غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

قانون إسرائيلي يحظر عمل «الأونروا» يدخل حيز التنفيذ هذا الشهر

موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
TT

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)

تتجادل الأمم المتحدة وإسرائيل حول من سيملأ الفراغ إذا توقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن العمل في قطاع غزة والضفة الغربية في وقت لاحق من هذا الشهر حين يُطبق قانون إسرائيلي.

وما زالت الأونروا تعمل في الأراضي الفلسطينية، لكن المستقبل مجهول أمام الوكالة التي يبلغ عمرها نحو 75 عاماً حين يدخل القانون الذي يحظر عملها في الأراضي الإسرائيلية واتصالها بالسلطات الإسرائيلية حيز التنفيذ.

كان الكنيست الإسرائيلي قد أقر القانون في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 الشهر الماضي على أن يدخل حيز التنفيذ نهاية يناير (كانون الثاني).

ومنذ إقرار القانون، تتبادل الأمم المتحدة وإسرائيل الرسائل. وبعد فترة وجيزة، أبلغت الأمم المتحدة إسرائيل أنه ليس من مسؤولية المنظمة الدولية طرح بديل للأونروا في الأراضي الفلسطينية، غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

وفي رسالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في وقت متأخر من يوم الخميس، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إنه إذا أُجبرت «الأونروا» على التوقف عن العمل، فسيتعين على إسرائيل «ضمان توفير مجموعة الخدمات والمساعدات التي كانت تقدمها الأونروا» بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

وكتب غوتيريش أن وكالات الأمم المتحدة الأخرى مستعدة لمواصلة تقديم الخدمات والمساعدة للفلسطينيين بقدر ما تستطيع، لكن هذا «لا ينبغي النظر إليه على أنه إعفاء لإسرائيل من التزاماتها».

وتعدّ الأمم المتحدة غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، أراضي تحتلها إسرائيل. ويلزم القانون الدولي القوة المحتلة بالموافقة على برامج الإغاثة وتسهيلها وضمان توفير الغذاء والرعاية الطبية ومعايير النظافة والصحة العامة.

وفي رسالة إلى المنظمة الدولية في 18 ديسمبر (كانون الأول)، قال سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون إن التشريع الجديد «لا يقوض بأي حال التزام إسرائيل الراسخ بالقانون الدولي». ورفض أيضاً مطالبة الأمم المتحدة بأن تتحمل إسرائيل مسؤولية سد أي فراغ قد تتركه «الأونروا».

وكتب يقول إن إسرائيل لا تمارس سيطرة فعلية على غزة ومن ثم فهي ليست قوة احتلال، وإن قانون الاحتلال العسكري لا ينطبق أيضاً. وقال إنه «لا يتعين إغفال» مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الشؤون المدنية في الضفة الغربية.

وقال دانون: «في القدس، من حق جميع السكان الحصول على الخدمات الحكومية والبلدية بموجب القانون الإسرائيلي»، ويشمل ذلك خدمات الصحة والتعليم. وضمت إسرائيل القدس الشرقية في خطوة غير معترف بها دولياً.

الصحة والتعليم في خطر

لطالما انتقدت إسرائيل «الأونروا». وتقول إن موظفين في «الأونروا» شاركوا في هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وقالت الأمم المتحدة إن تسعة من موظفي «الأونروا» ربما شاركوا وتم فصلهم. وتبين أن أحد قادة «حماس» في لبنان قتلته إسرائيل في سبتمبر (أيلول) كان يعمل في «الأونروا».

وقالت الولايات المتحدة إنه يتعين على حليفتها إسرائيل أن تضمن ألا يعيق القانون الجديد توصيل المساعدات وتقديم الخدمات الحيوية، ومنها تلك التي تقدمها «الأونروا»، في غزة التي تعاني من أزمة إنسانية منذ الحرب بين إسرائيل و«حماس».

لكنها أثارت أيضاً تساؤلات حول التخطيط للطوارئ الذي وضعته الأمم المتحدة.

وقال مسؤول أميركي إن مسؤولين من وزارة الخارجية اجتمعوا هذا الأسبوع مع الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى منصبه في 20 يناير، وأثاروا مخاوف عن احتمال تفاقم الأزمة في غزة بمجرد تنفيذ القانون الإسرائيلي.

وتقدم «الأونروا» التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، المساعدات والخدمات الصحية والتعليمية لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ولفلسطينيين في دول عربية مجاورة مثل سوريا ولبنان والأردن.

وقال غوتيريش إنه لا يمكن الاستعاضة عن «الأونروا» في الدور الفريد الذي تضطلع به. ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي تقدمها «الأونروا» في الأراضي الفلسطينية ستكون الأشد تضرراً من غيرها، لأن الوكالات الأخرى لا تستطيع أن تضاهي قدرتها على تقديم مثل هذه المساعدة.

وجادل دانون بأنه «ليس من المستحيل بالمرة إحلال بديل للأونروا يمتلك خطط إغاثة توفر المساعدات الأساسية الكافية للمدنيين الفلسطينيين». وأشار إلى عملية المساعدة في غزة التي قال إن وكالات أخرى للأمم المتحدة جاهزة لتوفير الدعم اللازم «كما تفعل في أماكن أخرى من العالم».

ومن بين الوكالات الأخرى العاملة في غزة والضفة الغربية منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لكن مسؤولين بارزين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن يصفون «الأونروا» بأنها العمود الفقري لعمليات المساعدات الإنسانية الحالية في غزة.

وتقول إسرائيل إن 1200 شخص قتلوا، واقتيد نحو 250 رهينة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 بقيادة «حماس» على جنوب إسرائيل. وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد الهجوم.

وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن الحرب في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 46 ألف شخص حتى الآن، فضلاً عن تحويل مساحات واسعة من القطاع إلى أطلال، ونزوح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة مرات متعددة. ويحذر خبراء الأغذية من مجاعة وشيكة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تواصل عملية جنين... و«حماس» تهاجم السلطة

المشرق العربي مركبات عسكرية تنتشر في اليوم الثاني من العملية العسكرية الإسرائيلية بجنين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

إسرائيل تواصل عملية جنين... و«حماس» تهاجم السلطة

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، في جنين بشمال الضفة الغربية وقد سُمعت أصوات إطلاق نار وانفجارات بالمدينة التي تُعد نقطة اشتعال.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
أوروبا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال كلمته بـ«المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس (أ.ف.ب)

غوتيريش يحث «قوات الأمن» على عدم استخدام «القوة المميتة» داخل جنين

ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأربعاء)، أن هناك خطراً بأن تشعر إسرائيل أن هذه هي اللحظة المناسبة لضم الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (دافوس (سويسرا))
المشرق العربي طائرات مسيّرة في سماء جنين بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

«الأونروا»: إسرائيل تستخدم أسلحة متطورة خلال عمليتها في جنين

قال مسؤول في وكالة «الأونروا» بالضفة الغربية إن إسرائيل استخدمت أسلحة متطورة وأساليب حرب متقدمة في العملية العسكرية التي تشنها على مخيم جنين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي مركبات عسكرية أثناء غارة إسرائيلية في جنين بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

محافظ جنين: إسرائيل تريد تحويل المحافظة إلى «غزة مصغرة مدمَّرة»

قال محافظ جنين بالضفة الغربية كمال أبو الرب إن إسرائيل تعمل على تحويل مخيم جنين إلى «غزة مصغرة مدمَّرة».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي قوات الاحتلال الإسرائيلي بمركبات مدرعة خلال العملية العسكرية التي انطلقت الثلاثاء في جنين بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

«السور الحديدي» تضع الضفة ضمن أهداف الحرب الإسرائيلية

أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في جنين، شمال الضفة الغربية، في بداية تحرك قد يكون أوسع نطاقاً، بعد إدراج الضفة على «قائمة أهداف الحرب».

كفاح زبون (رام الله)

ضغوط أهالي الجنوب للعودة الأحد تحاصر الدولة اللبنانية

إصلاح أعمدة الإنارة في بنت جبيل بعد دخول الجيش اللبناني إليها والسماح للسكان بالعودة (إ.ب.أ)
إصلاح أعمدة الإنارة في بنت جبيل بعد دخول الجيش اللبناني إليها والسماح للسكان بالعودة (إ.ب.أ)
TT

ضغوط أهالي الجنوب للعودة الأحد تحاصر الدولة اللبنانية

إصلاح أعمدة الإنارة في بنت جبيل بعد دخول الجيش اللبناني إليها والسماح للسكان بالعودة (إ.ب.أ)
إصلاح أعمدة الإنارة في بنت جبيل بعد دخول الجيش اللبناني إليها والسماح للسكان بالعودة (إ.ب.أ)

يحاول أهالي القرى الحدودية في جنوب لبنان، بدعم من «حزب الله»، فرض عودتهم إلى بلداتهم رغم التسريبات الإسرائيلية حول إمكانية تمديد الوجود العسكري في لبنان إلى ما بعد مهلة الستين يوماً؛ إذ ارتفعت أصوات السكان وباتت تحاصر كلاً من الدولة اللبنانية بأجهزتها الرسمية من جهة، و«حزب الله» بوصفه المعنيّ الأول باتفاق وقف إطلاق النار على طرفي الحدود، من جهة ثانية.

وتحدثت مصادر من القرى الحدودية في جنوب لبنان لـ«الشرق الأوسط» عن أن السكان «لن ينتظروا الإذن الإسرائيلي، أو لجنة الإشراف على اتفاقية وقف إطلاق النار، للعودة إلى بلداتهم بعض انقضاء مهلة الستين يوماً» التي تنتهي الأحد المقبل.

وأبلغ عدد من الأهالي، المعنيين في الدولة اللبنانية، عن عزمهم الدخول إلى يوم الأحد المقبل، «حتى لو لم يتم الانسحاب الإسرائيلي بالكامل»، بموازاة توزيع بيانات باسم أبناء القرى والبلدات الحدودية تدعو الأهالي للاستعداد لدخول بلداتهم، صبيحة يوم الأحد المقبل، مع تحديد بعض النقاط للتجمّع والانطلاق.

جنود من الكتيبة الإسبانية في «اليونيفيل» خلال استقبال وزيرة الدفاع الإسبانية في جنوب لبنان (رويترز)

توجّس محلّي ودعوات للتريث

لكنّ دعوات الأهالي يقابلها توجّس من السلطات المحلية؛ إذ دعت بلدية الخيام، الأهالي إلى «التروي وعدم التسرع في العودة إلى بلداتهم»، مشددةً على ضرورة انتظار البيان الرسمي من السلطات المختصة لتقييم الوضع الأمني. وتوجهت، الأربعاء، في بيان للأهالي، بالقول: «يا أهلنا الكرام... كلنا ننتظر العودة إلى مدينتنا الخيام، وكلنا نعدّ الساعات كي نعود إلى قلعة الصمود، وكلنا ننتظر أن نُشيّع شهداءنا، ونتفقد بيوتنا وأرزاقنا، ونعيد الحياة إلى الخيام الأجمل بنظر كل أبنائها... ولكن، نحن نتعامل مع عدو غدار... لا تمنحوه فرصة للغدر والاعتداء والقتل والقصف والنسف من جديد». وحثّت البلدية أهالي الخيام على انتظار «بيان رسمي من السلطات المختصة، ومن الجيش اللبناني الذي سيوضح، مساء السبت، مسار الأمور، وإذا كانت العودة آمنة».

تهديد مباشر من «حزب الله»

ورغم إعلان الرئيس اللبناني جوزيف عون، الثلاثاء، أنه «أجرى اتصالات عدّة لإرغام إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلّها»، وأنه «لقيَ تجاوباً من المجتمع الدولي الذي يفترض أن تضغط دوله في هذا الاتجاه»، فإن «حزب الله» لمح إلى أنه سيقابل اليوم التالي لمهلة الستين يوماً باستراتيجية مختلفة عن الفترة السابقة، وهذا ما عبّر عنه عضو كتلة الحزب النائب علي فيّاض الذي قال في احتفال في الجنوب: «نحن ننتظر تاريخ السادس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي، وهو اليوم الذي يقضي فيه وقف إطلاق النار انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من الأراضي اللبنانية، وفي حال عدم التزام العدو الإسرائيلي بذلك، فإنه سيعني انهياراً لورقة الإجراءات التنفيذية، ونسفاً للآلية التي تضمنتها، وتقويضاً للدور الدولي الرعائي لهذا الاتفاق».

وشدد فياض على أن «عدم إنجاز الانسحاب التام يضع اللبنانيين جميعاً دون استثناء أمام مرحلة جديدة مع ما تفرضه من حسابات جديدة عنوانها مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل والأساليب الممكنة لإخراجه من أرضنا، وإن هذه المواجهة هي مسؤولية اللبنانيين جميعاً، حكومة وجيشاً وشعباً وأحزاباً ومقاومة، إلا من يريد أن يستثني نفسه كون منطقة الجنوب لا تعني له شيئاً».

جندي لبناني يقف إلى جانب الطريق في بنت جبيل بجنوب لبنان بعد الدخول إلى المدينة (إ.ب.أ)

تطورات ميدانية مقلقة

وعلى بعد أربعة أيام من انتهاء مهلة الـ60 يوماً، صعّدت القوات الإسرائيلية من وتيرة التفجيرات في القرى الحدودية، لا سيما عيتا الشعب ويارون وغيرهما من القرى. وفيما أشارت المعلومات إلى أن قوة إسرائيلية توغلت، الأربعاء، في بلدة الطيبة باتجاه دير سريان، شنّت مسيّرة إسرائيلية غارة بين وادي خنسا والمجيدية - قضاء حاصبيا. وعمد الجيش الإسرائيلي، ظهر الأربعاء، إلى نسف وتفجير عدد من المنازل في بلدة عيتا الشعب وأطراف بلدة حانين في قضاء بنت جبيل.

لكنّ الخطوة الأبرز، تمثّلت بانتهاء الجيش الإسرائيلي من بناء الجدار الأسمنتي على طول الخط الحدودي من يارين إلى الضهيرة في القطاع الغربي، تزامناً مع القيام بعمليات تفجير بين مركبا ورب ثلاثين في محيط جبل وردة، فضلاً عن تفجيرات أُخرى في القطاع الشرقي، الأول عند أطراف حولا لجهة وادي السلوقي، والثاني في بلدة مركبا والثالث في بلدة الطيبة.