أعاد الإعلان عن رحيل رئيس مجلس النواب اللبناني السابق حسين الحسيني، أمس (الأربعاء)، تأكيد اللبنانيين على التمسك بـ«اتفاق الطائف» الذي توصل إليه النواب اللبنانيون عام 1989 وأنهى الحرب الأهلية، بالإشارة إلى دور الحسيني كـ«عرّاب» للاتفاق، فضلاً عن كونه «نذر حياته دفاعاً عن الوطن وهويته الوطنية والقومية»، كما قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ببيان نعي الحسيني، و«قدوة في الاعتدال والحكمة التي أشد ما يحتاجها لبنان الآن»، حسب وصف رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة.
وغيّب الموت الحسيني عن عمر ناهز 86 عاماً، صباح الأربعاء، إثر إصابته بإنفلونزا حادة استدعت نقله إلى غرفة العناية الفائقة في مستشفى الجامعة الأميركية لتلقي العلاج، منذ 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، حسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام». وأصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مذكرة تقضي بإعلان الحداد الرسمي لمدة 3 أيام، اعتباراً من أمس (الأربعاء)، وتنكس خلالها الأعلام على مباني الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، كما تعدل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع الحدث الأليم.
ونعى بري الرئيس السابق لمجلس النواب، واصفاً الحسيني بأنه «كبير من كبار لبنان، وقامة وطنية من قاماته التي ما بدّلت تبديلاً، نذرت جلّ حياتها دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية، وجهاداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيبة». وقال بري إنه «برحيل الحسيني وارتحاله إلى جوار ربه نفقد ويفقد لبنان قيمة إنسانية وتشريعية ونضالية لا تعوض». وأعلن بري تأجيل الجلسة النيابية التي كانت مقررة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية إلى يوم الخميس المقبل.
كما نعى ميقاتي، الرئيس الحسيني، وقال: «فقَد لبنان قامة وطنية ودستورية أصيلة»، مضيفاً: «بغيابه تُطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق». وتابع: «لقد شكّل حضور الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عدة».
وأشار ميقاتي إلى أنه كان لدور الحسيني الرائد في حقبة مؤتمر «اتفاق الطائف» فضل كبير في إقرار «وثيقة الوفاق الوطني» التي أنهت الحرب اللبنانية. وتابع: «كما عَرف، بحسه الوطني وإدراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمّن التوازنات اللبنانية في صلب إصلاحات دستورية، تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل، واستكمل تنفيذها».
وإذ أشار الرئيس فؤاد السنيورة إلى «إسهامات الحسيني» في التوصل لاتفاق «الطائف»، أكد في بيانه دور الحسيني «في الحفاظ والدفاع عن لبنان، وطن الرسالة والعيش المشترك الإسلامي المسيحي». وتابع: «لا شك أن اللبنانيين، في ظل هذه الظروف الحساسة والدقيقة، وطنياً ودستورياً ومؤسساتياً، وفي ظل استمرار تسلط السلاح الخارج عن سلطة الدولة على الحياة الوطنية، يفتقدون الرئيس الحسيني ويشعرون بمدى الحزن الشديد على رحيله». ودعا إلى «التمسك بما ناضل الرئيس الحسيني من أجله ولم يتراجع عنه، وذلك حماية وصيانة لوثيقة الوفاق الوطني في الطائف، وتعزيزاً للفكرة السامية للعيش المشترك بين اللبنانيين لكي يعود لبنان إلى ما يريده اللبنانيون حقاً، وطناً سيداً حراً عربياً مستقلاً ومزدهراً لجميع أبنائه».
واعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن لبنان والوطن العربي «خسرا رمزاً كبيراً وركناً سياسياً مرموقاً عريقاً في وطنيته وعروبته، وترك بصمات تاريخية مشرقة ومشرفة بالمجلس النيابي رئاسة وعضوية». وأشار «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» إلى أن الحسيني «صاحب سيرة حافلة بالعطاءات والمواقف الوطنية والإسلامية الوحدوية نصرة لقضايا الوطن والأمة»، لافتاً إلى أنه ساهم مع الإمام موسى الصدر وإخوانه «في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة (أمل) ورفع لواء رفع الحرمان عن المناطق المحرومة في لبنان وتصدى للحرب والفتنة بين اللبنانيين»، كما وصفه بأنه «رجل الحوار وداعية الانفتاح والتعاون بين اللبنانيين. عمل بجد لترسيخ العيش المشترك وتحصين السلم الأهلي»، معتبراً أن الراحل «كان من رجالات الدولة الكبار وعلماً من أعلام الوطن، اتسم بالاعتدال والمناقبية الوطنية العالية، واقترن اسمه باتفاق الطائف، حيث أسهم في وقف الحرب والفتنة وإقرار الدستور اللبناني».
من جهته، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أنه بوفاة الحسيني «خسر لبنان ركناً تاريخياً وقدوة وطنية وصوتاً للاعتدال وضميراً للتعايش الإسلامي المسيحي، وبلحظة وداعه نجدّد التزامنا صوت الاعتدال والشراكة الوطنية والتطوير السياسي والإنقاذ الداخلي والحماية الوطنية الأخلاقية الشاملة لبلدنا لبنان».
وأكد رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام أن الحسيني «عُرف بمواقفه الصادقة والمخلصة في سبيل الحفاظ على ديمقراطية العمل السياسي من خلال مسؤولياته البرلمانية، وفي مقدمها رئاسة مجلس النواب، في أحلك وأصعب الأوقات، وكذلك فيما أتيح له من مساهمة فعالة وناجحة في إنقاذ لبنان من أتون الحرب والعبور فيه إلى دستوره الجديد، في إطار الجلسات الماراثونية التي انعقدت في الطائف، برعاية عربية ومشاركة نيابية جامعة».
وتابع: «كان دائماً ساعياً إلى المواقف البناءة المرتكزة إلى قناعات دستورية وقانونية شفافة، من أجل تعزيز الوحدة الوطنية ومواكبة اللبنانيين في حفاظهم على وطنهم سيداً حراً مستقلاً».
مواقف تنعى حسين الحسيني وتؤكد اعتداله وحكمته
رحل عن 86 عاماً... وحداد لـ3 أيام
مواقف تنعى حسين الحسيني وتؤكد اعتداله وحكمته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة