سعر حر للجنيه المصري يهوي به أمام طلب كبير على الدولار

توقعات بعودة ارتفاعه بعد انفراج الأزمة

عملات مصرية من فئة 200 جنيه أمام فئات من العملة الأميركية (إ.ب.أ)
عملات مصرية من فئة 200 جنيه أمام فئات من العملة الأميركية (إ.ب.أ)
TT

سعر حر للجنيه المصري يهوي به أمام طلب كبير على الدولار

عملات مصرية من فئة 200 جنيه أمام فئات من العملة الأميركية (إ.ب.أ)
عملات مصرية من فئة 200 جنيه أمام فئات من العملة الأميركية (إ.ب.أ)

شهد الجنيه المصري تراجعا حادا أمس الأربعاء، ليبلغ أدنى مستوى في تاريخه أمام معظم العملات، بينما ينتظر المستثمرون تدبير الدولار من جانب البنوك، التي تنتظر هي الأخرى لجمع حصيلة دولارية تكفي المتطلبات الاستيرادية للتجار، الذين ينتظرون أيضاً الإفراج عن السلع المتراكمة في الموانئ، في الوقت الذي صار فيه المستهلك النهائي فريسة لأسعار منفلتة، مسعرة أساسا بأسعار السوق السوداء.
وأمام توقف شبه كامل للحياة في مصر، ومراقبة يومية لسعر الدولار من كافة فئات الشعب، وبينما الانتظار والترقب يسيطران على الجميع، جاء تحرك الجنيه أمس بطريقة مرنة للغاية تصل إلى السعر الحر، ليتراجع إلى أكثر من 32 جنيها أمام الدولار الواحد خلال تعاملات الظهيرة، غير أنه سرعان ما عاود الارتفاع إلى 29.81 جنيه بحلول الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش.
وقفزت عقود الجنيه المصري الآجلة غير القابلة للتسليم (وليس الاستبدال) بما بين 6.4 في المائة و8.3 في المائة إلى ما بين 31.6 و34.8 للدولار.
كانت مصر التزمت في خطاب نوايا لصندوق النقد الدولي، قبل موافقة الأخير أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار، بسياسة مرنة دائمة في سعر الصرف، والسماح لأسعار معظم منتجات الوقود بالارتفاع حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد.
أوضح الدكتور شريف هنري خبير الاقتصاد الكلي، أن الاقتصاد المصري، رغم مؤشراته المالية الجيدة، «أثرت الأحداث العالمية بشكل كبير على كل ما يحدث في مصر بنسب مختلفة، غير أن هناك مؤشرين جيدين، الأول: جميع الطلبات الأقل من 200 ألف دولار قامت البنوك بتوفيرها خلال اليومين الماضيين، من خلال خطاب أرسله البنك المركزي للبنوك أول من أمس، أما المؤشر الثاني فهو: التحرك المرن في سعر الصرف، والذي ينبئ بقرب الانفراجة الكلية».
وتوقع هنري لـ«الشرق الأوسط»، أن يجذب السعر الجديد للدولار في مصر مستثمرين أجانب للاستثمار غير المباشر (بورصة وأدوات دين)، وذلك بسبب أن السوق المصرية صارت رخيصة جدا للأجانب مع التخفيض الأخير. مشيرا إلى هناك عددا من المستثمرين الأجانب بالفعل تواصلوا مع عدة بنوك مصرية فور السعر الجديد، لبدء عملية تحويل من دولار لجنيه، وبدء الاستثمار في البورصة.
من المقرر أن تحصل مصر من صندوق النقد الدولي على نحو 700 مليون دولار في السنة المالية التي تنتهي في يونيو (حزيران) المقبل، بجانب 1.1 مليار دولار من البنك الدولي، و400 مليون دولار من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، و300 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية، و300 مليون دولار من صندوق النقد العربي، ومليار دولار من بنك التنمية الصيني، بينما ستغطي مبيعات الأصول العامة ملياري دولار.
وقالت مصر إنها حصلت على تأكيدات بأن ودائع من دول الخليج في البنك المركزي المصري بقيمة 28 مليار دولار لن تستحق قبل سبتمبر (أيلول) أيلول 2026، ولن تستخدم لشراء أسهم أو ديون.
يقدر صندوق النقد الدولي، الفجوة التمويلية في مصر بنحو 17 مليار دولار على مدار السنوات الأربع المقبلة.
قال هنري: «إن الأزمات العالمية الحالية المتلاحقة، أثبتت أن أهم قطاعين اقتصاديين هما: الزراعة والطاقة، لأن من يملكهما يقل تأثره بالأزمات العالمية... وبالتالي تقل نسبة التضخم المستورد، وسط الأسعار العالمية المرتفعة الحالية...».
ارتفع تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 21.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) على أساس سنوي مقابل 18.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو الأعلى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017، بينما بلغ التضخم الأساسي 24.4 في المائة.
من جانبه قال كريم يحيى الخبير المصرفي، إن تحرك سعر الصرف أمس قد يقضي على السوق السوداء في حال لبت البنوك جميع طلبات المستوردين، وهو المتوقع خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأشار يحيى لـ«الشرق الأوسط»، إلى إجازة رأس السنة الصينية، والتي تمتد من الأسبوع الأخير من شهر يناير (كانون الثاني) حتى الأسبوع الأخير من شهر فبراير (شباط)، وتتوقف فيها طلبات الاستيراد مما يقلل من الطلب على الدولار، موضحا أن حجم الطلبات الحالية والتي رفعت الأسعار أمس إلى فوق 32 جنيها للدولار الواحد، هي للإفراج عن السلع المتراكمة في الموانئ منذ شهور.
وتوقع هنري عودة «ارتفاع الجنيه مع الانفراجة في الأزمة الحالية بشكل ملموس في الربع الأخير من العام الجاري، ما لم تحدث أي أزمات خارجية أخرى».


مقالات ذات صلة

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مسؤولو «مدن» الإماراتية و«حسن علام» المصرية خلال توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مشروع رأس الحكمة (الشرق الأوسط)

«مدن القابضة» الإماراتية توقع مذكرة تفاهم في البنية التحتية والطاقة بمشروع رأس الحكمة

وقعت «مدن القابضة» الإماراتية، اليوم الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع مجموعة «حسن علام القابضة» المصرية، لتعزيز أفق التعاون في مشروع رأس الحكمة في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)

محافظ جنوب سيناء: نتطلع لجذب الاستثمارات عبر استراتيجية التنمية الشاملة

تتطلع محافظة جنوب سيناء المصرية إلى تعزيز موقعها كمركز جذب سياحي، سواء على مستوى الاستثمارات أو تدفقات السياح من كل أنحاء العالم.

مساعد الزياني (دبي)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.