يصل رئيس الوزراء الياباني روميو كيشيدا، اليوم (الجمعة)، إلى واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس الأميركي جو بايدن، غداة إعلان الولايات المتحدة واليابان خططاً لتعزيز تحالفهما للمساعدة في مواجهة التهديدات من كل من كوريا الشمالية والصين، التي يصفها البلدان بأنها أكبر تحدٍ أمني في المنطقة.
بعبارات حادة غير معتادة، ندد وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن ونظيراهما اليابانيان يوشيماسا هاياشي وياسوكازو هامادا، في بيان مشترك بعدوانية الصين المتزايدة في المحيطين الهندي والهادي وفي أماكن أخرى من العالم، وحملوا على الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا، وانتقدوا تكثيف كوريا الشمالية برامجها النووية والصاروخية. وقالوا، إن الصين تمثل تهديداً «لا سابق له» للنظام الدولي، وتعهدوا مضاعفة جهودهم لمواجهته. وأضافوا، أن «السياسة الخارجية للصين تسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي لمصلحتها وتوظيف القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية المتنامية للصين لتحقيق هذه الغاية»، مؤكدين أن «هذا السلوك يثير قلق التحالف والمجتمع الدولي بأسره، ويمثل أكبر تحدٍ استراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادي وخارجها».
واتفق المسؤولون الأربعة على تعديل وجود القوات الأميركية في جزيرة أوكيناوا جزئياً لتعزيز القدرات المضادة للسفن التي ستكون مطلوبة في حالة التوغل الصيني في تايوان أو أي أعمال عدائية أخرى في بحر الصين الجنوبي أو الشرقي. كما أضافوا إشارة رسمية إلى الفضاء الخارجي في المعاهدة الأمنية الأميركية - اليابانية القائمة منذ فترة طويلة، موضحين، أن «الهجمات على الفضاء ومنه وداخله» يمكن أن تؤدي إلى أحكام الدفاع المشترك للمعاهدة. وكان ذلك في السابق خارج نطاق الاتفاقية. بالإضافة إلى ذلك، تخطط الوكالة الأميركية للفضاء والطيران (ناسا) لتوقيع اتفاق تعاون مع اليابان، الجمعة.
وخلال مؤتمرهم الصحافي، قال الوزراء الأربعة، إنّ محادثاتهم ركزت على ملفي تايوان وكوريا الشمالية. وقال أوستن «لن أتكهّن بشأن ما يدور في ذهن (الرئيس الصيني شي جينبينغ)، لكن يمكنني أن أقول لكم إنّ ما نراه منذ بعض الوقت هو سلوك استفزازي للغاية من جانب القوات الصينية». لكنّ الوزير الأميركي طمأن إلى أنّ الولايات المتّحدة لديها «شكوك جدية» بشأن خطر تعرّض تايوان لهجوم وشيك من قِبل الصين.
والعلاقات المتوتّرة أساساً بين بكين وتايبيه تدهورت فجأة العام الماضي؛ إذ ضاعفت الصين مناوراتها العسكرية حول الجزيرة التي تعدّها جزءاً لا يتجزّأ من أراضيها ستستعيده يوماً، وبالقوة إذا لزم الأمر. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ونبين، لصحافيين، الخميس «في إطار تعاون عسكري ثنائي، يتعين على الولايات المتحدة واليابان ضمان عدم الإضرار بمصالح طرف ثالث أو بالسلام والاستقرار الإقليميين».
وقبل الاجتماع، أعلنت وزارة الدفاع اليابانية أنها مستعدة لبدء البناء في جزيرة غير مأهولة، حيث سيجري الجيشان تدريبات عسكرية مشتركة تبدأ عام 2027. وقال بلينكن، إن الاتفاقية، التي وقّعت الأربعاء، تعكس جهود البلدين لتعميق التعاون «عبر كل المجالات»، بما في ذلك الفضاء والأمن السيبراني والتقنيات الناشئة. وأضاف، أن التحالف بين الولايات المتحدة واليابان «كان حجر الزاوية للسلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي؛ مما يضمن الأمن والحرية والازدهار لشعبنا وشعوبنا في كل أنحاء المنطقة». وسيجري بايدن وكيشيدا المزيد من المحادثات الجمعة للتأكيد على أهمية العلاقة بين البلدين.
القدرات النووية الأميركية
وكان كيشيدا وقّع في رحلة تستمر أسبوعاً للدول الحليفة في أوروبا وأميركا الشمالية، اتفاقية دفاعية مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الأربعاء الماضي، لتعزز العلاقات العسكرية بين المملكة المتحدة واليابان، رداً على الصين أيضاً.
وأشار أوستن إلى أن الاتفاق يؤكد «التزام أميركا الحازم بالدفاع عن اليابان بمجموعة كاملة من القدرات، بما في ذلك القدرات النووية»، مؤكداً أن المادة الخامسة من معاهدة الأمن المتبادل تنطبق على جزر سينكاكو المتنازع عليها مع بكين. وتقع هذه خارج المياه الإقليمية اليابانية. وكانت طوكيو أعلنت الأربعاء، أنها ستبدأ في بناء مدرجين على جزيرة ماغيشيما الجنوبية الصغيرة، حيث ستبدأ التدريبات المشتركة، بما في ذلك تدريبات مقاتلات الشبح «إف 35 بي» والعمليات البرمائية واعتراض الصواريخ، في غضون أربع سنوات تقريباً. وستكون الجزيرة، الواقعة قبالة الساحل الجنوبي الغربي لكاغوشيما عند أقصى جنوب جزيرة كيوشو الرئيسية، مركزاً لنشر القوات وإمدادات الذخيرة في حالة نشوب صراع مثل حالة الطوارئ في تايوان. وتقوم اليابان والولايات المتحدة بنقل أحد مواقع تمرينات الطيران الرئيسية إلى الجزيرة الجنوبية، وهي أقرب بكثير إلى قاعدة إيواكوني الجوية الأميركية، موطن أسطول قاذفات «إف 35 بي»، من موقع التدريب الحالي في «إيو جيما»، حيث خيضت المعارك الأكثر دموية والأكثر شهرة في الحرب العالمية الثانية.
الانتشار في أوكيناوا
ستؤدي التغييرات في انتشار الولايات المتحدة في أوكيناوا إلى تحويل الفوج البحري الثاني عشر إلى وحدة أصغر وأكثر سرعة ليكون مجهزاً بشكل أفضل لمحاربة الخصم والدفاع عن الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وقال أوستن، إن الفوج سيجلب قدرات «هائلة» للمنطقة كوحدة عسكرية «أكثر فتكاً، وأكثر مرونة، وأكثر قدرة». وأفاد مسؤولون أميركيون، بأن القرار لن يزيد عدد مشاة البحرية في الجزيرة ولن يأتي مع أي تغيير كبير في قدرات الأسلحة.
ويعد تعزيز القدرات العسكرية أو القوات مسألة حساسة بالنسبة لأوكيناوا، التي شهدت إحدى أكثر المعارك البرية دموية في نهاية الحرب العالمية الثانية. وتستضيف الجزيرة حالياً أكثر من نصف القوات الأميركية المتمركزة في اليابان، ويريد سكان أوكيناوا تقليص هذا العدد.
تأتي الاتفاقيات الأميركية - اليابانية في أعقاب إعلان طوكيو العام الماضي أنها ستزيد إنفاقها الدفاعي إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى خمس سنوات.
ومن شأن ذلك أن يجعل ميزانيتها الدفاعية ثالث أكبر ميزانية في العالم - وهو تحول جذري في أولويات طوكيو يعكس المخاوف المتزايدة بشأن كوريا الشمالية والعمل العسكري الصيني المحتمل ضد تايوان.