خلافات داخل «الوطني الحر» تؤدي لتخبط باسيل رئاسياً

TT

خلافات داخل «الوطني الحر» تؤدي لتخبط باسيل رئاسياً

لا تزال النقاشات، التي تتخذ في كثير من الأحيان طابع السجالات داخل «التيار الوطني الحر»، مفتوحة بعد فشل الاجتماع الأخير للهيئة السياسية للتيّار، الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي، في التوصل إلى تفاهم حول اسم معين يتم اعتماده مرشحاً للتيار لرئاسة الجمهورية.
فعلى الرغم من إصدار التيار بياناً بعد ساعات من الاجتماع ليؤكد أنه «لم يكن مقرراً إطلاقاً اعتماد اسم مرشح واحد دون التوافق عليه مع قوى أخرى، بل التباحث حول سلّة من الأسماء الصديقة لتوفير النجاح اللازم لها»، فإن الأجواء كانت توحي بالعكس، باعتبار أن أكثر من نائب عوني كان قد أعلن التوجه للتخلي عن التصويت بورقة بيضاء واعتماد اسم مرشح في أي جلسة رئاسية مقبلة.
كما أن رئيس التيار، جبران باسيل، أعلن صراحة في حديث له مطلع الشهر، أنّ «التيار بات قريباً من إعلان اسم مرشّح ثالث غير رئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية، وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون»، مشيراً إلى «بدء النقاش في هذا الشأن داخل التيار الوطني، ومع البطريرك بشارة الراعي».
ويقول أحد نواب «التيار»، الذين شاركوا في اجتماع الهيئة السياسية الأخير، إن «النقاش كان جدياً وبنّاء وهادئاً، وتركز حول كيفية التوصل لانتخاب رئيس»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تم بحث سلة من الأسماء المرشحة دون وجود قرار باعتماد أحد هذه الأسماء.
وأضاف المصدر النيابي: «تم التفاهم على استكمال المسار التفاوضي مع باقي الكتل من خلال إجراء لقاءات ثنائية تفضي إلى تفاهمات، باعتبار أنه ليس المطلوب طرح واعتماد أسماء لحرقها، إنما تأمين فرص وحظوظ فوز مرشح ما».
وتشير المعلومات إلى أن هناك نوعاً من الانقسام العمودي داخل التيار بين من يصر على اعتماد مرشح حزبي، ومن يتفق مع باسيل على التصويت لأسماء من خارج «التيار»، لافتة إلى أن العونيين المؤسسين القدامى مثل النواب آلان عون وسيمون أبي رميا وإبراهيم كنعان يمثلون رأس حربة بالطرح الأول، وخصوصاً أن عون وكنعان لديهما حظوظ باستقطاب أصوات نواب من كتل أخرى في حال تم اعتماد ترشيح أحدهما بخلاف باسيل.
ويُجمع أكثر من مصدر على أن باسيل يعي أنه لا حظوظ لأي من الأسماء التي يسوقها، وأنه يهدف بطريقة أو بأخرى لإعدام حظوظها، وأن ما يسعى إليه هو تمرير المرحلة بانتظار نضوج ظروف معينة تسمح له بالترشح والفوز.
من جهته، يشير أحد القياديين في «التيار»، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن «الإشكالية ليست بالاسم الذي سيتم اعتماده سواء كان من داخل التيار أو خارجه، إنما في عدم قدرتنا على المنافسة بأي مرشح نطرحه ما دامت القوى السياسية الأخرى غير مستعدة للتفاهم معنا بالملف الرئاسي»، متسائلاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما جدوى أن نتخلى عن الورقة البيضاء لنصوت لمرشح لن يكون قادراً على حصد أكثر من 18 صوتاً؟!».
ويضيف: «بات من الواضح أننا نخوض مجدداً معركة، وعلى أكثر من جبهة، وحيدين في وجه حلف رباعي يضم حزب الله وميقاتي وبري وجنبلاط، وكل ما يُحكى خلاف ذلك مجافٍ للواقع».
وشكّل تأجيل رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، جلسة الانتخاب الحادية عشرة، التي كان قد حددها أمس الخميس؛ حداداً على وفاة رئيس المجلس السابق حسين الحسيني، فسحة وقت جديدة لقيادة التيار لاستيعاب الخلافات الداخلية في التعامل مع الملف الرئاسي، وكذلك لاتضاح مسار العلاقة مع «حزب الله» في ظل معلومات عن لقاء قريب بين باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا.
وتأزمت العلاقة بشكل غير مسبوق بين التيار والحزب؛ بسبب إصرار الأخير على التفاهم مع حلفائه على اعتماد رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية مرشحاً رئاسياً، ورفض باسيل الطرح جملة وتفصيلاً.
كما استفحل الخلاف إثر مشاركة وزيري «حزب الله» في جلسة للحكومة دعا إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في ظل رفض رئيس «الوطني الحر» انعقاد مجلس الوزراء ما دام الشغور قائماً في موقع رئاسة الجمهورية.
وتوقفت مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» عند قول أمين عام الحزب، حسن نصر الله، إنه «إذا وضعنا يدنا بيد شخص فنحن لا نبادر إلى نزع يدنا، ولكن إذا الطرف الثاني نزع يده فنحن لا نلزم ولا نجبر أحداً، لا على التحالف ولا الصداقة ولا التفاهم»، واعتبرت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما ورد على لسانه في هذا السياق بمثابة «رسالة واضحة لباسيل مفادها بأن مرحلة الدلع السياسي ومراعاة الخواطر ولَّت إلى غير رجعة، وأن العودة إلى التفاهم لها أسسها وقواعد يتوجب الاتفاق عليها».
ومن المرتقب أن يؤثر القرار، الذي سيتخذه «حزب الله» بشأن المشاركة في جلسة حكومية سوف يدعو إليها ميقاتي مطلع الأسبوع المقبل، في مسار العلاقة مع «التيار»، إذ قد يجد الأخير نفسه مضطراً للرد على قرار الحزب مجدداً بالمشاركة في جلسة مثل هذه رغم اعتراض التيار، من خلال الملف الرئاسي وإن كان يعلم أن ذلك سيفاقم الهوة بينهما، وأنه لم يعد لديه حليف سياسي في الداخل اللبناني يخوض معه المواجهة سواء أكانت رئاسية أم حكومية أم في أي ملف كان.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

