في أعقاب الهجوم العنيف الذي شنّته رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية القاضية أستير حيوت، ورئيس أركان الجيش المنتهية ولايته أفيف كوخافي، ورؤساء نقابة المحامين، وعدد من كبار القضاة السابقين، متهِمين حكومة بنيامين نتنياهو بإعلان حرب على المؤسسة القضائية وعلى الجيش وغيرهما من رموز الدولة العبرية في الغرب، حذّر عدد من الشخصيات الحيادية من تبِعات هذه الصراعات وخطر تدهورها إلى حرب شوارع بين الفريقين، وربما حرب أهلية.
وقال القائد الأسبق لشرطة القدس اللواء أريه عميت إن المشروعات التي تطرحها حكومة بنيامين نتنياهو للانقلاب على جهاز القضاء والمساس بهيبة الجيش ومكانته، ستؤدي إلى رد فعل غاضب من جميع الحريصين على الديمقراطية.
والمتطرفون في اليمين الحاكم هم مجموعة أشخاص يحركهم الخوف والحقد، وديدنهم العنف، لذلك من غير المستبعد أن تتحول الخلافات إلى صراع بين الإخوة وشجارات وحرب شوارع. فالحكومة لا تُبقي خيارات كثيرة لأنصار الديمقراطية ورجالاتها، لا يتحملون النقد ويجعلونه عداء.
وكانت القاضية حيوت قد ألقت خطاباً غير مسبوق بحِدّته ضد خطة الحكومة، وقالت إن وزير القضاء ياريف لفين، الذي ادّعى أنه يجلب خطة لإصلاح الجهاز القضائي، يأتي عملياً بخطة انقلابية ترمي إلى تقويض جهاز القضاء وإضعافه وبثّ الرعب في نفوس القضاة حتى لا يحكموا بالعدل. وقالت إن خطة حكومة نتنياهو تهدف لإضعاف جهاز القضاء، والقضاء على النظام القضائي، ووصفتها بأنها «هجوم عنيف على نظام العدالة، وكأنه عدو يجب مهاجمته وإخضاعه».
وقالت، خلال كلمتها في مؤتمر جمعية القانون العام في حيفا: «بمجرد تحقيق خطة التغيير المقدمة، سيُذكر العام الخامس والسبعون لقيام إسرائيل على أنه العام الذي تعرضت فيه الهوية الديمقراطية للبلاد لضربة قاتلة؛ لأن الخطة تهدف إلى توجيه ضربة قاضية لاستقلال القضاء وتحويله إلى سلطة صامتة».
وأشارت حيوت إلى التبرير الذي قدّمه نتنياهو ووزراؤه للخطة، وقالت: «في الأيام الأخيرة سمعنا جميعاً أن الأساس المنطقي لتبرير الخطة هو إرادة الأغلبية وقرار الأغلبية. إن حكم الأغلبية هو مبدأ أساسي يقوم عليه النظام الديمقراطي، لكن الديمقراطية ليست فقط حكم الأغلبية، إنما ضمان حقوق الأقلية وإشراكها في الشؤون الداخلية الأساسية». وفنّدت القاضية حيوت خطة الحكومة بنداً بنداً، لتقنع سامعيها بأن الخطة مدمرة للديمقراطية.
في السياق نفسه خرج رئيس أركان الجيش بهجوم غير مباشر على قرارها نقل مسؤوليات وصلاحيات من الجيش الإسرائيلي إلى رئيس الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، الذي عيّن وزيراً إضافياً في وزارة الدفاع، ومسؤولاً عن وحدتين في الجيش تعملان مقابل الفلسطينيين هما «الإدارة المدنية» و«منسق أعمال الحكومة» في الضفة الغربية وقرارها نقل الصلاحيات عن قوات حرس الحدود هناك إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي تحدّث أيضاً عن عزمه تغيير تعليمات إطلاق النار ضد الفلسطينيين.
وكان كوخافي قد حاول منع تنفيذ هذه الاتفاقيات من خلال لقاء مع نتنياهو قبل تنصيب حكومته، ولكنه فشل.
ووصف كوخافي نقل هذه الصلاحيات بأنه «غير معقول وغير مقبول»، وهدَّد بسحب قوات حرس الحدود من الضفة الغربية. ورفض كوخافي بشكل قاطع إمكانية أن يخضع ضباط في الجيش لوزارات أخرى، وقال: «لا يوجد شيء كهذا. لن يخضع أي ضابط لمسؤولية جهة خارج الجيش الإسرائيلي. والقانون يدعمني».
وأكد كوخافي أن هذه المواقف هي مواقف جميع أعضاء رئاسة هيئة الأركان العامة، ومن بينهم رئيس الأركان الجديد هيرتسي هليفي.
وتحفّظ كوخافي حتى على قرارات حكومة نتنياهو خصم الأموال من المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية، وقال إنه في إطار المفهوم الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة. وقال: «توجد في مناطق أ وفي قسم من مناطق ب سلطة فلسطينية لديها أجهزة أمن عسكرية، تنفذ قسماً كبيراً من مهمات إحباط الإرهاب والحفاظ على القانون والنظام في هذه المناطق. ونرى ما يحدث عندما يضعف عملها. ونحن نعمل ليلياً في جنين ونابلس بسبب فقدان هذه الأجهزة (الفلسطينية) السيطرة في هاتين المنطقتين... إذا لم تكن السلطة الفلسطينية هناك، فإن الجيش الإسرائيلي سيكون في مراكز المدن الفلسطينية، وهذا يعني أنه خلافاً لما يفعله الجيش الإسرائيلي، اليوم، سيضطر إلى زج حجم قوات هائل، وسنضطر إلى تخصيص عدد كبير من الكتائب، في الاحتياط والنظامية، لهذه المهمات، فيما نحن لم نستعدّ لذلك».
وتُعدّ هذه اللهجة غير مسبوقة من رئيس أركان للجيش تجاه الحكومة، وهي تقال للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين القيادتين السياسية والعسكرية. ويرى المراقبون أن اضطرار رئيسة المحكمة العليا وقائد الجيش لطرح مواقف كهذه هو بداية انعطاف في نظام الحكم في إسرائيل، يمكن أن تكون له تبِعات خطيرة.
والمعروف أن جماهير غفيرة (حوالي 30 ألفاً) خرجت، السبت الماضي، في مظاهرات ضد مشروعات الحكومة الجديدة. ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الأعداد في المظاهرات التي ستجري في كل من تل أبيب والقدس وحيفا، مساء السبت. وفي يوم الاثنين، يتوقع أن يطلق الطلبة الجامعيون في كل الجامعات مظاهرات خاصة بالطلبة. وأعلن وزير الدفاع السابق بيني غانتس أنه سيشارك في مظاهرة السبت؛ لأنه يشعر بأن هناك تطاولاً خطيراً على المؤسسة العسكرية.
إسرائيل إلى حرب شوارع بسبب خطط حكومة نتنياهو
رئيسة المحكمة العليا ورئيس الأركان ونقابة المحامين اتهموها بالانقضاض على الديمقراطية
إسرائيل إلى حرب شوارع بسبب خطط حكومة نتنياهو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة