالة سواحل المهدية. وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، عُثر على 15 جثة مجهولة الهوية قبالة سواحل المهدية. وقبلها بشهر واحد فقط، أنقذ الحرس البحري 36 مهاجراً؛ 20 تونسياً، و16 مصرياً، بعدما انجرف قاربهم المعطل نحو ولاية نابل في شرق البلاد. ومنذ مطلع العام، سجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما بين 600 و700 وفاة، أو اختفاء مهاجرين أبحروا من السواحل التونسية، بعد تسجيل أكثر من 1300 وفاة واختفاء عام 2023.

ووفق أحدث بيانات منصة «مهاجرون مفقودون»، التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، فُقد أو تُوفي 2050 شخصاً، العام الحالي، في البحر المتوسط.