«كاوست» تطرح تقنية لتعزيز أمن الإلكترونيات

مكونات قائمة على مفاهيم «الإلكترونيات الدورانية» تقدم حماية إضافية

علماء «كاوست» يعكفون على تصميم قفل منطقي للدائرة المتكاملة
علماء «كاوست» يعكفون على تصميم قفل منطقي للدائرة المتكاملة
TT

«كاوست» تطرح تقنية لتعزيز أمن الإلكترونيات

علماء «كاوست» يعكفون على تصميم قفل منطقي للدائرة المتكاملة
علماء «كاوست» يعكفون على تصميم قفل منطقي للدائرة المتكاملة

يمكن أن يبرز الجيل التالي من الأجهزة الإلكترونية أنظمة أمان مُدعّمة ومدمجة في دوائرها بشكل مباشر، مما يساعد في صدّ الهجمات الضارة. وفي هذا الصدد، أظهر باحثو «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)» إمكانية دمج ما تسمى «الأقفال المنطقية الواقية»، التي تعتمد على فرع متقدم من الإلكترونيات يسمى «Spintronics»، أو ما يعرف بـ«إلكترونيات النقل الدوراني» أو «الإلكترونيات الدورانية»، في الدوائر المتكاملة للرقائق الإلكترونية لحماية أمن تلك الرقائق.
«الإلكترونيات الدورانية» هي تقنية ناشئة تستغل الدوران الداخلي للإلكترون والعزم المغناطيسي المرتبط به، بالإضافة إلى شحنته الإلكترونية الأساسية. ويقدم البروفسور يحيى مسعود، مدير «مختبرات التقنيات المبتكرة» في «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)»، تعريفاً لها بقوله: «(الإلكترونيات الدورانية) مجال معنيّ بدراسة الكيفية التي يمكن خلالها استغلال إحدى الخواص الفيزيائية للإلكترونات؛ وهي الدوران، بالإضافة إلى شحنة الإلكترون».
يذكر أن الإلكترونات تدور حول الذرات، ولكنها تدور أيضاً حول نفسها. كما أن لديها القدرة على الانتقال من مجال دورانٍ إلى آخر، مما يمكِّننا من استغلال هذه الخاصية المميزة في صناعة الجيل التالي من محركات الأقراص الصلبة.
ويشير مسعود إلى أنّ «الحاجة إلى ميزات الأمان التي تعتمد على الأجهزة تعكس الطبيعة العالمية لتصنيع الإلكترونيات الحديثة».
فعادة ما تستخدم شركات الإلكترونيات مسابك خارجية كبيرة مختصة لإنتاج رقائقها، مما يساعد على الحد من التكاليف، ولكن الأمر في الوقت ذاته يتسبب في نقاط ضعف محتملة لسلسلة التوريد؛ إذ يمكن ببساطة نسخ تصميم الدائرة بشكل غير قانوني بواسطة مسبك غير موثوق به؛ لإنتاج رقائق مزيفة، أو يمكن تعديل التصميم بشكل ضار من خلال دمج «أحصنة طروادة للأجهزة» في الدوائر، وهو ما يؤثر بالسلب على سلوكها.
يقول ديفيندو ديفيند، الطالب في مرحلة الدكتوراه بمختبرات مسعود: «هناك طرق للأمان تُستخدم الآن على نطاق واسع، مثل (القفل المنطقي) المذكور آنفاً، وذلك بهدف تعزيز الثقة بسلسلة تصنيع الدوائر المتكاملة المعولمة».
ولذا؛ صمم الفريق قفلاً منطقياً للدائرة المتكاملة، يعتمد على مكون يسمى «تقاطع النفق المغناطيسي» لحماية أمن الرقاقة ضد أي هجمات ضارة.
و«تقاطعات الأنفاق المغناطيسية»، أو «MTJs»، هي أجهزة ذات بنية نانوية في مجال «الإلكترونيات المغناطيسية» أو «الإلكترونيات الدورانية»، وتُستخدم اليوم بشكل شائع في أجهزة استشعار المواقع والعديد من أجهزة الاستشعار في السيارات والصناعة وتطبيقات المستهلكين.
ولمزيد من التوضيح، يقول ديفيندو: «يعمل القفل المنطقي مثل القفل المركب، بحيث يجري تشويش عمل الدائرة إذا لم توفَّر إشارة مجموعة (المفتاح) الصحيحة للقفل. ومن ثَمّ تخزَّن مفاتيح القفل في ذاكرة محمية من العبث، وهو ما يضمن أمان الأجهزة ضد العديد من نماذج التهديد. وعندما يتلقّى تقاطع النفق المغناطيسي إشارة المفتاح الصحيح كمُدخَل؛ وقتها فقط يعطي مُخرَجاً صحيحاً يعمل على تشغيل الدائرة المحمية».
يذكر أن سلوك القفل المنطقي لتقاطع النفق المغناطيسي يعتمد على الإلكترونيات الدورانية.
علاوةً على ذلك؛ يشير مسعود إلى أن الأجهزة القائمة على الدوران تتمتع بالعديد من المزايا مقارنة بمكونات السيليكون التقليدية؛ بما في ذلك الجهد التشغيلي المنخفض وعدم استهلاك الطاقة في أثناء وضع الاستعداد.
ويضيف: «لقد زادت إمكانية استخدام هياكل الأجهزة المشتملة على إلكترونيات دورانية في تصميم الرقائق. كما أن وجود هذه الخصائص يجعل من هذه الأجهزة خياراً محتملاً لاستكشاف أمان الأجهزة الأخرى».
وقد تكون «الإلكترونيات الدورانية» مثالية لأداء مهمة القفل المنطقي، كما أظهر عمل الفريق.
أما عن الخطوة التالية لفريق العمل؛ فيقول مسعود: «تشمل خطواتنا التالية الكشف عن الأجهزة الأخرى التي تعتمد على الدوران، بهدف تطوير كتل القفل المنطقي، وذلك بالاستعانة بأحدث التقنيات الواردة في هذا المجال والمتوفرة في مرافق التصنيع في حرم (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية - كاوست)».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.