ربما سمعت بمصطلح «المتوطنة» المستخدم لوصف الأمراض غالبًا بالمقارنة مع المصطلحين «الوباء» و «الجائحة»؛ حيث يقول العديد من مسؤولي الصحة أن كوفيد - 19 من المحتمل أن ينتقل من حالة الوباء إلى الحالة المتوطنة في العديد من البلدان. لكن ماذا يعني هذا؟
فعلى نطاق أوسع، يشير مصطلح «مستوطنة» إلى كائن حي موجود في منطقة معينة. أما في علم البيئة فهذا يعني نوعًا يعيش في منطقة جغرافية واحدة فقط، مثل نبات أو حيوان يقتصر على جزيرة. ومع ذلك، في سياق الصحة العامة، يشير مصطلح «المستوطنة» إلى مرض له وجود مستمر أو عدد «عادي» من العدوى في منطقة معينة، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال الدكتور كريستوفر جي جيل أستاذ الصحة العالمية بجامعة بوسطن إن «التعريف التقني له هو مرض في حالة مستقرة. إنه موجود طوال الوقت. ولا يتسبب في تفشي المرض حقًا ولا يتلاشى»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وحسب غايبسامبر ديسوزا أستاذ علم الأوبئة بكلية الصحة العامة بـ«جون هوكنز بلومبيرغ»، يعتمد هذا المفهوم، بدوره، على فكرة المرض «الوبائي» (وهو مرض به مستويات إصابة أعلى من المعتاد في مجموعة سكانية)، مؤكدا «يصبح المرض الوبائي وباءً إذا انتشر في عدة دول أو في العالم».
وفي هذا الاطار، يشدد سوزا أن الحالة المتوطنة تعتمد أيضًا على تأثيرات المرض على المجتمع في منطقة معينة. قائلا «هذا يعني أن هناك مناعة كافية في السكان تعلمنا كيف نتعايش مع تلك العدوى. ليس لدينا طفرات في المرض تعطل الحياة اليومية. ومع ذلك، لا يتوطن كل مرض وبائي؛ الكثير يختفون فقط». مضيفا «إذا كان لديك وباء وقمت باحتوائه وعلاجه بنجاح وكنت قادرًا على دفعه إلى الصفر، فيمكنك منعه من أن يصبح وباءً. ومن الأمثلة على ذلك أنفلونزا الطيور 2005 H5N1 وتفشي مرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) 2002-2004».
وأصبحت مجموعة من الأمراض متوطنة في الولايات المتحدة، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي مثل الأنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، بالإضافة إلى العديد من أمراض الطفولة حسب جيل، الذي يبين «ان الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وجدري الماء والعقديات المجموعة أ والعين الوردية؛ كل هذه الأشياء تنتشر باستمرار». مؤكدا «في بداية جائحة كوفيد - 19 تساءل الخبراء عما إذا كان المرض سيرتفع بسرعة في الانتشار ويختفي أو يصبح مستوطناً في نهاية المطاف، على الرغم من أن معظمهم توقع طريقًا مستوطنًا». لكن ديسوزا يقول «بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من انتشار الوباء، قال العديد من الخبراء إن كوفيد -19 كان وباءًا في الولايات المتحدة أو سيصبح قريبًا، لأن معظم الناس لديهم بعض المناعة من التطعيم أو التعرض له. ومع ذلك، قد يختلف توقيت هذا الانتقال». ويشرح «قاموا بتقييم مدى انخفاض مستويات العدوى والوفاة. انه ليس علمًا دقيقًا. لن نقول إن هذا اليوم بالتحديد هو الوقت الذي ننتقل فيه. وفي الوقت نفسه، قد تستمر مستويات العدوى الوبائية في أجزاء أخرى من العالم حتى عندما يتوطن المرض في منطقة أخرى».
من جانبهم، يحذر الخبراء من أن التحول إلى مرض مستوطن لا يعني بالضرورة مرضًا أقل حدة، على الرغم من أنه «بشكل عام، نتوقع أن تصبح مسببات الأمراض أقل مسببات الأمراض بمرور الوقت»، على حد قول جيل، الذي يوضح «بالمثل، فإن الاستيطان لا يعني أن المرض لم يعد مشكلة صحية عامة».
من جهته، قال عالم الفيروسات والمناعة مات كوشي في منشور بجامعة ولاية كارولينا الشمالية «كان الجدري مرضًا متوطنًا يقتل باستمرار 1 من كل 3 أشخاص يصاب به».
ويستدرك جيل بالقول «نادرًا ما يمكن للأمراض المتوطنة (وخاصة الأنفلونزا) أن تعود إلى وضعها الوبائي». مضيفا «في بعض الأحيان، يمكن أن يتحول فيروس الإنفلونزا بشكل جذري إلى شيء يكاد يكون غير مرئي من قبل السكان. وبعد ذلك يمكن أن يكون لديك جائحة إنفلونزا كارثية تمامًا، كما حدث في تفشي إنفلونزا عام 1918، حيث قتلت سلالة جديدة من الأنفلونزا ما يقرب من 50 مليون شخص».
ماذا يعني أن يكون المرض «متوطناً»؟
ماذا يعني أن يكون المرض «متوطناً»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة