هل أضاعت الفوضى وثائق المعتقلات السورية؟

تأكيدات أن القسم الأكبر من الوثائق محفوظ... ومناشدات للمنظمات المعنية بالعودة

TT

هل أضاعت الفوضى وثائق المعتقلات السورية؟

أمام مشفى «المجتهد» بحثاً عن مفقودين (الشرق الأوسط)
أمام مشفى «المجتهد» بحثاً عن مفقودين (الشرق الأوسط)

لا تزال الفوضى تحيط بعملية تحرير المعتقلين من السجون والبحث عن المفقودين، رغم مناشدات النشطاء السوريين بضرورة تنظيم طريقة إخراجهم من المعتقلات، أحياء أو جثامين أو وثائق تثبت هوياتهم، وسط سيل من المعلومات غير الدقيقة عن وجود معتقلات سرية لم يتم الوصول إليها بعد. ومع كل خبر ينتشر عن احتمال وجود معتقل، يسارع أهالي المفقودين إلى المكان ومعهم أدوات حفر على أمل العثور على أبنائهم.

أمام مشفى «المجتهد» في حي باب مصلى بالعاصمة السورية، يتواصل توافد العشرات من أهالي المعتقلين من جميع المحافظات السورية، لتفحص صور جثامين المعتقلين المودعة في المشفى، وقد عثر عليها في مشفى حرستا الوطني قبل أيام.

«الشرق الأوسط» كانت حاضرة أمام مستشفى المجتهد. تقول منى وهي سيدة في العقد الخامس من العمر من أهالي حمورية في الغوطة الشرقية، جاءت تبحث عن زوج ابنتها المفقود منذ عام 2012: «إن الفوضى الحاصلة تفقدنا الأمل بالعثور ولو على طرف خيط للوصول إليه».

شابان كانا يستقلان دراجة نارية ويسألان عن الطريق المؤدي إلى مشفى «المواساة»، قالا إنهما بحثا في سجن صيدنايا عن مفقودين من عائلتهما، كما بحثا في مشفى «المجتهد»، على أمل أن يصلوا الى أي معلومة دون جدوى، وسيتابعان البحث في مشفى «المواساة»، حيث يوجد معتقلون بحالة صحية متردية.

المشيعون رفعوا صور أحبة قضوا في سجون النظام في أثناء جنازة إعلامي سوري في ساحة الحجاز

في بقعة أخرى بين التجمع الأهلي، تجمهر عدد من الأشخاص حول سيدة كانت تخبرهم بوجود معقل سري تحت كلية الهندسة على طريق المطار، فتوجه البعض باتجاه طريق المطار لاستكمال البحث.

ساشا أيوب ناشطة ومنتجة أفلام وثائقية، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه في الأيام الأولى لسقوط النظام، سادت الفوضى بالسجون والمعتقلات، وقد ناشدت المنظمات الحقوقية السورية ومؤسسات المجتمع المدني وروابط أهالي المعتقلين وغيرها من منظمات تأسست في الخارج، ووثقت أسماء المعتقلين والمفقودين، الوجود على الأرض.

امرأة تتصفح قائمة أسماء وُجدت على الأرض في سجن صيدنايا العسكري شمال دمشق 9 ديسمبر (أ.ب)

وعبرت أيوب عن استغرابها لتأخرهم في الوصول حتى الآن والبدء في العمل، في هذه الظروف التي تحتاج لمساعدتهم. وقالت: «علينا إنهاء الفوضى اليوم قبل الغد، وتوحيد الجهود والعمل معاً، لأن العدالة الانتقالية لن تتحقق دون جمع الوثائق التي تشير إلى المتورطين».

إلا أن الناشطة السورية رنيم سعدي، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها رأت قسماً كبيراً من الوثائق في الأفرع الأمنية والسجون، وأنها لا تزال موجودة في تلك المواقع تحت الحراسة، وأنها شاهدت بنفسها كماً هائلاً من تلك الوثائق. وتابعت أنها تتواصل مع جهات تبذل جهوداً في هذا الخصوص لكنها تأخرت في الوجود على الأرض، وتسارع الأحداث يتطلب حضورها السريع.

بيع العلم السوري الجديد في ساحة الحجاز بدمشق (الشرق الأوسط)

ولفتت الناشطة، إلى وجود ثلاث جهات على الأقل تعمل على هذا الملف وتحاول التواصل مع حكومة الإنقاذ للتنسيق معها. وحملت الناشطة لجنة الصليب الأحمر الدولية، والهلال الأحمر السوري، ومنظمات الأمم المتحدة التي كان لهم مكاتب في قلب دمشق، وتتواصل مع حكومة النظام، مسؤولية عدم تقديم جهد «فعال» في ملف المعتقلين والمفقودين. وقالت: «الغريب أنهم حتى بعد سقوط النظام، لم يتحركوا كما يفترض بهم، ولم يعلنوا عن وجود خطط لديهم في هذا الخصوص، مكتفين بإصدار بيانات روتينية».

وشهد محيط مشفى «المجتهد» انطلاق تشييع مهيب للشهيد مازن حماد المنحدر من دير الزور الذي قضى في معتقل صيدنايا بعد اعتقال أربع سنوات إثر عودته من ألمانيا إلى سوريا، وفق رفاقه عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وانضم إلى التشييع مئات السوريين مع عبوره شارع خالد بن الوليد والصلاة عليه في جامع عبد الرحمن بن عوف، قبل التوقف في ساحة محطة الحجاز، وهتف المشيعون: «الشعب يريد إعدامك يا بشار»، فيما انهمك أصحاب محلات بيع القرطاسية في الحلبوني المجاورة لمحطة الحجاز ببيع العلم السوري، وسط حركة سير خانقة تسببت بها الحشود التي التفت حول نعش الصحافي الراحل، قبل أن يتفرقوا؛ قسم بالسيارة باتجاه مقبرة نجها في ريف دمشق، وقسم باتجاه ساحة الأمويين للانضمام إلى المجاميع هناك، حيث تقام احتفالات شعبية يومية.

وعادت، اليوم الخميس، الحياة الطبيعية إلى دمشق، وخرج الأهالي في الأحياء ينظفون الشوارع ويغسلون الأرصفة وواجهات المحلات بالماء والصابون مع ترداد شعارات «الحرية»، و«واحد... الشعب السوري واحد».


مقالات ذات صلة

محمد بن زايد والشرع يبحثان هاتفياً العلاقات بين البلدين

المشرق العربي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد

محمد بن زايد والشرع يبحثان هاتفياً العلاقات بين البلدين

ناقش قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، الجمعة، العلاقات الثنائية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي - دمشق)
المشرق العربي عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عبدي لتوحيد الصف الكردي قبل الحوار مع الإدارة السورية

عقد مظلوم عبدي، قائد «قسد»، اجتماعاً مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني في أربيل، هو الأول من نوعه فرضته التطورات المتسارعة بسوريا.

كمال شيخو (دمشق)
المشرق العربي مقاتل من فصيل مدعوم من تركيا يشاهد عموداً من الدخان يتصاعد خلال الاشتباكات في منبج (أ.ف.ب)

تقارير: انفجار سيارة في مدينة منبج بريف حلب الشرقي

أفادت قناة «تلفزيون حلب» بانفجار سيارة ملغومة في مدينة منبج بريف حلب الشرقي، مساء اليوم الجمعة. ولم تذكر القناة تفاصيل أخرى على الفور.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من «الأمن العام» السوري لدى إحباط عملية تهريب سلاح إلى لبنان (سانا)

دمشق تعلن إحباط عملية تهريب أسلحة من طرطوس إلى لبنان

أعلنت السلطات السورية إحباط عملية تهريب أسلحة كانت متوجهة إلى لبنان عبر معابر غير شرعية.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع مستقبلاً المفوضة الأوروبية المكلفة بإدارة الأزمات حاجة لحبيب في دمشق الجمعة (أ.ف.ب)

مساعدات أوروبية بـ235 مليون يورو لسوريا ودول الجوار

مساعدات من الاتحاد الأوروبي للمساهمة في توفير الاحتياجات الرئيسية والخدمات الصحية والتعليم في حالات الطوارئ.


غزة: إسرائيل ستطلق سراح 737 معتقلاً خلال المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة

أقارب أحد الشهداء نتيجة غارة إسرائيلية في مستشفى الناصر في خان يوسن أمس (رويترز)
أقارب أحد الشهداء نتيجة غارة إسرائيلية في مستشفى الناصر في خان يوسن أمس (رويترز)
TT

غزة: إسرائيل ستطلق سراح 737 معتقلاً خلال المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة

أقارب أحد الشهداء نتيجة غارة إسرائيلية في مستشفى الناصر في خان يوسن أمس (رويترز)
أقارب أحد الشهداء نتيجة غارة إسرائيلية في مستشفى الناصر في خان يوسن أمس (رويترز)

ستُفرج إسرائيل عن 737 معتقلاً فلسطينياً في مقابل إطلاق سراح أول دفعة من الرهائن الإسرائيليين، في إطار المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في قطاع غزة الذي أقرّته الحكومة الإسرائيلية السبت، على ما أعلنت وزارة العدل الإسرائيلية.

وقالت الوزارة في بيان إنه في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة «تُوافق الحكومة (...) على إطلاق سراح 737 سجيناً ومعتقلاً لدى إدارة السجون».

ومن بين هؤلاء زكريا الزبيدي، القيادي السابق في كتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح.

وأعطت الحكومة الإسرائيلية اليوم (السبت) الضوء الأخضر لاتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» الذي أعلنت قطر والولايات المتحدة التوصل إليه الأربعاء، ما يفتح الباب أمام بدء تطبيق الهدنة في قطاع غزة المدمر جراء حرب متواصلة منذ أكثر من 15 شهراً.

وكانت السلطات الإسرائيلية حددت الجمعة أسماء 95 معتقلاً سيفرج عنهم الأحد غالبيتهم من النساء والقاصرين، معظمهم اعتقلوا بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأشارت إلى أنها اتخذت إجراءات «لمنع أي مظاهر للاحتفال علناً» عند إطلاق سراحهم.

وينص الاتفاق، في مرحلة أولى تمتد على ستة أسابيع، على الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة في مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل.