الارتباك يعود إلى أسواق النقد مع تعليمات جديدة لـ«المركزي» اللبناني

ارتفاع الطلب على الدولار يؤدي إلى انحدار جديد في سعر الليرة

TT

الارتباك يعود إلى أسواق النقد مع تعليمات جديدة لـ«المركزي» اللبناني

استعادت الأسواق المالية والنقدية في لبنان بعض عوامل الاضطراب، بفعل استئناف محاولات اقتحام بعض فروع المصارف من جهة، والإرباكات المستجدة؛ نتيجة تضييق عمليات مبادلات الليرة بالدولار النقدي عبر منصة «صيرفة» من جهة مقابلة، التي تزامنت مع تنشيط المضاربات والطلب على «العملة الخضراء» في الأسواق الموازية.
وبرزت مخاوف من تكرار تجربة إقفال البنوك بعد سريان معلومات، قبيل ظهر أمس، عن لجوء عديد منها إلى قفل الصناديق مبكراً، والاعتذار عن عدم قبول طلبات استبدال العملات بسعر منصة «صيرفة»؛ ما استدعى صدور إشعار عاجل من قبل أمين عام جمعية المصارف، الدكتور فادي خلف، ينفي الخبر المتداول بشأن الإقفال، علماً بأن المصارف تطبّق، ومنذ أشهر، تدابير مشددة لتنظيم دخول العملاء، ووفقاً لجداول مواعيد مسبقة.
وفي تلك الأثناء، سجلت المبادلات النقدية، المستفيدة من عروض البنك المركزي بسعر 38 ألف ليرة لكل دولار، تراجعاً دراماتيكياً إلى نحو 100 مليون دولار في مطلع الأسبوع الحالي، أي ما يمثل الثلث فقط من أحجام التداول التي ناهزت 300 مليون دولار يومياً في أيام العمل السابقة التي تلت صدور التعميم، يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتتوقع مصادر معنيّة ومتابعة تسجيل تقلصات إضافية، في الأيام المقبلة، لحجم العمليات المنفذة عبر منصة «صيرفة»، بفعل التشدّد في تطبيق التعليمات الجديدة التي أبلغها البنك المركزي لإدارات البنوك ليل الأحد - الاثنين، القاضية بحصر قبول طلبات الصرف على السعر «المدعوم» بالأفراد فقط من عملاء كل مصرف، وحجبها تماماً عن الشركات، وتحديد الحد الأقصى للمبالغ المقبولة بمائة مليون ليرة، أي ما يساوي 2630 دولاراً بالسعر المعتمد على المنصة، بخلاف النص الأول للتعميم الذي أتاح الصرف للجميع، ومن دون سقوف للأحجام.
وتفسّر هذه الوقائع جانباً من ارتفاع الطلب التجاري وكذلك الادخاري على الدولار في الأسواق الموازية؛ ما أفضى إلى انحدار سعر الليرة مجدداً ليقترب من مستوى 47 ألف ليرة لكل دولار، إذ لوحظ، وفق المصادر، أن معظم كميات النقد بالليرة التي تم جمعها أو تصريفها من دولارات مخزّنة من قبل الشركات خصوصاً وكثير من الأفراد، بهدف تحقيق أرباح رأسمالية سريعة، تحولت تلقائياً إلى طلبات استبدال الدولار بها لدى شركات الصيرفة توخياً لحفظها أو التخفيف من الخسائر المفاجئة.
ووفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، فقد أفضت المداولات بين حاكمية مصرف لبنان وكبار المديرين في عدد من البنوك، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى تحديد ضرورات تقتضي إعادة تنظيم مندرجات التعميم، بما يتماهى مع الغاية الأساسية المتوخاة منه لجهة كبح انهيار العملة الوطنية، وتقليص الهوامش السعرية للمبادلات، التي تعدّت 15 ألف ليرة فارقاً بين السعر السابق المعتمد على المنصة، البالغ نحو 32 ألف ليرة لكل دولار، والسعر الساري في الأسواق الموازية الذي اقترب حينها من عتبة 48 ألف ليرة.
وأكدت المعلومات أن معظم إدارات المصارف تهيّبت لأسباب جوهرية تتصل بتعريضها للمساءلة بإمكانية تمرير عمليات نقدية كبيرة قد تحتمل شبهات غسل أموال، الالتزام بكامل مضمون التعميم الأحدث للبنك المركزي، الذي يطلب تمكين الأفراد والمؤسسات و«دون حدود» بإجراء عمليات استبدال للسيولة النقدية عبر المنصة، لقاء تكفّل مصرف لبنان بشراء كل الليرات اللبنانية، وبيع الدولار بسعر 38 ألف ليرة.
كما بيّنت إدارات البنوك أن تنفيذ عمليات مبادلات نقدية مفتوحة بحجم تعدّى 300 مليون دولار يومياً، مع احتمال ارتفاعه أكثر ضمن المهلة المبدئية المحددة حتى آخر الشهر الحالي، يفوق واقعياً إمكاناتها البشرية والتقنية واللوجيستية، وخصوصاً في ظل القيود المعتمدة لدخول الزبائن إلى الفروع، فضلاً عن واقعية المخاطر المحتملة والمرتفعة حتى على عمليات نقل كميات كبيرة من النقود من قبل الأفراد إلى البنوك، ومنها إلى البنك المركزي.
ووفقاً لهذه المعطيات، تؤكد المصادر المتابعة، أن التعديلات الطارئة على تطبيقات التعميم لم ترد خطياً، إنما اكتسبت صفة «الرسمية» بعدما وصلت إلى رؤساء بنوك ومديرين عامين وبصيغة تبليغات عاجلة وعبر مجموعات وسائط التواصل (واتساب)، مساء الأحد، من قبل حاكمية البنك المركزي والمديرين المعنيين، وبما يشمل إلغاء العمليات غير المنفذة التي تم قبولها مبدئياً في آخر يوم عمل من الأسبوع الماضي (الخميس)، وبحيث تتم إعادة كامل النقود التي تم تسلمها بالليرة إلى أصحاب حسابات الشركات، والفائض عن سقف المائة مليون ليرة التي تم تسلمها من الأفراد.
وبالتوازي، كشفت هذه التعديلات الطارئة وتقلص حجم العمليات، مطلع الأسبوع الحالي بمقدار يناهز 200 مليون دولار، زيف معظم التبريرات التي يسوقها كثير من التجار وأصحاب المصالح والشركات لاعتماد السعر الرائج للدولار حصرياً في الأسواق الموازية في تسعير مبيعاتهم بالجملة وبالتجزئة.
كما أثبتت عدم نجاعة سياسة البيع المفتوح للجميع ومن دون سقوف لبيع الدولار على المنصة، في التخفيف من وطأة التضخم الذي قاربت حصيلته نسبة 200 في المائة خلال العام الماضي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

غالبية القيادات العسكرية والأمنية لنظام الأسد لا تزال داخل سوريا

الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)
الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)
TT

غالبية القيادات العسكرية والأمنية لنظام الأسد لا تزال داخل سوريا

الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)
الرئيس المخلوع بشار الأسد يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)

علم «المرصد السوري» من مصادر موثوقة، أن غالبية القيادات العسكرية والأمنية التابعة لنظام الأسد لا تزال داخل الأراضي السورية، لكن خارج العاصمة دمشق، باستثناء قلة قليلة تمكنت من المغادرة إلى الخارج.

سهيل الحسن المعروف بالنمر

وقال مدير «المرصد» لـ«الشرق الأوسط» إن سهيل الحسن الذي يلقب بالنمر، والذي كان قائد «لواء 25» في القوات المسلحة السورية، أو ما يعرف بـ«قوات النمر النخبوية» التابعة له، كان قد التجأ إلى مطار حميميم (القاعدة الجوية الروسية قرب اللاذقية) ليلة سقوط النظام، لكن لا مزيد من الأخبار تسربت عن مصيره إن كان الروس نجحوا في نقله إلى موسكو أو أنه لا يزال في «حميميم»، بحسب مدير المرصد.

وتقول التسريبات إن بشار الأسد رفض إلقاء خطاب التنحي عن السلطة بعد تسارع الأحداث التي ابتدأت بسيطرة إدارة العمليات العسكرية بقيادة «هيئة تحرير الشام» على حلب.

وتتقاطع هذه المعلومة مع ما نشرته «الشرق الأوسط» بعد انطلاق الهجوم الذي «توفرت لموسكو معلومات دقيقة حول توقيته، وحجمه، وأهدافه، وأنه سرعان ما اتُّخذ القرار في موسكو بترتيب خروج آمن».

ووفقاً للمستشار رامي الشاعر، المقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي: «كان القرار صعباً بسبب أن المعطيات الاستخباراتية المتوفرة أكدت أن الأمر لا يتعلق فقط بدرجة الإعداد للهجوم من جانب الفصائل، بل بوجود حاضنة شعبية واسعة النطاق تؤيد هذا التحرك، ووفقاً لتلك المعطيات فإنه (في حال حصول تقدم واسع النطاق فإن نحو 80 في المائة من السوريين سوف يدعمونه بقوة)».

الرئيس بوتين ينظر إلى الأسد وهو يصافح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق عام 2020 (أ.ف.ب)

المصادر الخاصة المطلعة على تفاصيل ليلة هروب بشار الأسد وسقوط نظامه في 8 ديسمبر (كانون الأول)، قالت لـ«المرصد» إن الأسد كان يعول على دعم إيران ومساندتها في حربه الأخيرة مع شعبه، لكن الميليشيات الإيرانية تخلت بعد معركة حلب، كما تخلى عنه الروس عسكرياً بعد انكسار قوات النظام السابق في حماة.

وقالت المصادر إنه بعد منتصف ليلة الأحد الماضي، أي الليلة الأخيرة قبل هروبه من سوريا، حلّ الأسد الجيش بأوامر منه، ثم وصل الأمر إلى القطعات العسكرية عبر اللاسلكي بحل الجيش وخلع البزة العسكرية وارتداء اللباس المدني ومغادرة القطعات والثكنات العسكرية إلى منازلهم.

سهيل الحسن مع عناصر لواء 25 المدربة في روسيا

وهرب الأسد بطائرته رافضاً إلقاء خطاب التنحي عن السلطة، ومنحته روسيا حق اللجوء الإنساني مع عائلته، كما هو معروف.

ومن المعلومات التي تسربت، أنه مع تسارع الأحداث يوم السبت 7 ديسمبر، وتعنت الأسد ورفضه إلقاء خطاب التنحي، غادرت قيادات الجيش والأفرع الأمنية الضباط والمسؤولين من دمشق إلى منازلهم في القرى، عصر السبت، خوفاً من عمليات الاغتيال.

تدمير الترسانة

في سياق متصل، أكدت مصادر «المرصد السوري» أن قرار تدمير ترسانة الجيش السوري من قِبَل إسرائيل، جاء بموافقة روسية، وقد نفذت إسرائيل منذ هروب بشار الأسد، أكثر من 352 غارة جوية على 13 محافظة سورية، ودمرت أهم المواقع العسكرية في أنحاء البلاد، شملت مطارات سورية، وما تحتويه من مستودعات، وأسراب طائرات، ورادارات، ومحطات إشارة عسكرية، والعديد من مستودعات الأسلحة والذخائر في مواقع مختلفة بمعظم المحافظات السورية، إضافة إلى مراكز أبحاث علمية أسفرت عن تدميرها بشكل كامل وتعطيل أنظمة الدفاعات الجوية وإخراج تلك المواقع عن الخدمة.