رئيسا لبنان وسوريا يؤكدان ضرورة ضبط الحدود بين البلدين لمنع «التجاوزات»

TT

رئيسا لبنان وسوريا يؤكدان ضرورة ضبط الحدود بين البلدين لمنع «التجاوزات»

الرئيس السوري أحمد الشرع رفقة الرئيس اللبناني جوزيف عون (أسوشيتد برس)
الرئيس السوري أحمد الشرع رفقة الرئيس اللبناني جوزيف عون (أسوشيتد برس)

أعلنت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس جوزيف عون التقى، اليوم (الثلاثاء)، نظيره السوري أحمد الشرع، على هامش القمة العربية في القاهرة.

وأضافت، في بيان، أن الرئيسين تناولا عدداً من المسائل العالقة «حيث تم الاتفاق على التنسيق عبر لجان مشتركة تُشكل بعد تأليف الحكومة السورية الجديدة».

وذكرت الرئاسة اللبنانية أنه تم التأكيد أيضاً على ضرورة ضبط الحدود بين البلدين «لمنع جميع أنواع التجاوزات».

كان تلفزيون سوريا قد نقل في وقت سابق عن مصادر أن اللقاء سيناقش ملفات «شائكة»، أبرزها قضية النازحين السوريين وملف الحدود والتهريب عبر المعابر غير الشرعية، فضلاً عن «رسم خريطة طريق لمحادثات مقبلة على مستوى حكومي برعاية إقليمية».

