إسرائيل إلى حرب شوارع بسبب خطط حكومة نتنياهو

رئيسة المحكمة العليا ورئيس الأركان ونقابة المحامين اتهموها بالانقضاض على الديمقراطية

محامون إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب ضد حكومة نتنياهو، أول من أمس (أ.ف.ب)
محامون إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب ضد حكومة نتنياهو، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل إلى حرب شوارع بسبب خطط حكومة نتنياهو

محامون إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب ضد حكومة نتنياهو، أول من أمس (أ.ف.ب)
محامون إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب ضد حكومة نتنياهو، أول من أمس (أ.ف.ب)

في أعقاب الهجوم العنيف الذي شنّته رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية القاضية أستير حيوت، ورئيس أركان الجيش المنتهية ولايته أفيف كوخافي، ورؤساء نقابة المحامين، وعدد من كبار القضاة السابقين، متهِمين حكومة بنيامين نتنياهو بإعلان حرب على المؤسسة القضائية وعلى الجيش وغيرهما من رموز الدولة العبرية في الغرب، حذّر عدد من الشخصيات الحيادية من تبِعات هذه الصراعات وخطر تدهورها إلى حرب شوارع بين الفريقين، وربما حرب أهلية.
وقال القائد الأسبق لشرطة القدس اللواء أريه عميت إن المشروعات التي تطرحها حكومة بنيامين نتنياهو للانقلاب على جهاز القضاء والمساس بهيبة الجيش ومكانته، ستؤدي إلى رد فعل غاضب من جميع الحريصين على الديمقراطية.
والمتطرفون في اليمين الحاكم هم مجموعة أشخاص يحركهم الخوف والحقد، وديدنهم العنف، لذلك من غير المستبعد أن تتحول الخلافات إلى صراع بين الإخوة وشجارات وحرب شوارع. فالحكومة لا تُبقي خيارات كثيرة لأنصار الديمقراطية ورجالاتها، لا يتحملون النقد ويجعلونه عداء.
وكانت القاضية حيوت قد ألقت خطاباً غير مسبوق بحِدّته ضد خطة الحكومة، وقالت إن وزير القضاء ياريف لفين، الذي ادّعى أنه يجلب خطة لإصلاح الجهاز القضائي، يأتي عملياً بخطة انقلابية ترمي إلى تقويض جهاز القضاء وإضعافه وبثّ الرعب في نفوس القضاة حتى لا يحكموا بالعدل. وقالت إن خطة حكومة نتنياهو تهدف لإضعاف جهاز القضاء، والقضاء على النظام القضائي، ووصفتها بأنها «هجوم عنيف على نظام العدالة، وكأنه عدو يجب مهاجمته وإخضاعه».
وقالت، خلال كلمتها في مؤتمر جمعية القانون العام في حيفا: «بمجرد تحقيق خطة التغيير المقدمة، سيُذكر العام الخامس والسبعون لقيام إسرائيل على أنه العام الذي تعرضت فيه الهوية الديمقراطية للبلاد لضربة قاتلة؛ لأن الخطة تهدف إلى توجيه ضربة قاضية لاستقلال القضاء وتحويله إلى سلطة صامتة».
وأشارت حيوت إلى التبرير الذي قدّمه نتنياهو ووزراؤه للخطة، وقالت: «في الأيام الأخيرة سمعنا جميعاً أن الأساس المنطقي لتبرير الخطة هو إرادة الأغلبية وقرار الأغلبية. إن حكم الأغلبية هو مبدأ أساسي يقوم عليه النظام الديمقراطي، لكن الديمقراطية ليست فقط حكم الأغلبية، إنما ضمان حقوق الأقلية وإشراكها في الشؤون الداخلية الأساسية». وفنّدت القاضية حيوت خطة الحكومة بنداً بنداً، لتقنع سامعيها بأن الخطة مدمرة للديمقراطية.
في السياق نفسه خرج رئيس أركان الجيش بهجوم غير مباشر على قرارها نقل مسؤوليات وصلاحيات من الجيش الإسرائيلي إلى رئيس الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، الذي عيّن وزيراً إضافياً في وزارة الدفاع، ومسؤولاً عن وحدتين في الجيش تعملان مقابل الفلسطينيين هما «الإدارة المدنية» و«منسق أعمال الحكومة» في الضفة الغربية وقرارها نقل الصلاحيات عن قوات حرس الحدود هناك إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي تحدّث أيضاً عن عزمه تغيير تعليمات إطلاق النار ضد الفلسطينيين.
وكان كوخافي قد حاول منع تنفيذ هذه الاتفاقيات من خلال لقاء مع نتنياهو قبل تنصيب حكومته، ولكنه فشل.
ووصف كوخافي نقل هذه الصلاحيات بأنه «غير معقول وغير مقبول»، وهدَّد بسحب قوات حرس الحدود من الضفة الغربية. ورفض كوخافي بشكل قاطع إمكانية أن يخضع ضباط في الجيش لوزارات أخرى، وقال: «لا يوجد شيء كهذا. لن يخضع أي ضابط لمسؤولية جهة خارج الجيش الإسرائيلي. والقانون يدعمني».
وأكد كوخافي أن هذه المواقف هي مواقف جميع أعضاء رئاسة هيئة الأركان العامة، ومن بينهم رئيس الأركان الجديد هيرتسي هليفي.
وتحفّظ كوخافي حتى على قرارات حكومة نتنياهو خصم الأموال من المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية، وقال إنه في إطار المفهوم الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة. وقال: «توجد في مناطق أ وفي قسم من مناطق ب سلطة فلسطينية لديها أجهزة أمن عسكرية، تنفذ قسماً كبيراً من مهمات إحباط الإرهاب والحفاظ على القانون والنظام في هذه المناطق. ونرى ما يحدث عندما يضعف عملها. ونحن نعمل ليلياً في جنين ونابلس بسبب فقدان هذه الأجهزة (الفلسطينية) السيطرة في هاتين المنطقتين... إذا لم تكن السلطة الفلسطينية هناك، فإن الجيش الإسرائيلي سيكون في مراكز المدن الفلسطينية، وهذا يعني أنه خلافاً لما يفعله الجيش الإسرائيلي، اليوم، سيضطر إلى زج حجم قوات هائل، وسنضطر إلى تخصيص عدد كبير من الكتائب، في الاحتياط والنظامية، لهذه المهمات، فيما نحن لم نستعدّ لذلك».
وتُعدّ هذه اللهجة غير مسبوقة من رئيس أركان للجيش تجاه الحكومة، وهي تقال للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين القيادتين السياسية والعسكرية. ويرى المراقبون أن اضطرار رئيسة المحكمة العليا وقائد الجيش لطرح مواقف كهذه هو بداية انعطاف في نظام الحكم في إسرائيل، يمكن أن تكون له تبِعات خطيرة.
والمعروف أن جماهير غفيرة (حوالي 30 ألفاً) خرجت، السبت الماضي، في مظاهرات ضد مشروعات الحكومة الجديدة. ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الأعداد في المظاهرات التي ستجري في كل من تل أبيب والقدس وحيفا، مساء السبت. وفي يوم الاثنين، يتوقع أن يطلق الطلبة الجامعيون في كل الجامعات مظاهرات خاصة بالطلبة. وأعلن وزير الدفاع السابق بيني غانتس أنه سيشارك في مظاهرة السبت؛ لأنه يشعر بأن هناك تطاولاً خطيراً على المؤسسة العسكرية.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.