الوجود الإسرائيلي في جنوب سوريا

كان الشرع قد حثّ المجتمع الدولي في وقت سابق من اليوم على الضغط على إسرائيل للانسحاب «الفوري» من جنوب سوريا، مندداً بالهجمات الإسرائيلية التي قال إنها تستهدف أمن بلاده واستقرارها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وكثّفت إسرائيل منذ الأسبوع الماضي ضرباتها على سوريا، على وقع مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجعل «جنوب سوريا منزوع السلاح بالكامل»، مؤكداً أن الدولة العبرية لن تسمح لقوات الإدارة الجديدة بالانتشار جنوب العاصمة دمشق.

وفي كلمة ألقاها خلال القمة العربية الطارئة بشأن غزة في القاهرة، قال الشرع: «نحثّ المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية في دعم حقوق سوريا في الضغط على إسرائيل للانسحاب الفوري من الجنوب السوري».

وعدَّ أن «هذا التوسع العدواني ليس انتهاكاً للسيادة السورية فقط، بل تهديد مباشر للأمن والسلام في المنطقة بأسرها»، معتبراً أن «العدوان الإسرائيلي المتواصل، إلى جانب الهجمات العسكرية التي تستهدف أمن سوريا واستقرارها، يتطلب منا جميعاً الوقوف صفاً واحداً ضد هذا التصعيد».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)

وإثر إطاحة حكم بشار الأسد، شنّت إسرائيل مئات الغارات على منشآت عسكرية وقواعد بحرية وجوية في أنحاء البلاد، قالت إن هدفها منع سقوط ترسانة الجيش السوري في أيدي قوات الإدارة الجديدة. وفي موازاة ذلك، توغلت قواتها إلى المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، الواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله إسرائيل.

ورغم تنديد الإدارة الجديدة مراراً بالتوغّل الإسرائيلي، فإن أي مواقف عالية النبرة لم تصدر عنها إزاء إسرائيل. وكرّر الشرع أن بلاده التي تواجهها تحديات عدة بعد نحو 13 عاماً من نزاع مدمر، لا تريد الدخول في أي صراعات جديدة مع جيرانها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، ليل الثلاثاء الماضي، شنّ غارات على «أهداف عسكرية» في جنوب سوريا، بما في ذلك «مراكز قيادة ومواقع عديدة تحتوي على أسلحة». كما أعلن قصفه ليل الاثنين «موقعاً عسكرياً» يضم مستودعاً للأسلحة في غرب سوريا.

وندّد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، الثلاثاء، بـ«التصعيد العسكري الإسرائيلي» على سوريا.

وقال في بيان: «هذه الأعمال غير مقبولة، وتهدد بزعزعة استقرار الوضع الهش أصلاً، وتفاقم التوترات الإقليمية، وتقوض الجهود الرامية إلى وقف التصعيد وانتقال سياسي مستدام».

«وصمة عار»

ومشاركة الشرع في القمة العربية الطارئة بشأن غزة هي الأولى منذ إطاحة الأسد.

واعتبر في كلمته أن «الدعوة لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بشكل قسري وصمة عار ضد الإنسانية»، مشدداً على أنه «لا يمكن قبول اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وحان الوقت أن نقف جميعاً كعرب بوجه هذه المخططات».

وسبق للشرع أن وصف الشهر الماضي خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه بـ«جريمة كبرى لن تنجح».

وجاء حضوره القمة بعدما وافقت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي على إعفائه من حظر السفر المفروض عليه، بسبب إدراجه على لائحة العقوبات، ما مكّنه من السفر إلى القاهرة للمشاركة في أعمال القمة.

ونشرت وكالة «سانا» صوراً تظهر لقاءات عقدها الشرع قبل بدء القمة، أبرزها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في القاهرة (رويترز)

كانت جامعة الدول العربية علّقت عضوية سوريا عام 2011 اعتراضاً على قمع حكم الأسد الدامي للمظاهرات الشعبية التي شهدتها البلاد، قبل أن تتحول إلى نزاع دامٍ متشعب الأطراف.